الجيش اليمني يتقدم باتجاه محيط صنعاء.. والمدفعية تضرب وسط المدينة ومطارها

أفراد الميليشيا ينهبون معسكرات الحرس الجمهوري في العاصمة اليمنية

مقاتلون قبليون موالون للحكومة يتخذون مواقع متقدمة في منطقة نهم شرق صنعاء أمس (رويترز)
مقاتلون قبليون موالون للحكومة يتخذون مواقع متقدمة في منطقة نهم شرق صنعاء أمس (رويترز)
TT

الجيش اليمني يتقدم باتجاه محيط صنعاء.. والمدفعية تضرب وسط المدينة ومطارها

مقاتلون قبليون موالون للحكومة يتخذون مواقع متقدمة في منطقة نهم شرق صنعاء أمس (رويترز)
مقاتلون قبليون موالون للحكومة يتخذون مواقع متقدمة في منطقة نهم شرق صنعاء أمس (رويترز)

في تقدم ملحوظ للجيش الوطني اليمني والمقاومة الشعبية، قصفت مساء أمس الثلاثاء مدفعية الجيش وسط صنعاء، حيث استهدفت مواقع رئيسية للحرس الجمهوري وميليشيا الحوثيين، وأجزاء من المطار الرئيسي للمدينة، فيما تقدم عدد من الوحدات العسكرية في الاتجاه الشمالي للمدينة، لرصد عمليات الفرار لأطقم من الميليشيا والحرس الجمهوري باتجاه القرى المجاورة.
وقال العميد عبد الله الصبيحي، قائد اللواء 15 ميكا، وقائد القطاع الشمالي الشرقي في عدن لـ«الشرق الأوسط»: «إن الجيش الوطني بدعم من قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، يحقق تقدما في جميع المحاور، ومنها محور صنعاء، ونجح الجيش أمس في التقدم عددًا من الكيلومترات باتجاه المطار، فيما ضربت المدفعية الثقيلة بشكل متقطع معسكرات الحوثيين في قلب صنعاء والجزء الشمالي من المطار».
وأضاف العميد الصبيحي، أنهم رصدوا خلال هذا التقدم وضرب المدفعية، عمليات فرار كبيرة من الأفراد التابعين للميليشيا وجنود الحرس الجمهوري، الذين قاموا بعمليات نهب وسطو لمعسكرات الحرس الجمهوري في صنعاء، مستفيدين من غياب القيادات العسكرية التي توارت عن الأنظار، لافتا إلى أن الجيش يعد العدة في هذه اللحظات مع التنسيق المباشر بقوات التحالف والمقاومة الشعبية لتحديد موعد دخول المدينة من جميع المحاور التي يسيطر عليها الجيش، التي ستكون خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأكد قائد القطاع الشمالي الشرقي في عدن، أن كل الخيارات العسكرية في الوقت الراهن متاحة أمام الجيش الوطني، حول عملية تحرير صنعاء، التي يتوقع أن تسقط بسهولة لعدم وجود القدرة العسكرية للميليشيا في المواجهة المباشرة، خاصة بعد أن فقدت أعدادًا كبيرة من الأفراد في الفترة السابقة، ونقص الإمدادات العسكرية التي تساعدهم في التصدي للهجوم.
وحول تحرير معسكر «الخنجر» في منطقة خب، قال العميد الصبيحي «إن المعسكر أصبح الآن تحت سيطرة الجيش بعد معارك خاضها ضد مجاميع تتبع ميليشيا الحوثيين»، لافتا إلى أن السيطرة على المعسكر تقطع جميع الإمدادات التي قد تصل إلى جيوب الميليشيا في صنعاء لقربها من الناحية الشمالية.
وفي منطقة نهم شرق صنعاء، تمكن الجيش الوطني والمقاومة، من السيطرة على رتل عسكري كان في طريقه لتعزيز ميليشيات الحوثي وحليفهم علي صالح، واستعادة كامل السلاح، بعد مواجهات مباشرة أسفرت عن مقتل مسلحي الميليشيا، وذلك بعد أن استعاد الجيش السيطرة على ثلاث تباب مطلة على معسكر الفرضة يعتليها قناصون قضى عليهم الجيش، فيما تشهد جبهة منطقة «بران» المتقدمة على المعسكر باتجاه العاصمة صنعاء بنحو خمسة كيلومترات تقدما نسبيا للمقاومة والجيش الذين استعادوا السيطرة على بعض المواقع المطلة على منطقة مسورة.
في سياق متصل، نفذت المقاومة الشعبية في محافظة إب التابعة إداريا لإقليم الجند، أكثر من عشر عمليات نوعية خلال اليومين الماضيين، استهدفت من خلالها تجمعات وتعزيزات لميليشيا الحوثي وحليفهم علي صالح، تمركزت في مديريات (الرضمة، يريم، الحزم)، ونتج عن هذه العمليات مقتل أكثر من 45 من مسلحي الميليشيا، وإصابة 30 شخصا من الانقلابيين، إضافة إلى تدمير أكثر من عشر آليات ومدرعات عسكرية.
وتعد هذه العمليات، وفقًا للمركز الإعلامي للمقاومة، من أكبر العمليات التي نُفذت في هذه المرحلة، التي أُعد لها بعد جمع معلومات عسكرية حول أبرز المواقع والمراكز الرئيسية للميليشيا في المديريات الثلاث، مع معرفة عدد الأفراد ونوعية الآليات والمعدات الموجدة في تلك المواقع، فيما تعمل المقاومة ضمن استراتيجيتها على استهداف القيادات العسكرية في الميليشيا والحرس الجمهوري.
وأمام هذه الخسائر التي تتكبدها الميليشيا على جميع الجبهات، سارعت إلى تكثيف عمليات الاعتقال الممنهج التي تنفذها ضد المدنيين في المديريات التي تقع حتى اللحظة تحت سيطرتها، إذ شنت الميليشيا حملة اعتقال موسعة في مديرية بني قيس، ونفذت طواقمها حملات دهم واعتقال وسرقة لمحتويات منازل المواطنين، فيما نفذت الميليشيا حملات بحث ومتابعة عن التجار بالمديرية، ومنهم إبراهيم بكري في منطقة اللوحة، فيما أغلقت جميع منافذ البيع الخاصة بعموم التجار، وذلك بهدف إرغامهم على تسليم أنفسهم للميليشيا.
وقال عبد الحفيظ الخطامي، صحافي وناشط اجتماعي، «إن الميليشيا ومع دخولها محيط المديرية شرعت بإطلاق النار في جميع الاتجاهات لترهيب سكان المديرية، وذلك بهدف تسهيل دخولها لمنازل بعض من المعارضين لها ولوجودها في المديرية، الأمر الذي طالب فيه سكان المديرية بالتدخل من الجهات الدولية لوقف عملية خطف أبنائهم وسرقة منازلهم بشكل دائم ومتكرر».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.