وزير الخارجية السوداني: إيران تجاوزت الخطوط الحمراء بعبثها بالأمن القومي العربي

الغندور قال لـ «الشرق الأوسط» إن قطع العلاقات مع طهران هي الرسالة الأقوى والأنسب

إبراهيم الغندور
إبراهيم الغندور
TT

وزير الخارجية السوداني: إيران تجاوزت الخطوط الحمراء بعبثها بالأمن القومي العربي

إبراهيم الغندور
إبراهيم الغندور

قال وزير الخارجية السوداني إبراهيم الغندور في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده اختارت قطع العلاقات مع طهران؛ لكون هذا الإجراء هو الأقوى والأنسب للرد على ما عده تجاوز إيران لكل الخطوط الحمراء بتدخلاتها غير المسبوقة في الشؤون العربية وعبثها بالأمن القومي العربي، مشددا على أن قرار الخرطوم جاء دعما للسعودية، ورسالة مهمة لطهران لوقف تمددها بالمنطقة.
وأوضح الغندور أن الإجراء الذي اتخذته القيادة السياسية في الخرطوم بقطع العلاقة مع إيران «كان أفضل الخيارات التي تم بحثها مع القيادة السياسية والتي رأت أن مسألة استدعاء السفير أو تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي أو حتى الإدانة خطوات غير كافية؛ لأن طهران تجاوزت كل الخطوط الحمراء في المنطقة العربية بتدخلاتها غير المسبوقة، والعبث بالأمن القومي العربي».
وأعلنت الخرطوم أوائل الشهر الحالي قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران ردًا على الاعتداء الذي طال السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد. وعد السودان تلك الاعتداءات انتهاكا واضحا للقانون الدولي، وأكد على تضامنه مع السعودية في مواجهة المخططات الإيرانية.
وقال الغندور إن الخطوة السودانية تهدف إلى «تصحيح الأوضاع في المنطقة لضمان عدم التدخل في شؤون الدول العربية، والوصول إلى جوار آمن (مع إيران) ننعم به جميعا»، مشيرا إلى أن هذا الطريق يصب في مصلحة الشعب الإيراني وشعوب المنطقة العربية، لافتا إلى أن فتح صفحة جديدة مع طهران يتطلب توقفها عن التدخل في الشأن العربي والعبث بمقدراته.
واستبعد الوزير السوداني أن تقدم إيران على جر المنطقة العربية إلى حرب، مشيرا إلى أن الحصار الذي فرض عليها دوليا لفترة طويلة كان له تداعياته السلبية على اقتصادها.
وأعرب الغندور عن اعتقاده بأن الإيرانيين فهموا الرسالة، لأنها ليست من قبل السودان فحسب وإنما من خلال الموقف العربي الموحد، مضيفا أن كثيرا من الدول العربية بدأت تأخذ المنحى نفسه.
وعن مساعي طهران للتمدد في عدة دول عربية عبر مراكزها الثقافية، قال الغندور إنه كانت هناك محاولات إيرانية لنشر المذهب الشيعي في السودان، لافتا إلى أن هذا المحاولات طالت دولا عربية وأفريقية أخرى، لكنه أشار إلى أن السودان أغلق تلك المراكز بعد حوارات داخلية.
وأكد الوزير على استمرار التشاور والتنسيق مع السعودية، في ضوء النتائج المهمة للزيارة التي قام بها الرئيس السوداني عمر البشير إلى الرياض مؤخرا، لافتا إلى استمرار التواصل على مستويات مختلفة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».