التحالف العربي يمهد الطريق للجيش الوطني ويقصف مواقع الميليشيات بمداخل صنعاء

محافظ البيضاء لـ («الشرق الأوسط») : الحوثيون لا يمتلكون طائرات من دون طيار

جانب من عمليات نقل المواد الغذائية بالطرق البدائية إلى تعز المحاصرة من قبل الميليشيات الحوثية (أ.ف.ب)
جانب من عمليات نقل المواد الغذائية بالطرق البدائية إلى تعز المحاصرة من قبل الميليشيات الحوثية (أ.ف.ب)
TT

التحالف العربي يمهد الطريق للجيش الوطني ويقصف مواقع الميليشيات بمداخل صنعاء

جانب من عمليات نقل المواد الغذائية بالطرق البدائية إلى تعز المحاصرة من قبل الميليشيات الحوثية (أ.ف.ب)
جانب من عمليات نقل المواد الغذائية بالطرق البدائية إلى تعز المحاصرة من قبل الميليشيات الحوثية (أ.ف.ب)

اقتربت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من المناطق الريفية المحيطة بالعاصمة صنعاء، التي تأتي مديرية نهم ومنطقة بني حشيش على رأسها، حيث تشهد مواجهات عنيفة منذ أكثر من أسبوعين، وتحت غطاء جوي من طيران التحالف العربي تلقى المتمردون الحوثيون وحليفهم المخلوع علي صالح ضربات موجعة أجبرتهم على الانسحاب إلى منطقة خولان ومعسكر العرقوب من جهة مديرية صرواح التابعة لمحافظة مأرب، التي تفصلها عن محافظة صنعاء، كما شمل الانسحاب مناطق تعد استراتيجية مطلة على الجهة الشمالية الشرقية لضواحي صنعاء، هي بني حشيش ونهم.
وبحسب المكتب الإعلامي للمقاومة الشعبية في إقليم آزال، فإن طائرات التحالف قصفت أمس (الثلاثاء) مخازن الأسلحة لميليشيات الحوثي والمخلوع بمنطقة العصيدة في بني جرموز، مديرية بني الحارث شمال العاصمة صنعاء، ودمرت الأسلحة التي نقلت قبل أيام من معسكرات الفرقة أولى مدرعات، في محاولة لصد الجيش الوطني الذي بات على بعد 40 كيلومترًا من صنعاء. واستهدفت الطائرات مراكز لتدريب مجندي الميليشيات في بلدة بني حشيش، وقتل في إحدى الغارات أكثر من 18 مسلحا كانت الميليشيات بصدد إرسالهم لجبهات القتال في مديرية نهم، وكثف التحالف غاراته الجوية على مداخل صنعاء الشمالية الشرقية، حيث قصف محيط القاعدة العسكرية القريبة من مطار صنعاء، وكذا موقع «خشم البكرة» الذي يشرف على الخط البري بين مأرب وصنعاء، إضافة إلى مناطق في بلدة أرحب المحاذية لمحافظة الجوف، وشن سلسلة غارات على مواقع مفترضة للانقلابيين في جبل الطويل، ومنطقة صرف بمديرية بني حشيش.
وذكر سكان في صنعاء أن الميليشيات سحبت قبل يومين أسلحة كانت تخزنها في مقرات جامعة الإيمان التابعة للشيخ البارز عبد المجيد الزنداني، التي احتلتها الميليشيات منذ سبتمبر (أيلول) 2014. وأكد سكان لـ«الشرق الأوسط»، خروج عشرات الناقلات من بوابات الجامعة، عليها أسلحة، ترافقها أطقم للميليشيات.
وأكد مصدر المقاومة الشعبية بمديرية نهم، أن الجيش الوطني سيطر على منطقة «آل عامر»، في الوادي جنوب شرقي «فرضة نهم» الاستراتيجية؛ تمهيدا للتقدم نحو «نقيل الكناة» المحاذي لمديرية بني حشيش، وكان الجيش الوطني قد أعلن قطع خطوط إمداد المتمردين، في محيط العاصمة صنعاء والجوف، كما جرى وضع خطط للعمليات العسكرية، بدعم ومساندة قوات التحالف العربي، للوصول إلى العاصمة صنعاء وتحريرها من يد الميليشيات.
وأكد عبد الكريم ثعيل عضو المجلس الأعلى لمقاومة صنعاء، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الجيش الوطني والمقاومة على مقربة من أرياف صنعاء، الشمالية الشرقية»، موضحًا أن تحرير محافظة صنعاء سيكون عبر مديريات نهم وبني حشيش التي تعد مناطق استراتيجية يمكن من خلالها التقدم بعدها نحو العاصمة.
وأكد ثعيل أهمية ما تحتله مديرية «بني حشيش» في كونها المدخل الشرقي الشمالي للعاصمة صنعاء، وتمتد حدودها من مديرية نهم شمالا إلى مديرية خولان جنوبا، وقال إنها تعد حلقة الوصل بين شمال وجنوب محافظة صنعاء، وفي حال سيطرة القوات الشرعية عليها فإنها ستقطع خط الإمداد الأول للميليشيات.
ولفت عضو المجلس الأعلى لمقاومة صنعاء، إلى أن الميليشيات جعلت مديرية بني حشيش، مخزنا بشريا لمقاتليها، حيث يعيش داخلها الكثير من قيادات الميليشيات التي تعرف بالإماميين، وتحيط بها جبال شاهقة وتنتشر داخلها العشرات من الجروف التي استغلتها الميليشيات كمخازن للأسلحة التي نهبتها من معسكرات الجيش.
ومن جانب آخر، كشف نايف صالح القيسي، محافظ البيضاء، لـ«الشرق الأوسط»، أن المقاومة الشعبية باليمن، تمكنت من رصد عدد من المراكز العسكرية الحيوية ونحو خمس منصات لصواريخ توشكا وسكود، تتبع ميليشيات الحوثيين والحرس الجمهوري الموالي لعلي صالح في مواقع مختلفة للمديريات التابعة للمدينة.
وأضاف القيسي، أنه فور توافر المعلومات والتأكد منها بشكل دقيق، جرى التنسيق وإبلاغ قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية للتعامل معها مباشرة، خصوصا أن هذه المنصات التي وضعتها الميليشيات تشكل خطرا عسكريا على المقاومة الشعبية في التقدم نحو المدن والمديريات المراد تحريرها.
وقال محافظ البيضاء «إن المقاومة الشعبية تلقت دعما عسكريا من التحالف، مكنها من التقدم في عدد من الجبهات، حيث عمدت قيادة المقاومة على إيجاد ثلاثة محاور رئيسية يجري من خلال الانطلاق لمواجهة الحوثيين عسكريا».
وأشار إلى أن المقاومة نجحت مع انطلاق عمليات المحور الأول، محور الجبهة الشرقية «العقلة»، في تحرير جبل عقلة، وقتل نحو 17 شخصًا من الميليشيا التي كانت تتحصن في الجبل، إضافة إلى الجبهة الجنوبية من اتجاه الزاهر التي تمكنت المقاومة فيها من تحرير ثلاثة مواقع، و«استشهد» من المقاومة خمسة أشخاص، فيما بلغ إجمالي عدد قتلى الحوثيين على الجبهات الثلاث نحو 45 شخصًا.
واستطرد القيسي: «إن إجمالي عدد القتلى والجرحى في صفوف ميليشيا الحوثيين وحليفهم علي صالح، منذ لحظة دخولهم إلى البيضاء وبعض المديريات قبل تسعة أشهر، تجاوز عشرة آلاف ما بين قتيل وجريح، ونجحت المقاومة أثناء المواجهات في قتل أكثر من 140 شخصا في كمين واحد أو عملية استهداف نفذتها المقاومة الشعبية»، موضحا أن كثيرا من الأسرى الذين وقعوا في قبضة المقاومة من قيادات عسكرية حوثية أقروا بأن جبهة البيضاء من أكثر الجبهات التي استنزف فيها الحوثيون قوتهم العسكرية والبشرية.
وحول تبادل الأسرى مع ميليشيا الحوثيين، قال القيسي: «إن المقاومة وخلال الفترة الماضية تمكنت من خلال وسطاء من إنجاح أكثر من 10 عمليات لإطلاق سراح أفراد من المقاومة الشعبية في عدد من المديريات التابعة للبيضاء، ومنها ميكراس، ولودر من قبضة الميليشيات، بواقع 35 شخصا في كل عملية، ليصل إجمالي عدد المفرج عنهم بين الجانبين أكثر من 500 شخص».
وحول شائعات تحليق طائرات من دون طيار «درون»، تساند ميليشيا الحوثيين في البيضاء، أكد القيسي أن الحوثيين لا يمتلكون مثل هذه الطائرات، وأن من ينقل هذه الشائعات وتحديدا في هذه الفترة التي تحقق فيه المقاومة الشعبية من انتصارات على الجبهات كافة، هم الطابور الخامس الذي يسعى بكل قوته إلى بث الخوف بين أفراد المقاومة، بزعم وجود طائرات من هذا النوع، موضحا أن تحليق الطائرات التابع للحوثيين توقف منذ أن سيطرت قوات التحالف العربي على الأجواء.
وفند محافظ البيضاء هذه الرواية قائلا: «إن المقاومة الشعبية كانت موجودة في منطقة يطلق عليها قرض في مديرية الزاهر، التي عمد الحوثيون وحليفهم علي صالح إلى زرع الألغام فيها بشكل عشوائي، وأثناء عبوره في تلك اللحظة انفجر لغم بالتزامن مع عبور طائرة في أجواء المدينة، فبث الطابور الخامس على المواقع كافة تحليق طائرة (درون)، محملة بقذائف، استهدفت المقاومة الشعبية، وهذا الكلام عارٍ عن الصحة، بعد أن تحققنا من الواقعة بوجود اللغم في موقع الانفجار».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.