أفلام مصرية في الصالات اليوم.. والغد القريب

من فيلم «من ضهر راجل»
من فيلم «من ضهر راجل»
TT

أفلام مصرية في الصالات اليوم.. والغد القريب

من فيلم «من ضهر راجل»
من فيلم «من ضهر راجل»

* خمسة أفلام مصرية هي المعروضة حاليًا على شاشات صالات القاهرة. أولها، تبعًا لإيرادات الأسبوع الفائت: «من ضهر راجل» من إخراج كريم السبكي وبطولة آسر ياسين وياسمين رئيس. آخرها، حسب الترتيب ذاته: «باباراتزي» من إخراج سعد الهنداوي مع رامي عياش وإيمان العاصي وعزت أبو عوف.
بين الفيلمين هناك «شكة دبوس» (المركز 11) لأحمد عبد الله صالح مع خالد سليم ومحمد شاهين ومي سليم في البطولة، و«الليلة الكبيرة» (المركز 14) لسامح عبد العزيز وبطولة جَماعية كبيرة من بين أسمائها وفاء عامر وسمية الخشاب وأحمد رزق ووائل عبد النور وصفية العمري. الفيلم الخامس هو «خانة اليك» (18) لأمير رمسيس مع هاني عادل ومحمد شاهين وأشرف مصيلحي وأشرف زكي.
وخلال أسابيع قليلة يُباشر عرض «سلاح التلاميذ» لياسر نوار وهو فيلم كوميدي من إخراج تآمر حربي، و«مشخصاتي 2» وهو محاولة في استنساخ الأوضاع السياسية لتآمر عبد المنعم و«الهرم الرابع» لبيتر ميمي، أكشن محوره عصابة توظف قدراتها على اختراق الإنترنت، وفيلم «يا طير الطاير» لهاني أبو أسعد، وهو سيرة حياة موسيقية.
هذا الفيلم الأخير، يشترك مع «باباراتزي» لسعد هنداوي في ناحيتين: كلاهما ليس إنتاجًا مصريًا محضًا. في الواقع تم تقديم «يا طير الطاير» في مهرجان دبي الأخير على أنه فيلم فلسطيني المولد مع مساهمات إنتاجية إماراتية وقطرية وهولندية.
أما «باباراتزي» فهو إنتاج ما بين شركتي صفوت غطاس: «سبوت 2000» المصرية وصبحي سنان: «فالكون فيلمز» اللبنانية.
إلى ذلك فإن مخرجي هذين الفيلمين من بين أفضل الطاقات العربية. هاني أبو أسعد صاحب إنجازات مهمة سابقة منها «الجنة الآن» و«عمر»، وسعد هنداوي أحد مخرجي موجة مطلع القرن الحالي منذ أن حقق سنة 2007 «ألوان السما السبعة» مرورًا بعد ذلك بفيلمين آخرين هما «السفاح» (2009) و«دعاء عزيزة» (2012).
* سيناريو يتضخم
إذ لا يبدو أن «باباراتزي» أثار ما يكفي من فضول روّاد السينما في مصر (وذلك ربما لسوء حملة الدعاية أو لعرضه في شهر مزدحم بالأفلام المنافسة) يبدو، في المقابل، كأحد أفضل الأفلام صنعًا: حالة متوسطة بين جدّية طرح موضوع عاطفي (قصة حب لبناني ومصرية) وجدية أسلوب عرضها. هذا التزاوج لا يقود بالضرورة إلى مستوى فني جيد كما أثبت فيلمان آخران هما «من ضهر راجل» و«الليلة الكبيرة».
في «من ضهر راجل» عدة بدايات وكلها غير ضرورية لحكاية تقع أحداثها في أكثر من ماض. ليس أن الفيلم معقد وغير قابل للفهم، بل المشكلة هي أنه مُـركب لكي يبدو عميقًا. مأخوذ بدخوله وخروجه من مشاهد فلاشباك كما لو أنه وجد الحل الأمثل لحكايته، بينما لا تفعل تلك المشاهد سوى إتاحة المزيد من توليفات بالية كالانتقام والضغينة والعلاقات الخاطئة بين الشخصيات، بمن فيها شخصيات من هم، افتراضا، على صلة حب. بطله ملاكم من صغره ضاعت طموحاته عندما تدخل العنف في حياته فاغتصب من يحب (التي تزوّجت ممن يكره) وتحوّل إلى مرشد للبوليس، كما أن علاقته مع والده (محمود حميدة) ليست جيدة فالأب هو «بلطجي» سابق الأمر الذي قد نفهمه لو أن الابن كان أفضل من أبيه كونه تحوّل إلى بلطجي أيضًا. كتب الفيلم محمد أمين راضي وكعادة كثيرين من كتاب السيناريو الجدد يحاول ضم عدّة أهداف وأبعاد في طي سيناريو يتضخم ويحاول تبعًا لذلك إعادة جمع الأحداث كلها في بؤرة أخيرة. هذا لا يساعد المخرج كريم السبكي على العمل بل يزيد من متاعبه. أساسًا يحاول المخرج تقديم فيلم يحكي شيئا مفيدًا، لكنه يرغب في الوقت ذاته تحقيق فيلم فيه عناصر إثارة (كجنس واغتصاب وقتال الخ..). بعض التواضع في الأهداف كان سينجلي عن فيلم أكثر صلحًا مع نفسه. أما «الليلة الكبيرة» فيتضمن جهدًا كبيرًا من قِبل صانعي الفيلم في مجالاته المختلة بدءًا من الكتابة وليس انتهاء بالتمثيل أو التصوير. لكن هذا الجهد يبدو مفتعلاً لذاته ومبالغًا في اختياراته في الإخراج والأداء، على الأخص، وذلك بغياب خلفية لتلك الأحداث تربط الحكايات المتعددة المتداولة على الشاشة. صحيح أن المكان هو واحد (حي شعبي يقيم مولدًا) وأن أحداث الفيلم تقع في يوم واحد، لكن حكاياته، وشخصياته، تبقى مناسبات لتقديمها أكثر مما هي قادرة على أن تلتحم في النسيج الكبير لهذا الفيلم. باقي المواضيع المثارة هي مواضيع شبيهة بما يطرحه «من ضهر راجل» من مشاهد حركة وتشويق: «الهرم الرابع» و«شكة دبوس» يتعاملان مع خطر التكنولوجيا الحديثة. «خانة اليك» مع فكرة الحبس من دون سبب مفهوم أحيانًا كما وردت في «أولد بوي» قبل سنوات، وكما ترد في الفيلم الإماراتي «الزنزانة» (ولو أن السبب فيه يعود إلى عراك بين رجلين) وكما في الفيلم الأميركي الحالي «غرفة». لكن في «خانة اليك» لأمير رمسيس (ثاني فيلم يعرض له في غضون أشهر بعد «بتوقيت القاهرة») لا يضم الحبس الغامض شخصًا واحدًا بل خمسة أفراد يستيقظون ليجدوا أنفسهم داخل ذلك المكان المهجور. أحدهم معه مسدس وهو الذي سيقود الرحلة إلى الخلاص.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.