الباستا.. هدية العرب لولاية صقلية

عماد المطبخ الإيطالي

الباستا من أهم أطباق الإيطاليين
الباستا من أهم أطباق الإيطاليين
TT

الباستا.. هدية العرب لولاية صقلية

الباستا من أهم أطباق الإيطاليين
الباستا من أهم أطباق الإيطاليين

قد تختلف التسميات بين المكرونة والمعكرونة والباستا، وأيضا طرق التحضير بين السلق ثم الخلط بالصلصات الحمراء أو البيضاء أو الطبخ في الفرن، ولكن المكرونة، أو الباستا، ما زالت هي عماد المطبخ الإيطالي، وانتشرت منه إلى منطقة البحر المتوسط ومن ثم إلى بقية أنحاء العالم. ورغم أن أصلها إيطالي فإن مراجع التاريخ تذكر أن العرب قدموها إلى ولاية صقلية في القرن التاسع الميلادي.
ويعود ذكر الباستا الإيطالية إلى القرن الثاني عشر، حيث ورد ذكرها للمرة الأولى في كتاب للطبخ في صقلية يعود تاريخه إلى عام 1154، وسر نجاحها واستمرارها هو سهولة تحضيرها من دقيق القمح والبيض ثم تقطيعها إلى أشكال مختلفة مثل الإسباغيتي أو اللازانيا أو الأنابيب المقصوصة بأحجام مختلفة. وهي تطبخ بالسلق لمدة عشر دقائق وتخلط بعد ذلك بالصلصة أو الجبن أو باللحم المفروم وتخبز في الفرن.
وفي إيطاليا تقسم الباستا إلى قسمين: الجاف والطازج. وتباع الأنواع الجافة في أكياس في محلات السوبر ماركت وهي تصنع على نطاق صناعي آليا. أما الأنواع الطازجة فهي تصنع في أغلب الأحيان يدويا.
وتأتي الباستا في أكثر من 300 شكل وهي تعرف حول العالم بنحو 1300 اسم مختلف. وحتى داخل إيطاليا تختلف أسماء أنواع الباستا بتنوع المناطق. وتنقسم طرق تحضير الباستا في إيطاليا إلى ثلاثة أنواع. الأول هو تحضير الباستا بالصلصة سواء صلصة الطماطم أو الصلصة البيضاء. أما النوع الثاني فهو استخدام الباستا ضمن أطباق الشوربة، أما النوع الثالث فهو طهي الباستا في الفرن ويطلق عليها الإيطاليون اسم «باستا الفورنو».
وتعد الباستا طبقا سهل التحضير ويأتي في أشكال كثيرة، ويقدم أحيانا في أطباق صغيرة لتكون بمثابة مقبلات في الوجبات الإيطالية. كما يمكن تناولها في وجبات خفيفة ضمن أطباق سلاطة، وأحيانا بكميات أكبر في أطباق تقدم في وجبات العشاء.
الباستا تقدم ساخنة أو باردة، كما تختلف أنواع الصلصات التي تقدم معها. وتتناسب الصلصات مع أنواع الباستا حيث تناسب الصلصات البيضاء المكرونة رفيعة الشكل بينما تناسب صلصة الطماطم الأنواع السميكة والأنبوبية.
وكلمة باستا أصلها إيطالي، وتعتمد الآن في الكثير من اللغات الأخرى وقد دخلت معجم اللغة الإنجليزية في عام 1874، كما يعود تاريخ ذكر الباستا كوجبة غذائية إلى القرن الأول الميلادي وكانت تحضر ثم يتم قليها في الزيت والتوابل.
ويوجد من القرن الخامس كتاب طبخ يشير إلى وجبة الصلصة التي تتكون من طبقات محشوة باللحم، وهي وجبة تعرف الآن باسم «لازانيا». وفي القرن الثالث عشر جاء ذكر تنوع إنتاج أنواع الباستا في إيطاليا.
وتذكر مراجع تاريخية وجبات مماثلة للباستا كانت تعرف بأسماء أخرى وتتكون من معجنات مسلوقة، ومنها ما يعود تاريخه إلى فلسطين في القرن الخامس الميلادي. ويصف قاموس عربي يعود تاريخه إلى القرن التاسع الميلادي نوعا من الباستا يشبه السباغيتي اسمه «إيتريا» تصنع من السيمولينا المجففة قبل طبخها.
وفي عام 1154 كتب محمد الإدريسي من صقلية أن «إيتريا» تصنع وتصدر من صقلية في عهد الملك النورماندي روجر الثاني. وقال الإدريسي: «في غرب ترميني تقع مستعمرة ترابيا التي تنبع منها الأنهار وتنتشر فيها صوامع الغلال. وتوجد مبان ضخمة في الريف تصنع فيها كميات كبية من إيتريا التي يتم تصديرها بكميات كبيرة إلى الدول الإسلامية والأوروبية بأساطيل من السفن».
وما زالت أنواع الباستا التي تسمى إيتريا تصنع في إيطاليا ومنها أنواع تباع تحت أسماء أخرى مثل «تاغلياتيلي» و«ترينيتي». وهناك نوع تاريخي اسمه «لاغانوم» وهو يشبه ألواح اللزانيا المسطحة.
عشق العرب أنواع الباستا واعتمدوها غذاء مناسبا لرحلات الصحراء الطويلة بداية من القرن الخامس، وذلك وفقا للمؤرخ تشارلز بيري، الذي ذكر أيضا أن أنواع الباستا الجافة كانت تصنع في مدينة باليرمو بكميات كبيرة.
وفي شمال أفريقيا، يماثل الكسكس مكونات الباستا، وهو غذاء منتشر في المنطقة منذ قرون. ويعتبر الإيطاليون أن الكسكس هو نوع بدائي من الباستا، لأن الأخيرة تحتاج إلى الكثير من العمل اليدوي لكي تتحول إلى المذاق الناعم المعهود.
ومن اغرب أساطير التاريخ أن الرحالة الأوروبي ماركو بولو استورد أنواع من الباستا من الصين وأنها كانت تسمى «لاغانا»، وأغلب الظن أنها كانت نوع من النودل الذي يشتهر آسيويا. بينما قال جيفري شتاينغارتن، المتخصص في تاريخ المطبخ الأوروبي، بأن العرب هم من قدموا الباستا إلى إمارة صقلية في القرن التاسع الميلادي. وأن أنواعا من الباستا اكتشفت في اليونان ويعود تاريخها إلى عصر الإغريق القديم. وفي الأساطير اليونانية القديمة توجد إشارة إلى أداة تصنع شرائط من العجين، وهي أول إشارة تاريخية لجهاز صنع الباستا.
واشتهرت الباستا الجافة في القرنين الرابع والخامس عشر لسهولة تخزينها. وكانت الباستا ضمن الأغذية المخزنة التي اصطحبها معه كريستوفر كولومبوس في السفن التي اكتشف بها القارة الأميركية. وبعد ذلك بقرن واحد انتشرت الباستا في جميع أنحاء العالم بعد رحلات الاستكشاف التي فتحت العالم الجديد.
أما ارتباط الباستا بصلصة الطماطم فقد بدأ منذ نهايات القرن 18، حيث تعود أول إشارة إلى الباستا بصلصة الطماطم إلى كتاب إيطالي اسمه «المطبخ الحديث» يعود تاريخه إلى عام 1790 كتبه الشيف فرنسيسكو ليوناردي. وقبل استعمال الصلصة كانت الباستا تؤكل جافة باليد. ولكن بعد استخدام الصلصة كان يتعين استخدام الشوكة لتناول الباستا.
وانتشر استخدام أجهزة صنع الباستا منذ عام 1600 بداية من جنوب إيطاليا ومنها إلى أنحاء إيطاليا الأخرى. وأخرجت هذه الأجهزة أنواعا من الباستا أفضل من تلك التي كانت تصنع يدويا في المنازل.

* العصر الحديث
تشتهر الباستا حاليا في جميع أنحاء العالم، وخصوصا في منبعها الأصلي إيطاليا حيث يستهلك الإيطاليون سنويا ما يعادل ثلاثين كيلوغراما من الباستا لكل شخص. ويأتي الأميركيون في المركز الثاني، بعشرة كيلوغرامات سنويا للفرد الواحد.
ويزيد استهلاك الباستا في إيطاليا عن إنتاج القمح فيها، ولذلك تستورد إيطاليا القمح لصناعة المزيد من الباستا. وبفضل هذه الإقبال الواسع عليها تصنع الباستا حاليا في مصانع هائلة الحجم توفر معظم احتياجات السوق، وأفضل أنواعها ما زالت تصدر من إيطاليا.
وتشتهر الباستا أيضا في شمال أميركا وكندا نظرا لهجرة الإيطاليين إليهما في بدايات القرن العشرين. كما تشتهر وجبة الباستا بكرات اللحم في جنوب أفريقيا التي هاجر إليها أيضا أعداد كبيرة من الإيطاليين.
وتصنع الباستا من دقيق القمح أو السيمولينا. وفي أنحاء العالم الأخرى تصنع أنواع الباستا من الحبوب الأخرى مثل الشعير والذرة والأرز. وتباع بعض هذه الأنواع المصنوعة من الأرز والذرة في المتاجر الغربية لتلبية حاجات المستهلكين الذين يعانون من حساسية ضد القمح. وتدخل بعض المكونات الأخرى في صناعة الباستا مثل البيض والكريم وزيت الزيتون. وفي الأنواع الملونة تدخل مواد أخرى مثل حبر الأخطبوط والسبانخ. كما تدخل الطماطم والفطر والخضراوات واللحوم والجبن والأعشاب في مكونات تحضير وطهي الباستا.
ويمكن شراء الباستا الطازجة من محلات السوبر ماركت وهي تتميز بالمذاق الأخف من الأنواع الجافة، ولا تستغرق أكثر من نصف الوقت لطهيها مقارنة بالأنواع الجافة. وهي لا تحتاج إلا لأنواع الصلصة الخفيفة حتى يمكن تذوقها. وتتميز أنواع الباستا الطازجة بأنها لا تتمدد بالطهي مثل الأنواع الجافة. وتشتهر مثل هذه الأنواع في المطبخ الفرنسي أيضا. وتعد الباستا بأنواعها من الوجبات المفضلة عربيا أيضا.



«الست بلقيس» لـ«الشرق الأوسط»: أنصح بالابتعاد عن الطعام المالح

الست بلقيس (الشرق الاوسط)
الست بلقيس (الشرق الاوسط)
TT

«الست بلقيس» لـ«الشرق الأوسط»: أنصح بالابتعاد عن الطعام المالح

الست بلقيس (الشرق الاوسط)
الست بلقيس (الشرق الاوسط)

تنشغل ربّات المنازل خلال شهر رمضان بالتحضير للمأكولات التي تزيّن مائدة الشهر الفضيل. بعضهن تلجأن إلى أمهاتهن أو إلى أي شخص مقرّب يملك خبرة في هذا المجال، فيزودهن بالعناوين العريضة لأطعمة يجب أن تُحضّر يومياً، ويحبّها جميع أفراد العائلة. ونساء أخريات تفضّلن اغتنام الوقت والاستعداد للشهر الفضيل على طريقتهن قبل وصوله. وحسب خبرة «الست بلقيس» الشيف المشهورة اليوم في لبنان بتحضير المأكولات التراثية، فإن هناك قواعد يجب الالتزام بها في هذا الشأن.

وتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لكل ربة منزل أسلوبها في تنظيم مطبخها لاستقبال شهر الصوم الكريم على أفضل وجه. ولكن من خلال خبرتي فأني أنصح كل سيدة بأن تغتنم وقت فراغها، فتقوم بالتحضير سلفاً لأكلات نحتاج إليها أسبوعياً على مائدة رمضان، فتخزنها في ثلاجتها بحيث تستعين بها في الوقت المناسب».

وتنصح «الست بلقيس» بتحضير جميع أنواع المعجنات من رقائق الجبن والـ«سنبوسك باللحم» وتلك المحشوة بالسبانخ. وكذلك، لا يجب أن ننسى أقراص الكبّة المحشوة باللحم والجوز، فتخبزها وتحتفظ بها في «الفريزر» بحيث لا تتطلب منها سوى تسخينها عند الإفطار. وتتابع: «أعتقد أن تحضير نحو 5 دزينات من كل نوع تكفي لطيلة الشهر».

طبق "الفتوش" وتحضير مكوناته سلفاً (الشرق الاوسط)

من ناحية ثانية، تشدّد بلقيس عثمان المعروفة بـ«الست بلقيس» على حفظ أنواع الخضراوات الضرورية لطبق سلطة الفتوش. وتقول: «لا يجب أن ترتبك ستّ البيت بالتحضير لهذا الطبق المعروف بـ(سيد مائدة رمضان). ولذلك؛ عليها غسل الخضراوات المكونة للطبق. ومن ثم تحتفظ بها في ثلاجتها بطريقة سليمة؛ كي لا يصيبها الذبل أو العفن. فكما البندورة والخيار والخس، كذلك البقدونس والنعناع والفجل وورق الزعتر الأخضر. ومن الأفضل أن تجففها جيداً بعد الغسيل وتغطيها بمناديل ورقية أو بفوطة جافة داخل علبة من الزجاج أو البلاستيك».

ومن المكونات التي تنصح بأن تشتريها سيدة المنزل قبل وصول الشهر الكريم جميع أنواع الحبوب. وبالأخص العدس المجروش لصنع الحساء منها.

المأكولات المالحة غير منصوح بها

تقدّم «الست بلقيس» نصائح عدة للمرأة اللبنانية التي تحبّ تحضير سفرة الإفطار بأناملها. ومن أهمها عدم الركون إلى الأكلات المالحة وتلك المقلية بالزيت؛ لأنها تتسبب بالعطش. «ابتعدي قدر الإمكان عن جميع الأكلات الدسمة. فالاعتدال بتناول هذا المكون ضروري لتمضية فترة صوم صحية. فلا (سوشي) ولا باذنجان مقلياً ولا صلصة صويا. كما أنصح بتناول كل أنواع اللحوم خلال الأسبوع من سمك ولحم دجاج وبقر. وكذلك السلطات والحساء على أن يفطر الصائم على مكون بارد وسهل الهضم. ومن ثم يمارس المشي أو مشاهدة التلفاز لفترة 10 دقائق قبل أن يهمّ بتناول باقي أنواع الطعام. فمن الضروري جداً ألا يلتهم طعامه بسرعة».

المعجنات تزين السفرة الرمضانية (الشرق الاوسط)

قواعد على الضيف اتباعها

تنصح «الست بلقيس» الأشخاص المدعوين إلى مائدة إفطار عند أحدهم أن يخبره مسبقاً عن الأكلات التي لا يستطيع تناولها. وتوضح: «يجب الوضع في الحسبان احترام وقت ربّة المنزل في تحضيرها أطباق المائدة. فمن يعاني أمراضاً معينة لا تخوّله تناول جميع الأطعمة، عليه أن يفصح عنها باتصال مسبق. فبذلك يوفّر على ربة المنزل الارتباك بصنع مأكولات خاصة له قبل موعد الإفطار بدقائق قليلة. وأنا شخصياً أخبر من يدعوني بأني لا أتناول البرغل ولا الفلافل لأني أعاني داء القولون. وبالنسبة للأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية معينة لإصابتهم بداء السكري أو لأسباب صحية أخرى فعليهم القيام بالمثل».

موسم رمضان هذه السنة بعطر الـ«بوصفير»

تعدّ «الستّ بلقيس» موسم رمضان هذه السنة مواتياً جداً لتحضير أكلات يستخدم فيها عصير الـ«بوصفير». وهو نوع من الحمضيات الشهيرة في مختلف المناطق اللبنانية. وتضيف: «أعرف تماماً أن أهالي بيروت كما سكان مدينتي طرابلس وصيدا وغيرها يتمتعون بموسم زاهر به. ولذلك أنصح بتحضير أطباق «كبّة أرنبية» و«طاجن السمك» و«الفول المدمّس» معه. فهو يضفي طعماً ونكهة لذيذين على هذه الأطعمة. وعلينا الاستفادة من الموسم الزراعي هذا؛ إذ قد لا نصادفه في كل سنة خلال شهر رمضان».

وصفة بيروتية على طريقة «الست بلقيس»

تختار «الست بلقيس» طبق «سلل الأوزة» البيروتي لتقدمه بصفته وصفة طعام تزين مائدة الشهر الفضيل. «هذا الطبق بيروتي بامتياز ويصنع من عجينة البقلاوة اللذيذة. ويمكننا أن نمد هذه العجينة في صينية ونغمرها بكمية من الدجاج مع الأرز المتبقية عندنا. ومن ثم نعود ونغطيها بطبقة من العجين نفسه وندخلها الفرن بعد دهنها بالسمن أو الزيت. «إننا بذلك نعمل على عدم رمي أي مكون طعام سبق وتناولناه قبل يوم أو أكثر. وهنا أحبّ التذكير بضرورة التفكير بهذا الشهر الكريم بالغريب كما القريب، فنقدّم يومياً طبق طعام لفقير أو جار وحيد؛ فتكتمل بذلك معاني الشهر الفضيل قولاً وفعلاً».