تقلبات أسعار النفط سمة بارزة.. وأزمة اليونان «عرض مستمر»

الولايات المتحدة ترفع الفائدة والحد الأدنى للأجور وسط غموض التوقعات

تقلبات أسعار النفط سمة بارزة.. وأزمة اليونان «عرض مستمر»
TT

تقلبات أسعار النفط سمة بارزة.. وأزمة اليونان «عرض مستمر»

تقلبات أسعار النفط سمة بارزة.. وأزمة اليونان «عرض مستمر»

شهد العام الحالي تقلبات وتغيرات اقتصادية كبيرة، من إجراءات وقرارات واجتماعات ومفاوضات، كانت هي المحرك الأساسي للأسواق ولمؤشرات الاقتصاد الكلي في البلدان الاقتصادية الكبرى والبلدان النامية على حد سواء.. وبينما كان النفط وأسعاره هو بطل العام على المستوى الاقتصادي بشكل عام، كان الختام الدولي قويا من أميركا، حيث أعلن عن رفع معدلات الفائدة، في حين كانت أزمة اليونان ونقاشاتها ومحاولات البحث عن حل هي المسلسل الذي استمرت حلقاته طوال العام المنقضي.
وعلى الرغم من تقلبات الأسواق العنيفة خلال عام 2015، فإن أداء تلك الأسواق شهد تباينا كبيرا من حيث المحصلة النهائية للعام، في مقارنة بين الأرقام التي ظهرت مع بداية السنة ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
فعلى الصعيد الأسهم الآسيوية، ربح مؤشر شنغهاي الصيني بنسبة 10.7 في المائة خلال سنة، كما ربح مؤشر نيكي الياباني 10.8 في المائة، في حين خسر مؤشر هنغ سنغ ببورصة هونغ كونغ الصينية بما يقارب 7.3 في المائة.
وفي أنحاء أوروبا، ارتفعت المؤشرات الأوروبية في نفس الفترة، حيث شهد مؤشر يورو ستوكس 50 ارتفاعا بنسبة 5.1 في المائة، ومؤشر ستوكس يورو 600 بنسبة 6.5 في المائة.
وشهد مؤشر كاك 40 الفرنسي وداكس الألماني تغيرا بنسبة 9.5 في المائة، في حين ربح مؤشر فوتسي 250 الإنجليزي بنسبة 6.8 في المائة، بينما خسر مؤشر فوتسي 100 الإنجليزي بنسبة 7.1 في المائة.
من ناحية أخرى، تغير المؤشر الرئيسي لبورصة موسكو رابحا 0.2 في المائة، بينما خسر المؤشر الرئيسي لبورصة إسطنبول بنسبة 14 في المائة.
وعلى صعيد الأميركتين، شهد مؤشر داو جونز الصناعي تراجعا بنسبة 1.84 في المائة، كما هبط مؤشر ستاندر آند بورز بنسبة 0.83 في المائة، بينما ارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 5.63 في المائة.
كما ارتفع مؤشر ميرفل الأرجنتيني بنسبة 39.2 في المائة، وحقق المؤشر الرئيسي لبورصة كاراكاس ارتفاعا بنسبة 274.8 في المائة، بينما انخفض المؤشر الرئيسي لبورصة ساوبلو البرازيلي بنسبة 9.5 في المائة.
وفي أنحاء الدول العربية تغير المؤشر الرئيسي لبورصة السعودية تاسي متراجعا بنسبة 15.45 في المائة، كما خسر مؤشر بورصة دبي بنحو 18.67 في المائة، كما تراجع المؤشر الرئيسي لبورصة الدار البيضاء بنسبة 8.04 في المائة، وترجع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية بنسبة 25.3 في المائة.
وعلى صعيد أسعار النفط، فقد شهد صراعات كثيرة هذا العام لينخفض لأول مرة منذ أبريل (نيسان) 2009 إلى ما تحت حاجز 50 دولارا في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث انخفض الخام الأميركي إلى 50.05 دولار وخام برنت 53 دولار. وأرجع الخبراء السبب في ذلك إلى اتجاه الولايات المتحدة لإنتاج النفط الصخري، وتباطؤ الطلب العالمي على النفط خاصة كبار المستهلكين من أوروبا والصين، وقرار الأوبك بعد اجتماعها في نفس الفترة بإبقاء الإنتاج على وتيرته الحالية، الأمر الذي استقبلته شركات الطاقة الرائدة بخسارة بالغة وترك الكثير من المستثمرين في حالة قلق من مواصلة انخفاض أسعار النفط.
