المنتجعات.. أفضل حل لعطلات العائلات في بريطانيا

مراكز صحية للكبار ونشاطات لا تحصى للصغار

بركة سباحة بمواصفات استوائية
بركة سباحة بمواصفات استوائية
TT

المنتجعات.. أفضل حل لعطلات العائلات في بريطانيا

بركة سباحة بمواصفات استوائية
بركة سباحة بمواصفات استوائية

إذا كانت لديك عائلة وأطفال، فقد توافقني الرأي بأن اختيار الوجهة السياحية والمنتجع وتنظيم العطلة من أصعب ما يمكن أن تقوم به على الإطلاق، لأنه يتوجب عليك التفكير بكل تفاصيل الرحلة والسبب هو أنه من المهم جدا أن تختار المكان الصحيح وإلا فستجني على نفسك وعلى أفراد العائلة وستتحول الإجازة إلى كابوس حقيقي.
ولهذا السبب فمن الضروري جدا البحث عن رحلة مناسبة وزيارة المواقع المتخصصة بعطلات العائلات.
إذا كنت تعيش في بريطانيا أو تنوي زيارتها، فلا تدع إقامتك تقتصر على العاصمة لندن فقط، لأن النشاطات المخصصة للصغار قد تكون محدودة في بعض الأوقات من السنة، وقد يكون من الأفضل زيارة الأماكن القريبة من لندن ولكن خارجها، وعلى سبيل المثال فقد تكون المنتجعات التي تنتشر في عدة مناطق ريفية إنجليزية هي الحل، لأنها ليست بعيدة جدا عن العاصمة ولكنها في الوقت نفسه تتميز برونق الريف الإنجليزي وميزاته الجميلة، كما أن المشاريع بنيت لتكون من أفضل عناوين إقامة العائلة مع الأطفال من جميع الأعمار.
في بادئ الأمر، كان هناك لغط في الأوساط البريطانية فيما يخص هذه المشاريع، ولطالما اختلطت الأمور على بعض الباحثين عن إجازة للأطفال تمتد ما بين 3 ليال و7 ليال، لأنه توجد مشاريع أخرى مشابهة ولكنها لا تتميز بالرقي وتكون الإقامة فيها داخل غرف غير مريحة ويكون المشروع أشبه بمخيم، غير أن المنتجعات فهي من العناوين المرفهة، تتميز بكثير من الميزات الجيدة ولو أنها قد تكون غالية الثمن في بعض الأحيان في حال ترك الحجز للحظة الأخيرة في فترات يتهافت الزوار على الزيارة أثناء عطل المدارس والعطلات الرسمية مثل أعياد الميلاد ورأس السنة والفصح، لذا ينصح دائما بالحجز المسبق.
* الوصول إلى المنتجعات
بداية من المستحسن زيارة مواقع الانترنت لاختيار المنتجع المناسب من حيث المسافة والمميزات والفلل المتوفرة، فيضم الموقع خمس مناطق (أو غابات) موزعة في إنجلترا مثل: «شيروود فوريست»Sherwood Forest»، و«لونغليت فوريست» Longleat Forest و«إيلفيدين فوريست» Elveden Forest و«وينفيل فوريست» Whinfell Forest و«ووبرن فوريست» Woburn Forest، وكما تدل الأسماء فجميع المشاريع تقع في غابات بنيت الفلل بين أشجارها الوارفة العملاقة من دون التدخل بمفردات الطبيعة الغناءة.
اخترنا منطقة «ووبرن فوريست» الذي يبعد نحو الساعة والنصف عن وسط لندن بواسطة السيارة، ويمكن الوصول إليه أيضا عن طريق القطار.
وبعد اختيار الوجهة، تختار الفيلا المناسبة لك وللعائلة، فهناك فلل تضم غرفة أو اثنتين أو 3 غرف، وفلل أكبر تضم 4 غرف وتتسع لعشرة أشخاص أو أكثر، وبمجرد أن تصل يسلمك الموظف مفتاح الفيلا الخاصة بك، ويمكن الحجز من الاثنين للجمعة أو من الجمعة للأحد أو حتى طيلة الأسبوع، وتبدأ الأسعار من 400 جنيه إسترليني (نحو 600 دولار أميركي) للفيلا الصغيرة الواحدة ولكنها تختلف باختلاف الموسم والتوقيت وحجم الفيلا.
وإذا كنت تحب ركوب دراجة هوائية فسيكون هذا المكان مناسبا لك وللصغار، لأن استعمال السيارات داخل المنتجع ممنوع، فتركن السيارة خارجا وتتوجه مشيا على الأقدام لاختيار الدارجة المناسبة لك، وستكون بحوزتك طيلة فترة الإقامة، وستكون جيدة جدا كوسيلة تنقل داخل المنتجع الواسع وفرصة للتعرف على جمال الغابة. تجدر الإشارة إلى أن ثمن استئجار الدراجة يبلغ نحو 10 جنيهات (15 دولارا أميركيا) ولكن يسمح للزوار جلب دراجاتهم الخاصة بهم معهم إلى المنتجع.
* الفيلا
الفلل كلها تضم مطابخ مزودة بجميع المستلزمات، الديكورات جميلة وعصرية جدا بعض الفلل تطل على قناة مياه مع مساحة للجلوس في الخارج، مع موقد نار حقيقي في غرفة الجلوس، ويوجد في المشروع محلات لبيع المواد الغذائية مما يسهل عملية تحضير الفطور والطعام إذا أردت أو التوجه إلى أحد المطاعم المتوفرة، ولكن الحجز المسبق ضروري أيضا.
* النشاطات
هناك نشاطات لا تحصى ولا تعد للصغار في الأماكن المغلقة وفي المساحات المفتوحة، ولكن المشكلة الوحيدة ويجب أن ننبهكم عليها، هي أنه يتوجب عليك دفع مبلغ إضافي لقاء القيام بأي نشاط رياضي، ولكن الأسعار معقولة، غير أن النشاط المجاني الوحيد فهو السباحة في بركة السباحة الكبيرة والعامة في المشروع.
من النشاطات المهمة، «البادمنغتون» وكرة السلة، وركوب الـ«إي تي في» في الطرقات الوعرة، والبولينغ والسباحة بالإضافة إلى نشاطات كثيرة أخرى على مدار الساعة، وهناك صالة للألعاب الإلكترونية تفتح أبوابها حتى ساعة متأخرة من الليل.
وتوجد أيضا نشاطات مائية كثيرة مثل ركوب القوارب الشراعية والتزحلق على الماء وتسلق الأشجار، إضافة إلى مساحات مفتوحة كثيرة مجهزة بالألعاب في الهواء الطلق. وللمراهقين حصة مهمة أيضا، حيث توجد نواد خاص بهم تقدم النشاطات المناسبة لأعمارهم.
ولكن يبقى أفضل نشاط هو ركوب الدراجة الهوائية للتنقل من مكان إلى آخر في المنتجع، كما توجد طريق ملتوية بين الأشجار مخصصة للدراجات الهوائية من دون أن ننسى ركوب الـ«سيغواي» واختبار الـ«لايز كويست».
* المركز الصحي
وفي حال أردت الهروب من ضوضاء النشاطات الخاصة بالصغار وأردت الحصول على قسط من الراحة للتمتع بوقت خاص بك، فأنصح بالتوجه إلى المركز الصحي «سانا سبا» التابع للمنتجع ويمكن حجزه مسبقا قبل وصولك إلى المنتجع أو خلال إقامتك.
يتميز المركز الصحي بتقديم علاجات كثيرة من جلسات تدليك إلى علاجات خاصة بالحوامل، ويوجد علاج خاص بإنقاص الوزن، ومطعم مخصص لتقديم المأكولات الصحية بعد العلاج.
* الأكل
كما أشرنا، تتوفر في المشروع أماكن لبيع المواد الغذائية بالإضافة إلى بوتيكات صغيرة لبيع المستلزمات الخاصة والهدايا، كما توجد ساحة مسقوفة تنتشر فيها المطاعم التابعة لسلسلة أسماء معروفة في عالم المطاعم مثل «كافيه روج» و«سترادا» و«ستار باكس» وغيرها من الامتيازات الشهيرة الأخرى.
* بركة السباحة
إذا كنت برفقة الصغار فستكون بركة السباحة القابعة تحت القبة الزجاجية في أجواء استوائية، حيث تزيد درجة الحرارة عن 29 درجة مئوية صيفا وشتاء، هي المكان الأنسب لكم، حيث تتوفر نشاطات كثيرة إلى جانب السباحة، وتوجد عدة ألعاب مائية مثل التزحلق داخل أنفاق تجرفك المياه فيها بسرعة فائقة، وتمتد على طول القبة وتخرج منها لتعود وتصب في بركة السباحة الداخلية.
ومن الممكن أيضا تناول الطعام والشراب بالقرب من بركة السباحة.
وتوجد عدة خدمات في المنتجع مثل جليسات الأطفال وكل ما يسهل عملية الإقامة في إحدى الفلل، والأهم هو أنهم ينعمون بإجازة مريحة بدلا من أن يوهبوا وقتهم وطاقتهم من أجل صغارهم.
* يوم في منتجع انجليزي
في هذا المنتجع سوف يبدأ يومك باكرا على تغريد العصافير، وإذا كان الطقس مناسبا يمكنك الخروج إلى الشرفة المحاذية للبحيرة الاصطناعية لإطعام البط الذي يعيش في الغابة بمحيط الماء، وبعدها تستقل الدراجة الهوائية إلى أقرب متجر لشراء حاجات الفطور، أو يمكنك أيضا تناول الفطور في أحد المطاعم أو المقاهي المتوفرة، وبعدها تذهب في رحلة استكشافية على الدراجة في أرجاء الغابة التي تظللها الأشجار بأغصانها الضخمة، وهذه فرصة لالتقاط أجمل الصور الفوتوغرافية، ومن ثم تتوجه إلى أحد النشاطات الرياضية التي قمت بحجزها مسبقا ليحين موعد الغداء، ومن ثم تذهب للسباحة أو الاسترخاء في الجاكوزي أو الخضوع لجلسة تدليك في المركز الصحي، وعندما يأتي وقت العشاء فتكون لمة العائلة أجمل مما يكون، خاصة إذا كان المناخ باردا فيتجمع أفراد العائلة حول الموقد لشي «المارش ميلو» والكستناء والبطاطس.
* كلمة أخيرة
زيارة المنتجعات جميلة لأنها ترضي جميع أفراد العائلة، وتؤمن كثيرا من الرياضات لمحبي النشاطات الرياضية في أحضان الطبيعة، وهذا ما يسعى إليه الباحثون عن الهدوء والجمال، كما أن الكبار لهم حصتهم أيضا خاصة وأن المركز الصحي حائز على جوائز عالمية ويفتح أبوابه أمام الزوار غير المقيمين.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».