10 محافظات يمنية على حافة كارثة إنسانية

مفوضية اللاجئين: موجة جديدة من النازحين اليمنيين إلى الصومال

منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن جيمي ماكغولدريك (الثاني من اليمين) خلال زيارته لصنعاء(أ.ف.ب)
منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن جيمي ماكغولدريك (الثاني من اليمين) خلال زيارته لصنعاء(أ.ف.ب)
TT

10 محافظات يمنية على حافة كارثة إنسانية

منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن جيمي ماكغولدريك (الثاني من اليمين) خلال زيارته لصنعاء(أ.ف.ب)
منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن جيمي ماكغولدريك (الثاني من اليمين) خلال زيارته لصنعاء(أ.ف.ب)

تعد تعز واحدة من المحافظات العشر، من إجمالي 22 محافظة في اليمن، التي تعاني انعدام الأمن الغذائي الشديد الذي وصل إلى مستوى «الطوارئ»، وهو المستوى الذي يسبق «المجاعة» مباشرة وذلك وفقًا لمقياس مكون من خمس نقاط في التصنيف المرحلي المتكامل لحالة الأمن الغذائي. وهناك واحدة على الأقل من كل خمس أسر في المنطقة لا تجد ما يكفي من الغذاء لتعيش حياة صحية، وفقدت مصادر رزقها وتواجه معدلات سوء التغذية الحاد التي تهدد الحياة.
وفي هذا السياق يناشد برنامج الأغذية العالمي السماح بالمرور المنتظم والأمن للمواد الغذائية لجميع المدنيين المحتاجين في جميع أنحاء اليمن.
وتمكن البرنامج من نقل إمدادات غذائية داخل مناطق محاصرة في المدينة. وأعلنت الأمم المتحدة أول من أمس أن برنامج الأغذية العالمي تمكن من إدخال «قافلة من 12 شاحنة إلى المنطقتين المحاصرتين، القاهرة والمظفر، يوم الخميس الماضي، محملة بمواد غذائية تكفي 3000 أسرة لمدة شهر». دخول القافلة إلى هاتين المنطقتين تم بعد مفاوضات مكثفة للسماح للبرنامج بتقديم المساعدات إلى الآلاف من الجوعى. وتزامن هذا التقدم مع وصول بعثة مشتركة من الأمم المتحدة إلى محافظة إب، بشمال شرقي مدينة تعز، حيث التقى مسؤولون من منظمات الإغاثة الإنسانية بالأمم المتحدة مع ممثلين محليين وشهدوا الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية.
وكان منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن جيمي ماكغولدريك قام بزيارة لمدينة تعز ليطلع عن كثب على الأوضاع الإنسانية بالمدينة التي لم تتمكن المساعدات الإنسانية من الوصول إلى ثلاث مديريات بها منذ أشهر.
وقال المسؤول الدولي إنه لم ير سوى عدد قليل من المتاجر تفتح أبوابها، فيما تعاني المدينة من شح في المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى الضرورية للبقاء على قيد الحياة. كما تشهد مدينة تعز نقصا في الخدمات الأساسية، بما في ذلك إمكانية الحصول على المياه والوقود.
وقام منسق الشؤون الإنسانية في اليمن بزيارة مستشفى الثورة في المدينة الذي تعرض للقصف عدة مرات، وشدد على ضرورة حماية المستشفى من أي هجمات وفقا لأحكام القانون الدولي الإنساني.
وقال إن الطواقم الطبية في تعز تواصل عملها، مثل غيرها من العاملين في المجال الصحي في أماكن أخرى من اليمن، على الرغم من المخاطر التي تواجهها. منوها بأن تلك الطواقم غالبا ما تعمل دون تلقي أجور في ظروف لا تتوفر فيها سوى موارد ضئيلة، مؤكدا أنه شهد في كل مكان حجم الضرر الذي لحق بالسكان النساء بسبب النزاع.
وأعلنت بريطانيا تقديمها مساعدات إنسانية عاجلة لليمن بقيمة 10 ملايين جنية إسترليني تشمل مواد غذائية ومعدات طبية إضافة إلى أغطية وخيام مؤقتة.
كما سلمت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي 5 ثلاجات لمشرحة مستشفى الجمهورية في محافظة عدن، أكبر وأهم المؤسسات الصحية في عدن والمحافظات الجنوبية. وقال مدير عام مكتب الصحة والسكان، الدكتور الخضر لصور، لـ«الشرق الأوسط» إن الأيام المقبلة ستشهد تنفيذ المرحلة الثانية التي تشمل تأهيل بقية طوابق ومرافق المستشفى حتى يعمل بطاقته القصوى، لافتا إلى أن المستشفى استأنف نشاطه بعيد تأهيله من هيئة الهلال الإماراتي.
وأكدت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في بيان صحافي أن تحسين الخدمات الصحية في اليمن في المرحلة الراهنة تعتبر من ضمن أولويات الهيئة لإعادة الحياة إلى طبيعتها وما كانت عليه قبل الأزمة، مشيرة إلى أن جهودها في تحسين أداء القطاع الطبي في اليمن تتضمن عددا من المحاور منها الجانب الإنشائي وإعادة إعمار البنية التحتية وهذه تشمل تأهيل وصيانة المستشفيات والمؤسسات الصحية التي تأثرت بالأحداث وجعلها مكانا ملائما لتقديم الخدمات الطبية اللازمة.
وقالت إنها تدرك المخاطر الناجمة عن هذا الوضع، لذلك تدرس فرق الهيئة الموجودة حاليا في اليمن بعناية أولويات واحتياجات هذا القطاع الحيوي والهام، ورفعها في شكل تقارير عاجلة للهيئة لتوفيرها.
وفي محافظة الضالع، جنوبي البلاد، انطلقت الحملة الإغاثية لمؤسسة المحسنين بالتعاون مع قطر الخيرية لتوزيع المواد الإغاثية والإيوائية للأسر الفقيرة والمتضررة في عاصمة المحافظة والمناطق المجاورة.
وأوضح مدير مؤسسة المحسنين صالح محمد مسعد لـ«الشرق الأوسط» أن حملة «الحفاظ على كرامة الإنسان» استهدفت 400 أسرة متضررة وفقيرة في المجال الإغاثي والإيوائي في إطار تنفيذ مشروع الإغاثة العاجلة للأسر المتضررة في اليمن ومنها محافظة الضالع الذي تموله قطر الخيرية.
إلى ذلك، قال الناشط الحقوقي والإعلامي، منصور سالم العلهي، لـ«الشرق الأوسط» إنه ومنذ سيطرة ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع على مقاليد السلطة في صنعاء توقفت مخصصات الإعانة للأسر الفقيرة، لافتا إلى هذه عشرات الآلاف من الأسر المعتمدة على الإعانة الشهرية المقررة من صندوق الرعاية الاجتماعية لم تصرف ومنذ 12 شهرا أو يزيد. ودعا المنظمات الإغاثية والجمعيات الخيرية للالتفات لهذه الأسر واستهدافها بالسلال الغذائية، لعلها تساعد في تخفيف بعض مما تعانيه تلك الأسر جراء حرمانها من هذه الإعانات.
وكانت المفوضية السامية العليا لشؤون اللاجئين أعلنت أمس الثلاثاء عن نزوح 2600 يمني إلى الصومال. ومثلما هو معروف أن اليمن شهد موجة نزوح من الصومال إليه ومنذ مطلع عقد تسعينات القرن المنصرم وإلى ما قبل الحرب التي شنتها ميليشيات الرئيس المخلوع والحوثي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.