النزاع في بحر الصين الجنوبي يهدد بحدوث مواجهات عسكرية بين الصين وأميركا

بكين تدعي سيادتها عليه.. وواشنطن تتحداها بإرسال سفن حربية

جانب من الأسلحة الصينية المتطورة التي تم عرضها خلال احتفال الصين بالذكرى الـ70 لانتهاء الحرب العالمية الثانية في بكين خلال سبتمبر الماضي (رويترز)
جانب من الأسلحة الصينية المتطورة التي تم عرضها خلال احتفال الصين بالذكرى الـ70 لانتهاء الحرب العالمية الثانية في بكين خلال سبتمبر الماضي (رويترز)
TT

النزاع في بحر الصين الجنوبي يهدد بحدوث مواجهات عسكرية بين الصين وأميركا

جانب من الأسلحة الصينية المتطورة التي تم عرضها خلال احتفال الصين بالذكرى الـ70 لانتهاء الحرب العالمية الثانية في بكين خلال سبتمبر الماضي (رويترز)
جانب من الأسلحة الصينية المتطورة التي تم عرضها خلال احتفال الصين بالذكرى الـ70 لانتهاء الحرب العالمية الثانية في بكين خلال سبتمبر الماضي (رويترز)

الأكيد أنه لا أحد يريد أن تندلع الحرب في بحر الصين الجنوبي، غير أن سخونة لعبة التجاذب السياسي، والصراع بين الولايات المتحدة والصين، يمكن أن تغرق أكثر منطقة ملاحية ازدحاما في العالم في موجة من الاضطرابات.
فدول المنطقة تواجه مشكلة الخمسة تريليونات دولار، حجم الشحنات التجارية التي تعبر منطقة البحر المتنازع عليها، وتتمثل المشكلة في ارتفاع درجة المخاطر بالنسبة إلى كل الدول المعنية بالخلاف حول حدودها البحرية. وإلى جانب كون البحر ممرا مائيا رئيسيا للملاحة، فإن المنطقة المشكلة طبيعيا على هيئة لسان، يعتقد أيضًا أنها غنية بالموارد المعدنية والبحرية. ولذلك كله يحذر المحللون من أن مخاطر نشوب صراع في المياه المفتوحة، التي لا تدخل ضمن المياه الإقليمية لأية دولة أصبحت أمرا حقيقيا، خصوصا مع تحدي الولايات المتحدة بصورة تجاوزت الحدود لمزاعم الصين التي تدعي سيادتها على منطقة البحر بكاملها في الغالب الأعظم، وذلك بعد أن قامت واشنطن بإرسال سفن حربية بالقرب من المناطق التي تسيطر عليها بكين.
ويقول المحللون إنه بينما لم تتخذ بكين أي إجراء عندما قامت البحرية الأميركية «بدوريات لكفالة حرية الملاحة» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإن خطة واشنطن بالقيام بمزيد من هذه الدوريات يمكن أن تثير أزمة غير مقصودة. وفي هذا الصدد قال تشانج باوهوي، أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز «دراسات منطقة آسيا المطلة على المحيط الهادي» بجامعة لينجنام في هونغ كونغ، إن «مثل هذه العمليات يمكن أن تزعزع بشكل خطير استقرار الوضع في بحر الصين الجنوبي، بل وحتى سلام واستقرار المنطقة برمتها.. ويمكن أن تثير تصعيدا غير متعمد، وأن تدفع الدولتين في اتجاه صراعات مسلحة».
من جهتها، أشارت بوني جليزر، وهي مستشارة بارزة لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في سيدني، إلى أن المستوى العالي من عدم الثقة، والتنافس بين الولايات المتحدة والصين، يسهمان في حدوث مزيد من الفوضى المتفجرة، موضحة أن «سوء التقدير أو سوء الفهم يمكن أن يسفر عن تبادل لإطلاق النار يسقط خلاله قتلى، مما يؤدي إلى مزيد من التصعيد العسكري، والتعجيل بحدوث أزمة سياسية كبرى.. كما أن تفاقم عدم الثقة بين الولايات المتحدة والصين، وتصاعد التنافس الاستراتيجي بينهما، قد يزيد من صعوبة حل هذه الأزمة».
لكن الولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة التي تتحدى مزاعم الصين بأحقيتها في بحر الصين الجنوبي، ذلك أن محكمة تابعة للأمم المتحدة تنظر قضية تحكيم أقامتها الفلبين حول هذه القضية عام 2013، ويمكن أن تصدر حكمها خلال العام الحالي، بعد أن قضت بالفعل أن لها ولاية على نظر هذه القضية، التي تتحدى فيها الفلبين مزاعم الصين الكاسحة، وترفض فيها اعتراض بكين على نظر القضية ورفضها المشاركة في أعمال المحكمة.
وحول هذا الخلاف قال ألبرت ديل روزاريو، وزير خارجية الفلبين، للمحكمة: «إن الحكم سيفيد الصين عن طريق تحديد وتوضيح حقوقها في المناطق البحرية، وبالنسبة إلى الفلبين سيحدد المناطق التابعة لها، خصوصا حقوقها في الصيد»، مضيفا أنه «بالنسبة إلى بقية أعضاء المجتمع الدولي، فإن هذا الحكم سيساعد على كفالة السلام والأمن والاستقرار وحرية الملاحة والطيران بمنطقة بحر الصين الجنوبي.. ونتيجة التحكيم ستكون أيضًا بناءة بالنسبة إلى الدول الأخرى التي تمر بمنازعات تتطلب التسوية، ويسمح للدول الصغيرة بأن تواجه القوى الكبرى».
وردا على الدوريات الأميركية البحرية التي تستهدف حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي، صعدت بكين بالتدريج من ردود أفعالها، حيث أجرت أولا تدريبات عسكرية في البحر في أكتوبر الماضي، ثم وزعت صورا نادرة لصواريخ مثبتة في غواصات نووية. وبهذا الخصوص حذر تشانج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة لينجنام بهونغ كونغ، الدول وخصوصا الولايات المتحدة من أسلوب تعاملها مع الصين وسط هذا الخلاف، وقال إن «التصرفات غير الحكيمة من جانب أحد الطرفين أو كليهما يمكن أن يحول عدم الثقة إلى صراعات مسلحة دموية، ولا يريد أحد -خصوصا الدول الواقعة بالمنطقة- أن يحدث هذا السيناريو».
وأمس تزايد تصاعد التوتر في بحر الصين الجنوبي بعد هبوط طائرة صينية في جزيرة هونغ كونغ، إذ قال مسؤولون ومحللون إن هبوط أول طائرة صينية في إحدى الجزر الصناعية التابعة لبكين في بحر الصين الجنوبي يشير إلى أن بناء المنشآت الصينية في المنطقة المتنازع عليها يسير وفق جدول زمني، وأن الرحلات الجوية العسكرية ستتبع ذلك. وأضافوا أن الوجود العسكري المتزايد للصين في البحر المتنازع عليه قد يؤدي إلى إقامة منطقة دفاع جوي تحت سيطرة بكين، مما يزيد التوترات مع دول أخرى تطالب بالسيادة على مناطق في البحر ومع الولايات المتحدة أيضًا في واحدة من المناطق المضطربة في العالم.
وتقدمت فيتنام باحتجاج دبلوماسي رسمي، إذ قال تشارلز جوزيه، المتحدث باسم وزارة الخارجية في الفلبين، إن مانيلا تعتزم فعل الشيء نفسه، حيث تطالب الدولتان بالسيادة على مناطق في بحر الصين الجنوبي وتتداخل مطالبهما مع مطالب الصين، أما في أميركا فقال جون كيربي، المتحدث باسم وزارة الخارجية، إن هبوط الطائرة الصينية «يزيد التوترات ويهدد الاستقرار الإقليمي».



كوريا الجنوبية: القضاء يمدّد توقيف الرئيس المعزول ومحتجّون يقتحمون مقر المحكمة

أنصار رئيس كوريا الجنوبية المعزول يون سوك يول خارج المحكمة (أ.ف.ب)
أنصار رئيس كوريا الجنوبية المعزول يون سوك يول خارج المحكمة (أ.ف.ب)
TT

كوريا الجنوبية: القضاء يمدّد توقيف الرئيس المعزول ومحتجّون يقتحمون مقر المحكمة

أنصار رئيس كوريا الجنوبية المعزول يون سوك يول خارج المحكمة (أ.ف.ب)
أنصار رئيس كوريا الجنوبية المعزول يون سوك يول خارج المحكمة (أ.ف.ب)

مدّدت محكمة كورية جنوبية، يوم الأحد بالتوقيت المحلي، توقيف رئيس البلاد يون سوك يول، المعزول على خلفية محاولته فرض الأحكام العرفية، في قرار أثار حفيظة مناصرين له سرعان ما اقتحموا مقر المحكمة.

وعلّلت محكمة سيول، حيث مثل الرئيس المعزول، القرار بـ«تخوّف» من أن يعمد الأخير إلى «إتلاف أدلة» في تحقيق يطاله، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ومثل يون أمام القضاء للبتّ في طلب تمديد احتجازه، بعد توقيفه للتحقيق معه في محاولته فرض الأحكام العرفية في البلاد.

وتجمع عشرات الآلاف من أنصاره خارج قاعة المحكمة، وبلغ عددهم 44 ألفاً بحسب الشرطة، واشتبكوا مع الشرطة، وحاول بعضهم دخول قاعة المحكمة أو مهاجمة أفراد من قوات الأمن جسدياً.

وأفاد مسؤول في الشرطة المحلية، «وكالة الصحافة الفرنسية»، باعتقال 40 متظاهراً في أعقاب أعمال العنف. وردد المتظاهرون شعارات مؤيدة للرئيس المعزول، وحمل كثير منهم لافتات كُتب عليها «أطلقوا سراح الرئيس».

وتحدث يون الذي أغرق كوريا الجنوبية في أسوأ أزماتها السياسية منذ عقود، مدّة 40 دقيقة أمام المحكمة، بحسب ما أفادت وكالة «يونهاب».

وكان محاميه يون كاب كون، قد قال سابقاً إن موكّله يأمل في «ردّ الاعتبار» أمام القضاة. وصرّح المحامي للصحافيين بعد انتهاء الجلسة بأن الرئيس المعزول «قدّم أجوبة وتفسيرات دقيقة حول الأدلّة والأسئلة القانونية».

وأحدث يون سوك يول صدمة في كوريا الجنوبية ليل الثالث من ديسمبر (كانون الأول) عندما أعلن الأحكام العرفية، مشدداً على أن عليه حماية كوريا الجنوبية «من تهديدات القوى الشيوعية الكورية الشمالية والقضاء على العناصر المناهضة للدولة».

ونشر قوات في البرلمان لكن النواب تحدوها وصوتوا ضد الأحكام العرفية. وألغى يون الأحكام العرفية بعد 6 ساعات فقط.

وفي 14 ديسمبر، اعتمدت الجمعية الوطنية مذكّرة للإطاحة به، ما تسبّب في تعليق مهامه. لكنه يبقى رسمياً رئيس البلد، إذ إن المحكمة الدستورية وحدها مخوّلة سحب المنصب منه.