استنفار إسرائيلي على الحدود مع لبنان

تل أبيب تستبعد أن يغامر حزب الله بفتح جبهة معها

استنفار إسرائيلي على الحدود مع لبنان
TT

استنفار إسرائيلي على الحدود مع لبنان

استنفار إسرائيلي على الحدود مع لبنان

أمر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي ايزنكوت، بالإبقاء على حالة التأهب والاستنفار في المنطقة الشمالية من البلاد خلال الأيام القريبة في أعقاب قيام عناصر من منظمة حزب الله بتفجير عبوة ناسفة لدى مرور آليات عسكرية إسرائيلية عصر الاثنين في المنطقة الحدودية مع لبنان قرب مزارع شبعا دون إصابات. ويسود الاعتقاد لدى الجهات الأمنية أن وجهة حزب الله ليست للتصعيد أو المواجهة، إلا أن الجيش الإسرائيلي «يستعد لاحتمال أن يحاول الحزب تنفيذ عمليات أخرى».
وعقد وزير الدفاع موشيه يعلون الليلة الماضية جلسة خاصة لتقييم الأوضاع في أعقاب الحادث. وشارك في الجلسة الجنرال ايزنكوت ورئيس هيئة الاستخبارات الميجر جنرال هيرتصي ليفي وضباط كبار آخرون. وقد اجتمع قائد قوة اليونيفيل الدولية في لبنان الجنرال لوتشانو بورتلانو مع ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي وفي الجيش اللبناني، وناشدهم التحلي بضبط النفس تفاديا لحدوث تصعيد آخر.
وأكد مصدر عسكري في قيادة القطاع الشرقي لقوات اليونيفيل عودة الهدوء في المنطقة الحدودية في مزارع شبعا.
وكان حزب الله قد تبنى العملية، التي جاءت بعد نحو أسبوعين من اغتيال سمير القنطار، أكد أنه جرى تفعيل عبوة ناسفة ضد جرافتي «دي 9» تابعتين للجيش الإسرائيلي في منطقة جبل روس. ولم يسفر التفجير عن وقوع إصابات، لكنه ألحق أضرارا بإحدى الجرافتين. وردا على ذلك قصف الجيش الإسرائيلي الأراضي اللبنانية. ويخشى الجيش الإسرائيلي أن يكون حزب الله قد تمكن من زرع عبوات أخرى.
وقال ضابط رفيع في الجيش الإسرائيلي إن العبوة التي انفجرت قرابة الساعة الثالثة بعد ظهر الاثنين، كانت كبيرة نسبيا. وتم زرعها داخل «الأراضي الإسرائيلية» في منطقة جبل روس، تحديدا في منطقة لا يقوم فيها سياج يحدد الخط الحدودي. وطلب الجيش من المواطنين الإسرائيليين في المنطقة البقاء داخل بيوتهم، وتم إخلاء الطلاب من المدارس، وبعد ساعة سمح للسكان بالعودة إلى مجريات حياتهم. مع ذلك لوحظت أمس تحركات كبيرة للسيارات العسكرية والمروحيات الإسرائيلية. وبعد ساعة من تفجير العبوة، أصدر حزب الله بيانا أعلن فيه مسؤوليته عن الحادث. وحسب البيان فقد قامت «خلية سمير القنطار» بتفجير عبوة كبيرة على شارع زبادين - كفرا في منطقة مزارع شبعا. ونقلت وسائل إعلام لبنانية عن جهات أمنية أن إسرائيل أطلقت 30 قذيفة باتجاه الأراضي اللبنانية، خاصة منطقة شبعا، دون أن يسفر ذلك عن وقوع إصابات. وقال الناطق العسكري الإسرائيلي إن قوات الجيش كانت تقوم بتمشيط المنطقة بعد الافتراض بوجود عبوات ناسفة، ولذلك تم استخدام آليات ثقيلة.
وتساءل الإسرائيليون أمس إن كان حزب الله سيكتفي بهذا الحادث أم أنه سيواصل البحث قريبا عن الانتقام من إسرائيل بضربة تناسب اغتيال القنطار. وقال ناطق عسكري إن الرد العسكري من قبل حزب الله كان متوقعا منذ اغتيال سمير القنطار، قرب دمشق، قبل أسبوعين. ولم يقم التنظيم، فقط، بتحميل المسؤولية لإسرائيل، (التي لم تعلن رسميا مسؤوليتها عن العملية)، بل أعلن الأمين العام حسن نصر الله، ثلاث مرات على الأقل، أن تنظيمه سينتقم لدم القنطار. مع ذلك، فقد اختار حزب الله الرد، أمس، في حلبة محدودة مسبقا، يمكن فيها احتواء الاندلاع العسكري - منطقة جبل روس، التي لا تقوم فيها بلدات إسرائيلية ولا يجري فيها أي نشاط غير نشاط الجيش الإسرائيلي. وطوال الأيام الأخيرة، التي ساد خلالها طقس عاصف، أطلق الجيش الإسرائيلي بين الحين والآخر، نيران المدفعية باتجاه الأراضي اللبنانية الواقعة شمال جبل روس، سواء كردع أو من أجل إحباط إمكانية التسلل إلى إسرائيل. العبوة التي انفجرت أمس، تم توجيهها ضد جرافات عسكرية، مدرعة جيدا، كانت تقوم «بشق مسار»، أي تنظيف طريق اشتبه بزرع عبوات فيه.
وأضاف الناطق الإسرائيلي أن «ما لا يقوله حزب الله هو أن العبوة في جبل روس كانت مجرد الأولى في سلسلة عمليات مخططة. فتصريحات نصر الله قيدت التنظيم، إلى حد ما، وخلقت مستوى معينا من توقع الانتقام، وسيكون من الصعب على نصر الله الآن، أن يشرح للجمهور اللبناني، وعلى الحلبة التي ينافسه عليها الكثير من خصوم تنظيمه، لماذا اكتفى بعملية رد لم تسفر عن إصابات». وتابع: «نأمل ألا يمضي زعيم حزب الله أسيرا خلف لهجته نفسها وأن يعمل الآن على وقف رجاله قبل أن يدهور الوضع بشكل أكبر». وأكد: «من قرر تنفيذ الاغتيال، تكهن كما يبدو، بأن نصر الله لا يشعر بالتماثل مع القاتل الدرزي الذي قلص تنظيمه علاقاته معه قبل سنة، وأن حزب الله منشغل جدا في الحرب الأهلية السورية، ولن يخاطر بفتح جبهة جديدة مع إسرائيل. التهديدات المتواصلة من قبل نصر الله منذ الاغتيال، يمكن أن تدل على تقييم سلبي لنواياه. لكن الرد الحقيقي سيتضح لاحقا، بما يتفق مع الخطوات القادمة لحزب الله، بعد فشل عملية أمس. وتستصعب إسرائيل التصديق بأن قنطار سيقود في موته إلى اندلاع حرب لبنان الثالثة في 2016، بعد أن كان رفض إطلاق سراحه من السجن الإسرائيلي في السابق، قد قاد إلى اختطاف جنديين إسرائيليين وبالتالي إلى حرب لبنان الثانية في 2006».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.