شددت السلطات الأمنية في مصر من إجراءاتها التأمينية لمنع صدام محتمل بين «الشيعة» ومتشددين معارضين، خلال الاحتفالات الشعبية بـ«مُولد الحسين».
وقال مصدر مسؤول في «الأوقاف»، إن وزارته تتجه لإغلاق ضريح مسجد الإمام الحسين بوسط العاصمة القاهرة، لمنع إقامة أي مظاهر شيعية به أو في محيطه». وبينما طالب أعضاء حزب النور في مجلس النواب والدعوة السلفية الحكومة بالتصدي لأي طقوس شيعية داخل مسجد وضريح الحسين، أعلنت رموز شيعية عن الحضور وهم يلبسون الشرائط الخضراء، وهو ما ينذر بصدام وشيك بين الطرفين، بحسب مراقبين.
في غضون ذلك، أكد مصدر أمني مطلع في منطقة الحسين الشعبية، أن «وزارة الداخلية تُكثف جهودها لتأمين منطقة الحسين ومُحيطها، تحسبا من وقوع أي اشتباكات».
وفي تحدٍّ واضح ورفض لتهديدات حزب النور والدعوة السلفية، بالتصعيد واستخدام القوة حال وجود الشيعة في مسجد الحسين، أكدت مصادر شيعية أنهم «سوف يقومون بزيارة ضريح الحسين والمسجد بشكل سلمي طوال فترة الاحتفالات دون المساس بأحد»، مُطالبة الحكومة بحمايتهم من أي احتكاكات ضدهم.
وقال الدكتور راسم النفيس، القيادي الشيعي لـ«الشرق الأوسط»، إن «تهديد حزب النور ضد الشيعة فقد فاعليته وتأثيره»، مستطردا: «دعهم يقولون ما يقولون ويسبون ثم يتهمون الشيعة بذلك»، لافتا إلى أن «الشيعة لم ولن ينقطعوا عن زيارة مسجد الحسين في أي وقت من العام». يشار إلى أن الشيعة اعتاد بعضهم في ذلك اليوم على أن يضعوا الشرائط الخضراء على أجسادهم ورؤوسهم، وعليها شعارات تثير حفيظة السُنة، كما أن كثيرا منهم يشاركون في مولد الحسين بصورة فردية، دون الإعلان عن هويتهم، خوفا من الاستهداف.
ولا يوجد حصر دقيق لأعداد الشيعة في مصر، لكن قيادات بارزة في الشيعة تدعي أن عددهم ثلاثة ملايين نسمة، أما المصادر غير الرسمية في مصر فتشير إلى أن أعدادهم لا تزيد على 18 ألفا فقط. وأنه جراء خوفهم من إعلان اعتناقهم للمذهب الشيعي يمارسون عقيدتهم في الخفاء ولا يعلنون عن ذلك. وقبل ستة عشر عاما تقدم بعض الشيعة بطلب إلى السلطات المصرية للاعتراف بالشيعة طائفة دينية رسمية بموجب القانون، إلا أن الحكومة لم تقم بالرد على طلبهم.. كما طالب بعضهم مؤخرا الحكومة بتخصيص مقاعد لهم في البرلمان، لكن طلبهم قُوبل بعدم الاعتناء.
وفي يونيو (حزيران) عام 2013 وقت حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان الإرهابية، قام إسلاميون متشددون والمئات من أهالي عزبة أبو مسلم بمركز أبو النمرس، بالقرب من منطقة الأهرامات المصرية الشهيرة في غرب القاهرة، باقتحام منزل يسكنه عدد من الشيعة وأضرموا فيه النار أثناء احتفالهم بليلة النصف من شعبان، وقتلوا أربعة أشخاص بينهم حسن شحاتة الزعيم الروحي لمعتنقي المذهب الشيعي بمصر.
ويحتفل المصريون بمولد الحسين مرتين في العام، الأولى في ذكرى استقرار رأسه في ضريحه بمسجده بالقاهرة في شهر ربيع الآخر وتستمر لتسعة أيام، والاحتفال الثاني بمولد الحسين في ذكرى مولده في شهر شعبان ويستمر يومين. وعلمت «الشرق الأوسط» أنه تم تشكيل لجان شعبية من ائتلافات سلفية للوقوف عند أبواب المسجد وحول الضريح، لتفتيش الزوار وحقائبهم قبل دخول المسجد والضريح، لرصد أي محاولات للشيعة بممارسة أي طقوس سواء داخل أو خارج المسجد.
وقال المصدر المسؤول في الأوقاف، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوزارة قررت غلق ضريح الإمام الحسين نهائيا لمنع إقامة أي مظاهر شيعية داخل المسجد أو بمحيطه»، بينما تحدثت مصادر شيعية عن قرار غلق الضريح، قائلة: «لن نسمح بمنعنا من زيارة المسجد والضريح.. والادعاء بأننا سوف نمارس طقوسا معينة بالمسجد غير صحيح»، لكنها أكدت في الوقت نفسه «أنهم (أي الشيعة) قد يقصرون احتفالاتهم في الخارج فقط منعا لوقوع أي احتكاكات».
وترفض وزارة الأوقاف منح الشيعة تصريحا رسميا بإقامة أي شعائر لهم بمسجد الحسين خصوصا في ذكرى «عاشوراء» التي تقام في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، قائلة إنها «لن تسمح بالمذهبية.. والمساجد للصلاة والدروس الدينية فقط». وتخشى السلطات المصرية وقوع أي مناوشات مع الرافضين لوجود الشيعة بالقرب من مسجد الحسين، وقال مصطفى زايد، منسق ائتلاف الطرق الصوفية: «لن نسمح للشيعة ببث سمومهم في المجتمع المصري، ونحن ملتزمون بالوجود في نطاق المسجد لحمايته من أي خروقات من قبل الشيعة»، مضيفا أن الائتلاف سيحتفل بمولد الحسين في المناطق المحيطة بحي الحسين في منطقة الدراسة والجمالية والدرب الأحمر وباب الشعرية، التي تمتلئ بسرادقات المحتفلين من محافظات مصر وعدد من الدول العربية.
ومسجد الحسين معروف أن أبوابه تظل مفتوحة طوال النهار والليل، ويأوي كثيرين من المصريين من غير سكان العاصمة القاهرة الذين يفضلون الاحتماء به والمبيت بداخله، وقال المصدر الأمني إن «قوات الأمن لديها تعليمات مشددة بمنع أي تجاوزات في محيط مسجد الحسين».
وتطوق قوات الأمن اعتبارا من مطلع فبراير (شباط) حتى 9 من الشهر نفسه، جميع أبواب مسجد الحسين، وقال المصدر الأمني نفسه: «تم الدفع بتشكيلات أمنية لتأمين منطقة الحسين.. وأي محاولات من بعض الأشخاص المتشددين للتحريض على العنف سيتم التصدي لها بقوة»، مضيفا: «تم فرض إجراءات أمنية مشددة لتأمين الرواد، وتخصيص مداخل ومخارج لمولد الحسين للسيطرة على الحالة الأمنية.. كما انتشرت عناصر أمنية داخل الاحتفالات والمسجد».
وشهد مُولد الحسين في مايو (أيار) الماضي، مشادات داخل الضريح بين عدد من الصوفيين وبعض الشيعة، بعد أن حاول أفراد داخل الضريح اللطم على الوجه والصدر، والبكاء على الحسين، من قبل أفراد يربطون رؤوسهم بشرائط خضراء، إلا أنهم سريعا ما خلعوا الشرائط وانصرفوا بعد تصاعد المشادات بينهم وبين رواد الضريح، وتدخل قوات الشرطة للفصل بينهم.
«الأوقاف المصرية» تتجه لإغلاق ضريح الحسين منعًا لاشتباكات خلال الاحتفالات بمولده
تشديد الإجراءات الأمنية.. وقيادي شيعي لـ {الشرق الأوسط}: تهديد «النور» فقد تأثيره
«الأوقاف المصرية» تتجه لإغلاق ضريح الحسين منعًا لاشتباكات خلال الاحتفالات بمولده
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة