القوات النظامية تتقدم نحو مداخل يبرود.. والمعارضة تنفي سحب مقاتليها

«داعش» تشتبك مع الأكراد قرب منبج غداة إعدامها 22 شخصا بريف حلب

مدنيون يحاولون الاحتماء إثر غارة بالبراميل المتفجرة للجيش النظامي على احدى المناطق في حلب (رويترز)
مدنيون يحاولون الاحتماء إثر غارة بالبراميل المتفجرة للجيش النظامي على احدى المناطق في حلب (رويترز)
TT

القوات النظامية تتقدم نحو مداخل يبرود.. والمعارضة تنفي سحب مقاتليها

مدنيون يحاولون الاحتماء إثر غارة بالبراميل المتفجرة للجيش النظامي على احدى المناطق في حلب (رويترز)
مدنيون يحاولون الاحتماء إثر غارة بالبراميل المتفجرة للجيش النظامي على احدى المناطق في حلب (رويترز)

أكد ناشطون سوريون أن وتيرة القتال في محيط مدينة يبرود في القلمون بريف دمشق الشمالي شهدت تصعيدا خطيرا مع اقتراب قوات النظام السوري، مدعومة بمقاتلين من حزب الله اللبناني، إلى مشارف المدينة، غداة سيطرتهم على مزارع ريما التي تعد آخر خطوط الدفاع عن يبرود. وتزامنت تلك التطورات مع تصعيد آخر في ريف حلب على صعيد التوتر بين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش»، والكتائب المعارضة الأخرى، حيث أكد ناشطون إعدام التنظيم 22 شخصا في قرية حدودية مع تركيا بريف حلب الشمالي، بموازاة اشتباكهم مع الأكراد في بلدة منبج.
ووقعت الاشتباكات في القلمون، أمس، على بعد أقل من كيلومترين من مدينة يبرود التي تتعرض لحملة عسكرية عنيفة منذ 25 يوما، أسفرت عن استعادة القوات النظامية سيطرتها على التلال المحيطة بيبرود، وأهمها قرية سحل ومنطقة مزارع ريما التي تعد آخر خطوط دفاع المعارضة عن معقلها في القلمون.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع اشتباكات عنيفة في محيط مدينة يبرود بين مقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة و«جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» من جهة، والقوات النظامية مدعمة بقوات حزب الله اللبناني وقوات الدفاع الوطني من جهة أخرى، مشيرا إلى تمكن المعارضين من إعطاب آليتين للقوات النظامية في منطقتي ريما والعقبة. وأكد المرصد وقوع خسائر بشرية في صفوف القوات النظامية والمسلحين الموالين لها، ومقتل ما لا يقل عن سبعة مقاتلين من الكتائب الإسلامية المقاتلة. وجاء ذلك بموازاة تعرض مناطق في جرود تلفيتا القريبة من يبرود لقصف من القوات النظامية.

وأكد مصدر معارض في القلمون أن المنطقة الواقعة على تخوم يبرود «تشهد معارك كر وفر»، مشيرا إلى أن القوات النظامية «لم تتمكن بعد من الدخول إلى المدينة التي تشهد قصفا عنيفا، ما تسبب بنزوح عدد كبير من سكانها، وتدمير عدد كبير من الأبنية»، لافتا إلى أن القصف «يستهدف أحياء مدنية، كما يستهدف مقار لمقاتلين معارضين».

ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن قائد ميداني آخر، نفيه القاطع انسحاب كتائب معارضة من جبهات القلمون، واصفا الأنباء التي جرى تداولها عن سيطرة النظام على نقاط من مدينة يبرود ومحيطها، بـ«الشائعات». وقال المسؤول المعارض إن كتائب المعارضة «لا تزال مستمرة في التصدي لمحاولات التسلل المتكررة إلى مدينة يبرود» والتي تنفذها بشكل مستمر وحدات الجيش النظامي، مدعومة بقوات من حزب الله اللبناني.

وقال ناشطون إن القوات النظامية قصفت حي القاعة شمال غربي مدينة يبرود، ما أدى إلى سقوط إصابات بين المدنيين، في ظل استمرار حركة نزوح سكان المدينة باتجاه القرى المجاورة. وانتقدت القيادة العسكرية الموحدة المعارضة في القلمون ما وصفته بـ«الصمت الدولي والعربي تجاه تدمير مدينة يبرود التاريخية» من قبل النظام السوري. وقالت القيادة العسكرية في بيان نشرته على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إنه لم يصدر أي موقف أو تحرك «دولي أو عربي، أو حتى من مؤسسات الثورة العسكرية والمدنية للتنديد بما يحدث في يبرود منذ شهر»، مبدية استغرابها من عدم اهتمام هذه الجهات بالأوضاع الإنسانية للمدنيين داخل المدينة.

وأدى القصف على يبرود أخيرا إلى دمار هائل في أحياء تتضمن معالم تاريخية وأثرية كثيرة، منها مسجد الخضر وكنيسة القديسة هيلانة، فضلا عن تلة القبع الأثرية.

في غضون ذلك، قال ناشطون معارضون إن متشددين إسلاميين ومؤيديهم المحليين «قتلوا 22 شخصا على الأقل» في بلدة شيوخ في شمال سوريا قرب الحدود التركية. ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن سكان في قرية شيوخ التي تقع على مسافة 100 كيلومتر شمال شرقي حلب قولهم إن متشددين من «داعش» قتلوا أول من أمس 12 مقاتلا من جماعات منافسة، وعشرة على الأقل من رجال القبائل المحليين، أحدهم عمره 16 عاما، مشيرا إلى أن هؤلاء «أعدموا رميا بالرصاص وبالسكاكين»، لافتا إلى أن تسعة آخرين على الأقل من سكان القرية مفقودون ويشتبه أنهم قتلوا.

ووزع ناشطون إعلاميون قائمة على الإنترنت قالوا إنها لأسماء الضحايا، وتضمنت أسماء 20 شخصا قتلوا وتسعة في عداد المفقودين، وقالوا إن جثث أربعة أشخاص ألقيت في نهر الفرات.

وقال ناشط من المعارضة يدير صفحة على موقع «فيسبوك» تخص منطقة جرابلس، بما في ذلك قرية شيوخ، إن «أهالي الشيوخ طعنوا المجاهدين من الخلف». وبعد ذلك قامت «داعش» باقتحام المنطقة بعد «استشهاد الشباب على أيدي الأهالي». ونشرت صفحة «جرابلس» على «فيسبوك» صورة لما قالت إنه «جثث خمسة رجال على ممر طيني يمتد عبر حقل فيما تفقد بعض المارة مكان الحادث».

وفي مدينة «الباب»، قال المرصد إن «داعش» بدأت بإجلاء مواطنين من عائلات مقاتلي الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية المقاتلة من منازلهم، ويتمركزون فيها، بحجة أن المقاتلين لا يمتلكون مكانا ليتمركزوا فيه.

في موازاة ذلك، أفاد المرصد بوقوع اشتباكات عنيفة بين «داعش» ومقاتلي لواء جبهة الأكراد ومقاتلين إسلاميين في منطقة جسر قوزاق قرب مدينة منبج ومحيط قريتي قبر ايمو وخرفان، بينما قصفت القوات النظامية مناطق في بلدة حميمة بريف حلب الشرقي.

وتمكن فريق من متطوعي الهلال الأحمر من إدخال وجبات غذائية مطبوخة ومادة الخبز ومواد أخرى إلى سجن حلب المركزي المحاصر من قبل جبهة النصرة وحركة أحرار الشام الإسلامية منذ أشهر.

وفي حماه، قصفت القوات النظامية مناطق في ريف حماه الشمالي، كما تعرضت مناطق في بلدة طلف بريف حماه الجنوبي ومنطقة الزوار قرب بلدة طيبة الإمام لقصف، بينما تواصلت الاشتباكات في محيط قلعة الحصن بريف تلكلخ في حمص، بعد سيطرة القوات النظامية على قرية الزارة الأسبوع الماضي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».