مشكلة فوق السبعين
سبق لي أن حضرت عروضًا خاصة بأعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية مانحة الأوسكار. كون هذا الناقد عضوا في «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» أتيح لي قفز الحواجز مرات قليلة ومشاهدة بضعة أفلام معروضة خصيصًا للفريق الأول.
> قبل وفاة الممثل ميكي روني سنة 2014 بثلاثة أعوام شاهدته يدخل الصالة وحيدًا وهرمًا. يختار أقرب كرسي ليجلس عليه. قبله بنحو عام شاهدت الممثل جيمس كوبرن ومعه زوجته يدخلان الصالة ذاتها. كلاهما، ميكي روني وكوبرن، كان من المعمرين.
> في العام الماضي تسللت بصحبة مدير تصوير عضو في الأكاديمية لحضور فيلم «بروكلين» وشاهدت عددًا أكبر من الأعضاء الذين تجاوزوا السبعين من العمر. ما زالوا يحضرون ليشاهدوا الأفلام التي سيصوّتون لها أو عليها. بعضهم بعكازات. بعضهم يجر قدميه أو يستند إلى رفيقة حياته.
> في «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» هناك عدد كبير من الصحافيين العاملين الذين تجاوزوا السبعين بل الثمانين من العمر. معظمهم يداوم حضور العروض الخاصّة واللقاءات مع الممثلين ويلبّون دعوات الغداء ويحضرون اجتماعات الجمعية. هم أيضًا في أعمار متقدّمة وأبدان واهية. يستطيعون البقاء في البيوت ومشاهدة معظم الأفلام على لينكات وأسطوانات، لكن المحرّك واحد: عليهم الحفاظ على المشاركة البدنية ذاتها.
> لكن للمسألة وجه آخر. الدعوة التي أطلقتها الأكاديمية مؤخرًا باعتماد تغيير جديد في هيكلية المصوّتين، يعني الاستغناء عمن لم ينجز عملاً سينمائيًا منذ ثلاثة عقود. إذا كان مخرجًا، لم يقف وراء الكاميرا منذ سنة 1986. وإذا كان ممثلاً لم يقف أمامها منذ ذلك التاريخ، وكذلك إذا كان كاتبًا أو مصوّرًا أو في أي حرفة أخرى، ولم يعمل منذ ذلك الحين فهو خارج عملية التصويت.
> تنوي الأكاديمية إقرار هذا التغيير في قوانينها (لجانب تغييرات أخرى) ردًّا على ما علق بها هذا العام تبعًا للنتائج «البيضاء» التي سادت معظم مسابقاتها، بينما حصدت الأقليات (السود والنساء واللاتينيون) نسبة لا تتجاوز خمسة في المائة من مجمل الترشيحات الرسمية. ما لاحظته الأكاديمية أن نسبة غالبة من الأعضاء تجاوزوا سنوات العمل لكنهم يشكلون نسبة كبيرة، وهؤلاء غالبًا لا يكترثون للأقليات الأخرى. ما زالوا يحكمون ويصوّتون تبعًا لمنوال تقليدي عالق في البال.
> المشكلة هي أنه إذا ما أقرت الأكاديمية هذا التغيير سقطت في معيار أنها تمارس «التفرقة العُمرية» (Age Discrimination) وإذا لم تفعل أبقت «التفرقة العنصرية» محط جدل والوضع على ما هو عليه.
> ما هو مطلوب، وكحل مثالي، هو أن تعمد الصناعة ذاتها إلى نفض العالق من الغبار على قراراتها. الحال كما هو الآن يتمحور حول التالي: إذا كنت نجمًا أسود البشرة ستجد فيلما لك كل عامين أو ثلاثة. إن كان لديك موضوع يخص البنية الاجتماعية للسود ربما حصلت على الضوء الأخضر لصنع الفيلم. عدا ذلك، معظم الأفلام المنتجة هي بيضاء والقرارات بيد الرجال دون النساء ومعظم هؤلاء الكاسح من البيض أيضًا. هؤلاء المنتجون ليسوا عنصريين لكنهم يصنعون الأفلام ذاتها كل عام، ويخشون الفشل لو غيروا منوالهم.
المشهد
المشهد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة