صالون جنيف للساعات الفاخرة.. نفس جديد وإصرار على الإبداع

تراجع أسعار النفط والأحوال السياسية المضطربة سحابة تخيم على عام 2016

صالون جنيف للساعات الفاخرة.. نفس جديد وإصرار على الإبداع
TT

صالون جنيف للساعات الفاخرة.. نفس جديد وإصرار على الإبداع

صالون جنيف للساعات الفاخرة.. نفس جديد وإصرار على الإبداع

رغم روح التفاؤل التي يحاول صناع الساعات السويسرية بثها في نفوس ضيوف الدورة الـ26 من صالون جنيف للساعات الفاخرة SIHH، لم ينجحوا هذه المرة في إنكار مخاوفهم وحقيقة صعوبة التغلب على السحابة التي تخيم على عالم المنتجات الفاخرة، وعلى رأسها الساعات، منذ عامين تقريبا. فبعد تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني ثم ارتفاع قيمة الفرنك السويسري في العام الماضي وما ترتب عنه من ارتفاع أسعار المنتجات السويسرية بما فيها مكونات الساعات وغيرها، ثم أزمة اليونان ومنطقة اليورو، صدموا مؤخرا بانخفاض أسعار النفط وعدم استقرار الأحوال في الشرق الأوسط، الذي كانت تعقد عليه الآمال بعد الصين إلى جانب روسيا. لهذا فإن عام 2016 لن يكون أحسن من 2014 أو 2015، بل تشير توقعات بعض المتشائمين بأنه قد يكون الأسوأ منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008.
لكن لحسن الحظ أن هذه المخاوف لم تؤثر على الإبداع والابتكار الذي استعرضه المشاركون الـ24. فالتجارب علمتهم أن «الحاجة أم الاختراع» بمعنى أنه في أوقات الأزمات عليهم أن يزيدوا من جرعة الإبداع لكي يتصدوا للأزمة من جهة، ويستقطبوا زبائن مهمين لم تؤثر عليهم الأزمة، ولا يبالون بتبعاتها ما داموا سيحصلون على ساعات لا مثيل لها، من جهة ثانية. غني عن القول إن هؤلاء الزبائن ينتمون إلى فئة فاحشة الثراء أشارت إليها قمة «دافوس» الأخيرة، بقولها إن أغنياء العالم يزدادون غنى، وفقراءه يزيدون فقرا. هذه الشريحة يُعول عليها صناع الساعات ويخاطبونها بشتى الوسائل، من شركة «ريتشارد ميل» التي تعاونت مع شركة «إيه سي جي» ACJ الصانعة للطائرات الخاصة بإطلاقها ساعة تدغدغ خيال هواة الاقتناء الذين يحبون الطائرات وكل ما يتعلق بالجو والفخامة على حد سواء، إلى «مونبلان» و«آي دبليو سي شافهاوزن»، «كارتييه» التي أهدت المرأة ساعة «هيبنوز» يمكن أن تقع كل واحدة، أيا كان ذوقها وأسلوبها وبيئتها، تحت سحرها المغناطيسي، وهلم جرا من الابتكارات التي تقارب الاختراعات في الكثير من الأحيان.
بيد أن هذا لا يعني أن الصالون سيسجل أن دورته الـ26 خصصت للأثرياء فحسب، فهناك ماركات كثيرة، تحاول منذ فترة مخاطبة شريحة الطبقات المتوسطة والمتطلعة لساعات سويسرية الصنع، بكل ما تعنيه من دقة وجمالية حتى توسع خريطة زبائنها، وكسب جماهير شابة تحديدًا، الطريقة التي اعتمدتها هي تخفيض أسعارها من دون التنازل عن قيمها.
ومع ذلك يبقى السؤال هو كيف لكل هذه الماركات أن تصمد أمام الأزمة الاقتصادية الحالية؟، خصوصا الشركات المستقلة التي لا تتمتع بإمكانيات شركات مثل «كارتييه» أو «آي دبليو سي شافهاوزن» أو «بياجيه» أو «فان كليف أند أربلز» أو «أوديمار بيغيه» وما شابهها. مما يجعل هذا السؤال يقفز إلى الذهن مشاركة تسعة ماركات جديدة في الصالون لأول مرة، كلهم مستقلون ورائدون في الوقت ذاته. فقد خصص لهم ركن أطلق عليه «كاريه ديز أورلوجي» أي «ساحة صناع الساعات» ليستعرضوا فيه فنيتهم وخبراتهم أمام زبائن وضيوف ليس لديهم الوقت لحضور معرض «بازل»، حيث يعرضون عادة. وعلى ما يبدو أن صالون جنيف جذبهم هذه المرة لما يتمتع به من سمعة ورقي وحسن الضيافة، عدا عن زبائنه المميزين، مقارنة بمعرض «بازل»، الذي يشتكي الكثير من المهتمين بأن برنامجه مكثف بشكل كبير لا يمنحهم الفرصة للتنفس والاستمتاع بما يقدمه بشكل مريح.
فانيسا مونيستيل، مديرة «لوران فيرييه»، إحدى الأسماء التي التحقت بالصالون هذا العام، علقت على الأمر بقولها إن الفرق بين صالون جنيف ومعرض بازل أن الأول «صالون»، وهذا يعني أنه يقدم مساحة محسوبة من كل النواحي تُدار وفق قواعد معينة ومقننة، بينما الثاني «معرض» الأمر الذي يعني أنه يقدم للمشاركين مساحة لا أكثر ولا أقل.
وهذا لا ينعكس سلبا على معرض بازل، الذي يضم 1500 عارض تقريبا، مقارنة بصالون جنيف الذي لا يحتضن لحد الآن سوى 24 عارضًا، مما يمنحه حميميته. دخول هذه الأسماء الجديدة منح صالون جنيف قوة أكبر تعيدنا إلى بدايته، إذ لو رجعنا إلى الوراء، لوجدنا أنه عندما انطلق أول مرة في عام 1991، كان يضم شركات مستقلة مثل «جيرالد جنتا» و«دانيل روث» وغيرها، لكنها بعد أن هجرته إلى بازل بقي حكرا على الشركات التي تنضوي تحت راية مجموعة «ريشمون». لكن الكثير من صناع المنتجات المترفة لم يعودوا يكتفون بطريقة واحدة للتسويق والتعريف بمنتجاتهم، واكتشفوا أنه من مصلحتهم التوسع، وبأن صالون جنيف له جمهور خاص وذواق، سواء تعلق الأمر بالمقتنين أو التجار، وهكذا بدأ يجذب ماركات أخرى، تدخله وتخرج منه بشكل غير رسمي أحيانا، مثل «رالف لوران» التي قررت عدم المشاركة فيه هذه السنة، ضمن استراتيجيتها الجديدة التي تستهدف السوق الأميركية والتركيز عليها. لم يؤثر خروج «رالف لوران» على الصالون، خصوصًا وأن العدد زاد بعد أن تم فتح الباب للتسع ماركات. صحيح أنها قد لا تتمتع باسم عالمي رنان، لكنها تتمتع بالخبرات السويسرية اللازمة، ورغبة محمومة في الابتكار والنجاح.
يذكر أن هؤلاء، وبحكم أنهم لا ينضوون تحت راية مجموعة «ريتشمون» سيعرضون أيضًا في «بازل». ففي الوقت الراهن، ليس لديهم خيارات كثيرة، والسحابة التي تخيم على صناعة الساعات ككل تحتم عليهم الاحتماء منها بأي شكل، سواء في جنيف أو في بازل. في إحدى لقاءاته الصحافية، أكد جون دانييل باش، رئيس فيدرالية صناعة الساعات السويسرية أن أكثر المتضررين من الأزمة هم الصناع المستقلين. ففي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مثلا، تم الاستغناء عن 60 موظفًا من بين 207 موظفين يعملون في معمل «جيلبير بوتي جون أو برينيه» في نوشاتيل، وللأسف فإن الكثير من المتشائمين يؤكدون بأن عدد الضحايا قد يزيد. فالصناع المستقلون والصغار لا يملكون إمكانيات إنتاج ضخمة تسمح لهم بطرح عدد كبير من الساعات، وفي الوقت ذاته، عليهم أن ينتجوا ما لا يقل عن ثلاثة ابتكارات في السنة حتى يبقوا في الواجهة. «كارتييه» مثلا تصرف الملايين على حملاتها الدعائية وتنتج عدة موديلات في السنة، لا تفتقد للابتكار والأناقة والجمال، مما يجعل المنافسة معها صعبة بالنسبة للماركات الصغيرة.
مثل غيرهم من الأسماء التي تعودنا عليها في المعرض والتي ينضوي أغلبها تحت أجنحة مجموعة «ريتشمون» فإن الأسماء الجديدة التي التحقت بهم هذه السنة، لا تقل رغبة أو جموحا في تقديم الجديد والابتكار. وربما هي تحتاج أكثر منهم إلى شحذ كل قواها الفنية والجبرية والصناعية والعلمية، لكي تحصل على الانتباه ومن ثم على جزء من الكعكة التي يقدمها الصالون. لوران فيرييه، مثلا واحد من هؤلاء الصناع المستقلين التسعة، يتمتع بخبرة طويلة استمدها من عمله لأربعة عقود في دار باتيك فيليب قبل أن يطلق داره الخاصة في عام 2012. قدم في الأسبوع الماضي ساعة «ترافلر غلوب نايت بلو» من مجموعة «غاليت» التي تظهر على جانب من مينائها كرة أرضية صغيرة، بينما قدمت شركة HYT ساعة في غاية الابتكار تعتمد على السوائل لعرض الوقت، وهو أمر غير مسبوق وهكذا. إلى جانب افتخار الصناع المستقلين بقدراتهم الإبداعية وخبرتهم التي لا يُشكك فيها أحد، يرددون أيضًا بأنهم لا يصنعون أكثر من عدد محدود ضمن استراتيجية بعيدة المدى، تتوجه إلى رجل يعشق الساعات ولا يريد إلا الفريد من نوعه. كريستوف كلاريت مثلا لا يصنع أكثر من 120 ساعة في العام، مما يعطيها خصوصيتها.
الملاحظ في هذه الدورة عمومًا أن مجموعة «ريتشمون» الراعية للمعرض ذكرتنا بأن القوة تكمن في العدد، باستضافتها لكل من «هوتلانس» Hautlance، أورورك Urwerk، «أيتش. موزر أند سي» H.Moser & Cie، «كريستوف كلاريت» Christophe Claret، «ذي بيذون» De Bethune، «إم بي أند إف» MB&F، «لوران فيرييه» Laurent Ferrier، «كاري فوتيلينن» Kari Voutilainen، و«أيتش واي تي» HYT.. تزايد العدد أدى أيضًا إلى تزايد المنافسة بين الكل على تقديم الجديد بأي شكل، فضلا على زيادة عنصر الإبهار بالاعتماد على الموضة ودخول عالمها المثير تارة، والاستعانة بنجوم عالميين من عيار كلايف أوين، وهيو جاكمان، وهيلاري سوانك وهلم جرا، تارة أخرى. لحسن الحظ أنها لم تنس أن هذا كله مجرد بهارات تعزز اختراعاتها التي تعرف أن المقتنين والأثرياء لن يقبلوا عليها إذا لم تتوفر على كل عناصر الدقة والابتكار. ففي أوقات الأزمات، حتى الأثرياء يترددون في شراء أي شيء فقط لأنه يلمع أو يتمتع بالأناقة، وينتقون فقط الأفضل والفريد الذي يمكن أن يبقى معهم للعمر، أي أنه استثمار، أو يتضمن قصة يفخرون بروايتها في كل مرة يلبسون فيها الساعة، أو يستعرضونها أمام أصدقائهم. في هذه الأوقات أيضًا، يعودون إلى ما يعرفونه جيدًا، أي العلامات المعروفة والمضمونة مثل «أوديمار بيغيه» أو «ريتشارد ميل» أو «فاشرون كونستانتين»، «آي دبليو سي»، «كارتييه»، «فان كليف أند أربلز» وغيرها.
وما يزيد الأمر سوءا بالنسبة للكل، أن الأوضاع السياسية في منطقة الشرق الأوسط، وانخفاض أسعار النفط أثرت على سوقين مهمين بالنسبة لصناع الساعات السويسرية، ألا وهما الشرق الأوسط وروسيا. فقد كانا يبشران بالخير بعد تراجع سوق الصين منذ نحو ثلاث سنوات تقريبا، بسبب الحملة التي شنتها الحكومة ضد تقديم الهدايا على أساس أنها رشى، مما كان له تأثير مباشر على الساعات الفاخرة. فقد كانت هدايا مثالية تقدم للشخصيات المهمة. الآن بات الأمر ملحًا على توسيع الدائرة والبحث عن أسواق جديدة مع المحافظة على الزبائن القدامى والاعتماد على ولائهم.

* تضيف آلة قياس الزمن رقم 6 «إس ڤي» مظهراً ثلاثي الأبعاد على الإطلالة البيومورفيّه لعلبة ساعة «إتش إم 6 – سبيس بايرت»، عبر إظهار الميكانيكية التي ينطوي عليها المحرّك النابض بداخلها، وهو ما عمل ماكسيميليان بوسير، مؤسس دار «إم بي آند إف»، على تحقيقه منذ فترة. فحسب رأيه إن «أجمل جزء في (إتش إم 6) هو حركتها، ولذلك كان من المخزي ألا نظهر هذه الحركة للملأ». وتمتاز الحافة الجانبية للعلبة بخطوط أفقية تعيد إلى الأذهان أشكال حافلات «غراي هاوند – ستريم لاينر» الأميركية التي تعود إلى خمسينات وستينات القرن العشرين، متأثرة بأساليب الـ«آرت ديكو»، بينما يتعزز تركيب «الشطيرة» بخطوط زاهية اللون تغمر أختام الحماية ضد تسرُّب الماء.وفي الجزء الأمامي، تدور قبّتان كرويّتان عمودياً، تشيران على التوالي، إلى الساعات والدقائق، بأرقام عالية الوضوح. وفي الجزء الخلفي، يظهر توربينان كرويّان متماثلان يدوران أفقياً، ويحركهما الدوّار والتروس المُعظِّمة للحركة التي تتولّى تلقائياً تنظيم عمل نظام التعبئة من أجل تقليل الضغط والتلف.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.