بوتفليقة يلغي «دائرة الاستعلام والأمن» ويعوضها بهيكل جديد تحت إشرافه

بعد 3 أشهر من عزل الجنرال توفيق

بوتفليقة يلغي «دائرة الاستعلام والأمن» ويعوضها بهيكل جديد تحت إشرافه
TT

بوتفليقة يلغي «دائرة الاستعلام والأمن» ويعوضها بهيكل جديد تحت إشرافه

بوتفليقة يلغي «دائرة الاستعلام والأمن» ويعوضها بهيكل جديد تحت إشرافه

تداولت وسائل إعلام جزائرية على نطاق واسع، أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة غير تسميه جهاز المخابرات العسكرية من «دائرة الاستعلام والأمن بوزارة الدفاع»، إلى «مديرية المصالح الأمنية». وقرر الرئيس، بحسب صحف، إلحاق الهيكل الجديد برئاسة الجمهورية بعدما كان كيانا أساسيا في المؤسسة العسكرية.
وذكرت صحيفة المساء الحكومية، أن وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة الذي هو الرئيس بوتفليقة، أصدر مرسوما في 20 من الشهر الحالي (غير منشور بالجريدة الرسمية)، حل بموجبه «الدائرة» وعوضها بـ«المديرية». وبحسب الصحيفة، يضم الجهاز الجديد ثلاث مديريات فرعية هي الأمن الداخلي والأمن الخارجي والمديرية التقنية (الفنية). ونقلت الصحيفة أن اللواء عثمان طرطاق المعروف حركيا بـ«عثمان» حافظ على منصبه في الهيكلة الجديدة، كرئيس للاستخبارات، وتمت ترقيته إلى وزير مستشار.
ووصل طرطاق إلى رأس المخابرات، بديلا للفريق محمد مدين، وكنيته توفيق، في 13 سبتمبر (أيلول) 2015، بعد أن قضى 25 عاما فيه. وعدت تنحيته «فصلا من فصول صراع طويل بين الرئاسة والمخابرات». وقالت صحيفة «الوطن» الفرنكفونية، إن «المرسوم الرئاسي ينص على إلحاق كل مصالح الاستخبارات لمختلف الأجهزة الأمنية، لسلطة اللواء طرطاق ليصبح منسقا لكل مصالح الشرطة والدرك والجيش».
وانطلقت عملية «تفكيك» جهاز المخابرات في 13 سبتمبر 2013، بتجريده من «الشرطة القضائية» التي كانت بمثابة العصا الغليظة، المكلفة بالتحقيق في قضايا الفساد المالي والإرهاب، والزج بالضالعين فيها بالسجن. واستمرت التغييرات بإلحاق أمن رئاسة الجمهورية بقيادة أركان الجيش وشطب المصلحة المكلفة بمراقبة وسائل الإعلام وتوزيع الإشهار عليها. وانتهت التغييرات بعزل محمد مدين، الذي عرف عنه سيطرته على الحياة السياسية، وبخاصة في المواعيد الانتخابية.
وفسر وزير الدولة مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحيى، هذه التغييرات بأنها «عادية تتطلبها مرحلة ما بعد الإرهاب». وقاد حملة الإطاحة بـ«الجنرال توفيق»، أمين عام حزب «جبهة التحرير الوطنية» (أغلبية) عمار سعداني المقرب من الرئيس، الذي اتهمه عام 2014 بالوقوف وراء اغتيال الرئيس محمد بوضياف عام 1992، وكانت صحيفة «الحوار»، حديثة النشأة، أول وسيلة إعلام تناولت حل الهيكل القديم للمخابرات. إذ ذكرت في عدد أول من أمس، أن طرطاق «أصبح يحظى بصلاحيات واسعة، تجعل منه المسؤول الأمني الأول في البلاد، ولا يتبع سوى للسلطة المباشرة لرئيس الجمهورية، وبموجب الهيكلة الجديدة التي بدت ملامحها واضحة منذ إقالة الفريق توفيق، وحل المصالح التي كانت تشتغل تحت وصايته بعيدا عن الرقابة القانونية، يتضح عزم رئاسة الجمهورية على تمدين عمل الأجهزة الأمنية، وإخراجها من الظل إلى العمل لصالح المواطن في كنف الشفافية».
ونقلت نفس الصحيفة عن «مصادرنا»، أنه «تم تحديد المقر الذي يضم هياكل وفروع المديرية الجديدة، ويتعلق الأمر بالمقر القديم لوزارة الخارجية المقابل لرئاسة الجمهورية بالمرادية بالجزائر العاصمة، وتهدف الهيكلة الجديدة إلى تكريس تمدين النظام، الذي تحدث عنه رئيس الجمهورية، مثلما هو معمول به في الدول الكبرى، حرصا على حماية حقوق المواطنة وحقوق الإنسان، وضمان أمن الوطن والمواطن بعيدا عن الوصاية والرقابة والحد من الحريات».
وكتب فاروق طيفور القيادي في الحزب الإسلامي المعارض: «حركة مجتمع السلم»، بصفحته بـ«فيسبوك»، عن هذه التطورات فقال: «مهما كانت خلفية هذه التغييرات، فإنها بعيدة كل البعد عما يسميه البعض الانتقال إلى الدولة المدنية. من يرددون هذا المفهوم، يعترفون ضمنا أننا كنا في دولة إما بوليسية أو أمنية أو عسكرية، على اعتبار أن للدولة المدنية أربعة معايير تميزها عن غيرها. الأول هو الالتزام بالتداول السلمي للسلطة، والثاني هو احترام حرية الأفراد والمجموعات. والمعيار الثالث هو بناء مؤسسات حقيقية. أما الرابع فيتمثل في احترام حقوق الإنسان فعلا وقولا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.