مع إشراق شمس أول يوم في العام الجديد انخفض الطلب على العقارات في السعودية إلى مستويات جديدة لم تشهد لها السوق مثيلا منذ 9 سنوات، حيث سجلت السوق مراحل حديثة من ضعف الطلب بحسب البيانات الأسبوعية للسوق العقارية، التي سجلت رقما ضعيفا في أدائه بمختلف فروعه، وفي مقدمة ذلك الفيلات التي سجلت أدنى درجات النشاط، وهذا ما تميزت به «الشرق الأوسط» وأكدته في تقرير سابق لها، وتحدثت عن تحقيق هذا النوع من العقارات أدنى حركة له على الإطلاق.
وأكد عقاريون سعوديون أنهم لم يتفاءلوا بأن يضيف العام الجديد أي حركة قد تحسن من حال القطاع، إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، فالعام الجديد مجرد رقم أضاف إلى عمر الركود العقاري مدة أطول.
وأوضحوا أن هناك انخفاضا محتملا في القطاع في حال استمرار العزوف في تسجيل أرقام كما هو حاصل، إلا أن ما يميز هذا الكساد هو النزول في الأسعار ولو بنسب بسيطة، مشيرين إلى أن القطاع العقاري يعاني الضمور في جميع فروعه بلا استثناء.
وفي هذا السياق، أكد ريان العنزي الذي يمتلك شركة الحجاب العقارية، أن مؤشرات السوق العقارية تشير إلى أن هناك ضعفا يلف قطاعاتها بشكل عام، بغض النظر عن بعض التحركات الفردية أو الصفقات الصغيرة التي تحدث بشكل متقطع خلال الأعوام السابقة، وتعد محركا بسيطا في قطاع كبير يعمل بمليارات الريالات، ومن المفترض أن يكون أداؤها أضعاف حركته الحالية، خصوصا أن القطاع يسجل معدلات جديدة من الطلب في ظل ارتفاع العرض أيضا، إلا أن الحلقة المفقودة تتمثل في ارتفاع أسعار العقار إلى مستويات كبيرة، لا يستطيع كثير من الراغبين اللحاق بها، مما يعكس الحال في السوق التي تعيش أسوأ أيامها منذ سنوات طويلة في ظل شح السيولة لدى المشترين، خصوصا لقطاع الإسكان الذي يعيش أياما عصيبة.
وأضاف: «السوق تترنح ما بين ارتفاع الأسعار إلى درجة كبيرة، وبطء الحلول لدى المستثمرين الذين لم يستطيعوا معرفة توجه السوق وعقلية المشتري الذي يعزف عن جميع الخيارات نتيجة عدم توافر المال أو وجوده بنسب تقل عن الأسعار الحالية للسوق، وبين ارتفاع أسعار مواد البناء، ونقص العمالة ضاع الجميع»، لافتا إلى أن القطاع قد يحقق كثيرا من المفاجآت خلال العام الجديد، خصوصا أن فقاعة العقار وصلت لأقصى درجاتها بحسب تعبيره.
وكانت السوق العقارية المحلية الأسبوع ما قبل الأخير من عام 2015 على انخفاض في قيمة صفقاتها الأسبوعية بنسبة 13.2 في المائة، لتستقر عند نحو 5.9 مليار ريال (نحو 1.5 مليار دولار)، ووصل إجمالي ما فقدته من سيولتها منذ مطلع العام الحالي إلى أعلى من 110.3 مليار ريال (نحو 25 مليار دولار)، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ليصل إجمالي قيمة صفقات السوق العقارية حتى نهاية تعاملات الخميس الماضي 24 ديسمبر (كانون الأول) إلى نحو 342.1 مليار ريال (نحو 91 مليار دولار)، مقارنة بأعلى من 443.1 مليار ريال (نحو 118 مليار دولار) خلال الفترة نفسها من عام 2014، أي بانخفاض في قيمة الصفقات العقارية للسوق وصلت نسبته إلى 22.8 في المائة، وهو المستوى الأدنى كذلك مقارنة بالفترة نفسها لعام 2013 بنسبة 15.7 في المائة (بلغ إجمالي قيمة صفقات عام 2013 نحو 405.9 مليار ريال).
من جانبه، تحدث عامر المشاري، وهو مستثمر عقاري، موضحا أنه منذ عقود وسوق العقار السعودية تسير دون توجهات أو على دراسات واقعية أو خطط أو حتى خطوات ثابتة في التوزيع لتغطية تنامي الطلب، إذ إنها تسير بحسب ما هو معروف بالعرض والطلب، وهو ما لا تلتزم به السوق، خصوصا في السنوات الأخيرة التي أصبح القطاع فيها يتمتع بعرض كبير دون وجود أي طلب، متوقعا أن يشهد القطاع العقاري هذا العام مزيدا من الغربلة التي قد تغير الأسعار أو حتى نسبة الإقبال، خصوصا أن القطاع الآن يسير نحو المجهول في ظل العزوف الكبير عن الشراء، كما أن دخول رسوم الأراضي في حسبة البيع والشراء أثرت بشكل كبير رغم عدم إقرارها إلا في الربع الأخير من العام المنصرم.
وحول توقعاته للأفرع الأكثر طلبا خلال العام الجديد، أكد المشاري أن القطاع يسير نحو الهبوط في الأداء دون تفريق في أذرعه الاستثمارية، إلا أن هناك فروعا عقارية تهوي بسرعة أكبر مثل الفيلات السكنية التي سجلت معدلات جديدة من الانخفاض لم تحققها منذ سنوات طويلة، وهي العلامة الفارقة في هذا العزوف، وهي من سحب السوق إلى القاع باعتبارها من القطاعات النشطة في أوقات سابقة، وبالتحديد خلال فترة منح القروض العقارية بتوسع، وهو ما جففت منابعه مؤسسة النقد العربي السعودي، وأعادت ترتيبه من جديد، وهو ما غربل السوق ودفعها إلى ما هي عليه، متوقعا أن ينفرد هذا العام بتوقف نسب الارتفاعات وعودة الأسعار إلى الانخفاض، مستبعدا أن تنهار السوق كما هو مشاع، لكن قد تنخفض تدريجيا كما حصل مع نهاية 2015.
أما على مستوى التغير في أسعار الأصول العقارية من قطع أراض سكنية وخلافه، فقد أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن وزارة العدل حتى نهاية الأسبوع الماضي، تصدعا ملموسا في الأسعار الشاهقة التي وصلت إليها حتى عام 2014، بدأ بصورة ضعيفة مع مطلع الربع الثاني من العام الحالي، سرعان ما اتسع لاحقا بالتزامن مع عدد من القرارات والإجراءات الحكومية (أبرزها إقرار نظام الرسوم على الأراضي البيضاء)، منهيا بذلك مسار صعود أسعار الأصول العقارية، الذي شهد وتيرة ارتفاعات كبيرة جدا طوال الفترة 2006 - 2014. فوفقا لبيانات وزارة العدل المنشورة حتى نهاية الأسبوع الماضي، سجل متوسط أسعار الأراضي الزراعية انخفاضا بلغت نسبته نحو 40.0 في المائة، تلاها في الانخفاض متوسط سعر متر قطع الأراضي السكنية بنحو 22.0 في المائة، وأخيرا متوسط سعر الوحدات السكنية بانخفاض بلغت نسبته 15.0 في المائة.
وفي صلب الموضوع، أكد عبد اللطيف العبد اللطيف الخبير العقاري، أن الركود الحاصل مع بداية العام الجديد ما هو إلا امتداد لسلسلة الركود التي تضرب القطاع منذ سنوات، إلا أن الجديد هو الانخفاض الطفيف في الأسعار، وإن لم يكن بالمستوى المأمول، إلا أنها بداية قد تعكس ما قد يحدث في السوق، خصوصا في ظل التعثرات والانتكاسات التي تحققها السوق من وقت لآخر، وأن المنطق يتحدث عن أن الوضع لا يمكن أن يبقى على ما هو عليه، لأن الأسعار تفوق قدرات معظم الراغبين في الشراء بمراحل كبيرة. وأضاف أن انتعاش السوق مربوط بمزيد من الانخفاض، مما سيمكن الجميع من التملك، ما سيعكس ازدهارا في الحركة العقارية، سيستفيد منه الجميع بلا استثناء، وهذا هو السيناريو الوحيد لتصحيح حال السوق، وأن الأمور الأخرى التي يتحدث عنها معظم العقاريين، من ضرورة التوسع في القروض العقارية والدعم الحكومي المفترض لهم، ما هو إلا رماد يذرونه في أعين المشترين لاستبعاد فكرة انخفاض الأسعار، وهو أمر غير صحيح.
هذا وعادت قيمة الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية المحلية بنهاية 24 ديسمبر الماضي لوتيرة الانخفاض، لتسجل انخفاضا أسبوعيا بنسبة 13.2 في المائة، مقارنة بنموها الأسبوعي الطفيف الأسبق بنحو 12.4 في المائة، لتستقر عند مستوى 5.9 مليار ريال، متأثرة بالتراجع الكبير الذي طرأ على قيمة صفقات القطاع التجاري، التي سجلت انخفاضا أسبوعيا قياسيا وصلت نسبته إلى 23.7 في المائة، لتستقر عند نحو 2.0 مليار ريال، كما انخفضت قيمة صفقات القطاع السكني خلال الأسبوع بنسبة 6.5 في المائة، لتستقر بدورها عند أدنى من 3.9 مليار ريال. وعلى مستوى قراءة تطورات أداء السوق العقارية الأخيرة، من خلال منظور أداء السوق طوال الأربعة الأعوام الماضية (2012 - 2015)، فلا تزال المستويات الأسبوعية التي تسجلها السوق هي الأدنى تاريخيا، حيث سجل المتوسط الأسبوعي لقيم الصفقات العقارية خلال 2015 مقارنة بمتوسطي عام 2014 وعام 2013 انخفاضا بلغت نسبته حسب الترتيب نحو 26.9 في المائة، ونحو 19.9 في المائة على التوالي.
المؤشر العقاري السعودي يستقبل 2016 بانخفاضات قياسية في حجم الطلب
متخصصون يستبعدون انهيار السوق ويرجحون نزول الأسعار
المؤشر العقاري السعودي يستقبل 2016 بانخفاضات قياسية في حجم الطلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة