حقوقيون يمنيون يجهزون ملفًا لرفعه للمحكمة الجنائية الدولية

يتضمن 12 ألف حالة انتهاك إنسانية قامت بها الميليشيات الحوثية في تعز

حقوقيون يمنيون يجهزون ملفًا لرفعه للمحكمة الجنائية الدولية
TT

حقوقيون يمنيون يجهزون ملفًا لرفعه للمحكمة الجنائية الدولية

حقوقيون يمنيون يجهزون ملفًا لرفعه للمحكمة الجنائية الدولية

تجهز 15 جمعية ومؤسسة حقوقية في تعز، ملفًا متكاملاً يشمل انتهاكات ميليشيا الحوثي في المدينة، تمهيدًا لرفعه إلى المحكمة الجنائية الدولية للنظر في أعمال الإبادة والقتل الجماعي التي مارستها الميليشيات خلال فترة حصارها للمدينة. ويسارع الحقوقيون، الذين يقارب عددهم نحو 250 شخصًا، الخطى لتجهيز الملف وتدقيقه من قبل الناشطين والمختصين، لتسليمه للمحكمة قبل انعقاد مؤتمر «جنيف2»، منتصف يناير (كانون الثاني) الحالي. ويتوقع هؤلاء أن يكون الملف جاهزًا ومدعومًا بالصور خلال الأيام القليلة المقبلة.
وكانت المؤسسات الحقوقية قد رصدت أكثر من 12 ألف حالة انتهاك نفذتها الميليشيات مدعومة بالحرس الجمهوري ضد المدنيين، منها 1600حالة قتل مباشر، وإصابة 8786 مواطنًا بإصابات مختلفة، فيما سجل التقرير المشترك بين المؤسسات الحقوقية اختطاف أكثر من 250 شخصًا لم يُعرف مصيرهم حتى الآن.
وتعوّل هذه المؤسسات على المحكمة الجنائية الدولية، التي تأسست بصفة قانونية في مطلع يوليو (تموز) من عام 2002، بموجب ميثاق روما وصادقت عليه أكثر من 108 دول، وتختص في جرائم الإبادة الجماعية من قتل أو التسبب بأذى شديد بغرض إهلاك جماعة قومية، في محاكمة قيادات الميليشيات المتورطة في إصدار الأوامر للأفراد والأفراد المعنيين بتنفيذ أعمال القتل.
وقال صدام الحريبي مؤسس إحدى الجمعيات الحقوقية لـ«الشرق الأوسط»: «إن الجمعيات الحقوقية الرسمية التي تمتلك الخبرة والاختصاص في هذا الجانب وتأسست بجهود ذاتية، بعد تشديد الحصار على تعز من قبل ميليشيات الحوثيين، تعمل بكل جهد في هذه الأيام على تجهيز ملف متكامل، يحتوي على جميع الانتهاكات التي وقعت في ثلاث مديريات فقط، وذلك تمهيدًا لتقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية للنظر فيه وفق أنظمتها».
وأوضح الحريبي أن الفريق يعمل بكل طاقته ويسابق الوقت، لتوثيق أكثر من 12 ألف حالة انتهاك، منها 1600 حالة قتل لمدنيين، كي يكون الملف جاهزًا ومطروحًا أمام محكمة الجنايات قبل انعقاد مؤتمر «جنيف2»، منتصف يناير، من خلال شخصيات بارزة تتواصل مع الحكومة الشرعية كخيار أو من خلال محامين دوليين مختصين في هذا الشأن.
وأشار الحريبي إلى أن انتهاكات ميليشيات الحوثي كثيرة ومتنوعة، وتشمل جميع المديريات في إقليم تعز، إلا أنه من الصعب رصد كل هذه الخروقات جراء القصف العشوائي بالأسلحة الثقيلة والصواريخ على مواقع تجمع المدنيين، خصوصًا أن إجمالي عدد العاملين في هذه المؤسسات لا يتجاوز 250 شخصًا ما بين محامين ومصورين وموثقين أرشيفيين، وهذا العدد لا يمكنه تغطية مديريات الإقليم كافة، جراء ما تقوم به الميليشيات.
وسيشمل الملف المزمع رفعه إلى المحكمة الجنائية الدولية، 20 حالة تعذيب لمدنيين، وتدمير أكثر من 1561 منزلاً بشكل جزئي أو كلي، إضافة إلى تفجير نحو 25 منزلاً دون مسوغ رسمي، فيما نشرت ميليشيا الحوثي أكثر من 25 نقطة تفتيش على أطراف مدينة تعز، ومنعت دخول المساعدات الإنسانية للمدينة التي تعيش حالة حرجة جراء نقص المواد الغذائية والطبية.
وترى المؤسسات الحقوقية أن الملف سيركز على «الجرائم ضد الإنسانية» التي تختص فيها المحكمة، وفقًا لنظام روما، وترتكز بشكل واضح وممنهج ضد السكان المدنيين مثل «القتل العمد، والإبادة، والإبعاد، والنقل القسري»، إضافة إلى جرائم الحرب التي نفذتها الميليشيات وخرقت اتفاقية جنيف لسنة 1949، من انتهاك قوانين الحرب في نزاع مسلح دولي أو داخلي.
وتُعد تعز التي حاصرتها الميليشيات مدعومة بالحرس الجمهوري الموالي للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، على مدار الأشهر الماضية، من أهم المواقع التي يعمل الحوثيون على عدم التفريط فيها، لأهميتها الجغرافية وموقعها الاستراتيجي. فهي في الجنوب من العاصمة صنعاء، وتبعد عنها بنحو 256 كيلومترًا، كما تقع في الجزء الجنوبي الغربي للجمهورية اليمنية، وتتصل المحافظة بمحافظتي إب والحديدة من الشمال، وأجزاء من محافظات لحج والضالع وإب من الشرق، ومحافظة لحج من الجنوب، وتطل على البحر الأحمر من جهة الغرب.
ميدانيًا، قصفت ميليشيا الحوثي وحليفهم علي صالح، بمدافع الهاون والكاتيوشا وبشكل عشوائي قرى الشقب. فيما تقوم المقاومة الشعبية بالتصدي لهذا الهجوم، وأحبطت حالات تسلل لأفراد الميليشيا للدخول إلى مدينة تعز، كما أغلقت الميليشيات مدعومة بالحرس الجمهوري، منفذ الدحي بمدينة تعز. واستخدمت الرصاص الحي لتفريق المواطنين الراغبين في مغادرة المدينة.
في المقابل، استعادت المقاومة مواقع في حارة قريش بعد استعادة منطقة ثعبات بالكامل من ميليشيا الحوثي، إضافة إلى تبة الدار في الشقب التي استولى عليها الحوثيون في وقت سابق.
وفي ذي ناعم بالبيضاء، دخلت المقاومة الشعبية في اشتباكات مباشرة مع ميليشيات الحوثيين في مناطق المصعوق، والغذيبة، وخبار، بعد أن أقدمت الميليشيا على قذف مواقع مدنية وأخرى تتحصن فيها المقاومة الشعبية، ونجحت المقاومة في التصدي للهجوم وإصابة العشرات من الميليشيات، كما وصلت وحدات عسكرية مقبلة من قاعدة العند، لتقديم الدعم والمساندة للمقاومة في ذي ناعم، فيما استقبلت قيادة الجيش الوطني في الجوف أفراد الكتيبة الخضراء المتخصصة في التدخل السريع.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.