طالب مفتي إريتريا الشيخ الأمين عثمان الأمين، بضرورة تشريح وتفكيك الفكر التكفيري وتعريته من نظرة «القُدسية» لدى عناصره ومؤيديه. وقال الأمين في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن فتاوى وآراء تنظيم داعش الإرهابي كلامية فقط ولا تستند لأي نصوص دينية وهدفها إثارة الصراعات الوهمية في الأمة، لافتًا إلى أن الجماعات الإرهابية لا تريد لنا إلا سفك الدماء والتقاتل والتناحر الدائم بنزاعات وصراعات وهمية حتى وإن كانت صراعات كلامية كالفتاوى الشاذة وغيرها، فهدفها ثقب القلوب بالضغينة والحقد وعدم قبول الآخر كي تظل الثقوب تتسع للكره، ومن ثم إشعال التوترات بين البلدان وبنفس البلد الواحدة، مضيفًا: من يفعل ذلك فهو إما مدسوس على الدين أو مغتر بما لديه من قشور المعلومات التي لا تتصل بالدين، لافتا إلى أن الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها «داعش» يبثون سمومهم للناس بآراء وأفكار مغلوطة، وبدعم من أعداء الدين ليسلكوا سلوكًا خاطئًا وينتهجوا نهجًا غير صحيح، فدين الله يسر وليس عسرًا.
وعن أسباب انتشار التكفير من قبل الجماعات الإرهابية في المجتمعات المسلمة، قال مفتي إريتريا: «هناك الكثير من الأسباب لذلك منها، وجود تراث تكفيري مرتبط بالجانب السياسي والديني وما تبعها من الحقد والعصبيات والمفردات الثقافية وتقديمهم على كتاب الله وسنة نبيه ورسوله، والله أمرنا بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله في كل المسائل وليس لما يقوله التراث، فضلاً عن المنهج الذي يعتمد على فهم الدين؛ أي طريقة فهم هذه الجماعات للقرآن الكريم والسنة، فهناك من يفهمون من الآراء والقناعات الفكرية من التراث التكفيري والتاريخ وتعظيمهم والأخذ منهم، ولذلك وجب، بل يفرض، على علماء الأزهر أن ينقوا وينظفوا كتب التراث، وإلا سيبقى ذلك التراث مخزنًا يجلب على جسد الأمة فتنًا وتفريقًا وتمزيقًا وبين جميع أبنائها، بالإضافة إلى البيئة الثقافية والاجتماعية للدول التي تعاني من الفقر والاضطهاد والجهل والانغلاق في بعض الدول».
وطالب مفتي إريتريا بتشريح وتفكيك ونقد الفكر التكفيري وتعريته من أي نظرة قُدسية لدى عناصره، والعودة إلى الكتاب والسنة ليكونا المصدر الأساسي المعتمد عليهما والأخذ منهما في أي إنتاج معرفي أو تراثي وثقافي.
وحول الفتاوى التي تصدرها «داعش» من وقت لآخر تدعو للقتل والتفرقة، قال الشيخ الأمين عثمان الأمين إن الفتوى شيء خطير وأمانة كبيرة ومسؤولية خطيرة ويشترط فيما يفتي باتفاق الفقهاء أن يكون مسلمًا بالغًا عاقلاً عادلاً عالمًا بالناسخ والمنسوخ وعالمًا بمصادر الأحكام من الكتاب والسنة، فلا تصح الفتوى من غير المؤهلين بكل هذه الشروط، لافتًا إلى أن الجاهل بالسنة قد يأخذ بالضعيف ويترك الحديث القوي، وقد لا يفرق بين الحقيقة والمجاز، موضحًا أن الكلمة الصريحة الصادقة النابعة من صحيح الدين تكون قوية، فإن تحققت هذه الشروط فيما يفتي كانت فتواه صادقة، أما إذا اختل شرط من هذه الشروط كانت الفتوى فاسدة، ويقاس على ذلك كل ما صدر من فتاوى تجد الفتاوى التكفيرية خارجة من جهلة بصحيح الدين.
وحول رؤيته لتجديد الخطاب الديني الدعوي، قال الشيخ الأمين: «ليس من الحكمة ولا من روح الدين الإسلامي الوقوف على القديم وعدم الأخذ بما استجد من معاملات، لأن هذا من شأنه يجعل المسلمين يعيشون في عزلة عن العالم الذي يعيشون فيه، بل يجب على المسلمين أن يظهروا محاسن الإسلام بأنه صالح لكل زمان ومكان وبه سعة صدر لتقبل ما يستجد من متغيرات وحتى لا نقف حيارى في أمور ديننا».
ولفت إلى أن التجديد المقصود ليس نسخًا أو تغييرًا لأحكام الإسلام المحكمة، إنما المراد هو مسايرة العصر دون المساس بالأحكام والنظر إلى الأمور المستجدة والمسائل المستحدثة، فالإنسان يجدد من نفسه في دينه بذكر الله والخشوع بعبادته ومن معاملته من حسن إلى أحسن، فالدين يرتكز على ثلاث ركائز أساسية هي العقيدة والعبادات والمعاملات، موضحًا أن «العقيدة ليس بها تجديد أو اجتهاد، وكذلك المعاملات إلا بنص قطعي الثبوت أو الدلالة ويدخل فيها الاجتهاد مع مراعاة مقاصد التشريع وروحه، أما المعاملات فيدخل فيها التجديد والاجتهاد، لأن بها المتغيرات في كل زمان ومكان».
مفتي إريتريا: فتاوى «داعش» لا تستند إلى نص ديني وهدفها إثارة صراعات وهمية في الأمة
طالب في حديث لـ {الشرق الأوسط} بتفكيك الفكر التكفيري وتعريته من نظرة «القدسية»
مفتي إريتريا: فتاوى «داعش» لا تستند إلى نص ديني وهدفها إثارة صراعات وهمية في الأمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة