اغتيال عقيد يمني برصاص مسلحين في عدن

بحاح يجتمع مع المحافظ الزبيدي ومدير أمن المدينة

اغتيال عقيد يمني برصاص مسلحين في عدن
TT

اغتيال عقيد يمني برصاص مسلحين في عدن

اغتيال عقيد يمني برصاص مسلحين في عدن

اغتال مسلحون مجهولون ضابطا برتبة عقيد في عدن أمس، في استمرار لهجمات مماثلة في المدينة اليمنية الجنوبية التي تشهد منذ أشهر وضعا أمنيا مضطربا وتناميا في نفوذ مسلحين بينهم متشددون، بحسب مصادر أمنية. وقال مصدر أمني فضل عدم كشف اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية: «اغتال مسلحون مجهولون العقيد في شرطة أمن المنطقة الحرة عبد الناصر سعد، في منطقة المنصورة وسط مدينة عدن، أثناء عودته من مقر عمله». وأضاف أن المسلحين «اعترضوا طريق المجني عليه، وأطلقوا النار، مما أدى إلى مقتله على الفور، ونجحوا في الفرار إلى جهة غير معروفة». وتأتي عملية الاغتيال بعد ثلاثة أيام من عودة رئيس الحكومة خالد بحاح إلى المدينة التي كان الرئيس عبد ربه منصور هادي أعلنها عاصمة مؤقتة بعد فترة من سقوط صنعاء بيد الحوثيين في سبتمبر (أيلول) 2014.
وتشهد المدينة منذ استعادة قوات هادي، بدعم من التحالف العربي بقيادة السعودية، السيطرة الكاملة عليها في يوليو (تموز) الماضي، وضعا أمنيا هشا وعمليات اغتيال تستهدف مسؤولين سياسيين وعسكريين. وصباح أمس الأربعاء، عقد بحاح اجتماعا مع محافظ عدن عيدروس الزبيدي ومدير أمن عدن العميد شلال شايع، بحث «إعادة الوضع إلى طبيعته» في المدينة، بحسب ما أفاد مكتب رئيس الوزراء. إلى ذلك، أرسل التحالف العربي تعزيزات بالآليات والعناصر إلى ميناء عدن، في مسعى لتحصين الوضع الأمني في ثاني كبرى مدن اليمن. وكان بحاح أكد في مؤتمر صحافي عقده في أبوظبي قبل أيام من عودته إلى عدن، «حتمية» المواجهة مع المتطرفين في عدن ومناطق أخرى يوجدون فيها بجنوب اليمن، علما بأن قوات الأمن بدأت مطلع يناير (كانون الثاني) حملات دهم تستهدف المسلحين في المدينة، وفرضت حظر تجول ليليا بعد ازدياد الهجمات فيها. وكانت القوات الحكومية استعادت عدن في يوليو الماضي بدعم مباشر من التحالف الذي بدأ استهداف الحوثيين في مارس (آذار) الماضي، إلا أن هذه القوات تواجه صعوبة في ضبط الوضع الأمني وسط تنام لنفوذ الجماعات المسلحة ومنها مجموعات متطرفة كتنظيمي القاعدة وداعش.
واستفادت التنظيمات المتطرفة من النزاع، لا سيما في أعقاب بدء التحالف عملياته نهاية مارس الماضي، لتعزيز نفوذها في الجنوب. وسيطر تنظيم القاعدة على المكلا، مركز محافظة حضرموت (جنوبي شرق)، في أبريل (نيسان) 2015. كما تبنى تنظيم داعش عددا من التفجيرات الدامية في الأشهر الماضية، لا سيما في عدن.
وكانت مدينة عدن شهدت انتشارا أمنيا وعسكريا بدءا من مساء أول من أمس الثلاثاء، وشوهدت هذه القوات الأمنية والعسكرية وأخرى تابعة للمقاومة الجنوبية وهي تقوم بتنفيذ انتشارها الأمني في الطرقات والأحياء وشرعت في تفتيش السيارات والمارة في صورة لم تألفها مدينة عدن خلال الأشهر الماضية.
وبدت الفرحة على السكان الذين رحبوا بنزول هذه القوات إلى الشوارع والأحياء التي شهدت سلسلة من أعمال العصابات والاغتيالات والإرهاب؛ إذ شوهد هؤلاء وهم يلوحون لضباط وجنود ورجال المقاومة بأصبعي اليد، مؤكدين لهم مباركتهم ووقوفهم معهم في هذه المعركة الأمنية لاستعادة السيطرة على هذه المناطق السكنية التي شهدت عمليات إرهاب وتخريب واغتيالات عدة استغلالا لحالة الفراغ الأمني الناتج عن غياب أجهزة الأمن. وقالت مصادر أمنية في محافظة عدن لـ«الشرق الأوسط» إن الساعات المقبلة ستشهد انتشارا أمنيا مكثفا لرجال المقاومة والشرطة والجيش الوطني، لافتة إلى أن هذا الانتشار سيتركز في المناطق التي ما زالت تعيش وضعا أمنيا مختلا، مشيرة في هذا السياق إلى أن الانتشار يمتد من مطار عدن الدولي بمدينة خور مكسر شرقا إلى مدينة الشعب بمديرية البريقة غربا، وإحكام السيطرة على «خط الـ90» في المنصورة، مرورا بطريق عدن - تعز إلى منطقة جعولة البساتين شمال وغرب مدينة دار سعد شمال عدن.
وأضافت إلى أن هذه الإجراءات الأمنية المزمع تنفيذها تأتي بناء على قرارات اتخذتها قيادات أمنية في اجتماع لها رأسه محافظ عدن عيدروس الزبيدي، وحضره مدير شرطة عدن العميد شلال علي شائع، مساء الاثنين الماضي.
وأشارت إلى أن اجتماع قيادة المحافظة بمسؤولي الأمن ناقش جملة من القضايا ذات الصلة بتطبيع الحياة اليومية واستتباب السكينة العامة في كل مديريات المحافظة، منوهة بأن اجتماع قيادة المحافظة بمديري أقسام الشرطة أيضا وقف أمام مسألة تسلم مراكز الشرطة، خصوصا تلك التي لم يتم تسليمها بعد لإدارة أمن المحافظة.
يذكر أن هذه المناطق المزمع نشر قوات الجيش والشرطة فيها هي المناطق التي ما زالت ترتكب فيها عمليات الاغتيالات، كما تعد منطلقا لأغلب أعمال الإرهاب والتخريب والقتل خلال الأشهر الماضية.
فرغم ما اتخذته قيادة عدن مؤخرا من إجراءات قللت من حوادث الاغتيالات والتفجيرات، فإن قلة الإمكانات البشرية والمادية والتقنية حصرت هذه الإجراءات الأمنية في نطاق ضيق، وهو ما أدى إلى إفساح المجال لهذه الجماعات العصابية كي تنقل نشاطها إلى المديريات التي ما زالت خارج سيطرة أجهزة الدولة بشكل كامل مثل المنصورة ودار سعد والشيخ عثمان والبريقة وأجزاء من خور مكسر، وهي المناطق التي يزمع استعادتها وضبط الحالة الأمنية فيها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.