ليبيا: الجيش يستعد لمرحلة ما بعد تحرير بنغازي.. وكوبلر ينفي وجود بديل لاتفاق الصخيرات

الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على معطلي السلام

مارتن كوبلر المبعوث الأممي الى ليبيا يجيب على اسئلة الصحافيين في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
مارتن كوبلر المبعوث الأممي الى ليبيا يجيب على اسئلة الصحافيين في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: الجيش يستعد لمرحلة ما بعد تحرير بنغازي.. وكوبلر ينفي وجود بديل لاتفاق الصخيرات

مارتن كوبلر المبعوث الأممي الى ليبيا يجيب على اسئلة الصحافيين في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
مارتن كوبلر المبعوث الأممي الى ليبيا يجيب على اسئلة الصحافيين في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)

حث مارتن كوبلر، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، أطراف النزاع هناك على التوصل إلى اتفاق سريع بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية، فيما أعلن الاتحاد الأوروبي، في تراجع لافت للانتباه، أن فرض عقوبات على شخصيات ليبية بسبب عرقلتها لمساعي السلام لا يزال قيد الدراسة، وذلك بعد ساعات فقط من ظهور نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، مرتديا الزى العسكري للمرة الأولى.
وعقب تسريبات الاتحاد الأوروبي بإمكانية فرض عقوبات على أبو سهمين، وخليفة الغويل، رئيس ما تسمى حكومة الإنقاذ الوطني بطرابلس، ارتدى أبو سهمين، الذي يشغل نظريا منصب القائد العام لقوات الجيش الموالي للسلطات غير الشرعية، والتي لا تحظى بأي اعتراف دولي، في العاصمة طرابلس، زيا عسكريا في سابقة هي الأولى من نوعها منذ أن تولى منصبه عام 2013. وقد ظهر أبو سهمين بجوار صلاح بادي، أحد قادة ميليشيات «فجر ليبيا» المتطرفة، التي تسيطر بقوة السلاح منذ نحو عامين على طرابلس، بالتزامن مع إعلان عوض عبد الصادق، نائب رئيس برلمان طرابلس ورئيس وفده لمفاوضات الأمم لمتحدة، أنه سيبدأ إجراءات قانونية لملاحقة صالح المخزوم، النائب الثاني لأبو سهمين الذي وقع منفردا على اتفاق السلام في الصخيرات.
وقال عوض في بيان، بثه الموقع الإلكتروني الرسمي لبرلمان طرابلس، إن المؤتمر الوطني يؤكد على أن ما صدر من بيان منسوب للمخزوم، الذي ادعى فيه أنه رئيس وفد المؤتمر الموقع على الاتفاق السياسي في الصخيرات، هو انتحال باطل ينقضه الواقع والحقيقة، على حد تعبيره، مضيفا أن المؤتمر «لم يلغ تكليفنا برئاسة فريق الحوار»، وأن «إجراءات قانونية رادعة» ستتخذ ضد كل من انتحل غير صفته، ونكث بعهوده، وحلفه اليمين القانونية بضرورة احترام الإعلان الدستوري والمحافظة على سيادة لدولة وصون حقوقها.
وأعلنت «كتيبة ثوار طرابلس»، التي نفذت عرضا عسكريا مفاجئا منتصف ليلة أمس، رفضها ما وصفتها بشعارات التلويح والتهديد بلوائح العقوبات، ضد أبناء «ثورة فبراير» وملاحقتهم دوليا، وقالت في بيان لها إنه ترفض فرض حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، ورأت أنها بمثابة احتلال للبلاد وانتهاك للسيادة، وأن «شعارات التهديد والتلويح غير مقبولة تماما.. وأفعال وتمويهات الإيطالي باولو سيرا (مستشار الشؤون الأمنية للبعثة الأممية) هي محاولة فاشلة لخلق نموذج جديد للاحتلال».
ورأت الكتيبة المعارضة للفريق خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي، أن مشروعي تنظيم داعش وحفتر، على حدّ سواء، هما مشروعا ثورة مضادة، ودعت إلى إدانة مشروع حفتر، وأمثاله، إدانة دولية صارمة.
في غضون ذلك، نقلت تقارير صحافية إيطالية عن مصدر بالاتحاد أن لجنة متخصصة في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تدرس قائمة بعقوبات مقترحة على معرقلي السلام في ليبيا، معتبرا أن هذا يندرج في إطار تعهد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي مؤخرا بدعم حكومة الوفاق الوطني، وبفرض عقوبات على من يعرقل تشكيلها.
من جهته، دعا كوبلر إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية ليبية قوية، تكون صاحبة الشرعية في التوجه إلى مجلس الأمن، وطلب رفع حظر توريد السلاح عن الجيش الليبي.
ونفى كوبلر في مؤتمر صحافي عقده أمس بالعاصمة التونسية وجود أي بديل لاتفاق الصخيرات المغربية، وقال إنه ساري المفعول منذ التوقيع عليه في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وإنه حان الآن وقت تنفيذه، على حد تعبيره. كما حذر المبعوث الأممي من خطر تمدد تنظيم داعش داخل البلاد، نتيجة الفراغ السياسي المسيطر منذ اندلاع ثورة 2011، ومحاولته السيطرة على منابع النفط وعلى أراض ليبية جديدة لفرض واقع سياسي بعينه.
وأشار كوبلر إلى أن استمرار المد والجزر بين فرقاء الأزمة الليبية يحول دون تفعيل الاتفاق السياسي على الأرض، وأن هذا الواقع سيمكن التنظيم المتطرف من التمدد في كل الاتجاهات، وأن هذا مما سيمثل خطرا جسيما على مستقبل ليبيا، موضحا أن تواصل الانقسام داخل السلطة الليبية، وعدم التوصل إلى تسوية نهائية، لن يمكن المجتمع الدولي من تقديم المساعدة التي يتطلبها الأمر في ليبيا.
وبشأن الاتفاق السياسي الذي رعته الأمم المتحدة، قال كوبلر إن أي تعديل على هذا الاتفاق لا يمكن أن يحصل مستقبلا إلا عن طريق مجلس النواب (البرلمان) والمجلس الأعلى للدولة، دون انفراد أي منهما بمسألة التعديل، في إشارة إلى إلغاء مجلس النواب (البرلمان) للمادة الثامنة من الاتفاق السياسي المتعلق بالمناصب السيادية.
ودعا كوبلر مجلس الدولة، المكون من أعضاء المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، إلى البدء في ممارسة صلاحياته، اعتمادا على ما تضمنه الاتفاق السياسي، ودعا من سماهم «أمراء الميليشيات» إلى وضع حد لعدم احترامهم للسلطة الليبية المتفق حولها. ميدانيا، بدا أمس أن الجيش الليبي في مدينة بنغازي يستعد لمرحلة ما بعد تحريرها من قبضة الجماعات المتطرفة، التي ما زالت تخوض معارك يومية ضد قوات الجيش، حيث كشف اللواء صقر الجروشي، قائد سلاح الجو الليبي، النقاب عن جاهزية الخطط والترتيبات الأمنية والعسكرية بعد تحرير المدينة، وقال إنها الآن قيد التنفيذ.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن الجروشي قوله إن قوات الجيش مسيطرة على نسبة 90 في المائة من المناطق، نافيا حدوث أي ضربات جوية من قبل قوات خارجية على الأراضي الليبية، لكنه أوضح في المقابل أن هناك طائرات أميركية وفرنسية تساهم في رصد الإحداثيات فقط والإبلاغ عنها أحيانا.
من جهة ثانية، تعرض محمد الرعيض، عضو مجلس النواب الليبي عن مدينة مصراتة، للاختطاف لدى محاولته مغادرة مدينة طبرق، حيث مقر المجلس، بعدما شارك في اجتماعات المجلس وأدى اليمين القانونية إيذانا بإنهاء مقاطعته لجلساته. لكن الرعيض قال في تصريحات تلفزيونية إنه ليس مختطفا، بل موجود لدى عائلة في طبرق تطالب بنقل محتجزين لها في أحد سجون مصراتة إلى المنطقة الشرقية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.