هدد حليف بارز للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس بإقامة دعوى ضد حكومتها بسبب سياسة «الباب المفتوح» على اللاجئين، خاصة مع تنامي الضغوط السياسية عليها كي تقلل من عدد القادمين الجدد. وقال هورست زيهوفر، رئيس وزراء حكومة ولاية بافاريا، إنه سيرسل للحكومة الاتحادية، طلبا مكتوبا خلال الأسبوعين المقبلين كي تعيد تطبيق «الشروط النظامية» على حدود البلاد، التي عبر منها مليون مهاجر ولاجئ خلال العام الماضي بمفرده.
وأوضح زيهوفر لمجلة «دير شبيغل» أنه «إذا لم تفعل ذلك فليس أمام حكومة الولاية سوى إقامة دعوى في المحكمة الدستورية الاتحادية»، كما أصدر زيهوفر عددا من الإنذارات لميركل خلال الشهور الأخيرة كي يضغط عليها حتى تتخذ خطوة فورية تقلل من تدفق اللاجئين. ولكن كان في كل مرة يتراجع في اللحظة الأخيرة.
وتأتي تصريحات زيهوفر تجسيدا لزيادة الشكوك بين الألمان بشأن شعار «نستطيع عمل ذلك»، الذي تتبناه ميركل في التعامل مع أكبر أزمة للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، ولا سيما منذ حادث التحرش الجنسي الجماعي الذي شهدته مدينة كولونيا في احتفالات العام الجديد، والتي ألقيت باللائمة فيها على المهاجرين. وقد أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه أول من أمس تراجع شعبية ميركل بعد الاعتداءات.
من جهته، قال ماركوس زودر، وزير مالية الولاية، لمجلة «دير شبيغل» إن سياسة ميركل الخاصة باللاجئين لا تحظى بشرعية ديمقراطية، وأنه يتعين أن يقرها البرلمان. كما احتجت شخصيات بارزة من الاشتراكيين الديمقراطيين، ثاني شريك في تحالف ميركل، على سياسة المستشارة الألمانية خلال الأيام الأخيرة وتصدت لسياسة الترحيب بطالبي اللجوء، فيما انضم زيغمار غابرييل، زعيم الاشتراكيين الديمقراطيين، إلى معسكر المنتقدين أمس بقوله إنه «ينبغي أن ننتقل من الهجرة الفوضوية إلى الهجرة المنظمة»، موضحا أنه يتوجب إدخال تحسينات على إجراءات الحدود، وتطبيق نظام حصص قبول اللاجئين بغرض الحفاظ على السيطرة على عدد اللاجئين، الذين جاءوا إلى ألمانيا عند وصولهم.
وأضاف غابرييل أن بمقدور ألمانيا استيعاب أكثر من مائتي ألف لاجئ بحسب اقتراح زيهوفر، ليكون ذلك الحد الأقصى لعدد اللاجئين المقبولين هذا العام «لكن الحصة ينبغي أن تقل كثيرا عن أعداد المهاجرين في العام الماضي»، ولم يعط غابرييل أرقاما محددة.
من جهتها، تعهدت ميركل «بالتقليل المحسوب» لعدد اللاجئين الذين يتم استقبالهم هذا العام. ولكنها رفضت وضع حد أقصى بقولها إن من المحال فرض ذلك من دون إغلاق الحدود الألمانية. وبدلا من ذلك، حاولت ميركل إقناع الشركاء الأوروبيين باستقبال حصص من اللاجئين، وضغطت من أجل بناء مراكز استقبال «في المناطق الساخنة» عند الحدود الخارجية لأوروبا، كما قادت حملة للاتحاد الأوروبي، هدفها إقناع تركيا بمنع اللاجئين من دخول أوروبا. ولكن ما تحقق من تقدم حتى الآن يعد بطيئا.
وعلى صعيد متصل، طرح وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله بصورة واضحة سيناريو فرض ألمانيا لرقابة شاملة على حدودها لمواجهة أزمة اللاجئين، وقال أول من أمس في بروكسل عقب مشاورات مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي إنه إذا تبعت ألمانيا السويد في فرض رقابة على حدودها «فإن ذلك لن يكون مشكلة لألمانيا، ولكن سوف يكون خطرا كبيرا على أوروبا»، علما بأن السويد، التي تعاني من تدفق أعداد كبيرة للغاية من اللاجئين، تفرض منذ بداية الشهر الحالي إجراءات تفتيش على هوية الأفراد في الحافلات والقطارات والعبارات القادمة من الدنمارك.
وطالب شويبله بتحسين سبل حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، ودعم المناطق التي ينحدر منها اللاجئون في جوار أوروبا، وحث الدول الأعضاء في الاتحاد على زيادة مخصصاتهم المالية لمواجهة أزمة اللاجئين، من خلال الدعم المتفق تقديمه لتركيا، والذي يبلغ قيمته 3 مليارات يورو.
كما اقترح شويبله فرض ضرائب إضافية على استهلاك البنزين في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي لتوفير الأموال اللازمة لمواجهة أزمة اللاجئين، وقال شويبله في تصريحات لصحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الألمانية الصادرة أمس «قلت إذا لم تكف المخصصات المالية في الميزانيات القومية وميزانية الاتحاد الأوروبي، دعونا إذن نتفق على سبيل المثال على زيادة الضريبة على كل لتر بنزين بنسبة معينة.. لماذا لا نتفق على ذلك على المستوى الأوروبي إذا كانت هذه المهمة مُلحة للغاية؟ إنه يتعين علينا الآن تأمين الحدود الخارجية لمنطقة الانتقال الحر (شينغن).. وحل هذه المشكلة لا ينبغي أن يبوء بالفشل بسبب محدودية الموارد».
وأعرب شويبله عن استعداده لبدء تطبيق هذا الاقتراح مع بعض الدول في الاتحاد الأوروبي، بقوله: «إذا كان هناك من هو غير مستعد لدفع شيء، فأنا رغم ذلك مستعد لفعل هذا الأمر، ثم نشكل بعد ذلك تحالفا للراغبين في تطبيقه».
ومن جانبه، أبدى وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير قليلا من التفاؤل بشأن حل عاجل لأزمة اللاجئين. وقال خلال مؤتمر للحزب الاشتراكي الديمقراطي في مدينة فريديفالد بولاية هيسن إنه «ليست هناك وصفة محددة للحل»، موضحا أنه «حتى جميع الإجراءات التي تتخذ على المستوى الوطني لن تكفي للتغلب على المشكلة وتقليص أعداد اللاجئين». إلا أن شتاينماير أعرب عن وجود خطوات أولية ناجحة، وأنه تم التوصل إلى تأمين للحدود، مشيرا إلى أنه يضع آمالا كبيرة على مساعدة تركيا في تقليص أعداد اللاجئين، وشدد على أنه لا بد من الاتفاق على التفاصيل في أقرب وقت مع تركيا.
إلا أن شتاينماير شدد في المقابل على أن أهم شيء للتقليص من حجم الظاهرة هو مكافحة أسباب هروب الناس وطردهم من ديارهم، الأمر الذي أوضح شتاينماير أنه يحتل أكبر حيز من اهتماماته، بالإضافة إلى العمل على تحقيق السلام في مناطق الأزمة.
حلفاء المستشارة الألمانية ينقلبون عليها بسبب سياسة «الباب المفتوح»
أحدهم هدد بمقاضاة حكومتها إذا لم تشدد إجراءات اللجوء
حلفاء المستشارة الألمانية ينقلبون عليها بسبب سياسة «الباب المفتوح»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة