بن رودس: الانتقال السياسي في سوريا سيفشل من {دون وضوح} حول رحيل الأسد

نائب مستشارة الأمن القومي الأميركي لـ («الشرق الأوسط») : الدور السعودي حاسم في دفع عملية التسوية السياسية

مدنيون من سكان منطقة في حلب يهرعون باتجاه أخرى أكثر أمنا تحت قصف الطيران الحربي أول من أمس (أ.ف.ب)
مدنيون من سكان منطقة في حلب يهرعون باتجاه أخرى أكثر أمنا تحت قصف الطيران الحربي أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

بن رودس: الانتقال السياسي في سوريا سيفشل من {دون وضوح} حول رحيل الأسد

مدنيون من سكان منطقة في حلب يهرعون باتجاه أخرى أكثر أمنا تحت قصف الطيران الحربي أول من أمس (أ.ف.ب)
مدنيون من سكان منطقة في حلب يهرعون باتجاه أخرى أكثر أمنا تحت قصف الطيران الحربي أول من أمس (أ.ف.ب)

طالب بن رودس نائب مستشارة الأمن القومي الأميركي كلا من روسيا وإيران بتوضيح قضية تنحي الأسد عن السلطة في سوريا، محذرا من انهيار عملية الانتقال السياسي وفشلها في حال لم يكن هناك وضوح حول رحيل الأسد كجزء من العملية السياسية.
وقال رودس لـ«الشرق الأوسط» خلال اجتماعه بالصحافيين بمركز الصحافيين الأجانب، مساء الأربعاء، إن الإدارة الأميركية أعلنت ضرورة رحيل الأسد كجزء من العملية السياسية لأن الغالبية العظمى من الشعب السوري لن يقبل بشرعية الانتقال السياسي إذا لم ينجم عنه رحيل للأسد من السلطة. وقد أعلنت الإدارة الأميركية مرارا أنه لا يمكن للأسد من الناحية العملية السيطرة على البلاد واستعادة الشرعية، وليس هذا رأي الولايات المتحدة فقط، بل معظم دول المنطقة، ولا يمكن للعملية السياسية أن تنجح ما لم يكن هناك وضوح حول حقيقة رحيل الأسد كجزء من عملية الانتقال السياسي».
وحول التقارير التي تحدثت عن توقيت وجدول زمني محدد لرحيل الأسد، قال رودس: «قلنا إنه ليس من الضروري أن يكون رحيل الأسد في بداية العملية السياسية لأنه من الضروري إحراز تقدم في عملية التفاوض، لكن علينا الحصول على وضوح بشأن حقيقة أن الأسد سيرحل عن الحكم في إطار عملية التحول السياسي، ولا أستطيع أن أحدد بالضبط موعد رحيله. وقد أوضحنا لروسيا وإيران أنه ما لم يكن واضحا رحيل الأسد خلال هذه العملية، فإن العملية السياسية بأكملها ستفشل وتنهار لأن المعارضة السورية وبقية الدول لن تساندها، ولذا ستكون مسألة رحيل الأسد من القضايا الهامة التي لا بد من حلها في الأشهر المقبلة».
وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول رؤية الإدارة الأميركية للاجتماع المقرر عقده في جنيف في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، ومدى التقدم في اختيار قائمة أسماء المشاركين، قال رودس إن «الولايات المتحدة لا تتدخل في اختيار المشاركين في اجتماع جنيف، ونؤمن أن هناك كثيرا من العمل الواجب القيام به لجلب الأطراف والمشاركين في العملية السياسية إلى الطاولة، وقد شجعنا المعارضة للعمل وتحديد ممثلي المعارضة في ذلك الاجتماع». وتابع بقوله: «استضافت المملكة العربية السعودية مجموعة واسعة من أحزاب المعارضة لتحديد المشاركين. وهو أمر متروك للمعارضة لتحديد ممثليها، ولا نتدخل في الاختيار. وما نهدف للوصل إليه هو جلب الأطراف إلى طاولة المحادثات وأن يحددوا خلال المحادثات والمفاوضات سبل الحل السياسي».
وعن الدور السعودي في الأزمة السورية قال نائب مستشارة الأمن القومي الأميركي للشرق الأوسط: «أعتقد أن الدور السعودي كان حاسما في دفع عملية التسوية السياسية السورية، ونعتقد أن نجاح اجتماعات فيينا يعتمد إلى حد كبير على استمرار الدعم من بلدان مختلفة، ولذا من المهم مشاركة كل من المملكة العربية السعودية وروسيا وإيران في تلك العملية».
وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول موقف الإدارة من الاستفزازات الإيرانية المتكررة وتحديها لواشنطن وإقدامها على إجراء تجارب صواريخ باليستية واحتجاز طاقم مشاة البحرية ثم الإفراج عنهم، إضافة إلى مساندتها للنظام السوري ودعمها للإرهاب وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، قال رودس: «لا نرى أن هناك تحديا موجها بشكل خاص إلى الولايات المتحدة، بل نرى أننا قمنا بحل القضية النووية وأوفى الإيرانيون بالتزاماتهم، وقريبا سنبدأ في تنفيذ الاتفاق النووي الذي يلزم الإيرانيين بخطوات محددة بشأن البرنامج النووي وبعدها يبدأ رفع العقوبات».
وأضاف: «قلنا خلال المفاوضات النووية وبعدها إننا لا نتوقع حل جميع القضايا بين الولايات المتحدة وإيران، أو بين إيران والمجتمع الدولي، وهي مستمرة في الانخراط في سلوك نرفضه، مثل إجراء تجارب صواريخ باليستية ودعم الإرهاب والأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وهو جزء من نمط السلوك الذي اتبعته لسنوات، والإدارة الأميركية ترفضه، لكنها لا ترى فيه تطورا جديدا، بل ترى سلوكا يتماشى مع السلوك الإيراني على مر السنين». وشدد نائب مستشارة الأمن القومي الأميركي: «إننا سوف نرد على ذلك، ونحن نعمل لفرض عقوبات جديدة تتعلق بتجارب إيران للصواريخ الباليستية».
من جانب آخر أشاد رودس بالتسوية السريعة لحادث احتجاز إيران لعشرة من مشاة البحرية الأميركية، وقال: «تمكنا من تسوية الوضع بسرعة كبيرة بسبب اتصالاتنا الدبلوماسية مع إيران التي لم تكن موجودة منذ عدة سنوات، ونحن لا نرى أي نيات عدوانية من الإيرانيين».
وأشار رودس إلى جهود الولايات المتحدة في مواجهة خطر الإرهاب وتنظيم داعش والتحديات العالمية، وقال: «نحث الكونغرس للعمل معا ونطلب تفويضا لاستخدام القوة العسكرية ضد (داعش)».
وحول أهمية الحصول على التفويض باستخدام القوة العسكرية وتأثير ذلك على الحرب ضد تنظيم داعش، قال رودس: «أولا، الحصول على تفويض من الكونغرس يرسل رسالة سياسية للعالم أن الولايات المتحدة جادة في مكافحة (داعش) ومواجهة الإرهاب، والأمر الثاني أن جهود مكافحة (داعش) حاليا تستند إلى التفويض الصادر في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الذي يحدد التعامل مع تنظيم القاعدة والقوات المرتبطة بها، و(داعش) هو نتاج تنظيم القاعدة في العراق، لذا فإن لدينا أساسا قانونيا لملاحقة (داعش)».
وأضاف: «التهديدات في عام 2001 مختلفة عن التهديدات في عام 2016 ولم يعد (داعش) جزءا من تنظيم القاعدة، بل أصبح (داعش) في صراع مع تنظيم القاعدة، ويسعى تنظيم داعش للانتشار في أماكن مثل سيناء وليبيا والصومال، لذا فإننا نواجه واقعا جديدا من التهديدات، وشن حرب ضد مجموعة إرهابية استنادا إلى الأوضاع في عام 2001 ليس وسيلة فعالة».
وتطرق نائب مستشارة الأمن القومي إلى تواصل الإدارة الأميركية مع الحكومة المصرية في مناقشات مستفيضة حول تحديات تنظيم داعش في سيناء، وقال: «نشعر بالقلق إزاء قدرة (داعش) على كسب موطئ قدم في سيناء، لذا فنحن نتبادل المعلومات مع مصر من خلال علاقاتنا الأمنية والمساعدة في ملاحقة التنظيمات الإرهابية في أماكن مثل سيناء».
وأشار رودس إلى أهمية دعم مصر جنبا إلى جنب مع الدول الأخرى في المنطقة لدفع عملية التوصل إلى حل للأزمة السورية، وجزء من هذه العملية السياسية يجب أن ينطوي على ترك بشار الأسد للسلطة».
وشدد نائب مستشارة الأمن القومي الأميركي على خطورة الوضع في ليبيا وقلق الإدارة الأميركية من قيام تصاعد نفوذ «داعش» في ليبيا، وقال: «اتخذنا بالفعل إجراءات ضد قادة (داعش) في ليبيا، ونعتقد أن اتفاق الصخيرات تحت رعاية الأمم المتحدة هو الحل للمأزق السياسي، ودعم مصر لهذه العملية أمر بالغ الأهمية، كذلك الولايات المتحدة وقطر والإمارات لدعم حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، وكذلك إيطاليا والحلفاء الأوروبيون للمساعدة على استقرار الأوضاع والمضي قدما».

* اتفاق نشر طائرات عسكرية روسية في سوريا غير محدد المدة

* قالت وكالة الإعلام الروسية، أمس، نقلا عن نص وثيقة، إن سوريا سمحت بوجود سلاح الجو الروسي على أراضيها لفترة غير محددة بموجب بنود اتفاق وقعه البلدان في أغسطس (آب) الماضي.
وبحسب الاتفاق الذي تم نشره على الموقع الإلكتروني الرسمي الروسي للمعلومات القانونية، فإن دمشق تعهدت بتسوية الشكاوى - إن وجدت - من قبل طرف ثالث في حال إلحاق الضرر بمصالحه أثناء عملية سلاح الجوي الروسي في سوريا. هذا وينص الاتفاق أيضا بحسب موقع «روسيا اليوم» على كيفية التصرف في التعاملات بين البلدين في حالات مشابهة خلال العملية العسكرية.
وتنطلق الطائرات الروسية من قاعدة بمحافظة اللاذقية السورية لقصف تنظيم داعش والمعارضة المعتدلة منذ 30 سبتمبر (أيلول) الماضي في إطار مساعي موسكو لمساعدة الرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة المعارضة المسلحة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».