صدمة وإدانة في لبنان لإطلاق سراح سماحة.. والحريري: القرار مكافأة مجانية لمجرم

محكمة التمييز العسكرية أفرجت عن وزير الإعلام السابق بكفالة وتستأنف محاكمته الخميس > وزير الداخلية قال إن القرار «إدانة للمحكمة} .. وجنبلاط اعتبره «تشريعًا للجريمة»

ميشال سماحة وزير الإعلام والسياحة الأسبق يتحدث إلى المصورين في منزله بحي الأشرفية في بيروت بعد الإفراج عنه بكفالة أمس (إ.ب.أ)
ميشال سماحة وزير الإعلام والسياحة الأسبق يتحدث إلى المصورين في منزله بحي الأشرفية في بيروت بعد الإفراج عنه بكفالة أمس (إ.ب.أ)
TT

صدمة وإدانة في لبنان لإطلاق سراح سماحة.. والحريري: القرار مكافأة مجانية لمجرم

ميشال سماحة وزير الإعلام والسياحة الأسبق يتحدث إلى المصورين في منزله بحي الأشرفية في بيروت بعد الإفراج عنه بكفالة أمس (إ.ب.أ)
ميشال سماحة وزير الإعلام والسياحة الأسبق يتحدث إلى المصورين في منزله بحي الأشرفية في بيروت بعد الإفراج عنه بكفالة أمس (إ.ب.أ)

شكّل قرار محكمة التمييز العسكرية في لبنان، القاضي بإطلاق سراح ميشال سماحة، المستشار السياسي للرئيس السوري بشار الأسد، صدمة في الأوساط اللبنانية، خصوصًا أن الإفراج عنه جاء قبل الانتهاء من استجوابه في جلسة محددة يوم الخميس المقبل بتهمة «إدخال 24 عبوة ناسفة من سوريا إلى لبنان، بالاتفاق مع مدير مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك ومدير مكتبه العقيد عدنان، ووضع مخطط يفضي إلى تفجير هذه العبوات في منطقة عكار بشمال لبنان بموائد إفطار رمضانية، ومحاولة قتل نواب ورجال دين بينهم مفتي عكار، ومعارضين للنظام السوري ومواطنين».
فقد وافقت أمس محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي طوني لطوف، على طلب الإفراج عن سماحة الذي تقدم به وكيلاه المحاميان صخر الهاشم ورنا عازوري، وذلك لقاء كفالة مالية قدرها 150 مليون ليرة لبنانية (نحو مائة ألف دولار أميركي)، وقد سارع وكيلا الدفاع إلى تسديد قيمة الكفالة وإخراج سماحة من مكان توقيفه في سجن الريحانية (جبل لبنان) ليعود حرًّا طليقًا بعد ثلاث سنوات وخمسة أشهر ويومين من توقيفه، بعدما داهمه فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي وأوقفه في منزله في المتن في 12 أغسطس (آب) 2012 إثر ضبط المتفجرات التي نقلها بسيارته من مكتب علي مملوك في دمشق، وسلّمها إلى المخبر السري ميلاد كفوري وكلّفه بتفجيرها بواسطة أشخاص لديهم باع طويل في حقل التفجير، إلا أن كفوري سلّم المتفجرات إلى فرع المعلومات وكشف المخطط.
القرار الذي صدر خلافًا لرأي النيابة العامة التمييزية التي طلبت بردّ مذكرة إخلاء سبيل سماحة وإبقائه موقوفًا، اقترن بمصادرة جوار السفر العائد للمتهم ومنعه من السفر لمدة سنة من تاريخ الإفراج عنه (أمس) ومصادرة جواز سفره، ومنعته من تناول ملف هذه القضية وكل ما يتعلّق بإجراءات التحقيق الأولي والاستنطاقي والمحاكمة الحالية، مع أي وسيلة إعلامية مقروءة أو مرئية أو مسموعة أو حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى حين صدور الحكم النهائي في هذه القضية، تحت طائلة إصدار مذكرة توقيف جديدة بحقه.
المحكمة استندت في حيثيات قرارها، إلى أنها «صاحبة الصلاحية المطلقة لاتخاذ القرار بإخلاء سبيل المتهم ومتابعة محاكمته وهو حرّ طليق، أو إبقائه قيد التوقيف بموجب قرار معلّل». وخلصت إلى إخلاء سبيل سماحة لقاء الكفالة المالية المذكورة ما لم يكن موقوفًا في قضية أخرى.
ويعدّ قرار محكمة التمييز مبرمًا وغير قابل للإبطال أو لأي طريق من طرق المراجعة لكون قرارات وأحكام محكمة التمييز نهائية باعتبارها صادرة عن واحدة من أعلى الهيئات القضائية التي لا تقبل قراراتها الإبطال.
واعتبر رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق ورئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، أن «إجماع الضباط على القرار بشأن سماحة هو عار ومشبوه ومكافأة للمجرم، ولن أسكت عنه»، فيما رأى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أنه «يشكل طعنًا عميقًا في العمل الجبار الذي قامت وتقوم به الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب» معتبرًا إياه «تشريع للجريمة إن لم يكن تشجيعًا لها».
وقال الحريري في سلسلة تغريدات نشرها في حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «مهما كانت أوجه التعليل لقرار محكمة التمييز العسكرية بإطلاق ميشال سماحة، فإنه قرار بإطلاق مجرم متورط بواحدة من أقذر الجرائم بحق لبنان»، مضيفًا: «إجماع الضباط في المحكمة على القرار، هو إجماع على تقديم مكافأة مجانية للمجرم باسم القانون، وانتهاك لمشاعر معظم اللبنانيين، إن إجماع الضباط على القرار بشأن سماحة هو عار ومشبوه ومكافأة للمجرم ولن أسكت عنه».
وأكد الحريري أن «البعض سيرى في القرار بشأن سماحة تدبيرًا قضائيًا صرفًا ونخشى أن يكون وصمة عار في جبين القضاء العسكري، واللبنانيين في كل الأحوال حكموا على ميشال سماحة بأنه مجرم أوقف بالجرم المشهود وهو يشرع بالقيام بأعمال إرهابية ويخطط لقتل مواطنين أبرياء، إن مجرمين على هذا المستوى يستحقون القصاص العادل، الذي أنزل بكثيرين من طراز ميشال سماحة في عالم الجريمة المنظمة».
وتابع الحريري: «نشعر في هذا اليوم بالقرف من عدالة منقوصة وبالخوف على أمن اللبنانيين طالما ستبقى الأبواب مفتوحة للمجرمين للهروب من الحكم العادل، لكنها مناسبة لأتوجه بالتحية في هذا اليوم إلى روح الشهيد وسام الحسن، وإلى أبطال فرع المعلومات الذين يقومون بدورهم في حماية لبنان»، علما بأن شعبة المعلومات برئاسة اللواء الراحل وسام الحسن، كانت أوقفت سماحة وسلمته للقضاء اللبناني.
بدوره، رأى وزير الداخلية نهاد المشنوق أن «قرار إطلاق سراح ميشال سماحة إدانة واضحة ومؤكّدة لمحكمة التمييز العسكرية بكلّ المعايير الوطنية والقانونية والمنطقية»، مشيرًا إلى أنه «سيكون لنا موقف من هذا الموضوع، كتيّار سياسيّ، من الذين ما زالوا يتصرّفون على قاعدة إلغاء الوطن لصالح القَتَلَة أمثاله»، مشيرًا إلى أنه سيكون «موقفًا أعلى بكثير ممّا يظن زبانية تبرير القتل والتفجير من قبل النظام السوري».
من جهته، علق وزير العدل أشرف ريفي بعد جلسة مجلس الوزراء، على قرار إخلاء سماحة، بالقول: «مرة جديدة أجد نفسي مضطرا لأن أنعى المحكمة العسكرية إلى الشعب اللبناني، هذه المنظومة القضائية الاستثنائية بكافة درجاتها، يبدو أن هذه المنظومة تميز بين متفجرات من هنا وأخرى من هناك، ويبدو أنها تميز بين إجرام تعتبره صديقا وإجرام تعتبره عدوا. إنها بذلك تضرب بعرض الحائط الأمن الوطني اللبناني وأمن اللبنانيين».
أضاف ريفي: «يتحمل كل من شارك في قرارات هذه المنظومة مسؤوليته الوطنية. وأنا على ثقة أن اللبنانيين الشرفاء الوطنيين يدينون هذه القرارات المشبوهة».
أسف ريفي على الوضع قائلاً: «بئس هذا الزمن الذي يتآمر فيه قاض على أمن وطنه. بئس هذا الزمن الذي يتآمر فيه ضابط على أمن وطنه. سأقوم بما يمليه علي ضميري وواجبي الوطني تجاه هذه القضية. لن نغفر ولن نتساهل في أمننا الوطني».
إلى ذلك، أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أنه «ولو لم أكن خبيرًا بالقانون، فإطلاق سراح ميشال سماحة مرفوضٌ بكل المقاييس»، موضحًا: «بمنطق عفوي بسيط، كيف لي أن أفهم أن لبنانيًا تآمر مع جهة خارجية لارتكاب أعمال قتل وتفجير في بلاده ونقل متفجرات لهذه الغاية، وجنّد أشخاصًا لتنفيذها وجرى وقف المخطط في آخر لحظة من قبل فرع المعلومات؟ كيف لي أن أفهم إطلاق سراح هكذا شخص؟»
وأضاف جعجع: «أي رسالة بعثها رئيس المحكمة والضباط المعاونون إلى اللبنانيين بهكذا قرار؟» مردفًا: «أي أمل يتركونه لهم بمستقبل بلادهم وسيادتها والحفاظ على أمن أبنائها وعلى حرياتهم». ووعد جعجع «إننا لن نرضخ وإننا كل شيء فاعلون حتى الخروج من هذا الزمن إلى زمنٍ أفضل».
وبغض النظر عن التداعيات السياسية التي تركها هذا الحكم، فإن رئيس المحكمة القاضي طوني لطوف، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار الذي اتخذته المحكمة بإجماع أعضائها، هو قرار قضائي معلّل بالأسباب الموجبة التي حملته على إخلاء سبيل سماحة». وأشار إلى أن القرار «بعيد عن الاعتبارات السياسية، وهو اتخذ في مذاكرة سرية حصلت داخل أروقة المحكمة». مشددًا على أن «لا سبيل لدخول أي عوامل خارجية إلى صلب العمل القضائي للمحكمة».
غير أن مصدرًا قانونيًا قال لـ«الشرق الأوسط»: «القرار مفاجئ، ولم يكن في الحسبان أن تقدم محكمة التمييز التي يرأسها قاضٍ مشهود له بخبرته على إخلاء سبيل ميشال سماحة، خصوصًا وأن المحكمة وضعت يدها على كامل اعترافاته المسجلة بالصوت والصورة، والتي أقرّ بها أثناء استجوابه في الجلسة الماضية»، مستغربًا كيف «سارعت إلى اتخاذ هذا القرار، حتى قبل أن تنتهي من استجواب المتهم في قضية لو قدّر لها أن تتحقق لكانت أحدثت فتنة طائفية في لبنان، خصوصًا وأن القرار خالف رأي النيابة العامة التمييزية التي دعت إلى ردّ طلب إخلاء السبيل وإبقاء سماحة موقوفًا، سيما وأن الجرائم التي تتطابق مع الجرم الذي ارتكبه سماحة تنص على عقوبة الأشغال الشاقة 20 سنة».
أضاف المصدر: «إذا ضبط شخص ينقل غرامين من المخدرات يحكم عليه بالأشغال الشاقة مدة سبع سنوات وأحيانا تشدد العقوبة أكثر، أما سماحة الذي نقل 24 متفجرة من سوريا إلى لبنان، ووضع مع المخبر ميلاد كفوري المخطط والأهداف التي سيفجرها ومنها اغتيالات وإثارة فتنة، يحكم عليه بالسجن لثلاث سنوات ونيف». برأي المصدر أن «الاعتبارات التي دفعت بالمحكمة العسكرية إلى إصدار حكم مخفف على سماحة الصيف الماضي (4 سنوات ونصف السنة، لكنها فعليًا 3 سنوات و5 أشهر، لأن السنة السجنية هي تسعة أشهر بدلاً من 12 شهرًا)، ما زالت قائمة».
ويفترض أن تواصل محكمة التمييز العسكرية اعتبارًا من يوم الخميس المقبل محاكمة سماحة، باستكمال استجوابه في هذه القضية، وهو سيحضر حرًا وسيغادر إلى منزله بعد كلّ جلسة، إلى أن يصدر الحكم النهائي بحقه.



الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، بإحالة المتمردين الحوثيين في اليمن على محكمتهم الخاصة عدداً من موظفي الأمم المتحدة الـ59 الذين يحتجزونهم «تعسفياً».

وأفاد ستيفان دوجاريك، الناطق باسم غوتيريش، بأن الأمين العام «يدين إحالة سلطات الأمر الواقع الحوثية موظفين من الأمم المتحدة على محكمتهم الجنائية الخاصة»، مشيراً إلى أن هذه الإحالة تشمل عدداً لم يحدده من موظفي الأمم المتحدة المُحتجَز بعضهم منذ سنوات.

وأضاف: «ندعو سلطات الأمر الواقع إلى إلغاء هذه الإحالة والعمل بحسن نية للإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

ونفذ الحوثيون المدعومون من إيران في السنوات الأخيرة موجات عدة من الاعتقالات، ولا يزالون يحتجزون 59 موظفاً من الأمم المتحدة، جميعهم من الجنسية اليمنية، وهم محرومون من أي تواصل مع العالم الخارجي.

وعلّل الحوثيون احتجاز هؤلاء بتهم تجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنّ الأمم المتحدة نفت الاتهامات مؤكدة عدم جواز ملاحقة موظفيها على أساس أنشطتهم الرسمية.

أما مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك فأشار في بيان إلى أن أحد زملائه أحيل على المحكمة الخاصة لدى الحوثيين بناء على «اتهامات كاذبة بالتجسس»، وقال: «هذا أمر غير مقبول على الإطلاق ويشكّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان»، مجدداً المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى.

ودأب القضاء التابع للحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن، على استدعاء عاملين في منظمات غير حكومية وصحافيين ومعارضين.


ترحيب في مقديشو بنجم «تيك توك» صومالي رحّلته واشنطن

الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
TT

ترحيب في مقديشو بنجم «تيك توك» صومالي رحّلته واشنطن

الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)

في 24 أكتوبر (تشرين الأول)، شنّ البيت الأبيض هجوماً على الصومالي مهاد محمود، واصفاً إياه بأنه «حثالة مجرم» واتهمه خطأ على ما يبدو بالمشاركة في اختطاف جاسوسين فرنسيين في مقديشو، لكنّ بلده استقبله كالأبطال بعد ترحيله من الولايات المتحدة.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، ذاك المنشور الذي ورد يومها على منصة «إكس» وأُرفِق بصورة لشخص ذي لحية قصيرة يرتدي قميصاً بنقشات مربعات، فاجأ مواطني محمود، إذ يُعَدّ في بلده الأصلي نجماً على وسائل التواصل الاجتماعي يحظى بشعبية واسعة، ويبلغ عدد متابعيه على «تيك توك» نحو 450 ألفاً.

تواجه الصومال منذ عام 2006 تمرداً تقوده حركة «الشباب» المتطرفة المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولا تزال الحرب مستمرة إلى اليوم على بعد 60 كيلومتراً من العاصمة مقديشو. في هذا الواقع، يركّز مهاد محمود على المناوشات الكلامية بين الفصائل الصومالية المتناحرة ويبدو بعيداً جداً عن أجواء المتمردين المتطرفين.

وأجرت وكالة الصحافة الفرنسية عملية تحَقُق من هذا الرجل الذي رُحِّل إلى الصومال في نوفمبر (تشرين الثاني)، وترى فيه مصادر أمنية صومالية وفرنسية ضحية جديدة لسياسة إدارة ترمب المتعلقة بالهجرة، لا ضالعاً في قضية هزّت فرنسا، ينفي أي دور له فيها.

ففي 14 يوليو (تموز) 2009، أقدمت مجموعة من المسلحين على خطف اثنين من عملاء مديرية الأمن الخارجي الفرنسية من «فندق صحافي العالمي» (Sahafi international) الذي كانا يقيمان فيه بمقديشو، وما لبث أحدهما ويُدعى مارك أوبريير أن تمكن من الهرب بعد شهر.

أما الآخر، وهو دوني أليكس، فتوفي بعد ثلاث سنوات ونصف سنة من الأسر، في يناير (كانون الثاني) 2013، وأكدت باريس أن خاطفيه أعدموه عندما كانت القوات الفرنسية تحاول تحريره.

«ليس صحيحاً»

وصف منشور البيت الأبيض مهاد محمود بأنه «حثالة مجرم خارج على القانون»، واتهمه بأنه «ضالع في اختطاف مسؤولين فرنسيين في فندق صحافي وقتل أحدهما من قِبل حركة الشباب».

وقال محمود في حديث مع وكالة الصحافة الفرنسية، السبت، إن هذا الاتهام «ليس صحيحاً»، موضحاً أنه كان يقيم بين عامَي 2008 و2021 في جنوب أفريقيا ولم يكن موجوداً في الصومال لدى حصول هذه الواقعات، مندداً باتهامات «تخدم الأجندة السياسية» للسلطات الأميركية.

ومع أن مهاد محمود لا يمتلك أي مستندات إدارية تثبت أقواله، أكد اثنان من أقربائه لوكالة الصحافة الفرنسية روايته.

وأظهرت وثيقة صادرة عن الشرطة الصومالية في 28 يونيو (حزيران) 2025 اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية أن سجلّه العدلي لا يتضمن أي سوابق.

كذلك رأى مصدران أمنيان صوماليان استصرحتهما وكالة الصحافة الفرنسية أن الاتهامات الأميركية تفتقر إلى الصدقية، وقال أحدهما: «ليس لدينا أي دليل على ارتباطه مباشرة» بالخطف، فيما توقع الآخر «أن تكون الولايات المتحدة تلقّت معلومات مغلوطة».

أما في فرنسا التي بقيت استخباراتها الخارجية تسعى طوال سنوات إلى العثور على المسؤولين عن خطف عميليها، فقد أكّد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية جازماً أن مهاد محمود ليس ضالعاً في ذلك.

وفي المنشور الذي تضمّن اتهامه، أشاد البيت الأبيض بـ«العمل البطولي» لإدارة الهجرة والجمارك الأميركية التي «سحبته» من شوارع مدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا (بشمال الولايات المتحدة)، حيث تعيش جالية صومالية كبيرة.

ودانت منظمات دولية عدة ارتكاب سلطات الهجرة الأميركية انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان في إطار سياسة الترحيل الجماعي التي اتبعتها إدارة الرئيس دونالد ترمب.

«ضحية ظلم»

روى محمود أن رجالاً «ذوي وجوه مغطاة ويرتدون سترات واقية من الرصاص» طوقوه لدى خروجه من منزله واقترابه من سيارته في 27 مايو (أيار) الفائت و«وجهوا مسدساً» إلى رأسه وأوقفوه.

ورغم إقراره بأنه لم يتلقَ معاملة سيئة لدى توقيفه، ولا خلال أكثر من خمسة أشهر تلته من الاحتجاز، شكا محمود الموجود في الولايات المتحدة منذ عام 2022 «الظلم» الذي قضى على حلمه.

وقال محمود الذي عمل خصوصاً مع «أوبر» و«أمازون»: «ترمب مسؤول عما حدث لي (...) ولكن لست الوحيد. فقد طال ذلك ملايين الأشخاص من مختلف أنحاء العالم الذين يعيشون في الولايات المتحدة، سواء أكانوا صوماليين أم لا».

إلا أن الجالية الصومالية التي ينتمي إليها تبدو مستهدفة بالفعل.

فترمب أدلى بتصريحات لاذعة ضد الصوماليين، واعتبر أن «عصابات» منهم تُرهّب مينيسوتا. وقال في مطلع ديسمبر (كانون الأول): «لا أريدهم في بلدنا (...) وسنذهب في الاتجاه الخاطئ إذا استمررنا في قبول القمامة».

أما مهاد محمود الذي يؤكد «كرامة» شعبه و «أخلاقه»، فرُحِّل في نهاية المطاف إلى مقديشو، عبر كينيا، في بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، مع سبعة صوماليين آخرين.

ومنذ عودته إلى بلده، راح نجم «تيك توك» ينشر مقاطع فيديو تُظهِر الترحيب به. وبلغت شعبيته ذروتها، إذ انضم نحو مائة ألف متابع إضافي إلى حسابه على «تيك توك»، وحظيَ أحد مقاطع الفيديو التي نشرها عليه بنحو مليونين ونصف مليون مشاهَدة.

وأكد مهاد محمود الذي لم يكن عاد إلى الصومال منذ مغادرته إياها إلى جنوب أفريقيا عام 2008، أنه «سعيد جداً» بهذا الاستقبال الذي ناله في بلده. لكنه لاحظ أنه «يعود في جزء كبير منه إلى أن الناس» يرونه «ضحية ظلم».


دعم سعودي شامل ومستدام للتعليم في اليمن

أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
TT

دعم سعودي شامل ومستدام للتعليم في اليمن

أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)

انطلاقاً من إيمان السعودية بأن التعليم هو حجر الأساس في بناء الشعوب وصناعة التنمية، واصلت الرياض تقديم دعم واسع وشامل للقطاع التعليمي في اليمن، عبر «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، الذي نفّذ خلال السنوات الماضية سلسلة من المشاريع والمبادرات النوعية، أسهمت في تحسين بيئة التعليم وتعزيز قدرته على تلبية احتياجات الطلاب والكوادر الأكاديمية في مختلف المحافظات.

يأتي هذا الدعم، امتداداً لالتزام سعودي راسخ بدعم استقرار اليمن وتنميته، وإدراكاً للدور الحيوي الذي يؤديه التعليم في تعزيز رأس المال البشري ودفع عجلة التنمية الشاملة.

وبحسب بيانات رسمية، نفّذ البرنامج السعودي، 5 مشروعات ومبادرات تعليمية شملت التعليم العام والعالي، والتدريب الفني والمهني، موزّعة على 11 محافظة يمنية، ضمن جهود السعودية لدعم القطاعات الحيوية في اليمن.

في قطاع التعليم العام، ركّز البرنامج على بناء بيئة تعليمية حديثة وآمنة للطلاب، من خلال إنشاء وتجهيز أكثر من 30 مدرسة نموذجية في عدد من المحافظات. وتضمّ هذه المدارس فصولاً دراسية متطورة ومعامل حديثة للكيمياء والحاسب الآلي، بما يرفع مستوى جودة التعليم ويحفّز الطلاب على التعلم النشط واكتساب المهارات العلمية.

ولضمان استمرارية التعليم، قدّم البرنامج خدمات النقل المدرسي والجامعي عبر حافلات مخصّصة، ما أسهم في تخفيف أعباء التنقل عن آلاف الأسر وساعد في انتظام الطلاب والطالبات في الدراسة، خصوصاً في المناطق التي تعاني ضعف البنية التحتية وصعوبة الوصول إلى المؤسسات التعليمية.

دعم الجامعات

على مستوى التعليم العالي، نفّذ البرنامج مشاريع نوعية لتحسين البنية التحتية للجامعات ورفع جودة البيئة الأكاديمية. فقد شمل دعمه جامعة عدن من خلال تجهيز 28 مختبراً حديثاً في كلية الصيدلة، تغطي تخصصات الكيمياء والتكنولوجيا الحيوية وعلم الأدوية، إلى جانب إنشاء مختبر بحث جنائي هو الأول من نوعه في اليمن، ما يشكّل إضافة مهمة للعمل الأكاديمي والبحثي.

كما يعمل البرنامج، على تجهيز كليات الطب والصيدلة والتمريض في جامعة تعز، لما يمثله ذلك من دور محوري في سد النقص الكبير في الكوادر الصحية وتعزيز قدرات القطاع الطبي في البلاد. ويتوقع أن تسهم هذه المشاريع في تطوير البحث العلمي ورفع مستوى التعليم الأكاديمي المتخصص.

وفي محافظة مأرب، أسهم البرنامج في معالجة التحديات التي تواجه جامعة إقليم سبأ، من خلال تنفيذ مشروع تطوير يشمل إنشاء مبنيين يضمان 16 قاعة دراسية، ومبنى إدارياً، وتأثيث مباني الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ما يسهم في استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة وتحسين جودة التعليم الجامعي.

التدريب المهني والتعليم الريفي

في مجال التدريب الفني والمهني، يعمل البرنامج السعودي على إنشاء وتجهيز المعهد الفني وكلية التربية في سقطرى، بقدرة استيعابية تشمل 38 قاعة دراسية ومعامل متخصصة للحاسوب والكيمياء، ما يساعد في توفير بيئة تعليمية ملائمة للطلبة والمتدربين.

كما دعم البرنامج، مشروعاً مشتركاً مع «مؤسسة العون للتنمية»، لتعزيز تعليم الفتيات في الريف، واختُتم بمنح 150 فتاة، شهادة دبلوم المعلمين، ما يسهم في رفع معدلات تعليم الفتيات وتشجيعهن على مواصلة التعليم العالي.

يُذكر، أن «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، نفّذ حتى الآن 268 مشروعاً ومبادرة في ثمانية قطاعات حيوية تشمل التعليم والصحة والطاقة والمياه والزراعة والنقل، ودعم قدرات الحكومة والبرامج التنموية، ما يجعل دوره من أهم المساهمات الإقليمية في دعم استقرار وتنمية اليمن.