تعنت حوثي يعرقل مساعي ولد الشيخ في اليمن ويهدد بإفشال انعقاد {جنيف 3}

مصدر حقوقي يكشف لـ«الشرق الأوسط» عن استخدام الميليشيات منزل الرئيس هادي معتقلاً

مقاتل من المقاومة الشعبية الموالية للحكومة اليمنية في العاصمة يقف في قرية خريص شرق صنعاء.. وفي الإطار المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد خلال تحدثه  إلى وسائل الإعلام في مطار صنعاء أول من أمس (رويترز)
مقاتل من المقاومة الشعبية الموالية للحكومة اليمنية في العاصمة يقف في قرية خريص شرق صنعاء.. وفي الإطار المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد خلال تحدثه إلى وسائل الإعلام في مطار صنعاء أول من أمس (رويترز)
TT

تعنت حوثي يعرقل مساعي ولد الشيخ في اليمن ويهدد بإفشال انعقاد {جنيف 3}

مقاتل من المقاومة الشعبية الموالية للحكومة اليمنية في العاصمة يقف في قرية خريص شرق صنعاء.. وفي الإطار المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد خلال تحدثه  إلى وسائل الإعلام في مطار صنعاء أول من أمس (رويترز)
مقاتل من المقاومة الشعبية الموالية للحكومة اليمنية في العاصمة يقف في قرية خريص شرق صنعاء.. وفي الإطار المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد خلال تحدثه إلى وسائل الإعلام في مطار صنعاء أول من أمس (رويترز)

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية يمنية رفيعة في صنعاء أن المساعي التي يبذلها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، مع المتمردين الحوثيين لحثهم على المشاركة في جولة المشاورات بين الطرفين برعاية الأمم المتحدة، أواخر الشهر الحالي، تصطدم بمواقف متصلبة إزاء الكثير من القضايا.
وأكدت المصادر أن المتمردين يرفضون التقدم خطوة واحدة في موضوع ما سميت إجراءات إعادة بناء الثقة بين الأطراف، وهي الإجراءات المتمثلة في إطلاق الحوثيين سراح المعتقلين السياسيين وفتح ممرات آمنة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى محافظة تعز المحاصرة منذ بضعة أشهر من قبل الميليشيات الحوثية.
وضمن القضايا التي يقوم المبعوث الأممي ببحثها في صنعاء مع المتمردين، موضوع المشاركة في المشاورات المقبلة، بعد اتخاذ خطوات بناء الثقة، حيث لم يتم التوصل، حتى اللحظة، لاتفاق بشأن الدولة التي ستستضيف المباحثات المقبلة، وذلك بسبب القضايا العالقة والمواقف المتصلبة للمتمردين إزاء موضوع بناء الثقة.
وقال علوي الباشا بن زبع، أمين عام تحالف قبائل مأرب والجوف، لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يحدث أي تقدم بخصوص ما تم الاتفاق عليه في المشاورات السابقة في سويسرا، والمتعلق بإطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار عن تعز، وأكد أن ولد الشيخ يواجه صعوبة كبيرة في مباحثاته في صنعاء.
وفي تطور لافت، قالت المصادر في صنعاء إن المتمردين الحوثيين رفضوا، أمس، السماح للمبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، زيارة المعتقلين الرئيسيين البارزين، وفي مقدمتهم وزير الدفاع اللواء محمود سالم الصبيحي، والتأكد من سلامتهم، وذلك في اليوم الثاني من زيارة ولد الشيخ إلى صنعاء لبحث ترتيبات إجراء الجولة الثانية من المباحثات بين الأطراف اليمنية برعاية الأمم المتحدة، لتنفيذ القرار الأممي 2216. الذي نص، أحد بنوده، على إطلاق المعتقلين.
ويرفض المتمردون الحوثيون الكشف عن مصير المعتقلين في سجونهم أو أعدادهم، في حين تقدر الكثير من المنظمات أعدادهم بالآلاف في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات، كما يرفض المتمردون إعطاء أي معلومات تؤكد سلامة المعتقلين، وتحديدا الرئيسيين، وفي مقدمتهم اللواء محمود سالم الصبيحي وزير الدفاع، واللواء ناصر منصور هادي وكيل جهاز الأمن السياسي في محافظات عدن - أبين - لحج (شقيق الرئيس هادي)، واللواء فيصل رجب قائد محور أبين، والقيادي البارز في حزب التجمع اليمني للإصلاح محمد قحطان، إضافة إلى عبد الرزاق الأشول وزير التربية والتعليم، إضافة إلى عشرات الصحافيين ومئات النشطاء، الذين جرى اعتقالهم.
وأعلن المتمردون الحوثيون صراحة أنهم لن يطلقوا سراح المعتقلين إلا بموجب صفقة تقضي بوقف الغارات الجوية لقوات التحالف. ويرى الدكتور عبد الباقي شمسان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، أن «إحدى خطوات إجراءات بناء الثقة لأي طرف يتخذ من السلام هدفا، هي إطلاق المعتقلين وتبادل، على الأقل، عدد من الأسرى ووقف إطلاق النار ورفع الحصار».
ويؤكد شمسان لـ«الشرق الأوسط» أن هذه «إجراءات مقدمات لا تحتاج إلى مفاوضات وجلسات»، ويضيف أنه «ووفقا لكل المواثيق الدولية، وبصفة خاصة القانون الدولي الإنساني، فإن إخفاء المعتقلين عن أسرهم، وليس فقط على ممثلي المنظمات الحقوقية الدولية والآن على ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لليمن، يعد انتهاكا صارخا يتوجب أن يرفع به تقرير من قبل ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لمجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات المتبعة القانونية والعملية»، ويشير إلى أن ضمن الإجراءات التي يمكن أن تتخذ ضد المتمردين، في هذا المضمار «تفعيل لجنة العقوبات وكذا وصف الجماعة الانقلابية بوضوح بوصفها ليست طرفا من أطراف النزاع بل جماعة انقلبت على السلطة الشرعية كما يمكن تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، ومن هنا يتوجب على السلطة الشرعية ودول التحالف العمل من خلال القنوات والعلاقات الدولية لتحقيق ذلك».
وترددت أنباء، في وقت سابق، عن وفاة بعض هؤلاء المعتقلين الرئيسيين، غير أن الحوثيين يرفضون تأكيد هذه الأنباء أو نفيها، كما يرفضون السماح للصليب الأحمر الدولي بالاطلاع على أحوال المعتقلين وتسهيل إجراء مكالمات هاتفية معهم، سواء للصليب الأحمر أو لأسرهم وذويهم.
وقال مصدر حقوقي يمني رفيع، رفض الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط»، إن المعتقلين يتعرضون لصنوف كثيرة من التعذيب في معتقلات الحوثيين، وإن المعتقلين يعدون أو يصنفون ضمن حالات الإخفاء القسري، وهي جريمة ضد الإنسانية.
وأشار المصدر إلى أن منظمة «ائتلاف منظمات» رصدت أكثر من 5 آلاف حالة إخفاء قسري واعتقال في اليمن منذ الانقلاب على الشرعية، إلى جانب ما رصدته منظمات أخرى، وإلى أن قضية المعتقلين تحولت إلى «سوق سوداء، حيث يدفع ذوو المعتقلين نحو مليون ريال يمني (ما يعادل 5 آلاف دولار أميركي للمعتقل الواحد)، لأفراد الميليشيات للإفراج عنهم وبعضهم يدفع ملايين الريالات ولا يفرج عن ذويهم».
ويكشف المصدر عن وجود معتقلات غير معلنة في منازل تتبع سياسيين وتمت السيطرة عليها وبين هذه المنازل، منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي نفسه، ومنزل اللواء علي محسن الأحمر، ومنزل الشيخ حميد الأحمر، القيادي في حزب الإصلاح وغيرهم من الساسة، ويؤكد أن من جرى تقييدهم كمخفيين قسريا، يصل عددهم إلى ما بين 750 إلى 850 شخصا، بينهم وزير الدفاع وشخصيات سياسية ونشطاء من ثورة 21 فبراير (شباط) 2011، وأعرب المصدر الحقوقي عن خشيته من أن تتحول المفاوضات بين الأطراف المتنازعة إلى مفاوضات حول أسماء معينة من المعتقلين.
وتزداد المخاوف على حياة المعتقلين، خاصة في ظل قيام الميليشيات، في وقت سابق من العام الماضي، بوضع عدد من المعتقلين لديها في مواقع عسكرية مستهدفة بالقصف من قبل طيران التحالف، وهو ما أدى إلى مقتل عدد منهم، بينهم صحافيان في محافظة ذمار (جنوب صنعاء)، وللمرة الأولى في تاريخ اليمن، تملأ السجون والمعتقلات، بما فيها المتاحف والقلاع والمواقع الأثرية، بآلاف المعتقلين الذين أعلنوا رفضهم للانقلاب على الشرعية الدستورية.
إلى ذلك، دفع المتمردون الحوثيون بعدد من النشطاء في منظمات المجتمع المدني الموالية لهم التي تأسس معظمها عقب السيطرة على صنعاء، أواخر عام 2014، إلى التظاهر، أمس، أمام مكتب الأمم المتحدة في صنعاء، بالتزامن مع زيارة ولد الشيخ إلى العاصمة، وقد عكست الشعارات التي رفعها الموالون للحوثيين في صنعاء، طبيعة مطالبهم والتعنت والمماطلة القائمة بشأن المشاركة في جولة المباحثات المقبلة بين الطرفين، وتلخصت تلك المطالب في عدم الذهاب إلى أي مباحثات أو مشاورات، قبل وقف الغارات الجوية لقوات التحالف.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.