أيدت محكمة الاستئناف في مدينة انتويرب، شمال بلجيكا، أمس، الأحكام التي صدرت بحق البلجيكي مغربي الأصل فؤاد بلقاسم، مسؤول جماعة الشريعة في بلجيكا، وثلاثة أشخاص آخرين كانوا قد تقدموا بطلبات للاستئناف ضد الأحكام التي وصفوها بالمشددة، والتي صدرت في فبراير (شباط) من العام الماضي.
وحكم على اثنين من المتهمين، هما مصطفى وحسين، بـ12 عامًا سجنًا، فيما حكم على الثالث محمد بالسجن أربع سنوات. وتغيب الأشخاص الأربعة عن جلسة النطق بالحكم في الاستئناف، التي أيدت الحكم السابق ضد بلقاسم ويتضمن 12 سنة سجنًا وغرامة تصل قيمتها إلى 30 ألف يورو. وشغلت هذه القضية الرأي العام البلجيكي منذ انطلاق المحاكمات في 29 سبتمبر (أيلول) 2014، وكانت تتعلق بملف تسفير الشباب إلى خارج، وخصوصًا إلى سوريا والعراق، للمشاركة في القتال هناك ضمن صفوف الجماعات المتشددة، وأيضًا للاشتباه في الاشتراك بأنشطة جماعة ذات صيغة إرهابية.
ونفى الدفاع عن المتهمين هذه الاتهامات أثناء النظر في القضية، وأصدرت السلطات في ذلك الوقت قرارًا بتجميد نشاط جماعة الشريعة في بلجيكا. ويُذكر أن الأوساط البلجيكية المتعددة تتحدث عن وجود ما يزيد عن 450 بلجيكيًا يقاتلون حاليًا في صفوف الجماعات المسلحة في سوريا والعراق.
وفي فبراير من العام الماضي، وبعد تأجيل الجلسة لأكثر من مرة، صدرت الأحكام في قضية «جماعة الشريعة ببلجيكا»، وهي القضية التي تعتبر الأكبر في محاكمات تتعلق بقضايا ذات صلة بالإرهاب من حيث عدد المتورطين في الملف.
وتراوحت الأحكام التي صدرت عن محكمة انتويرب بين 3 و5 أعوام للناشطين، و12 عامًا لقادتهم، وعلى رأسهم المغاربي فؤاد بلقاسمي. كما شملت أحكامًا بالسجن مع وقف التنفيذ وغرامات مالية لا تقل عن خمسة آلاف يورو. ونال البراءة شخص واحد فقط، وهي سيدة واجهت اتهامات كانت تتعلق بتقديم دعم مادي لابنتها التي تعيش في سوريا.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» حول الحكم الصادر ضد بلقاسمي من جانب محكمة الجنايات في انتويرب، فبراير الماضي، قال محاميه عبد الرحمن الهلالي إن «في الحكم إشارة إلى أن المحكمة قد تعتقد أن جماعة الشريعة في بلجيكا منظمة إرهابية».
من جانبها، قالت والدة المتهم بريان دي مولدر، الذي عوقب بالسجن خمس سنوات: «لن أحتج على الحكم ضد ابني»، وأضافت في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط»: «ولكن بلقاسم كان له تأثير على ابني وعلى شباب آخرين سافروا إلى سوريا، والآن يُعاقب بالقاسمي بـ12 عامًا فقط ليمضيها في سجن أشبه بالفندق الفاخر، آسفة جدا.. إنه أمر عجيب للغاية».
وقالت المحكمة في شهر فبراير الماضي إن جماعة الشريعة لبلجيكا تضم عناصر تؤمن بـ«الجهاد المسلح» وإسقاط الأنظمة، وتؤثر على الشباب لإقناعهم بتنفيذ عمليات انتحارية. ووصفت المحكمة هذه الخلية، التي تم تفكيكها رسميًا منذ سنوات، بـ«الإرهابية» حيث «كان هدفها محاربة الديمقراطية في البلاد، وإقامة دولة إسلامية تحكمها الشريعة بدل القانون»، حسبما ورد في الحكم. وأكدت المحكمة أن العقوبة الصادرة بحق بلقاسم تستند إلى الكثير من الوقائع، خصوصًا لجهة قيامه بنشر نظرية متطرّفة عنيفة بين الشباب، وعمله على تجنيد عدد كبير منهم.
وبالنسبة للمتهم الأول، بلقاسمي (32 سنة)، وفي تصريحات للإعلام البلجيكي، قال المحامي جون مايس رئيس فريق الدفاع عنه إن جلسات الاستماع عرفت نقاشًا طويلاً مع القاضي حول ما يفند مزاعم اعتبار الجماعة منظمة إرهابية، وأيضًا ما يؤكد «مطالبتنا بعدم محاكمة موكلي على ارتكابه أنشطة إرهابية». وطالب مايس بإعادة النقاش من جديد حول اعتبار جماعة الشريعة في بلجيكا منظمة إرهابية، وأكد على وجود خلاف مع القاضي في هذا الصدد. وأشار إلى أن الدفاع قدم مذكرته في 160 ورقة وجمع فيها مبرراته لطلب البراءة لبلقاسم «ولكن يبدو أن المحكمة وضعتها جانبًا». وقال المحامي إن المذكرة تتضمن الإشارة إلى أنه لا تجوز إدانة بلقاسم بارتكاب جرائم إرهابية، لأن قانون الإرهاب يتحدث عن الانضمام إلى قوات أجنبية، وما يحدث في سوريا حرب أهلية، وبالتالي الجماعات المسلحة هناك لا يمكن اعتبارها قوات أجنبية».
أما بالنسبة للمتهم الثاني حسين (24 سنة)، فقد طالب محاميه بإسقاط العقوبة لأن موكله قتل في أغسطس (آب) 2013 في سوريا، ولكن المحكمة لم تقتنع بهذا نظرا لعدم وجود أدلة تؤكد وفاته، ووجود قناعة لدى المحكمة بأن بعض المقاتلين الأجانب قد يلجأ إلى الترويج إلى أنه قتل حتى يتفادى أي ملاحقة قضائية له، بحسب ما ذكر الإعلام البلجيكي.
أما المتهم الثالث، محمد الذي يبلغ من العمر 31 عامًا، فقد قضت المحكمة بسجنه أربع سنوات في هذه القضية، ولم تقرر وقف التنفيذ مثل متهمين آخرين، لأنه سبق أن أُدين في قضية عام 2007 وعوقب بالسجن 18 شهرًا. وحاول الدفاع خلال الجلسات التركيز على أن دور محمد في سوريا كان تقديم مساعدات إنسانية فقط. ولكن المحكمة قالت إن لديها أدلة على أن محمد كان عضوًا في منظمة إرهابية تحمل اسم «مجلس شورى المجاهدين»، وشارك في أنشطتها.
بلجيكا: «الاستئناف» تؤيد أحكام السجن المشددة ضد قيادات «جماعة الشريعة»
في قضية تسفير الشباب للقتال في الخارج والاشتراك في أنشطة إرهابية
بلجيكا: «الاستئناف» تؤيد أحكام السجن المشددة ضد قيادات «جماعة الشريعة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة