بعد أن كانت خطبة الجمعة مصدر إلهام لأتباع المرجع الأعلى العراقي آية الله علي السيستاني، أعلن أمس اعتزاله السياسة وتوجيهاته الأسبوعية عبر منبر الجمعة. وقال السيستاني عبر ممثله والمتحدث باسم المرجعية في كربلاء أحمد الصافي خلال خطبة الأمس قوله: «المرجعية دأبت على قراءة نص مكتوب يمثل رؤى وأنظار المرجعية في الشأن العراقي، لكن ذلك تقرر أن لا يكون أسبوعيا في الوقت الحاضر». وأضاف المتحدث باسم المرجع الأعلى أن الحديث سيكون حسب ما يستجد على الساحة، ملمحًا أن ذلك لن يكون أسبوعيا عبر خطبة الجمعة.
وفي آخر خطبة سياسية، منح المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني الحكومة العراقية ورئيسها حيدر العبادي مهلة غير محددة لتنفيذ الإصلاحات التي وعد بها، في وقت شكل فيه البرلمان لجنة تحقيق بالاتهامات التي وجهها النائب عن تحالف القوى العراقية مشعان الجبوري والتي اتهم فيها كل الطبقة السياسية التي تحكم العراق بالفساد، معلنًا عن تلفيه هو شخصيا رشوة بملايين الدولارات من أجل غلق أحد ملفات الفساد.
وكانت الأنظار تتجه أسبوعيًا إلى مدينة كربلاء، حيث تقدم المرجعية رؤيتها في الشأن السياسي لا سيما بعد التظاهرات الجماهيرية التي انطلقت في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب منذ شهر أغسطس (آب) 2015 المطالبة بالإصلاح وهو ما حدا برئيس الوزراء حيدر العبادي إلى طرح مجموعة من حزم الإصلاح. وفيما بدت الإصلاحات الحكومية أقرب إلى التقشف منها إلى الإصلاح الحقيقي، فقد استمرت المرجعية بتوجيه النقد القاسي أحيانًا إلى الطبقة السياسية، بينما لم تتوقف التظاهرات الجماهيرية المطالبة بتقديم رؤوس الفساد إلى النزاهة والقضاء. وقبيل إعلان المرجعية الدينية أمس الجمعة قرارها بالتوقف حاليًا عن عرض الشأن السياسي كانت أعلنت الأسبوع الماضي أن «صوتها قد بح» وهي تنادي بالإصلاحات دون نتيجة. وفي هذا السياق أكد الأستاذ في الحوزة الدينية والمقرب من المرجعية حيدر الغرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المرجعية باتت هي المعبر عن الواقع السياسي العراقي من خلال ما يصدر عنها من مواقف صريحة وواضحة ولكنها معبرة عن الواقع العراقي بكل أطيافه مما يجعلها دائمًا عنصر توحيد وإجماع لدى كل العراقيين وبالتالي فإن ما يصدر عنها تنتظره الملايين أسبوعيًا».
وأضاف أن «الأحداث والوقائع بدأت تتسارع والوقائع كذلك دون أن يتحقق شيء مما طالبت به المرجعية ودعت إليه، الأمر الذي ولد إرباكًا في الشارع ولدى الطبقة السياسية كما لدى الحكومة باعتبار أن المرجعية التي ساندت بقوة حركة الشارع العراقي المطالبة بالإصلاح من خلال المظاهرات الجماهيرية باتت هي المدافع الحقيقي عن تطلعات الناس وآمالهم»، مؤكدًا أن «وتيرة الأحداث وتراكماتها خلال السنوات الماضية جعل الحكومة بطيئة على صعيد تنفيذ الإصلاحات وما تنادي به المرجعية أسبوعيًا.. الأمر الذي جعلها تطلب من المرجعية أن تمنحها مهلة لكي تقوم بتنفيذ الإصلاحات». وأوضح الغرابي أنه «في الوقت الذي أعطت فيه المرجعية هذه المهلة للحكومة لكي تطبق حزم الإصلاح التي أطلقتها، فإن الواقع يقول إننا بحاجة إلى حكومة إصلاحات لا إصلاحات حكومية وهو ما يعني أن المهلة هذه هي فرصة أمام الحكومة والطبقة السياسية لمراجعة نفسها وسياساتها على نحو جاد هذه المرة وغير قابل للمساومة أو المماطلة، حيث ستلاحظ المرجعية ما يجري وستراقب بدقة طبيعة ما يحصل من إصلاحات حقيقية وليست شكلية».. وتابع الغرابي أن «ما حصل في الواقع هو ورقة ضغط غير منظورة على الحكومة، حيث رمت الكرة في ملعبها حتى حين وبالتالي لكل حادث حديث». وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي أقر بوجود «مقاومة شديدة» من الفاسدين لمشروع تبسيط الإجراءات التي تقوم بها حكومته. وخاطب العبادي رئيس وأعضاء لجنة النزاهة في البرلمان العراقي بالقول إن «بإمكاننا تجاوز الأزمة المالية من خلال التعاون فيما بيننا وهناك إجراءات كثيرة اتخذتها الحكومة»، لافتًا إلى أن «الخلافات السياسية والنزاعات تؤدي إلى توقف العمل وتؤثر سلبا على المواطن». وأضاف أن «الفساد لديه عوامل تشجعه ومنها الروتين والبيروقراطية وهناك مقاومة شديدة من الفاسدين لمشروع تبسيط الإجراءات لأنه يقلل من الفساد». وتابع العبادي، أن «الفاسدين لديهم أذرع وإمكانيات ويحاولون خلط الأوراق ومن الضروري إيقافهم»، مشيرًا إلى وجود «فساد آخر يتمثل في هدر المال العام».
السيستاني يعتزل السياسة عبر خطب الجمعة
المرجع الأعلى يمنح العبادي مهلة غير محددة لتنفيذ الإصلاحات
السيستاني يعتزل السياسة عبر خطب الجمعة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة