فان غال رجل مثير لوسائل الإعلام بدلاً من جماهير ناديه

أسلوبه المتهكم مادة جيدة للصحافيين ومثيرة لغضب مشجعي يونايتد

فان غال مادة سخية للإعلاميين (رويترز)
فان غال مادة سخية للإعلاميين (رويترز)
TT

فان غال رجل مثير لوسائل الإعلام بدلاً من جماهير ناديه

فان غال مادة سخية للإعلاميين (رويترز)
فان غال مادة سخية للإعلاميين (رويترز)

في عام 1998 طلب لويس فان غال من السير أليكس فيرغسون نصيحة بخصوص السبيل المثلى للتعامل مع وسائل الإعلام. وبالنظر إلى التوتر الذي ساد علاقته هو شخصيًا بالصحافة، أوجز مدرب مانشستر يونايتد آنذاك رده في: «لا تقرأها»، إلا أنه على ما يبدو، فإن فان غال تجاهل نصيحة المدرب المخضرم السابق طيلة 17 عامًا حتى الآن. ورغم إعلانه الصيف الماضي عن اعتقاده بأن المراسلين البريطانيين «أكثر لطفًا من نظرائهم الهولنديين والإسبان»، لكن المثير أنهم ليسوا بمستوى لطف نظرائهم الألمان، فإن علاقة فان غال بالصحافة البريطانية تعرضت منذ ذلك الحين لترد كبير بلغ درجة تثير القلق، بيد أنها في الوقت ذاته تحمل طابعًا فكاهيًا مسليًا.
خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اشتكى المدرب الهولندي من الكتاب الرياضيين الذين يضطر إلى التعامل معهم على نحو أسبوعي. كما اشتكى من نشر الإعلام «أكاذيب» عنه، الأمر الذي لا يثير كثيرًا من الدهشة بالنظر لتاريخ علاقته المتوترة بـ«السلطة الرابعة»؛ الصحافة.
وقد سبق أن صرح فان غال من قبل خلال فترة توليه تدريب آياكس أن «كثيرا مما يكتب عني لا علاقة له بحقائق أو واقع. وكل ما قرأته عن نفسي يدور حول مدى غطرستي. في الواقع، أنا شخص معتد بنفسه ولديه آراء مستقلة واعتزاز بنفسه. وبالنظر إلى طبيعة شخصيتي، فإنه من السهل على أي شخص آخر اتهامي بالغطرسة».
يذكر أنه خلال مؤتمر صحافي أعقب مباراة بين آياكس وبريدا عام 1996 بالدوري الهولندي، صب فان غال جام غضبه على الصحافي تيد فين ليوفين، الذي يعمل لدى «فويتبول إنترناشيونال». وفي رده على سؤال طرحه ليوفين حول علاقته بصفته مدربا بلاعبيه، رد فان غال غاضبًا: «هل أنا شديد الذكاء أم إنك مفرط في الغباء؟!»، الأمر الذي حمل مؤشرات على أن وصفه بالغطرسة ربما لا ينبع فقط من سماته الشخصية أو مظهره.
ومؤخرًا، وفي أعقاب تصاعد الضغوط بعد هزيمة مانشستر يونايتد أمام ستوك سيتي، تحولت دفة الحديث الدائر حول المدرب الهولندي إلى مدى احتمالية احتفاظه بمنصبه.
من جانبه، لمح فان غال إلى أنه بمقدوره دومًا الاستقالة، الأمر الذي فسره المراسلون، وهو تفسير منطقي تمامًا، بأنه يعني أنه قد يفكر جديًا في الاستقالة. وهنا، رد المدرب الهولندي على هذه التعليقات بازدراء متعال، وهو أسلوب أصبح، عن حق أو غير حق، مرادفًا لاسمه.
وأكد فان غال غاضبًا على أن «هذه أكاذيب لا تقوم على أي حقائق». واستطرد قائلاً: «هل سأتقدم باستقالتي؟ على العكس. عندما يكون اللاعبون قادرين على تقديم مثل هذا المستوى من الأداء في ظل هذا القدر من الضغوط، فإن هذا يعني أنه ليست هناك أي ضغوط علي كي أستقيل. قد يرغب الإعلام في أن أتقدم باستقالتي، لكنني لن أفعل ذلك».
وقبيل أعياد الميلاد، كانت الحالة المزاجية الغاضبة ذاتها مسيطرة على فان غال، حيث طلب من المراسلين الاعتذار لتسرعهم في الكتابة عن أفول نجمه، رغم أن هذا الأمر بدا وشيكًا أمام الجميع. وقال خلال تصريحات له: «أعتقد أنني تعرضت للطرد بالفعل من النادي، حسبما قرأت»، وذلك قبل أن يعرب عن أمله للمراسلين بأعياد ميلاد سعيدة بنبرة توحي بأنه يتمنى في داخله لو أنه طاعون يصيبهم جميعًا ويزيحهم من الوجود!
في الواقع، إن الكتاب الذي وضعه الصحافي الكروي الهولندي والمعلق التلفزيوني هوغو بورست، عن المدرب الهولندي، يعد واحدًا من أفضل الكتب التي صدرت في السنوات الأخيرة عن شخصية كروية، لما يحمله من قدر بالغ من الترفيه والتسلية. يذكر أن بورست كان في وقت من الأوقات صديقا مقربا إلى فان غال، لكن تردت العلاقة بينهما في أعقاب اتهام فان غال له بتسريب رقم هاتفه من دون علمه لصحافي آخر.
ويعترف بورست أنه مولع تمامًا بشخصية فان غال، ويحمل كتابه في معظم أجزائه نبرة قاسية، لكنها مسلية للغاية في قراءتها. وأحيانا يشعر المرء أثناء القراءة بعدم ارتياح حيال إصدار الكاتب تقييمات مفزعة وشديدة القسوة تجاه المدرب الهولندي وعلاقته بمجموعة متنوعة من اللاعبين، بل وبزوجته ووسائل الإعلام والمشروبات الكحولية.
وبعيدًا عن الشكوك الأخلاقية المحيطة بمسألة استعانة بورست بطبيب نفسي شهير بظهوره المستمر في برنامج تلفزيوني بعنوان: «هولاندز ورست هزباند» في تحليل شخصية فان غال، فإن الدكتور برام باكير قدم تحليلاً مثيرًا لمعارك فان غال المستمرة مع الصحافيين. ورغم أن باكير لم تسبق له مقابلة المدرب الذي عكف على تحليل شخصيته، فإنه عمل على دراسة سيرته الذاتية الرسمية وخلص لنتيجة مفادها أن المدرب فان غال شخص يعاني من الارتياب الشديد، وكذلك عقدة نقص، ولديه ميول نحو البارانويا، مما يجعله في حاجة لاستشارة طبيب نفسي بأسرع وقت ممكن.
وشرح الدكتور باكير لبورست: «حاول أن تعي أن الأشخاص العدوانيين دائمًا يحملون في أعماقهم خوفًا بالغًا، لأن الإنسان لا يصبح بحاجة إلى اتباع نهج عدواني إلا عندما يشعر بتهديد. وعليه، فإننا نجد أن جميع أنماط السلوك العدواني يجري تحفيزها في البداية بصورة من صور الخوف. عندما تنظر إلى فان غال على هذا النحو، ستجد أن من يقف أمامك هو في حقيقته صبي صغير مذعور».
من ناحية أخرى، فإن المراسلين الذين تولوا تغطية هزيمة مانشستر يونايتد أمام ستوك معذورون في نقل تحليل الدكتور باكير على نحو لا يخلو من تشفٍ، خاصة أولئك الذين سقطوا ضحية لنظرة فان غال الفتاكة في أعقاب سلسلة من الأسئلة الساخرة.
ورغم أن فان غال ليس أول مدرب كرة قدم يبدي صراحة ازدراءه للصحافيين المعنيين بتغطية النشاطات اليومية لفريقه، فإنه من القلائل الذين أظهروا مشاعرهم على هذا النحو المسلي. في الواقع، علينا نحن الصحافيين الشعور بالامتنان لفوز مانشستر يونايتد خلال عطلة نهاية الأسبوع على سوانزي سيتي، الأمر الذي يضمن على ما يبدو استمرار فان غال في منصبه. ومع أن أداء مانشستر يونايتد داخل الملعب هذا الموسم يبدو مفتقرًا إلى الترفيه والمتعة، فإن هذا الوضع ينقلب إلى الضد تمامًا خلال المؤتمرات الصحافية التي يعقدها مدربه.
* «أديداس» تنتقد أسلوب لعب يونايتد الممل
* تعرض أسلوب لعب مانشستر يونايتد في ظل قيادة لويس فان غال لانتقادات من الرئيس التنفيذي لشركة «أديداس»، التي وقعت عقد رعاية معدات وتجهيزات مع النادي الصيف الماضي بقيمة 750 مليون جنيه إسترليني.
وقد نجح مانشستر يونايتد في إنهاء سلسلة من ثمانية مباريات من دون فوز، السبت الماضي، بانتصاره على سوانزي سيتي. ورغم الانتقادات الموجهة لأسلوب اللعب الواهن، فإن المدرب فان غال ادعى لاحقًا أنه خلال آخر مبارتين؛ منهما لقاؤه مع تشيلسي الذي انتهى بالتعادل من دون أهداف، اتبع فريقه أسلوبا أكثر إقدامًا على المخاطرة.
ورغم ذلك، فإن الأرقام تشير إلى أن الفريق سجل 12 هدفًا فقط على أرضه هذا الموسم، ولا يزال الخطر محدقًا بعمل فان غال مع النادي الذي يحتل حاليًا المرتبة الخامسة بالدوري، بينما خرج من بطولة دوري أبطال أوروبا.
يذكر أن هربرت هاينر، الذي وافقت شركته على أن تحل محل «نايكي» باعتبارها الراعي الرسمي لتجهيزات ومعدات مانشستر يونايتد لمدة 10 أعوام، قال: «عملنا التجاري مع مانشستر يونايتد يسير بصورة جيدة للغاية، فنحن نبيع بالفعل عددا من القمصان يفوق ما توقعناه. إننا نشعر بالرضا.. حتى وإن كان أسلوب لعب الفريق حاليًا ليس على المستوى الذي رغبنا في رؤيته».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».