نذر مواجهة مسلحة محتملة بين «الحشد الشعبي» والجيش العراقي

بعد رفض انصياع قادة الميليشيا لأوامر القوات المسلحة العراقية

قوات عراقية تمشط أحياء في منطقة جويبة بمدينة الرمادي من ميليشيات {داعش} (أ.ف.ب)
قوات عراقية تمشط أحياء في منطقة جويبة بمدينة الرمادي من ميليشيات {داعش} (أ.ف.ب)
TT

نذر مواجهة مسلحة محتملة بين «الحشد الشعبي» والجيش العراقي

قوات عراقية تمشط أحياء في منطقة جويبة بمدينة الرمادي من ميليشيات {داعش} (أ.ف.ب)
قوات عراقية تمشط أحياء في منطقة جويبة بمدينة الرمادي من ميليشيات {داعش} (أ.ف.ب)

قالت مصادر عراقية مطلعة إن مواجهة مسلحة كادت تحدث في الأفق بين الجيش العراقي المدرب والمدعوم أميركيا، وميليشيا الحشد الشعبي المدعومة من إيران، بعد رفض قيادات في الحشد الانصياع واتباع أوامر قيادة القوات المسلحة. وكشف برلماني عراقي، من التحالف الوطني (الشيعي)، أن خلافات حادة نشبت مؤخرا بين رئيس الحكومة حيدر العبادي وقيادات بارزة في الحشد رفضت اتباع الأوامر والتوجيهات الرسمية، مما حدا بالعبادي إلى وصف ما يحدث أن عدة جيوش ضمن جيش واحد. وقال البرلماني - الذي يفضل عدم نشر اسمه لأسباب أمنية - إن هذه الخلافات أدت إلى ما يشبه القطيعة بينه وبين الحشد المتكون من فصائل شيعية مسلحة، مؤكدا أن الإدارة الأميركية تدعم وبقوة توجهات العبادي في مواقفه ضد انفلات السيطرة على الميليشيا المسلحة.
وقال البرلماني، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن «فصائل الحشد الشعبي لا تتبع أوامر القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، بل إن كل فصيل يتبع زعيمه ويأتمر بأوامره، وهذا يعني أن الحشد الشعبي لا يخضع لقيادة موحدة، بل ولا يخضع حتى لتوجيهات المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيسستاني الذي تشكل الحشد الشعبي بفتوى (الجهاد الكفائي) الصادرة من لدنه لمواجهة خطر تنظيم داعش»، منبها إلى أن «هناك فصائل تتبع قيادة أبو مهدي المهندس، أما فصائل بدر فتتبع قيادة هادي العامري، وفصيل العصائب فيتبع قيس الخزاعي، وكتائب السلام تأتمر بتوجيهات مقتدى الصدر، إضافة إلى وجود فصائل كتائب حزب الله العراقي، وباستثناء كتائب السلام فإن جميع الفصائل الأخرى تتبع لإيران وتحت زعامة الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق بدر التابع للحرس الثوري الإيراني».
وقال البرلماني إن «مواجهة ساخنة حدثت بين العبادي والمهندس بسبب رفض الثاني الامتثال لأوامر رئيس الحكومة باعتباره القائد العام للقوات المسلحة على خلفية إصرار العبادي والقوات الأميركية بإبعاد فصائل الحشد الشعبي عن عمليات تحرير الرمادي، وعدم مشاركتها في أي عمليات عسكرية ومنع وجودها هناك، لكن المهندس الذي يقدم نفسه نائبا للقائد العام للحشد الشعبي، دون تسمية القائد الحقيقي، رفض بشدة وأصر على المشاركة في عمليات تحرير الرمادي والسيطرة على جزء من أراضي محافظة الأنبار، وهذا ما ترفضه عشائر الأنبار والحكومة العراقية والقوات الأميركية، منبها إلى أن الشارع العراقي بدا أكثر توترا في الأيام القليلة الماضية بعد تسريب معلومات أو شائعات عن انقلاب مسلح يقوده الحشد الشعبي لتغيير حكومة العبادي، وأن تسريبات أمنية تحدثت عن تهيئة القوات الأميركية لدعم العبادي في حال حدثت مثل هذه التحركات».
وأوضح البرلماني العراقي قائلا: «نحن، وغالبية من النواب، في التحالف الوطني ندعم بقوة توجهات العبادي باعتباره يمثل الشرعية ورئيسا للحكومة والقائد العام للقوات المسلحة، وإن أي توتر أمني أو تحرك مسلح يحصل في بغداد اليوم فإن الأمور سوف تنفلت أكثر وستتحول إلى حرب شوارع لا سمح الله»، منوها بأن «المواجهة الأميركية الإيرانية تترجمها عمليا تحدي المهندس وبعض قيادات الحشد الشعبي للعبادي وللقوات الأميركية الموجودة في العراق لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي».
وأضاف: «المتابع للأحداث في العراق خلال الأيام القليلة الماضية سوف يتأكد ومن خلال تصريحات كل من العامري والخزاعي التي تتعلق برفضهم بشدة حل الحشد الشعبي، ورفضهم للوجود الأميركي في العراق، بأن هناك قرارا من قبل العبادي، على ما يبدو، بحل الحشد الشعبي وضمه للجيش العراقي بعد تنقيته من قياداته وضباطه غير الشرعيين، وما عزز هذا الرأي هو تصريحات رئيس الحكومة حول التحقيق في موضوع عدم إيصال رواتب متطوعي الحشد الشعبي».
وأكد البرلماني العراقي أن «موضوع دمج الحشد الشعبي بالقوات المسلحة سوف يسبب أزمة جديدة بين الحكومة والأحزاب السنية التي تسعى لتشكيل الحرس الوطني، وهو مطلب كان العبادي قد وافق عليه قبل تشكيل الحكومة ضمن ورقة تفاهم بين الأحزاب السنية والتحالف الوطني، لكن الكتل الشيعية، خصوصا ائتلاف دولة القانون، يرفضون بشدة تشكيل الحرس الوطني ويعدونه قوة عسكرية سنية بمواجهة الحشد الشعبي، ثم إن دمج الحشد الشعبي بالقوات المسلحة سوف يضعف المؤسسة العسكرية، كون متطوعي الحشد لم يتلقوا التدريبات العسكرية الصحيحة، وهناك رجال دين وغيرهم حملوا رتبا عسكرية رفيعة مثل عميد ولواء وفريق بالجيش العراقي بصورة غير رسمية، وهؤلاء لا يعرفون أبجديات العلوم العسكرية، وسوف يبرز الاعتراض الأميركي على مثل هذه الخطوة، وهذا ما عقّد موقف العبادي الذي يريد بالفعل إصلاح المؤسسة العسكرية، لكنه يجابه باعتراضات من قبل الأحزاب الشيعية، وفي مقدمتهم حزب الدعوة الذي هو أحد قياداته والذي يتزعمه نوري المالكي نائب رئيس الجمهورية المقال».
ونبه البرلماني العراقي إلى أن «احتمال المواجهة المسلحة بين فصائل الحشد وبقيادة المهندس، والجيش العراقي بدعم القوات الأميركية لا تزال محتملة، لكن طهران لا تريد حاليا تصعيد الموقف بين العبادي والمهندس وبقية قيادات الحشد الشعبي، لهذا سحبت المهندس الموجود حاليا في إيران لأغراض التهدئة في وقت لا تحتمل فيه أوضاع العراق وإيران مزيدا من التصعيد والتوترات خصوصًا أن القوات الأميركية الموجودة في العراق على أهبة الاستعداد للدفاع عن الحكومة العراقية باعتبارها تمثل الشرعية».
واعترف البرلماني العراقي بأن «هذه الأوضاع التي تسربت إلى الشارع العراقي أدت إلى مزيد من القلق والارتباك بين المواطنين وركود شبه تام في النشاط الاقتصادي، بل إن غالبية من المسؤولين العراقيين نقلوا عوائلهم وأموالهم إلى خارج العراق، خشية من حدوث مواجهات مسلحة قد تؤدي إلى تغيير الحكومة وتعطيل الدستور وحل البرلمان في حال تم إصدار قرار بحل الحشد الشعبي وعزل قياداته بدعم أميركي».
وحول المواطنين الأميركيين الذين تم اختطافهم بحي الدورة، جنوب بغداد، الشهر الماضي، وحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» تشير إلى أن النتائج التي توصلت إليها القوات الأميركية تؤكد تورط المهندس باختطافهم لتسوية متعلقات بين واشنطن وطهران، وأن العملية تم التخطيط لها بدقة، والأمر لا يتعلق بفدية مالية، وأشارت هذه المعلومات إلى أن المواطنين الأميركيين الثلاثة تابعون للقوات الأميركية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.