تواصل الجدل بشأن تكريم الحوثيين للمبعوث الأممي

مصدر حكومي لـ {الشرق الأوسط}: مصداقية ولد الشيخ.. على المحك

تواصل الجدل بشأن تكريم الحوثيين للمبعوث الأممي
TT

تواصل الجدل بشأن تكريم الحوثيين للمبعوث الأممي

تواصل الجدل بشأن تكريم الحوثيين للمبعوث الأممي

تواصلت ردود الفعل على قبول المبعوث الأممي تكريما من رئيس ما تسمى اللجنة الثورية العليا، محمد علي الحوثي، حيث سرب الحوثيون صورة لمحمد الحوثي وهو يمنح المبعوث الأممي وساما، دون معرفة ماهية الوسام والأسباب التي دعت إلى تقليده للمبعوث الأممي، بينما ما زالت مهمته قائمة ولم تنجز، إضافة إلى الجدل الذي حاز على اهتمام شريحة واسعة من مواقع الأخبار اليمنية ومواقع التواصل الاجتماعي، على اعتبار أن ما أقدم عليه المبعوث الأممي يعد مخالفة واضحة وصريحة للنظام الأمم المتحدة.
وفي حين لم يصدر أي تعليق يمني رسمي بخصوص تكريم ولد الشيخ، فقد قال مصدر حكومي يمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إنه «كان من المفترض أن يرفض المبعوث الأممي التكريم أو الهدية، نظرا لحساسية الموقف، وكذلك لأن من قام بالتكريم هو من قيادات الانقلاب، وهذا يضع تساؤلات حول حياد المنظمة الدولية التي من المفترض أن تكون محايدة». وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، أنه «وبينما أطفال تعز يموتون جراء الحصار ومنع المواد الغذائية والدوائية والأكسجين عن المستشفيات، يقوم رئيس ما تسمى اللجنة الثورية بتكريم المبعوث الأممي»، وأردف المصدر: «نحن لا نستهدف المبعوث الأممي، لكنه وقع في خرق كبير».
وقال رئيس منتدى الخليج والجزيرة، نجيب غلاب، إن قبول ولد الشيخ بالتكريم بـ«الطريقة التي تمت، اعتراف من قبل المبعوث الأمم بالانقلاب والتعامل مع رئيس اللجنة الانقلابية باعتباره رئيس دولة، وهذا يعني أن المبعوث لا يرى الرئيس هادي رئيسا، وهذا يمثل امتدادا لرؤية بن عمر المبعوث السابق الذي كان يعدّ العدة لإجبار الأحزاب على تنفيذ الإعلان الدستوري وتعامل في حينها مع استقالة الرئيس هادي كأنها قد تمت رغم معرفته بملابساتها وعدم إكمال الإجراءات الدستورية». وأضاف غلاب لـ«الشرق الأوسط» أن ولد الشيخ «وقع في فخ كبير، فهو يخالف بهذا العمل مجلس الأمن والأماني العامة للأمم المتحدة ويضع دوره كوسيط في محل شك».
وفي الوقت الذي لم يعلق المبعوث الأممي أو مكتبه على الجدل المثار بشأن تكريمه، فإن أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة، الدكتور فيصل الحذيفي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «أثر التكريم من عدمه سيكون مرتبطا بالنتائج والقرارات والتصرفات التي سيتبناها ولد الشيخ لاحقا وليس لمجرد قبوله التكريم»، واعتبر ما حدث بأنه «لا يعدو عن كونه مرونة لدى الوسيط وخلقا رفيعا لا يوجب الرفض في العلاقات الإنسانية لكسب الود والقدرة على التأثير العكسي على المتمردين وليس على ولد الشيخ»، وأضاف الحذيفي أنه «من منظور سياسي، وليس قانونيا أو أخلاقيا، بإمكان الوسيط أن يقبل التكريم للحصول على مكاسب إيجابية لنجاح المساعي الدولية من الطرف الذي سعى إلى تكريمه»، وأنه «في حين فشل الوسيط في الوصول إلى نتائج ذات قيمة، فإن تقريره الدوري هو من سيحدد إن كان لهذا التكريم أثر سلبي على مساعي الوسيط الأممي من عدمه، وعندما تفشل مساعيه سيكون عليه التشدد في تقاريره بما يحفظ له سمعته ونزاهته».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.