الرئاسة اليمنية لـ«الشرق الأوسط»: على الحوثيين الاستسلام دون شروط

متحدث مقاومة صنعاء: نرحب بالجهود الإيجابية للأمم المتحدة.. ولا نثق بالمتمردين والمخلوع

الرئيس هادي خلال اجتماعه باللجنة الأمنية العليا في عدن أمس (سبأ)
الرئيس هادي خلال اجتماعه باللجنة الأمنية العليا في عدن أمس (سبأ)
TT

الرئاسة اليمنية لـ«الشرق الأوسط»: على الحوثيين الاستسلام دون شروط

الرئيس هادي خلال اجتماعه باللجنة الأمنية العليا في عدن أمس (سبأ)
الرئيس هادي خلال اجتماعه باللجنة الأمنية العليا في عدن أمس (سبأ)

دعا الشيخ عبد العزيز المفلحي، مستشار الرئيس اليمني، المتمردين الحوثيين والرئيس علي عبد الله صالح إلى الاستسلام عسكريا، بعد أن وصلت قوات الشرعية إلى تخوم العاصمة صنعاء وإلى قرب محافظتي الحديدة وحجة، «وذلك حقنا لدماء المواطنين اليمنيين».
وقال المفلحي إن مفاوضات «جنيف 2» فشلت ذريعا، وإن «الانقلابيين في وضع مرتبك مع حسابات الوضع السياسي والعسكري، خاصة أنهما طرفان، الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام الموالي للمخلوع صالح»، وحول جولة المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في المنطقة قال إن «عليه أن يذهب إلى الانقلابيين في صنعاء لإقناعهم بتطبيق القرار 2216، نصا وتفصيلا».
إلى ذلك عاد المبعوث الأممي ولد الشيخ أحمد إلى المنطقة، وذلك بالتزامن مع التطورات الميدانية المتسارعة في جبهات القتال، وبعد أن باتت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية على بعد بضعة كيلومترات من العاصمة، وبحسب مصادر سياسية يمنية، فإن ولد الشيخ يسعى، من خلال جولته في المنطقة، إلى استئناف المفاوضات بين الحكومة الشرعية في اليمن، والمتمردين الحوثيين وحليفهم المخلوع علي عبد الله صالح، وقد أجرى مشاورات، بهذا الخصوص، مع نائب رئيس الوزراء اليمني، وزير الخارجية، عبد الملك المخلافي في العاصمة السعودية الرياض.
وقد خلقت زيارة المبعوث الأممي إلى المنطقة، في الوقت الراهن جملة من التساؤلات حول أهدافها وتوقيتها، خاصة أن الجولة تأتي في وقت باتت فيه قوات الشرعية، ممثلة في الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، على بعد بضعة كيلومترات من العاصمة صنعاء، كما أن هذه القوات بدأت في السيطرة على مناطق بمحافظة حجة وفي طريقها إلى محافظة الحديدة الساحلية الاستراتيجية بالنسبة للعاصمة صنعاء.
وقال المتحدث باسم المقاومة الشعبية بمحافظة صنعاء، عبد الله الشندقي لـ«الشرق الأوسط» إن «زيارة ولد الشيخ أحمد إلى الرياض، في الوقت الحالي، لا نستطيع أن نقول إنها بريئة بكل المقاييس»، مؤكدا أنهم مع «أي دور إيجابي في اليمن، سواء كان الأمم المتحدة أو غيرها من الأطراف الدولية»، وأنهم يرفضون «أي دور سلبي للأمم المتحدة أو غيرها في إنعاش الميليشيات الحوثية أو عصابات المخلوع صالح وإنقاذها في الوقت الذي لم تستجب للحوارات السابقة ولم تبد أي حسن نية وأغلقت كل أبواب الحوار».
وأشار الشندقي إلى أن الميليشيات الانقلابية للحوثيين وصالح «راهنت كثيرا على بعض الأطراف الإقليمية والدولية، كما راهنت على قضية تعز الإنسانية (التمسك بعدم رفع الحصار عن وقف غارات التحالف والعمليات العسكرية)، وكل هذه الرهانات سقطت». كما أشار إلى نكث الحوثيين كافة الاتفاقات السابقة معهم، بما فيها الاتفاق الأخير في مفاوضات «جنيف 2» برعاية الأمم المتحدة، وهو الاتفاق الذي تم التوصل خلاله إلى اتفاق إجراءات بناء الثقة، والتي تنص على إطلاق الحوثيين للمعتقلين السياسيين ورفع الحصار عن مدينة تعز والسماح بدخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى المدينة وغيرها من المناطق المتضررة جراء الصراع.
وأضاف المتحدث باسم مقاومة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين «وفور وصولهم إلى صنعاء، نكثوا بما تم الاتفاق عليه في (جنيف 2)، ولحق بهم المبعوث الأممي ولد الشيخ إلى صنعاء ولم يستطع أن ينتزع منهم شيئا مما تم الاتفاق عليه»، مؤكدا أن المقاومة «جزء من الشرعية ممثلة في رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، لكننا ننصح ونقول إن الحوثيين ليس لهم عهد ولا ذمة، فكلما عاهدوا نكثوا وكلما اتفقوا تراجعوا، ونعتقد أن أي بوادر اتفاق سوف تبوء بالفشل».
وفي التطورات الميدانية، في شرق صنعاء، أحبطت قوات التحالف وصول بعض تعزيزات المتمردين الحوثيين إلى جبهة نهم، وذلك عبر سلسلة غارات جوية استهدفت رتلا عسكريا في منطقة وادي واسط.
وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن الغارات الجوية دمرت الآليات العسكرية التي كانت في طريقها إلى مواقع الميليشيات الحوثية، وإنها أسفرت عن مقتل عدد من عناصر الميليشيات الذين كانوا ضمن الرتل العسكري.
ويقوم طيران التحالف، إلى جانب مساندته تقدم قوات الشرعية، بمواصلة استهداف مواقع الميليشيات التابعة للحوثيين وصالح في كافة المناطق اليمنية، بينها صنعاء العاصمة والمحافظة.
وأكدت مصادر ميدانية أن قوات الجيش الوطني والمقاومة، بدأت في نصب مدافع متطورة في المرتفعات الجبلية التي سيطرت عليها في مديرية نهم، فيما قال مصدر في المقاومة لـ«الشرق الأوسط» إن منطقة مسورة باتت محررة وكذلك جبل غيلمة، وإن قوات الجيش الوطني والمقاومة باتت تتحرك «بكل سهولة» في منطقة محلي، بعد أن انهارت الميليشيات، وأشار المصدر إلى أن جبل بن غيلان، المطل على صنعاء وضواحيها سوف يسقط في وقت قريب بيد المقاومة.
ووفقا لشهود عيان ومصادر متطابقة، في عدد من المحافظات اليمنية، فإن الميليشيات الحوثية تقوم بنقل المقاتلين من أبناء مديريات محافظة صنعاء، من جبهات القتال في تعز وبعض المحافظات، إلى صنعاء، وذلك للزج بهم في المعارك التي تدور في محيط العاصمة (من الجهة الشرقية)، وتتزامن عملية نقل المقاتلين إلى صنعاء، مع محاولات فاشلة تقوم بها الميليشيات والقيادات المحلية المحسوبة على المخلوع صالح في مديريات صنعاء لحث مشايخ القبائل لتجنيد المزيد من المقاتلين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».