منعت الشرطة الجزائرية أمس قادة أحزاب وشخصيات سياسية، من تنظيم مظاهرة بالعاصمة يطالب أصحابها بمقاطعة انتخابات الرئاسة المرتقبة في 17 من الشهر المقبل، بحجة أنها «محسومة النتيجة لمرشح النظام».
في غضون ذلك، أوقفت السلطات بث فضائية خاصة معروفة بعدائها الشديد للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وانتشر رجال الأمن بكثافة بحي «المدنية» بأعالي العاصمة، حيث كان يرغب قادة «حركة مجتمع السلم» و«حركة النهضة» (إسلاميتان) و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني)، و«جيل جديد» (ليبرالي)، ورئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور، تنظيم وقفة احتجاج في «مقام الشهيد»، وهو أحد أهم المعالم التي ترمز لثورة التحرير من الاستعمار (1954 - 1962).
وشوهد رئيس «السلم» عبد الرزاق مقري وأمين عام «النهضة» محمد ذويبي، ورئيس «التجمع» محسن بلعباس ورئيس «جيل» سفيان جيلالي، وسط مناضلي الأحزاب الأربعة، حاملين شعارات كتب عليها «مقاطعة انتخابات 17 أبريل 2014». وشارك معهم في الاحتجاج نواب ينتمون لأحزاب معارضة.
وحاول المحتجون الاقتراب من «مقام الشهيد»، للوقوف وسط ساحته الفسيحة وقراءة بيان سياسي. غير أن قوات مكافحة الشغب منعتهم، وأظهرت حزما في الحؤول دون أن يتطور الاحتجاج إلى مظاهرة كبيرة. وجرى سد جميع منافذ حي «المدنية» لمنع التحاق المزيد من ناشطي الأحزاب المعارضة بقادتهم. وبقي المحتجون في مكان بعيد نسبيا عن «المقام»، يحيط بهم الصحافيون بعدما تحوَلت المظاهرة إلى اعتصام.
وقال مصدر من «أمن ولاية العاصمة»، لـ«الشرق الأوسط» بأن رجال الشرطة تلقوا تعليمات صارمة لضبط النفس وتجنب استعمال القوة مع الداعين إلى مقاطعة الانتخابات، الذين أطلقوا على مبادرتهم اسم «تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة للانتخابات الرئاسية». وانتهى الاعتصام بمغادرة المحتجين للحي في هدوء.
وتعدَ وقفة الاحتجاج في الشارع، الأولى للأحزاب والنشطاء السياسيين الذين يرفضون الانتخابات بدعوى أن نتيجتها معروفة مسبقا، وهي فوز الرئيس بوتفليقة.
وقال مقري بصفحته بـ«فيسبوك»، عن الاحتجاج «أردنا أن تكون وقفتنا رمزية من حيث حضور قيادات الأحزاب والشخصيات السياسية، ومن حيث مكانها قريبا من متحف المجاهد لنحدث الشهداء (رمزيا) عما آلت إليه الجزائر، فإذا بالمنع والقمع يحولها إلى مسيرة احتجاجية كانت أبلغ في توصيل الرسالة، وإثبات سخافة الانتخابات الرئاسية وضرورة مقاطعتها». وأضاف مقري الذي يعد من أكثر السياسيين المتشددين ضد النظام «كنا نريد أن لا يتجاوز عدد الواقفين خمسين شخصا، كخطوة أولى تخص المسؤولين فقط، فإذا بها تحولت إلى مسيرة تلقائية. إن النظام السياسي الحاكم يريد أن يرهن الجزائر ويستعمل لذلك كل الوسائل لمواجهة كل صوت حر، لا يريد إلا الخير لهذا الوطن. لقد أثبت هذا القمع مرة أخرى، بأنه لا مجال للتغيير والإصلاح إلا بالتدافع، لا بد من الدفع القوي حتى لا تغرق الجزائر أكثر في الفساد والفشل... النضال مستمر... المسيرة مستمرة».
وفي سياق متصل بالأجواء المتوترة التي تسبق الانتخابات، أعلنت إدارة الفضائية الخاصة «الأطلس»، أمس، بأن بثها توقف بأمر من السلطات. وقال غول حفناوي مدير أخبار القناة في اتصال هاتفي «داهم رجال أمن بزي مدني، مقر قناتنا أمس (أول من أمس الثلاثاء) واحتجزوا العاملين بها لمدة ثلاث ساعات، وحجزوا عشر كاميرات هي كل ما تملك قناتنا الناشئة. ثم توجهوا إلى استوديوهاتنا في مكان آخر وشمَعوا مقراتها وحجزوا ما فيها من عتاد».
ووصف غول هذا التصرف بـ«المساس الخطير بحرية الإعلام، يعكس الوجه الحقيقي لهذا النظام الذي يتباهى بديمقراطية مزيفة». وتعرف القناة بمعارضتها الشديدة لاستمرار بوتفليقة في الحكم، وتغطي يوميا كل الأنشطة التي تدعو إلى مقاطعة الاستحقاق.