الأمن الجزائري يمنع المعارضة من تنظيم مظاهرة للمطالبة بمقاطعة انتخابات الرئاسة

شارك فيها أحزاب إسلامية وأخرى علمانية وليبرالية

عناصر من شرطة منع الشغب الجزائرية أثناء مواجهتهم لأعضاء من المعارضة يتظاهرون في الجزائر أمس ضد ترشيح الرئيس بوتفليقة لفترة رئاسية رابعة (رويترز)
عناصر من شرطة منع الشغب الجزائرية أثناء مواجهتهم لأعضاء من المعارضة يتظاهرون في الجزائر أمس ضد ترشيح الرئيس بوتفليقة لفترة رئاسية رابعة (رويترز)
TT

الأمن الجزائري يمنع المعارضة من تنظيم مظاهرة للمطالبة بمقاطعة انتخابات الرئاسة

عناصر من شرطة منع الشغب الجزائرية أثناء مواجهتهم لأعضاء من المعارضة يتظاهرون في الجزائر أمس ضد ترشيح الرئيس بوتفليقة لفترة رئاسية رابعة (رويترز)
عناصر من شرطة منع الشغب الجزائرية أثناء مواجهتهم لأعضاء من المعارضة يتظاهرون في الجزائر أمس ضد ترشيح الرئيس بوتفليقة لفترة رئاسية رابعة (رويترز)

منعت الشرطة الجزائرية أمس قادة أحزاب وشخصيات سياسية، من تنظيم مظاهرة بالعاصمة يطالب أصحابها بمقاطعة انتخابات الرئاسة المرتقبة في 17 من الشهر المقبل، بحجة أنها «محسومة النتيجة لمرشح النظام».
في غضون ذلك، أوقفت السلطات بث فضائية خاصة معروفة بعدائها الشديد للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وانتشر رجال الأمن بكثافة بحي «المدنية» بأعالي العاصمة، حيث كان يرغب قادة «حركة مجتمع السلم» و«حركة النهضة» (إسلاميتان) و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني)، و«جيل جديد» (ليبرالي)، ورئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور، تنظيم وقفة احتجاج في «مقام الشهيد»، وهو أحد أهم المعالم التي ترمز لثورة التحرير من الاستعمار (1954 - 1962).

وشوهد رئيس «السلم» عبد الرزاق مقري وأمين عام «النهضة» محمد ذويبي، ورئيس «التجمع» محسن بلعباس ورئيس «جيل» سفيان جيلالي، وسط مناضلي الأحزاب الأربعة، حاملين شعارات كتب عليها «مقاطعة انتخابات 17 أبريل 2014». وشارك معهم في الاحتجاج نواب ينتمون لأحزاب معارضة.

وحاول المحتجون الاقتراب من «مقام الشهيد»، للوقوف وسط ساحته الفسيحة وقراءة بيان سياسي. غير أن قوات مكافحة الشغب منعتهم، وأظهرت حزما في الحؤول دون أن يتطور الاحتجاج إلى مظاهرة كبيرة. وجرى سد جميع منافذ حي «المدنية» لمنع التحاق المزيد من ناشطي الأحزاب المعارضة بقادتهم. وبقي المحتجون في مكان بعيد نسبيا عن «المقام»، يحيط بهم الصحافيون بعدما تحوَلت المظاهرة إلى اعتصام.

وقال مصدر من «أمن ولاية العاصمة»، لـ«الشرق الأوسط» بأن رجال الشرطة تلقوا تعليمات صارمة لضبط النفس وتجنب استعمال القوة مع الداعين إلى مقاطعة الانتخابات، الذين أطلقوا على مبادرتهم اسم «تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة للانتخابات الرئاسية». وانتهى الاعتصام بمغادرة المحتجين للحي في هدوء.

وتعدَ وقفة الاحتجاج في الشارع، الأولى للأحزاب والنشطاء السياسيين الذين يرفضون الانتخابات بدعوى أن نتيجتها معروفة مسبقا، وهي فوز الرئيس بوتفليقة.

وقال مقري بصفحته بـ«فيسبوك»، عن الاحتجاج «أردنا أن تكون وقفتنا رمزية من حيث حضور قيادات الأحزاب والشخصيات السياسية، ومن حيث مكانها قريبا من متحف المجاهد لنحدث الشهداء (رمزيا) عما آلت إليه الجزائر، فإذا بالمنع والقمع يحولها إلى مسيرة احتجاجية كانت أبلغ في توصيل الرسالة، وإثبات سخافة الانتخابات الرئاسية وضرورة مقاطعتها». وأضاف مقري الذي يعد من أكثر السياسيين المتشددين ضد النظام «كنا نريد أن لا يتجاوز عدد الواقفين خمسين شخصا، كخطوة أولى تخص المسؤولين فقط، فإذا بها تحولت إلى مسيرة تلقائية. إن النظام السياسي الحاكم يريد أن يرهن الجزائر ويستعمل لذلك كل الوسائل لمواجهة كل صوت حر، لا يريد إلا الخير لهذا الوطن. لقد أثبت هذا القمع مرة أخرى، بأنه لا مجال للتغيير والإصلاح إلا بالتدافع، لا بد من الدفع القوي حتى لا تغرق الجزائر أكثر في الفساد والفشل... النضال مستمر... المسيرة مستمرة».

وفي سياق متصل بالأجواء المتوترة التي تسبق الانتخابات، أعلنت إدارة الفضائية الخاصة «الأطلس»، أمس، بأن بثها توقف بأمر من السلطات. وقال غول حفناوي مدير أخبار القناة في اتصال هاتفي «داهم رجال أمن بزي مدني، مقر قناتنا أمس (أول من أمس الثلاثاء) واحتجزوا العاملين بها لمدة ثلاث ساعات، وحجزوا عشر كاميرات هي كل ما تملك قناتنا الناشئة. ثم توجهوا إلى استوديوهاتنا في مكان آخر وشمَعوا مقراتها وحجزوا ما فيها من عتاد».

ووصف غول هذا التصرف بـ«المساس الخطير بحرية الإعلام، يعكس الوجه الحقيقي لهذا النظام الذي يتباهى بديمقراطية مزيفة». وتعرف القناة بمعارضتها الشديدة لاستمرار بوتفليقة في الحكم، وتغطي يوميا كل الأنشطة التي تدعو إلى مقاطعة الاستحقاق.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.