ويقول الناشط المعارض المقيم في مضايا أبو عبد الرحمن، إن «عشرات الحواحز الثابتة والمتنقلة كانت سببًا في تشديد الخناق على البلدة وأهلها». ورأى أن «الطامة الكبرى التي حولت البلدة إلى سجن وأخطر من السجن هي آلاف الألغام التي زرعت في محيط المنطقة وزنرتها بالكامل، وكانت سببًا في موت الكثيرين».
في بداية الحصار كانت السيطرة لقوات النظام، لكن السكان كانوا قادرين إلى حد ما على تمرير بعض المواد الغذائية إما عبر التسلل من وإلى البلدة، وإما عبر شراء بعض السلع من عناصر النظام على الحواجز الذين يبيعونها بشكل خفي ومحدود للاستفادة المادية. ويقول الناشط أبو عبد الرحمن: «هذا الواقع تغيّر جذريًا مع وصول مقاتلي حزب الله للمشاركة في الحصار، فالحزب هو الأخبر والأقدر على تعميق المأساة، حيث زرع ما يقارب 6 آلاف لغم أرضي؛ أي بما يعادل نصف سكان مضايا».
البلدة المنكوبة معزولة تمامًا عن العالم، بحسب ما يشير الناشط المذكور، «منذ ستة أشهر لم يدخل أي فريق طبي أو هيئة إنسانية، أو حتى إعلاميين»، ويعطى مثالاً على هذه الاستحالة سائلاً: «إذا كان ممثلو الأمم المتحدة ممنوع عليهم الدخول والخروج، فكيف للمدنيين والأطباء والمسعفين؟». ويضيف: «نحن في مكان أسوأ من السجن بعشرات المرات، ففي السجن هناك دولة تتكفل برعايتك وإطعامك، أما في مضايا الناس موجودة من أجل الموت البطيء».
الناشط الميداني يخالف مقولة إن هناك أطباء يعالجون المرضى والأطفال الذين يعانون الأمراض من شدة الجوع، ويؤكد أن «مضايا خالية من الأطباء كليًا». ويلفت إلى «وجود طبيب بيطري واحد هو من يتولى الآن إسعاف المرضى وتقديم المساعدة الطبية لهم بالاستناد إلى خبرته في تطبيب الحيوانات، وهو الآن يتولى الولادات حتى القيصرية منها، ويساعده في مهمته طبيب تخدير، من أبناء مضايا المحاصرين».
ويتهم أبو عبد الرحمن عناصر حزب الله بـ«ابتزاز الناس»، قائلاً: «يستدرجون المسلح لانتزاع بندقيته مقابل 2 كيلو من الأرز». ويذهب في روايته أبعد من ذلك ليؤكد أن حزب الله استولى على الكثير من أراضي ومنازل مضايا من أصحابها مقابل فتات من الطعام ليسدّ بها أصحابها بعضًا من جوع أطفالهم». ويشير أبو عبد الرحمن إلى أن «عناصر حزب الله يحصلون على قطعة أرض أو منزل مقابل 20 أو 30 كيلو من الأرز أو البرغل أو الطحين، وهذا يؤشر إلى مخطط تهجيري متعمد يعد له حزب الله». أما إذا كان الطعام خاضعا لمنطق البيع والشراء (يقول أبو عبد الرحمن)، فإن «كيلو الأرز يفوق سعره الـ120 ألف ليرة سورية، أي (نحو مائتي دولار أميركي)، وهذه عينة من مئات الحالات التي لا يقبلها عقل أو منطق أو دين».
طبيب بيطري واحد يعالج مئات المرضى والولادات القيسرية في مضايا
المساعدات الغذائية تسدّ جوع أهاليها ولا تمحو مأساتهم
طبيب بيطري واحد يعالج مئات المرضى والولادات القيسرية في مضايا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة