معايير التنافسية الدولية تعكس إيجابيات الاقتصاد السعودي

موارد وفيرة وضغوط أقل.. وإجراءات لتقليل التأثر بالعوامل الخارجية

معايير التنافسية الدولية تعكس إيجابيات الاقتصاد السعودي
TT

معايير التنافسية الدولية تعكس إيجابيات الاقتصاد السعودي

معايير التنافسية الدولية تعكس إيجابيات الاقتصاد السعودي

على مدى الأسابيع القليلة الماضية، أعلنت المملكة العربية السعودية عن خطط غير مسبوقة لمراجعة السياسات الاستراتيجية التي يمكن أن يكون لها تداعيات على الحياة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد. ومن المتوقع أن تُكمل المملكة، التي تحتل المرتبة الـ19 كأكبر اقتصاد عالمي، تنفيذ المزيد من الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية في إطار خطة بعيدة المدى من أجل تنويع الاقتصاد بعيدًا عن أسعار النفط، المعتمد شبه كليًا على عوامل خارجية.
ويأتي الإصلاح التدريجي في المملكة لسببين مهمين أولهما هو الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية، الذي تراجع من نحو 115 دولارًا للبرميل في منتصف عام 2014 ليختتم عام 2015 بأقل من 40 دولارًا للبرميل، ذلك في وقت تمثل فيه صادرات النفط ما يقرب من 90 في المائة من الإيرادات الحكومية، الأمر الذي خلق مزيدًا من الضغوط على الموارد المالية السعودية.
والسبب الثاني هو العامل الديموغرافي؛ ففي السنوات الـ15 المقبلة، سيدخل نحو 6 ملايين جُدد من الشباب السعوديين إلى سوق العمل، مما يزيد من الضغط على سوق العمل وربما مضاعفة حجمها. لذلك أصبحت المملكة في حاجة لتوسيع وتنويع قطاعات الاقتصاد لامتصاص العمالة المحلية.
وفي ورشة عمل نظمها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بالمملكة، رسم ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس المجلس، مع قيادات الاقتصاد والتنمية في القطاعين العام والخاص معالم الاستراتيجية الوطنية لتحقيق التنمية بما ينعكس بشكل إيجابي على مناخ الاستثمار في المملكة العربية السعودية التي أصبحت أكثر جذبًا لرؤوس الأموال الأجنبية المباشرة وغير المباشرة؛ حيث أقر العمل ببرنامج التحول الوطني الذي يسعى إلى تحقيق هدف المملكة 2020، بما يشمله ذلك من المراجعة للسياسات العامة التنموية بما في ذلك سياسة الإنفاق الحكومي.
ويُركز البرنامج الوطني للمملكة على وضع معايير قياس كفاءة الجدوى الاقتصادية للمشروعات، وتقييم أثر الإنفاق المالي على النواحي الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، بما يؤسس لنمط جديد في الإنفاق العام، مع الأخذ في الاعتبار الاهتمام بالطبقة الوسطى التي ستكون الأكثر تضررًا من تبعات رفع الدعم الحكومي لما سينتج عن هذا التوجه من ارتفاع تكلفة الخدمات والسلع الأخرى.
ويشكل الاتجاه نحو رفع الدعم عن المشتقات النفطية إحدى أهم السياسات اللازمة لتخفيف العبء المالي المتزايد على الموازنة في ظل استمرار ارتفاع مستويات الطلب والاستهلاك على المشتقات النفطية. وتظهر المؤشرات الأولية أن رفع الدعم سيحد من إهدار الموارد ويزيد من قدرة الحكومة على تنويع الاقتصاد، بالإضافة إلى تعزيز الكفاءة والتنمية لمواجهة التحديات الاقتصادية.
وفي إطار الإعلان عن الموازنة العامة للعام الجديد، والتي جاءت متوائمة مع مرحلة الانخفاض الكبير في إيرادات الدولة المعتمدة شبه كليًا على النفط، أقر مجلس الوزراء السعودي تعديل أسعار منتجات الطاقة، ورفع أسعار البنزين والكهرباء والمياه، وذلك بعد الاطلاع على الأنظمة والأوامر الملكية والقرارات ذات الصلة. ووفقًا للقرار الجديد، فإن أسعار البنزين أصبحت 0.75 ريال لكل لتر من فئة بنزين 91. أما فئة بنزين 95 فيصبح 0.90 ريال لكل لتر.
ووفقًا لبحث أجراه معهد ماكينزي العالمي، فإن «السعودية لديها القدرة على مضاعفة ناتجها المحلي الإجمالي وخلق 6 ملايين وظيفة إضافية بحلول عام 2030، وهو ما يكفي لاستيعاب تدفق الشبان إلى سوق العمل». لكن مع ذلك، يقول المعهد في تقرير حديث: «إن المملكة لا بد أن تحد بشكل كبير من الاعتماد غير الصحي على النفط - وهو هدف استراتيجي تمت مناقشته منذ فترة طويلة ولكن لم يتم تنفيذه حتى الآن».
ويتطلب التنويع الاقتصادي بالمملكة، التركيز على الاستثمار في قطاعات غير نفطية تسهم في تحقيق التوجهات بنسبة 60 في المائة خاصة قطاعات الإنشاءات، والصناعات التحويلية، والبتروكيماويات، والتجارة والتجزئة، والسياحة والضيافة، والقطاع المالي، والتعدين، والخدمات الصحية.
وبالنظر إلى قدرة المملكة على التنويع، يوضح تقرير ماكينزي أن القطاعات الواعدة في المملكة واسعة النطاق، مُشيرًا إلى أن البلاد لديها ودائع كبيرة غير مستغلة من المعادن والثروات القابعة في باطن الأرض، بما في ذلك الفوسفات والذهب والزنك والبوكسيت والسيليكا ذات الجودة العالية. ذلك فضلاً عن النمو السريع في قطاع التجزئة، لكنها ما زالت تُعاني من بعض التراجع في مجالات مثل التسوق الإلكتروني وسلسلة التوريد العابرة للحدود ذات الكفاءة العالية.
ويمكن تطوير القطاع السياحي في البلاد ورفع مستواه، ليس فقط بالنسبة للملايين من الحجاج المسلمين الذين يزورون الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة في كل عام، ولكن أيضا للسياحة الترفيهية. فالمملكة السعودية لديها ساحل طويل على البحر الأحمر، وكذلك المناطق فائقة الجمال التي يمكن أن تجذب الزوار.
وبالانتقال إلى قطاع الصناعات التحويلية، أيضًا، يمكن أن تتفوق المملكة في هذا المجال مع مزيد من ضخ الاستثمارات؛ فحتى الآن، المملكة لديها فقط التصنيع المحلي على نطاق صغير على الرغم من كونها واحدة من أكبر الأسواق في المنطقة للسيارات والآلات وغيرها من السلع الرأسمالية.
ووفقًا لمعهد ماكينزي، يتطلب استغلال هذه الفرص تريليونات الدولارات من الاستثمارات، تحسينات جذرية في الإنتاجية، وإدارة حكومية مُكثفة، فضلاً عن الالتزام المستمر بالخطط الموضوعة. وتحقيق هذا المستوى من الاستثمار يتطلب إصلاحات هيكلية للسياسات الراهنة. فخلال الطفرة النفطية، زادت الدولة أجور القطاع العام ومصروفات الرعاية الاجتماعية - وبالتالي كان التركيز الرئيسي على رفاهية المواطنين.
ولأن هناك أكثر من 70 في المائة من قوة العمل في المملكة تعمل بالقطاع الحكومي، يحث المعهد المملكة على مشاركة المستثمرين والشركات الخاصة للمؤسسات الحكومية في الناتج المحلي للدولة. ويتطلب الأمر من المملكة إصلاح الإطار التنظيمي والقانوني حتى تتمكن من إتاحة 70 في المائة من العمالة على الأقل من الاستثمار من القطاع الخاص.
وبحسب التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2015 - 2016: «تعكس معايير التنافسية الدولية إيجابيات الاقتصاد السعودي التي تمكنه من تحقيق المزيد من الإنجازات والنمو التي من شأنها تعزيز صدارته في منطقة الشرق الأوسط».
ومن بين تلك المعايير التي أوضحها المنتدى كنقاط قوة يتمتع بها اقتصاد المملكة؛ الاستمرار في تحقيق معدلات نمو جيدة ساهمت في تقليص الدين العام والتضخم نسبيًا. فخلال الفترة من 2003 - 2013 تضاعف الناتج المحلي السعودي بمتوسط زيادة سنوي بلغ نحو 5 في المائة؛ بسبب زيادة إنفاق الحكومة المرتبط بزيادة أسعار النفط؛ مما قفز بالناتج المحلي ليكون الاقتصاد السعودي في المركز 19 عالميًا ودخوله بذلك لمجموعة العشرين.
كذلك تعتبر المملكة من الدول الاقتصادية التي ترتفع بها نسبة الادخار إلى الناتج المحلي الإجمالي، واستطاع الاقتصاد السعودي على مدى العقد الماضي ضخ المزيد من الاستثمارات من أجل تحسين البنية التحتية بشكل عام خاصة في الكهرباء والنقل الجوي وغيرهما من مشروعات البنى التحتية، إضافة إلى سلامة أوضاع البنوك، حجم السوق المحلية، كما أشار إلى انتشار التعليم الأساسي، وتدني نسبة تفشي الأمراض المعدية.

* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»



«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
TT

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الخميس، اكتمال الاستحواذ على حصة تُقارب 15 في المائة في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو بالعاصمة البريطانية لندن من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين في «توبكو».

وبالتزامن، استحوذت شركة «أرديان» الاستثمارية الخاصة على قرابة 22.6 في المائة من «إف جي بي توبكو» من المساهمين ذاتهم عبر عملية استثمارية منفصلة.

من جانبه، عدّ تركي النويصر، نائب المحافظ ومدير الإدارة العامة للاستثمارات الدولية في الصندوق، مطار هيثرو «أحد الأصول المهمة في المملكة المتحدة ومطاراً عالمي المستوى»، مؤكداً ثقتهم بأهمية قطاع البنية التحتية، ودوره في تمكين التحول نحو الحياد الصفري.

وأكد النويصر تطلعهم إلى دعم إدارة «هيثرو»، الذي يُعدّ بوابة عالمية متميزة، في جهودها لتعزيز النمو المستدام للمطار، والحفاظ على مكانته الرائدة بين مراكز النقل الجوي الدولية.

ويتماشى استثمار «السيادي» السعودي في المطار مع استراتيجيته لتمكين القطاعات والشركات المهمة عبر الشراكة الطويلة المدى، ضمن محفظة الصندوق من الاستثمارات الدولية.