خبيرة حقوقية أممية تدعو من الأردن إلى محاربة الاتجار بالبشر

جيامارينارو طالبت بوقف الاستعباد المنزلي واستغلال الأطفال واللاجئين السوريين

خبيرة حقوقية أممية تدعو من الأردن إلى محاربة الاتجار بالبشر
TT

خبيرة حقوقية أممية تدعو من الأردن إلى محاربة الاتجار بالبشر

خبيرة حقوقية أممية تدعو من الأردن إلى محاربة الاتجار بالبشر

أكدت ماريا غراتسيا جيامارينارو، خبيرة حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، أمس التزام الأردن الراسخ بمكافحة الاتجار بالأشخاص، إلا أنها حثت الحكومة الأردنية على تعزيز الإطار القانوني، وتبني تدابير وقائية، خصوصًا فيما يتعلق بالقنوات المنتظمة للهجرة والتشغيل، وحماية حقوق العمال.
وفي ختام زيارتها الأولى للأردن، قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بقضايا الاتجار بالأشخاص، وبالأخص النساء والأطفال، إنه «رغم وجود إطار قانوني متين، فإن التحدي الآن يكمن في الإسراع في مراجعة التشريعات بهدف تقديم تعريف أوضح، ووقاية وحماية أكثر فعالية لحقوق الأشخاص المتاجر بهم، وذلك بعد مرور خمس سنوات على تطبيقها، وإطلاق استراتيجية وطنية جديدة لمكافحة الاتجار».
وفي هذا السياق، كشفت جيامارينارو أن السلطات الأردنية أغلقت 24 وكالة لاستقدام العاملات في المنازل بسبب مخافتها لقوانين العمل والتحايل على العاملات والاتجار بهن، مضيفة أن السلطات الأردنية سجلت منذ سن القوانين الخاصة بالاتجار بالبشر 29 قضية خلال الفترة الممتدة من سنة 2009 حتى عام 2015، حيث كان ضحاياها من العمال المصريين والسوريين والبنغال، والهنود والفلبينيين ومن سريلانكا، وأشارت إلى أنه سيتم خلال الأعوام القادمة الإفصاح عن حالات أكثر، خاصة بعد أن كيفت السلطات الأردنية الإطار القانوني لذلك.
وكإجراء احترازي، دعت جيامارينارو الحكومة الأردنية إلى إتاحة المزيد من فرص التشغيل النظامي، وضمان التنفيذ الكامل للأنظمة التي صدرت مؤخرًا بشأن العمالة المنزلية، والتي تهدف إلى توفير حماية أفضل للعمالة المنزلية، وزيادة الخيارات الآمنة للوافدين، بغية تقليل فرص تعرض الوافدين لمخاطر الاتجار، داعية إلى مواصلة الجهود الرامية إلى التصدي إلى استغلال العمالة، بما في ذلك الاستعباد المنزلي، الذي تتعرض له نساء شابات من دول جنوب شرقي آسيا وشرق أفريقيا، واستغلال اللاجئين السوريين، بما في ذلك عدد كبير من الأطفال، الذين يجري استغلالهم في قطاع الزراعة، وغيره من القطاعات مثل الإنشاءات والألبسة، مضيفة أن «السكان من اللاجئين وطالبي اللجوء على وجه التحديد يجبرون على تزويج بناتهم في سن مبكرة لأجانب، ما يؤدي إلى ظهور أوضاع إذلالية واستغلالية، بما في ذكر ممارسة البغاء بالإكراه».
وحذرت جيامارينارو من عدم استبعاد تعرض النساء والفتيات الأردنيات لمخاطر الاستغلال الجنسي، مشيرة إلى أنه بالإمكان اكتشاف مثل هذه الحالات الخفية في حال إجراء بحث دقيق لهذه الحالات. كما دعت السلطات الأردنية إلى إيلاء مزيد من الاهتمام لمنع الاتجار «عبر توفير حماية أفضل لحقوق كافة العمال، سواء الأردنيين أو الوافدين أو اللاجئين، مع التركيز بشكل خاص على العمالة المنزلية»، وقالت في هذا السياق إنه «ينبغي أن يتلقى الأشخاص المستغلون والمتاجر بهم على حد سواء الدعم الكافي، وذلك بتعاون مع منظمات المجتمع المدني، كما ينبغي تسهيل وصولهم إلى وسائل إنصاف فعالة بما في ذلك التعويض»، مرحبة بالخطط الرامية إلى إنشاء صندوق تعويضات للأشخاص المتاجر بهم في حال عدم التمكن من تحديد المتاجرين، أو عدم مصادرة ممتلكاتهم.
وإقرارًا بالتحديات الهائلة المتعلقة بالتدفق الجماعي للاجئين السوريين، دعت جيامارينارو الحكومة الأردنية إلى مواصلة تنفيذ سياستها الكريمة تجاه اللاجئين، وحثت المجتمع الدولي، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، على اتخاذ إجراءات فاعلة لدعم الجهود التي يبذلها الأردن.
وشجعت سلطات الأردن على مواصلة التقدم المحرز على صعيد مجابهة الاتجار بالأشخاص، وذلك عبر توسيع نطاق تركيزها على منع الاتجار واستغلال اللاجئين، بما في ذلك زيادة فرص العمل النظامي لهم في البلاد.
وخلال زيارة تقصي الحقائق التي أجرتها جيامارينارو في عمان واستمرت لمدة ثمانية أيام، التقت مع ممثلين عن الكثير من المؤسسات الحكومية والقضاء، والمركز الوطني لحقوق الإنسان، إضافة إلى ممثلين عن وكالات الأمم المتحدة، المنظمات الدولية والمجتمع المدني، وضحايا الاتجار. كما زارت مخيم الأزرق للاجئين السوريين، ومركز الجويدة للإصلاح والتأهيل، ومأويين لضحايا الاتجار، حيث تدير وزارة التنمية الاجتماعية المأوى الأول، بينما تتم إدارة الثاني من قبل اتحاد المرأة الأردنية.
يذكر أن المقررة الخاصة ستقوم باستعراض التقرير النهائي لزيارتها أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في يونيو (حزيران) المقبل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.