لماذا الإصرار السعودي على «سوريا بلا أسد»

أميركا وفرنسا وبريطانيا اتفقت على رحيله

لماذا الإصرار السعودي على «سوريا بلا أسد»
TT

لماذا الإصرار السعودي على «سوريا بلا أسد»

لماذا الإصرار السعودي على «سوريا بلا أسد»

أكدت السعودية في أكثر من محفل ومؤتمر ولقاء واجتماع على لسان مسؤوليها، على أنه لا دور للأسد في مستقبل سوريا، فقد استشعرت السعودية مبكراً خطر الأسد على بلاده وشعبه، وعلى المنطقة قاطبةً، منذ انطلاق الشرارة الاولى للثورة السورية في 2011م، من مدينة درعا التي تقع في الجنوب بالقرب من الحدود الأردنية - السورية.
وأعلنت السعودية فقدان بشار الاسد شرعيته عندما تسبب بقتل أكثر من 300 ألف شخص من أبناء شعبه، وهجر ما يزيد على 12 مليونا من السورين كلاجئين ونازحين في مختلف مناطق العالم، علاوة على تدمير الدولة بكامل مكوناتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وما كادت الاحداث تنطلق من درعا وتمتد الى باقي المناطق السورية، حتى طالبت السعودية وعلى لسان الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز بتحكيم العقل، معتبرةً ما يحدث في سوريا، لا يقبله الدين ولا الأخلاق، مشددةً على أن الحدث أكبر من أن تبرره الأسباب.
وقد بين الملك الراحل أن مستقبل سوريا بين خيارين؛ إما الحكمة أو الفوضى، مطالباً القيادة السورية بوقف آلة الدماء والقتل، وطرح إصلاحات لا تغلّفها الوعود، بل تكون واقعية تخدم الشعب السوري.
وتابعت السعودية محاولاتها في إنهاء الأزمة السورية، عندما دعت إلى تحرك فاعل على الساحة السياسية الدولية، من أجل عقد اجتماع للأطراف المتنازعة؛ وذلك ما أكده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في خطابه، حيث قال إن موقف السعودية من الأزمة السورية واضح منذ بدايتها، وهي تسعى للمحافظة على أن تبقى سوريا وطناً موحداً يجمع كل طوائف الشعب السوري، وتدعو إلى حل سياسي يخرج سوريا من أزمتها ويمكّن من قيام حكومة انتقالية من قوى المعارضة المعتدلة، تضمن وحدة السوريين، وخروج القوات الأجنبية، والتنظيمات الإرهابية التي ما كان لها أن تجد أرضاً خصبة في سوريا لولا سياسات النظام السوري التي أدت إلى إبادة مئات الآلاف من السوريين وتشريد الملايين.
واضاف الملك سلمان في خطابه أنه انطلاقاً من الحرص على تحقيق الأمن والاستقرار والعدل في سوريا، استضافت المملكة اجتماع المعارضة السورية بكل أطيافها ومكوناتها سعياً لإيجاد حـل سياسـي يضمـن وحدة الأراضي السورية وفقاً لمقررات جنيف 1.
ورغم المحاولات السعودية الحثيثة والمتكررة، على كافة الصعد لإنهاء الصراع السوري، إلا أن تعنت بشار الاسد ونظامه، الذي ارتكب العديد من الجرائم التي صنفتها الأمم المتحدة كـ "جرائم حرب"، زاد من مآسي ودمار الشعب السوري، وكان آخرها في مؤتمر جنيف 3، حينما رفض وفد النظام الموافقة على أية حلول سياسية تم طرحها على الطاولة، مما اضطر المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أمس (الأربعاء)، تعليق المحادثات السورية الجارية في جنيف والمعروفة باسم «جنيف3» إلى 25 فبراير (شباط) الحالي. وقال: «لا يزال هناك عمل يتعين القيام به»، مشيرا إلى «توقف مؤقت» لمحادثات السلام التي لم تبدأ فعليا منذ وصول وفدي النظام والمعارضة يومي الجمعة والسبت الماضيين. وأضاف دي ميستورا بعد لقائه مع المنسق العام للهيئة التفاوضية رياض حجاب أنه قرر تعليق المحادثات «من أجل فسح المجال للتصدي للقضايا الواجب حلها قبل العودة إليه».
ولم تكن السعودية وحدها التي دعت الى "سوريا بلا أسد"؛ فقد طالبت كل من الولايات والمتحدة وفرنسا وبريطانيا بذلك، حيث أعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري في عدة لقاءت أن موقف واشنطن بشأن الأزمة السورية لم يتغير وأنه لا مكان للأسد في مستقبل سوريا، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة لن تسمح لـ "داعش" والتنظيمات الإرهابية الأخرى بالسيطرة على سوريا.
وأشار وزير الخارجية الأميركي، إلى أنه تم الاتفاق على ان وحدة سوريا عنصر جوهري وبقاء مؤسسات سوريا من اساسيات الحل، ودعا إلى انتخابات تشريعية ورئاسية في سوريا تحت إشراف الأمم المتحدة.
كما صرح لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسى، بأن الرئيس السورى بشار الأسد "لا يمكن أن يمثل مستقبل" سوريا.
وأوضح فابيوس "حل الأزمة فى سوريا سياسى وبرأينا أن الأسد لا يمكن أن يمثل مستقبل سوريا". وأضاف "علينا القضاء على الإرهابيين ونحن نركز كل قواتنا لمكافحة داعش وهذا ليس بالأمر الجديد".
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أكد من جانبه، أن موقف لندن من مسألة المصير السياسي للأسد لم يتغير. واضاف على الرئيس السوري أن يمثل بعد اتمام عملية انتقال السلطة أمام العدالة الدولية، محملا إياه مسؤولية نشوب النزاع المسلح في سوريا وتفاقم أزمة المهاجرين في أوروبا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».