ولد الشيخ يبحث في صنعاء إجراءات «بناء الثقة» وملف جولة المشاورات المقبلة

مصادر مطلعة: المبعوث الأممي يزور عدن ويلتقي بالرئيس هادي

إسماعيل ولد الشيخ أحمد لدى وصوله أمس إلى مطار صنعاء (رويترز)
إسماعيل ولد الشيخ أحمد لدى وصوله أمس إلى مطار صنعاء (رويترز)
TT

ولد الشيخ يبحث في صنعاء إجراءات «بناء الثقة» وملف جولة المشاورات المقبلة

إسماعيل ولد الشيخ أحمد لدى وصوله أمس إلى مطار صنعاء (رويترز)
إسماعيل ولد الشيخ أحمد لدى وصوله أمس إلى مطار صنعاء (رويترز)

بدأ المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أمس، زيارة للعاصمة اليمنية صنعاء، التي تخضع لسيطرة الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، تستغرق عدة أيام، حسبما أعلن، وسيجري خلال الزيارة، مباحثات مع الانقلابيين الحوثيين تتعلق بالتسوية السياسية للتوصل إلى اتفاق سلام، في ضوء المساعي التي تبذلها الأمم المتحدة.
وقال ولد الشيخ، عقب وصوله صنعاء، إنه سيلتقي بالأطراف السياسية في صنعاء بهدف عقد جولة جديدة من المشاورات، ونقلت عنه وكالة الأنباء اليمنية (النسخة التي يسيطر عليها المتمردون) قوله: «نحن جئنا إلى صنعاء لبذل مزيد من الجهود مع كل المعنيين لنقوم بجولة جديدة من المحادثات»، وكذلك قوله: «تعلمون أننا كنا في جولة في سويسرا حققنا تقدما في الشهر الماضي ونريد أن نقوم بجولة جديدة»، وأضاف ولد الشيخ: «أريد أن أحيي الشعب اليمني العظيم الذي لا شك أنه يعيش أياما صعبة وأزمة طالت وأتت بكل المآسي والآلام وأكثر من تعب من هذه الأزمة هم المدنيون»، حيث أردف: «لي فرحة خاصة عندما أتواجد في الأرض اليمنية خاصة العاصمة صنعاء التي عشت فيها شخصيا لفترة معينة ومهمة لذا أكن لها كل الحب والعز»، حسب المصدر المشار إليه.
ووفقا لمصادر سياسية يمنية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» فإن ولد الشيخ سيبحث في صنعاء عددا من القضايا الرئيسية، أبرزها تحديد مكان وزمان انعقاد المشاورات المقبلة بين الأطراف اليمنية والتي كانت مقررة في الرابع عشر من الشهر الجاري، وجرى تأجيلها بعد خلافات حول مكان انعقادها، موضوع المعتقلين السياسيين في سجون الميليشيات الحوثية، وتحديدا المعتقلين الرئيسيين وفي مقدمتهم وزير الدفاع اللواء الركن محمود سالم الصبيحي، إضافة إلى موضوع فتح الممرات الآمنة وبصورة عاجلة، لإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى سكان مدينة تعز المحاصرة من قبل ميليشيات الحوثيين.
وتأتي زيارة ولد الشيخ إلى صنعاء، في ظل تعثر واضح لعقد الجولة الثانية من المشاورات، خاصة بعد ما أعلنته الحكومة اليمنية عن «مماطلة» المتمردين في عقد جولة المشاورات، وعقب تعثر تنفيذ التقدم والاتفاق المحدود الذي تم التوصل إليه في المشاورات الماضية في جنيف، منتصف الشهر الماضي، والمتعلق ببنود بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة، وفي مقدمتها إطلاق سراح المعتقلين وفتح الممرات الآمنة.
وتوقعت المصادر اليمنية أن يحث ولد الشيخ، مجددا، المتمردين الحوثيين على اتخاذ خطوات عملية تعزز بناء الثقة وتهيئ لانعقاد المشاورات المقبلة، لكن المصادر ذاتها، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين يستخدمون قضية المعتقلين كورقة سياسية للمقايضة مقابل وقف الطلعات الجوية على مواقع الميليشيات ومعسكرات المخلوع علي عبد الله صالح، إذ لا تستبعد المصادر أن تحقق زيارته تقدما فيما يتعلق بموضوع بناء الثقة، في حين ما زالت قضية المدينة التي ستحتضن المشاورات المقبلة، عالقة دون اتفاق، حتى اللحظة، حيث رشحت عدد من البلدان لاستضافة الجولة، بينها مصر والكويت وإثيوبيا وسلطنة عمان وسويسرا.
كما تأتي زيارة ولد الشيخ إلى صنعاء في ظل اختلاف كبير للظروف الميدانية، حيث باتت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية على بعد نحو 40 كيلومترا، شمال شرقي العاصمة، وتحديدا حيث تتمركز في مديرية نهم، إحدى مديريات محافظة صنعاء وعلى مقربة نحو 10 كيلومترات من مديرية بني حشيش، التي تعد من ضواحي العاصمة، إضافة إلى التطورات الميدانية على صعيد المواجهات شرقا وفي شمال غربي البلاد، والمتمثلة في التقدم الكبير الذي تحقق في تحرير محافظة الجوف وأجزاء كبيرة من آخر معاقل الحوثيين في محافظة مأرب، إضافة إلى توغل قوات الجيش الوطني والمقاومة في محافظة حجة الحدودية، وتحديدا سيطرتها على ميناء ميدي وبعض أجزاء مدينة حرض الحدودية مع المملكة العربية السعودية.
وتؤكد المصادر الخاصة لـ«الشرق الأوسط» أن المبعوث الأممي سوف يقدم نصيحة للمتمردين بتوحيد مواقفهم ووفدهم في جولة المشاورات المقبلة، خاصة بعد التباين والتنافر في المواقف الذي ظهر على الوفد المشارك في المشاورات الأخيرة في ضواحي مدينة جنيف، بين وفد المتمردين المكون من الحوثيين وأنصار المخلوع صالح، حيث انعكست الخلافات بين طرفي الانقلاب إزاء الكثير من القضايا، على أداء الوفد المشترك، ولخصت المصادر المشكلة بالقول إن «هناك تسابقا بين صالح والحوثيين للسيطرة والظهور بموقف القوي ميدانيا وسياسيا».
ويقوم المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ بجولة في المنطقة لبحث أفق السلام في اليمن ولإجراء مشاورات مع كافة الأطراف للحصول على تعهدات والتزامات تضمن له الدفع بعملية المشاورات السياسية المباشرة بين الأطراف اليمنية، فقبل زيارته إلى صنعاء، قام ولد الشيخ بزيارة إلى الرياض وأجرى مشاورات مع عدد من الأطراف في الحكومة الشرعية، إضافة إلى أنه أجرى مشاورات، فيما يتعلق بالوضع القائم في جنوب البلاد، مع الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض، في أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وحسبما هو مقرر فإن ولد الشيخ سيقوم بزيارة مماثلة إلى عدن لإجراء مباحثات مع الرئيس عبد ربه منصور هادي بخصوص التسوية السياسية والملفات التي ترتبط بها، بحسب المصادر.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».