موسكو ترفض فرض العقوبات على جنوب السودان

مراقبو الأمم المتحدة طالبوا بمعاقبة رئيس البلاد وزعيم المتمردين على فظائع الحرب الأهلية

موسكو ترفض فرض العقوبات على جنوب السودان
TT

موسكو ترفض فرض العقوبات على جنوب السودان

موسكو ترفض فرض العقوبات على جنوب السودان

جددت روسيا مساء أول من أمس رفضها فرض حظر على صادرات السلاح إلى جنوب السودان، أو عقوبات على طرفي النزاع في هذا البلد، معتبرة أن مثل هذه الإجراءات ستؤتي نتائج عكسية، خلافا لما يعتقده خبراء في الأمم المتحدة.
وقال بيتر الييشيف، مساعد السفير الروسي في الأمم المتحدة، إن العقوبات «لن تكون مفيدة» لعملية السلام لأن خبراء الأمم المتحدة يوصون بمعاقبة الرئيس وزعيم المتمردين، في حين أن الأخيرين يجريان مفاوضات أحرزت «بعض التقدم»، مضيفا أن «تشكيل حكومة وحدة وطنية وسلطات انتقالية في متناول اليد، وسنحطم كل شيء» إذا ما فرض مجلس الأمن عقوبات.
واعتبر الدبلوماسي الروسي أن فرض حظر على صادرات السلاح إلى جنوب السودان لن يجدي نفعا لأن «المنطقة غارقة أصلا بالأسلحة، وبالتالي يجب أولا السيطرة على الأسلحة الموجودة فيها».
وكان فريق من خبراء الأمم المتحدة أوصى مجلس الأمن بفرض عقوبات على رئيس جنوب السودان سلفا كير وزعيم المتمردين ريك مشار، واثنين من المسؤولين العسكريين، بالإضافة إلى فرض حظر على الأسلحة التي تغذي الحرب الأهلية في هذا البلد.
ورفع الفريق لائحة بأسماء كير ومشار، ورئيس الأركان بول مالونغ، وكذا رئيس جهاز الأمن الداخلي أكول كور.
وكانت الأمم المتحدة قد أصدرت في يوليو (تموز) الماضي عقوبات بحق ستة قادة، ثلاثة من كل معسكر، ولكن يبدو أنه لم يكن لها أي تأثير على الأرض. واعتبر الخبراء في تقريرهم أن كير ومشار مسؤولان عن معظم أعمال العنف التي وقعت منذ بدء النزاع قبل عامين.
وأضاف التقرير مؤكدا وجود «أدلة واضحة ومقنعة بأن معظم أعمال العنف التي وقعت خلال الحرب، ومن بينها اعتداءات على مدنيين وانتهاكات للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، ارتكبت بأوامر من المسؤولين في أعلى هرم الحكومة والمعارضة، وأن هذين المسؤولين على علم بها».
وبحسب الأمم المتحدة، فإن أكثر من 2.3 مليون شخص فروا من منازلهم بسبب الحرب والمجازر والفظاعات، كما أن البلاد مهددة بالمجاعة. ويعيش أكثر من مائتي ألف مدني في جنوب السودان في سبع قواعد للأمم المتحدة منتشرة عبر البلاد.
وإضافة إلى روسيا، فإن في مجلس الأمن دولتين أخريين، هما الصين وأنغولا، لا تحبذان فرض حظر سلاح على جنوب السودان.
وكان مراقبو تنفيذ العقوبات، التابعون للأمم المتحدة، قد ذكروا في تقريرهم السنوي قبل أيام أن على مجلس الأمن أن يفرض حظرا على تسليح جنوب السودان، ودعوا إلى معاقبة رئيس البلاد سلفا كير وزعيم المتمردين ريك مشار على فظائع ارتكبت خلال الحرب الأهلية التي اندلعت قبل عامين.
وأفاد التقرير السري، الذي وضعته لجنة تابعة للأمم المتحدة تراقب الصراع في جنوب السودان، بتكليف من مجلس الأمن، أن كير ومشار ما زالا يسيطران تماما على قواتهما، وهما بالتالي مسؤولان بصورة مباشرة عن قتل المدنيين، وغير ذلك من الأفعال التي توجب فرض عقوبات.
ولم يرد في التقرير أسماء الأشخاص الذين أوصت اللجنة بفرض عقوبات عليهم في شكل حظر سفر وتجميد أصول. لكن دبلوماسيا مطلعا قال إن ملحقا سريا للغاية يدعو إلى وضع كير ومشار على القائمة السوداء. وكتبت اللجنة في تقريرها أن «هناك دليلا واضحا ومقنعا بأن الجزء الأكبر من أعمال العنف التي ارتكبت خلال الحرب وبينها استهداف مدنيين.. أدارته أو نُفذ بعلم أفراد بارزين في مستويات عليا من الحكومة وداخل المعارضة»، مضيفا أن الحكومة تبدو مسؤولة عن القسم الأكبر من الدماء التي سالت في البلاد عام 2015.
وقال بايتون كنوبف، منسق اللجنة التابعة للأمم المتحدة، للجنة العقوبات بمجلس الأمن، إنه «بينما كان المدنيون ولا يزالون هدفا للطرفين، وهو أمر يرجع في أحد أسبابه إلى الانتماء القبلي، فإن اللجنة خلصت إلى أن الحكومة، وعلى عكس ما جرى في سنة 2014، هي المسؤولة عن الغالبية العظمى من انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في جنوب السودان منذ مارس (آذار) 2015».
وأضاف التقرير أيضا أن قوات حفظ السلام، التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان «تعرضت بشكل منتظم لهجمات ومضايقات واعتقالات وترهيب وتهديد». فيما قالت اللجنة إن الجانبين وقعا اتفاق سلام في أغسطس (آب)، لكنهما انتهكا وقف إطلاق النار باستمرار، في حين استمرت انتهاكات حقوق الإنسان «بلا هوادة مع الإفلات الكامل من العقاب».
وذكر التقرير أيضا أن هذه الانتهاكات شملت عمليات قتل خارج سلطة القضاء، فضلا عن التعذيب والعنف الجنسي، والاعتقال خارج سلطة القضاء والاختطاف والاحتجاز والتهجير القسري، واستغلال وتجنيد الأطفال، والضرب وأعمال النهب، وتدمير سبل العيش والمنازل.



الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
TT

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة، خلال عملية عسكرية خاصة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي. في حين أعلن الجيش الموريتاني أن المواطنين جرى توقيفهم داخل أراضي مالي، وأكد أنه «لن يسمح» بأي انتهاك لحوزته الترابية.

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

وقالت مصادر محلية إن المواطنين الموريتانيين أفرج عنهم بعد ساعات من التوقيف، وكانت وحدة «فاغنر» قد سلّمتهم إلى الجيش المالي الذي حقّق معهم ثم أفرج عنهم، ليعودوا إلى الأراضي الموريتانية ليل الأربعاء/الخميس.

اختراق الحدود

بعد توقيف الموريتانيين من طرف وحدة «فاغنر»، المرافقة للجيش المالي، تداول ناشطون موريتانيون على وسائل التواصل الاجتماعي معلومات تُفيد بأن مقاتلي «فاغنر» وقوات الجيش المالي «اخترقوا» الحدود، وأوقفوا مواطنين موريتانيين.

ولكن الحكومة الموريتانية نفت أن يكون قد حدث أي اختراق للحدود، وقال الوزير الناطق باسم الحكومة، الحسين ولد أمدو: «إن وحدات من الجيش المالي كانت تتحرك في مناطق تابعة لحدودها، وأثناء مرورها اعتقلت هذه المجموعة».

وأضاف ولد أمدو، في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، أن القرية التي دخلها الجيش المالي وقوات «فاغنر»، «تابعة لدولة مالي»، مشيراً إلى أن «اتصالات جرت بين السلطات العسكرية الموريتانية والمالية أسفرت عن إطلاق سراح الموقوفين».

