شكل الجفاف الناتج عن تأخر سقوط الأمطار في المغرب موضوع الاجتماع الذي جرى في القصر الملكي بالدار البيضاء، أول من أمس، بين العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، ووزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش. وخلال هذا الاجتماع وجه الملك محمد السادس باتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة آثار الجفاف ومساعدة الفلاحين، خاصة عبر تزويد القرى المتضررة بالماء والعلف، والحد من وقع تأخر الأمطار على التشغيل في الوسط القروي، وعلى الثروة الحيوانية من خلال توفير الكلأ والمتابعة الصحية للقطعان، حسب ما ذكره بيان للديوان الملكي.
كما وجه العاهل المغربي بحماية الموارد النباتية، وخاصة صيانة المكتسبات التي تم تحقيقها في مجال السلاسل الزراعية، في إطار الفلاحة التضامنية، ولا سيما فيما يتعلق بالتحول إلى الزراعات الربيعية.
وتعتبر السنة الحالية في المغرب استثنائية بالنظر إلى التأخر الكبير للأمطار نتيجة الاضطرابات المناخية التي يعرفها العالم حاليا بسبب ظاهرة النينو. وسبق للمغرب أن عرف حالة مماثلة خلال سنتي 1995 و2007 بسبب نفس الظاهرة.
وأصدرت المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب (بمثابة وزارة) تحذيرا شديدا إزاء الوضعية التي سيجتازها المغرب خلال السنتين المقبلتين. ودعا أحمد الحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط، إلى ضرورة وضع المغاربة في الصورة، وذلك من خلال فتح نقاش وطني حول الوضعية الناتجة عن الجفاف، وطالب المغاربة باتخاذ احتياطاتهم في مواجهة الأزمة المقبلة.
وعدلت المندوبية السامية للتخطيط من توقعاتها بشأن مستوى النمو الاقتصادي خلال العام الحالي في اتجاه الانخفاض إلى 1.3 في المائة عوض 2.5 في المائة التي أعلنت عنها سابقا، بسبب آثار الجفاف على الإنتاج الزراعي، وتباطؤ نمو القطاعات غير الزراعية.
وطالب أحمد الحليمي علمي في مؤتمر صحافي عقده في الدار البيضاء بضرورة إعادة النظر في السياسات المتبعة، بما فيها سياسة الموازنة الحكومية المعتمدة، لتأخذ بعين الاعتبار الوضعية الصعبة التي تنتظر المغرب خلال الـ24 شهرا المقبلة، مشيرا إلى أن 2016 ستكون سنة صعبة، لكن 2017 ستكون أصعب حتى لو كانت الظروف المناخية ملائمة. وأوضح الحليمي أن سنة 2016 ستستفيد من بقايا مخزون العام السابق الذي عرف إنتاجا زراعيا استثنائيا بخلاف 2017.
كما أشار الحليمي إلى أن الأمر لا يتعلق فحسب بالأرقام التي ترتفع وتنخفض، وإنما أيضا باستتباب الاستقرار، وقال في هذا السياق إنه «لا بد من مواجهة قضايا الفقر، وتعزيز أمل الناس في الاستمرار في العمل والانفتاح على آفاق جديدة، وهذا أمر ضروري، وإعادة النظر المطلوبة في السياسات المتبعة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والمالي، ليس فقط كأداة من أدوات الزيادة في النمو، وإنما أيضا من أجل استتباب عوامل الاستقرار ومواجهة تهديدات تيارات خارجية تستغل الارتباط العفوي من الناحية الروحية بالإسلام، وهم لا يعرفون الإسلام، ويجدون تربة خصبة في كل مجال تنتشر فيه الأمية والجهل والفقر».
وأضاف الحليمي أن المغرب، الذي كان يواجه اختلالات اقتصادية كبيرة، اضطر لإيجاد إطار من أجل تخفيف اعتماده على المديونية، وتمكن من تحسين وضعية الموازنة الحكومية، وتحسين الميزان التجاري، ورفع احتياطي العملات الأجنبية إلى نحو سبعة أشهر من الواردات، ونتيجة ذلك تمكن من تقليص حدة نقص السيولة النقدية للمصارف من نحو 60 مليار درهم (6 مليارات دولار) إلى نحو 16 مليار درهم (1.6 مليار دولار).
ودعا الحليمي إلى ضرورة اتخاذ الحكومة لإجراءات استعجالية من أجل إنقاذ الماشية ومواجهة آثار الجفاف في البادية، وأيضا من أجل ضمان استمرار الدخل والتشغيل في المدن أيضا، مشيرا إلى أن تأثير القطاع الزراعي على معدل النمو سيستمر في المغرب.
وانتقد الحليمي مواصلة سياسة التقشف، مشيرا إلى أنها أدت إلى تراجع الاستهلاك، الذي يعتبر قاطرة للنمو الاقتصادي، كما أدت إلى تراجع المجهود الاستثماري الذي انخفض من 34 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي إلى حصة 29 في المائة منه، وقال إنه «من الضروري الآن النظر إلى أدوات أخرى وليس مجرد تخفيض النفقات. نحتاج إلى شيء جديد يغذي الأمل في نمو القطاعات غير الزراعية وتطويرها لتأخذ موقعها في الاقتصاد الوطني».
الملك محمد السادس يلتقي رئيس الحكومة ويوجهه باتخاذ تدابير لمواجهة آثار الجفاف
مندوب التخطيط يحذر من عامين صعبين.. ويدعو المغاربة للاحتياط
الملك محمد السادس يلتقي رئيس الحكومة ويوجهه باتخاذ تدابير لمواجهة آثار الجفاف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة