زعيم كوريا الشمالية يعتبر رفع مستوى المعيشة «أولوية مطلقة»

ألقى باللائمة على سيول في تنامي حالة انعدام الثقة

زعيم كوريا الشمالية يعتبر رفع مستوى المعيشة «أولوية مطلقة»
TT

زعيم كوريا الشمالية يعتبر رفع مستوى المعيشة «أولوية مطلقة»

زعيم كوريا الشمالية يعتبر رفع مستوى المعيشة «أولوية مطلقة»

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ - أون إن تحسين الوضع المعيشي لمواطنيه يشكل «أولوية مطلقة»، وذلك في خطاب ألقاه، اليوم (الجمعة)، بمناسبة السنة الجديدة خلا من الإشارة إلى الطموحات النووية لبيونغ يانغ.
ومع ذلك لم تغب اللهجة التصعيدية المألوفة للزعيم الكوري الشمالي عن خطابه المتلفز الذي استمر 30 دقيقة. لكن الرسالة الرئيسية فيه تمحورت حول ضرورة التنمية الاقتصادية في بلده.
الخطاب هو الرابع لكيم منذ أن أصبح زعيما للبلاد في 2011 بعد وفاة والده كيم جونج إيل.
وقال كيم: «بين ملايين مهامه من أجل الأمة، يؤكد حزب العمال الكوري أن الأولوية المطلقة هي تحسين مستوى معيشة السكان». وأضاف: «علينا أن نحدث تنمية اقتصادية».
وكانت خطب الزعيم الكوري الشمالي في السنوات الثلاث الماضية تتضمن نداءات مماثلة. ولم يذكر كيم أي تفاصيل عن وسائل تحقيق أهدافه الاقتصادية.
وحول العلاقات مع الجنوب، قال إنه منفتح على كل مفاوضات لكنه حذر سيول من أي مبادرة يمكن أن تعرض للخطر الاتفاق بين الكوريتين الذي أتاح في أغسطس (آب) تجنب مواجهة مسلحة.
وألقى كيم باللائمة على كوريا الجنوبية في تنامي حالة انعدام الثقة بعد عام شهد تزايد التوترات بين الجانبين.
وقال كيم: «تتحدث كوريا الجنوبية بشكل منفرد عن قضية الوحدة وتزيد من انعدام الثقة والصراع فيما بيننا»، مما يبرز شكوك الشطر الشمالي في سياسات الوحدة التي تتبعها سيول.
وأضاف: «يتعين علينا أن ندفع للأمام حركة إعادة الوحدة في أرض الآباء بمزيد من القوة هذا العام رافعين شعار (تغلبوا على تحدي القوى المناهضة للوحدة في الداخل والخارج وابدأوا عهدا جديدا من إعادة الوحدة بشكل مستقل)».
وكان كيم قد ذكر في خطاب العام الماضي أنه على استعداد لعقد قمة مع سيول، لكن التوترات زادت في أغسطس بعد انفجار لغم على الحدود، مما أسفر عن إصابة جنديين من كوريا الجنوبية. وألقت سيول بالمسؤولية على بيونغ يانغ التي نفت ذلك.
وعقد الجانبان محادثات في أغسطس، واتفقا على خفض التوتر وإجراء المزيد من المحادثات على مستوى مساعدي الوزراء، لكن المفاوضات التي تلت ذلك لم تسفر عن نتائج.
وقال كيم جونج أون عن محادثات أغسطس إنه يجب الاعتزاز بالمحادثات رفيعة المستوى التي جرت، العام الماضي، ومواصلة الجهود من أجل الحوار وعدم اتخاذ أي خطوات «تعيدنا إلى الوراء». وأضاف أنه على استعداد للحوار مع أي طرف لمناقشة «الوحدة السلمية».
وفي رد فعل على خطاب كيم قالت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء إن وزارة الخارجية في سول أكدت من جديد استعدادها للتفاوض مع الشطر الشمالي.
وقال مسؤول حكومي (لم تنشر اسمه): «يجب أن تنتبه كوريا الشمالية إلى أننا نسعى لتحسين العلاقات بين الكوريتين ووضع الأساس للوحدة السلمية».



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».