لا تسامح

وأصدر الجيش الموريتاني بياناً صحافياً حول الحادثة، وقال إن ما تداولته الصحف المحلية وبعض الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي حول اختراق الحدود «مجرد معلومات مغلوطة وأخبار زائفة»، وقال: «إنه لن يسمح لأي كان بانتهاك الحدود».

وأوضح الجيش الموريتاني أن «الأمر يتعلق بوصول وحدة من الجيش المالي إلى قرية الأغظف الموجودة داخل التراب المالي»، وشدّد على أنه «لم تصل القوات المالية مطلقاً إلى خط الحدود بين البلدين».

وقال الجيش الموريتاني: «إن الوحدة العسكرية المالية أوقفت 18 شخصاً في المناطق التي مرت بها، قبل أن يجري إطلاق سراح الموقوفين لاحقاً، بعد اتصالات ميدانية بين الجهات المعنية بموريتانيا ومالي».

وخلص الجيش الموريتاني إلى «طمأنة المواطنين بأن الوحدات العسكرية الموريتانية المرابطة على الحدود، لن تسمح لأي كان بانتهاك الحوزة الترابية للبلاد»، وفق نص البيان الصحافي.

احتفاء محلي

كان توقيف المواطنين الموريتانيين قد أثار حالة من الرعب في أوساط السكان المحليين، في ظل مخاوف من تصفيتهم، كما سبق أن حدث مع موريتانيين خلال العامين الماضيين، أوقفتهم «فاغنر» وعثر عليهم في مقابر جماعية، ما كاد يقود إلى أزمة في العلاقات بين مالي وموريتانيا.

وبعد الإفراج عن الموقوفين سادت حالة من الارتياح في أوساط السكان المحليين، وأصدرت مجموعة من السياسيين والمنتخبين المحليين بياناً، قالت فيه إن سكان محافظة باسكنو الحدودية «يثمنون إطلاق سراح المختطفين على الحدود المالية».

وقال النائب البرلماني، محمد محمود ولد سيدي، إن الإفراج عن الموقوفين «لحظة تحمل في طياتها فرحة كبرى، وترسم أفقاً جديداً من الأمل والطمأنينة في قلوب الجميع».

وأضاف عضو البرلمان الموريتاني عن دائرة باسكنو، أن السكان يشكرون الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني «الذي قاد بحكمة وحزم مسار الجهود المبذولة لتحقيق هذا الإنجاز الوطني الكبير».

وأرجع النائب جهود الإفراج عن الموقوفين إلى ما سمّاه «الدبلوماسية العسكرية (الموريتانية) التي أظهرت قدرتها على إدارة الأزمات بفاعلية، وأثبتت بالدوام نجاعة وحنكة عاليتين في التعامل مع هذا التحدي الأمني الكبير».

حرب مالي

وتعيش دولة مالي على وقع حرب، منذ أكثر من 10 سنوات، ضد مجموعات مسلحة موالية لتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقبل سنوات قاد ضباط ماليون انقلاباً عسكرياً، وسيطروا على الحكم في البلد، ليعلنوا التحالف مع روسيا، وجلب مئات المقاتلين من «فاغنر» لمساعدتهم في مواجهة المجموعات الإرهابية.

ويثير وجود «فاغنر» داخل الأراضي المالية، خصوصاً في المناطق الحدودية، مخاوف الموريتانيين؛ إذ تسببت عمليات «فاغنر» في مقتل عشرات الموريتانيين داخل الشريط الحدودي بين البلدين.

وتوجد في الشريط الحدودي عشرات القرى المتداخلة، بعضها تتبع موريتانيا ويقطنها مواطنون ماليون، وأخرى تتبع مالي ويقطنها مواطنون موريتانيون، وذلك بسبب عدم ترسيم الحدود بشكل نهائي بين البلدين.