ثلاثة عقود من الإرهاب الإيراني في الخليج

بدأت باستهداف المصافي النفطية وأحداث الشغب في الحج وختمتها بالميليشيات

ثلاثة عقود من الإرهاب الإيراني في الخليج
TT

ثلاثة عقود من الإرهاب الإيراني في الخليج

ثلاثة عقود من الإرهاب الإيراني في الخليج

تهديدات إيران لدول الخليج العربي ليست جديدة، ولا وليدة اللحظة. فمنذ صعود الملالي للحكم، تحولت إيران إلى دولة ثورية يحكمها المرشد وهي تصعد كلاميا بخطاب يصفه البعض بـ«غير منضبط وغير متزن». فبعد عام واحد من حكم الخميني لإيران، هددت بلاده السعودية بأنها ستندم على خفض أسعار النفط، وقال مسؤولون إيرانيون وقتها بأن الرياض وواشنطن تتآمران لإيذاء روسيا. هذا التهديد تبعته عدة تهديدات متتالية، أكثرها وضوحًا عام 1990 وقبل حرب الخليج الثانية الشهيرة بـ«عاصفة الصحراء» هدد المرشد الأعلى خامنئي أن بلاده سترد على السعودية لا سيما أنها تتآمر مع الغرب عليها وقال: «ننصح السعودية والعراق أن تلتزم بـ(أوبك) فنحن من يحكم مياه الخليج». وعبارة خامنئي هذه في إشارة للتهديد بإغلاق مضيق هرمز، وهو التهديد القديم الذي قال عنه المتخصص في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران براين غيبسون بأنه تهديد أجوف. غيبسون الذي نشر مقالا مطولا عن تهديدات إيران بغلق المضايق المائية في مجلة «المجلة» 31 يناير (كانون الثاني) 2012 قال: إن طهران لن تنفذ هذا التهديد، وأنها سبق أن هددت بذلك أثناء الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988)، مؤكدا أن تهديدها كان كلاميا لأنها لا تستطيع القيام بذلك فهي المتضرر الأول.
وكانت إيران مؤخرا صعدت من تهديداتها تجاه السعودية، لا سيما قبل العملية العسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية لإعادة الشرعية في اليمن، فقبل أن تنطلق العمليات التي عرفت بـ«عاصفة الحزم» في السادس والعشرين من مارس (آذار) 2015 نشر موقع «تسنيم» الإيراني المقرب من المرشد الأعلى كلاما ليد الله شيرمردي قال فيه: «كل طرق مرور النفط بدءا من باب المندب والسويس وحتى مضيق هرمز تحت سيطرة إيران»، وكان ذلك في بداية احتلال ميليشيات الحوثي الممولة من طهران للعاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول) من 2014. وهو ما دفع المسؤولين الإيرانيين إلى تصعيد لغتهم وتهديداتهم تجاه السعودية والتلويح باستخدام المضايق المائية.
معهد واشنطن نشر بدوره في مايو (أيار) الماضي ورقة لماثيو ليفيت مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب في المعهد عن تهديدات إيران وذراعها التخريبية في المنطقة العربية «حزب الله» للسعودية، وتاريخ التهديدات الإيرانية والأعمال الإرهابية والتخريبية التي قامت بها في الداخل السعودي عبر أذرعها المختلفة.
يقول ليفيت: «لدى إيران تاريخ طويل من الهجمات ضد السعوديين ردا على التجاوزات الحقيقية والمتصورة، لقد استهدفت تلك المؤامرات التي نفذها عملاء إيرانيون ووكلاء حزب الله المصالح السعودية في الشرق الأوسط وأماكن أخرى». ثم يضيف: «بعد ثلاثة أشهر من إنشائه في مايو 1987 شن حزب الله السعودي هجوما داخل المملكة في موسم الحج وتحول هذا الهجوم إلى مواجهات بين رجال الأمن وبينهم وقتل فيه أكثر من 400 شخص». ويكمل ليفيت حديثه بأنه بعد الحادثة أصدر ذراع إيران التخريبي «حزب الله الحجاز» بيانه الأول متحديا فيه الحكومة السعودية ثم تبع ذلك بهجوم على منشأة نفطية في رأس الجعيمة.
ووفقا لتقارير استخباراتية أميركية فإن إيران هربت المتفجرات إلى السعودية، وسعت طهران إلى تنفيذ أعمال تخريبية في السعودية فوقع ذلك في عام 1988 حين هاجم إرهابيون مصنع «صدف» في الجبيل، وتم ذلك عبر «حزب الله الحجاز».
ومن تهديدات 1980 وحتى 2016 فإن إيران لم تجرؤ على القيام بعمل عسكري مباشر ضد السعودية أو دولة خليجية أخرى، لكن آخر محاولة لتصعيد مباشر كانت بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن وزير الخارجية الحالي عادل الجبير، ونشرت الولايات المتحدة الأميركية تفاصيل محاولة الاغتيال والمخطط التابع لها.
ومنذ بدأت عملية «عاصفة الحزم» لإعادة الشرعية في اليمن، صعدت إيران من تهديداتها مرة بضرب محطات الكهرباء والمياه، ومرة أخرى بتوعد السعودية بـ«الندم»، وسط صمت الرياض الذي استغلته إيران لاستهداف لسفارتها في طهران مباشرة وحرق أجزاء منها ونهب ممتلكاتها.
وأبرز تهديدات إيران في العام الماضي كانت لقائد القوة البرية في الجيش الإيراني أحمد رضا بوردستان أن بلاده ستوجه ضربة عسكرية للسعودية إذا لم «توقف القتال في اليمن» على حد قوله مضيفا: «انفجارات قد تقع في السعودية عن طريق سقوط صواريخ على الأرض فمن المؤكد أن تلافي ذلك سيكون صعبًا». ولم تخف إيران مطلقا نواياها تجاه السعودية والخليج، فقد صعدت من لهجتها تجاه مملكة البحرين بعد تدخل قوات درع الجزيرة لإعادة الاستقرار إلى المنامة، ووقتها لجأت إيران إلى مجلس الأمن ثم هددت أنها سترد وتتدخل وتحمي من سمتهم بـ«النشطاء».
ومع تزايد التهديدات مؤخرًا، رد وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن طهران تشبه في تهديداتها تنظيم داعش المتطرف، فكلاهما يسعى إلى خراب كبير في المنطقة العربية، متهما في الوقت ذاته طهران بتهريب الأسلحة إلى البحرين لزعزعة استقرار المنامة.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.