وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية تخفي معلومات عن موظفيها

بما فيها ما يتعلق بضربات «درون» وتعذيب معتقلين في سجون سرية

قيادي «القاعدة» أبو زبيدة تعرض لعمليات تعذيب سرية في بولندا (واشنطن بوست) - صوة من الجو لمقر وكالة سي آي إيه في لانغلي (فرجينيا) (واشنطن بوست)
قيادي «القاعدة» أبو زبيدة تعرض لعمليات تعذيب سرية في بولندا (واشنطن بوست) - صوة من الجو لمقر وكالة سي آي إيه في لانغلي (فرجينيا) (واشنطن بوست)
TT

وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية تخفي معلومات عن موظفيها

قيادي «القاعدة» أبو زبيدة تعرض لعمليات تعذيب سرية في بولندا (واشنطن بوست) - صوة من الجو لمقر وكالة سي آي إيه في لانغلي (فرجينيا) (واشنطن بوست)
قيادي «القاعدة» أبو زبيدة تعرض لعمليات تعذيب سرية في بولندا (واشنطن بوست) - صوة من الجو لمقر وكالة سي آي إيه في لانغلي (فرجينيا) (واشنطن بوست)

كشفت أجزاء من تقرير الكونغرس عن أخطاء وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي إيه) في حربها ضد الإرهاب، بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 أن الوكالة أخفت عن موظفيها وعملائها معلومات عن ضرباتها بطائرات «درون»، وعن تعذيب معتقلين في أماكن احتجاز سرية.
وبينما دافع مسؤولون في الوكالة عن الإخفاء، وقالوا: إن الهدف منه هو عدم توسيع دائرة الذين يعرفون أسرارا هامة، انتقد موظفون سابقون في الوكالة هذه الممارسة، وقالوا: إنها تضلل العاملين في الوكالة، وتجعل بعضهم يحسون بأنهم أقل أهمية من غيرهم.
ومن بين المعلومات التي أخفيت، كما نشرت صحيفة «واشنطن بوست» أمس، معلومات عن ضربات طائرات «درون» لعدد من قادة منظمة «القاعدة» في أفغانستان وباكستان. بينما نقلت رسالة من رئاسة الوكالة في لانغلي (ولاية فرجينيا) إلى مكتب الوكالة في إسلام آباد، في باكستان، بأن ضربات «درون» لم تقدر على قتل قيادي في منظمة «القاعدة»، وحثتهم على مواصلة المحاولة، قالت رسالة أخرى إلى عدد محدود من الموظفين بأن القيادي قتل فعلا.
وفي رسالة بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) خلال البحث عن الإرهابي زين العابدين محمد حسين، المشهور باسم «أبو زبيدة»، وكان من الذين خططوا للهجمات، قالت رسالة أرسلت إلى مكتب إسلام آباد بأن البحث يمكن أن يقود إلى قتله. لكن رسالة أخرى إلى عدد قليل من الموظفين قالت: إنه يجب ألا يقتل.
وفي مارس (آذار) عام 2002، اعتقل أبو زبيدة في باكستان، ونقل إلى سجن القاعدة العسكرية الأميركية في غوانتانامو، في كوبا، حيث يظل ينتظر المحاكمة.
وحسب تقرير الكونغرس، الذي يتكون من سبعة آلاف صفحة تقريبا، والذي يظل سريا، وحصلت صحيفة «واشنطن بوست» على معلومات منه عن طريق أشخاص اطلعوا عليه، كان تعذيب أبو زبيدة في سجن سري في بولندا واحدا من المواضيع التي خدعت فيها «سي أي إيه» بعض موظفيها.
وفي رسائل إلى بعض مكاتبها قالت رئاسة «سي أي إيه» بأن أبو زبيدة نقل إلى المغرب، وفي رسائل أخرى إلى الأردن. في وقت لاحق، صار واضحا أن رئاسة «سي أي إيه» أرسلته إلى بولندا. وأخفت الرئاسة، أيضا، معلومات عن تعذيبه. وحسب تقرير الكونغرس، قضى أبو زبيدة خمسة أعوام في سجون سرية، وعذب قرابة مائة مرة بما يسمى «ووتربوردينغ» (تخيل إغراقه بصب الماء عليه وهو لا يرى).
وقال ستيفن افترغود، خبير العمليات الحكومية السرية في اتحاد العلماء الأميركيين (إف إيه إس) عن إخفاء «سي أي إيه» معلومات عن موظفين يعملون فيها: «عندما يدخل الكذب في الاتصالات بين موظفي مكتب واحد، أو وكالة واحدة، تهتز الثقة وسط الموظفين، وتهتز الثقة في المكتب، أو الوكالة. ثم يمكن أن تحدث عمليات تخالف القانون». وأشار إلى كايل فوغو، موظف كبير سابق في «سي أي إيه»، فصل في عام 2008 بعد أن أدين بالكذب والفساد، وأنه ربما كان من الذين اشتركوا في إخفاء معلومات عن موظفي الوكالة.
وقال فريد هتتز، المفتش العام السابق في «سي أي إيه»: «الذين يخفون معلومات داخل سي أي إيه عن بعضهم البعض يلعبون بالنار. ثم إن مكتبا فرعيا قد ينفذ عملية ما كان يجب أن تنفذ، أو لا ينفذ ما كان يجب أن ينفذ».
وقال مسؤول سابق في «سي أي إيه»، طلب عدم نشر اسمه، عن عملية الخداع، وتسمى «آي ووش» (غسل العين): «ليست هذه عادة جديدة. استعملناها خلال الحرب الباردة ضد المعسكر الشيوعي. لكن، تظل عملياتنا ضد المعسكر الشيوعي مثار جدل». وأشار إلى اتهامات بأن كثيرا من معلومات «سي أي إيه» عن الاتحاد السوفياتي لم تكن صحيحة، وأن بعضها كان يناقض البعض الآخر. وقال: إن «أي ووش» ربما من أسباب هذه التناقضات، حيث يخفي مكتب معلومات عن مكتب آخر.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.