أكثر من 440 قتيلاً في خمسة أيام من معارك دير الزور بين النظام و«داعش»

حركة نزوح من الريف الغربي وأوضاع إنسانية صعبة نتيجة نفاد المواد الغذائية

أكثر من 440 قتيلاً في خمسة أيام من معارك دير الزور بين النظام و«داعش»
TT

أكثر من 440 قتيلاً في خمسة أيام من معارك دير الزور بين النظام و«داعش»

أكثر من 440 قتيلاً في خمسة أيام من معارك دير الزور بين النظام و«داعش»

لا تزال مدينة دير الزور وبالتحديد قسمها الشمالي الغربي ومنطقة البغيلية تشهد معارك مستمرة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، منذ نحو أسبوع، تتخللها يوميًا عشرات الغارات من الطائرات الحربية وقصف مكثف من قبل قوات النظام على مناطق الاشتباك ومواقع التنظيم بريف دير الزور الغربي، وهو الأمر الذي أدى إلى حركة نزوح من بعض القرى وزيادة معاناة العائلات نتيجة الحصار المفروض على المدينة منذ أكثر من عام.
وفي وقت قال فيه تجمع «دير الزور تذبح بصمت» إن قوات النظام والميليشيات التابعة له تنفذ حملة اعتقالات واسعة في عدد من الأحياء المحاصرة، لا سيما الجورة والقصور، وتجبر الشباب على التطوع في صفوفه، أسفرت الاشتباكات عن سقوط مزيد من الخسائر البشرية في صفوف الطرفين وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأشار المرصد إلى ارتفاع عدد القتلى خلال خمسة أيام إلى 440 شخصا، بينهم ما لا يقل عن 200 عنصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بمن فيهم 48 على الأقل أعدمهم التنظيم في هجومه صباح 16 يناير (كانون الثاني) الحالي. ووثق المرصد كذلك مقتل ما لا يقل عن 110 من عناصر التنظيم جراء غارات للطائرات الحربية وقصف لقوات النظام واشتباكات معه، بينهم ما لا يقل عن 30 فجروا أنفسهم بأحزمة ناسفة وعربات مفخخة، مرجحا ارتفاع عدد القتلى في صفوف الطرفين.
وذكر المرصد أن قرى ريف دير الزور الغربي تشهد حركة نزوح لعشرات العائلات، جراء العمليات العسكرية والقصف المستمر من قبل قوات النظام والغارات المكثفة للطائرات الحربية على مناطق فيها، في حين تجددت يوم أمس الاشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى في أطراف منطقة البغيلية والقسم الشمالي الغربي من مدينة دير الزور ومحور بلدة عياش ومحيط مطار دير الزور العسكري، وسط تنفيذ طائرات حربية مزيد من الضربات المكثفة لمناطق في محيط المطار وحي الكنامات ومحيط السياسية عند مداخل مدينة دير الزور.
ولفت المرصد إلى أن التنظيم كان يدرس الأحوال الجوية وحالة الطقس، واستغل بذلك وجود العاصفة الغبارية في تحقيق مزيد من التقدم وتثبيت نقاط سيطرته في البغيلية. كما أكدت مصادر محلية للمرصد أن التنظيم قام بوضع خطة محكمة، تقوم على تحقيق انهيار متسارع لقوات النظام والمسلحين الموالين لها، وتمكن خلال هجومه هذا من السيطرة على منطقة البغيلية أولاً، تبعها سيطرته على جزء من مستودعات عياش ومعسكر الصاعقة، الأمر الذي مكَّنه من فتح طريق إمداد بين مناطق سيطرة التنظيم بريف دير الزور الغربي والمناطق التي تمكن من التقدم إليها في القسم الشمالي الغربي من المدينة، وقد تمكن بعد ذلك السيطرة على تلة الحجيف الاستراتيجية والاستيلاء على أسلحة وذخيرة بكميات ضخمة منها ومن مستودعات عياش ونقلها إلى مناطق سيطرته، بالإضافة إلى السيطرة على جامعة الجزيرة الخاصة وتعزيز سيطرته على الحي والسيطرة على أراضي زراعية عند أطراف مدينة دير الزور.
كذلك أسفرت العمليات العسكرية والقصف المكثف وعشرات الغارات الجوية التي نفذتها الطائرات الحربية الروسية والسورية على مدينة دير الزور وريفها الغربي، عن مقتل 42 مواطنًا على الأقل، بينهم 9 أطفال و4 مواطنات، إضافة إلى إصابة عشرات آخرين بجراح، وفق المرصد.
وفي وقت باتت دير الزور ترزح بين مطرقة «داعش» وسندان النظام السوري، يعيش أهلها أوضاعا معيشية صعبة نتيجة الحصار المفروض منذ أكثر من عام من قبل التنظيم على أحياء المدينة، وزاد في معاناة أكثر من 250 ألف مواطن مدني، هجوم التنظيم الأخير على المنطقة، إذ وعلى الرغم من إلقاء الطائرات لثلاث دفعات من الشحنات والمساعدات، اثنتان منها ألقيتا بعد سيطرة التنظيم على منطقة البغيلية، فإن المواد الغذائية بدأت تفقد من الأسواق، مع ارتفاع جنوني في أسعار ما تبقى من المواد، أما في مناطق سيطرة «داعش» فقد شهدت عدة قرى بالريف الغربي حركة نزوح واسعة لأهالي هذه القرى نحو المناطق المجاورة، نتيجة للعمليات العسكرية والقصف المكثف والمستمر والعنيف من قبل قوات النظام على مناطق في ريفها الغربي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.