واستمر تراجع النفط على مدار العام، خاصة بعد اجتماع أوبك الأخير مطلع الشهر الحالي، والذي خرج منه أعضاء المنظمة دون تحديد سقف للإنتاج، ليصل سعر برميل النفط إلى ما دون 40 دولارا، وهو المعدل الذي لم يصل إليه منذ 11 عاما مضت.
وجاء على أثر الانخفاض تراجع التضخم في بريطانيا إلى 0.3 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ 1988، وأرجع مكتب الإحصاءات الوطنية انخفاض الأسعار بسبب انخفاض أسعار النفط وشدة المنافسة في السوق الإنجليزية بين تجار التجزئة، وانخفض التضخم في فرنسا بنسبة 0.4 في المائة في بداية العام مقارنة بالعام السابق، نظرا لانخفاض أسعار النفط.
في الوقت ذاته حقق قطاع النفط والغاز البحري في بريطانيا خسائر كانت الأسوأ منذ أربعة عقود بإجمالي قيمة استثمارات 5.3 مليار إسترليني (نحو 7.95 مليار دولار)، وهي أكثر من أرباح مبيعات القطاع في عام 2014. وقالت الحكومة البريطانية في مطلع العام إنها ستخفض الإنفاق الاستثماري في هذه الصناعة خلال الأرباع الثلاثة المتبقية من 2015.
وخفض البنك المركزي الهندي أسعار الفائدة إلى 7.5 في المائة نتيجة لانخفاض أسعار النفط للمرة الثانية في 2015، من 7.75 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، في حين أقرت ميزانية دون تعديلات جوهرية بتوقعات نمو للسنة المالية الجديدة تتجاوز 8 في المائة وخفض للعجز المالي بنسبة 4.1 في المائة، مع ارتفاع الإنفاق على البنية التحتية بنحو 11.3 مليار دولار.
وشهدت أسعار النفط تراجعا جماعيا خلال السنة، فقد تراجع خام غرب تكساس WTI بنسبة 34.39 في المائة، وهبط خام برنت بنسبة 33.94 في المائة، كما شهد نفط أوبك الخام تراجعا بنحو 37.83 في المائة. وتراجعت أسهم شركات النفط الكبرى، حيث شهد سهم إكسون موبيل تراجع بنسبة 14.39 في المائة، ونزل سهم بريتش بتريليوم بنسبة 19.02 في المائة، وهبط سهم «رويل داتش شل» بنسبة 32.11 في المائة، وأيضًا شيفرون بنسبة 16.71 في المائة، وتوتال بنسبة 1.42 في المائة في نفس الفترة.
من ناحية أخرى، تراجعت مؤشرات المعادن النفيسة، حيث تراجع سعر الذهب مقابل الدولار بنحو 11.12 في المائة، والبلاديوم مقابل الدولار بنسبة 29.07 في المائة، والبلاتينيوم مقابل الدولار بنسبة 20.46 في المائة.
من جهة أخرى، شهد الاقتصاد الأميركي تقلبا كبيرا في معدل التوظيف منذ بداية العام، فكان المستهدف إضافة 252 ألف وظيفة هذا العام لخفض معدلات البطالة التي وصلت 5.8 في المائة في 2014، مما دفع 20 ولاية داخل الولايات المتحدة لرفع الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 7.25 في المائة لدعم ما يقرب من 3.1 مليون عامل في الولايات المذكورة خلال يناير الماضي. ونجح الاقتصاد الأميركي بالفعل في إضافة 213 ألف وظيفة حتى ديسمبر ليبلغ معدل البطالة 5 في المائة، وهو المعدل الذي استبق رفع الفائدة الأميركية بنسبة 0.25 في المائة في منتصف ديسمبر، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2006.
أما على صعيد منطقة اليورو، فقد بلغ سعر صرف اليورو مقابل الدولار في بداية العام أدنى مستوى له منذ تسع سنوات، متراجعا بنسبة 1.2 في المائة ليبلغ 1.1864 دولار، الأمر الذي فسره محللون بتأثر اليورو بحالة عدم اليقين السياسي في اليونان، ومتزامنا مع توجهات ماريو دراغي رئيس المركزي الأوروبي ببدء سياسة التيسير الكمي في المنطقة.
من ناحية أخرى، شهدت العملات تأرجحا قويا خلال العام لتشهد أسعار الصرف مقابل اليورو تباينا كبيرا، فقد حقق سعر صرف اليورو مقابل الدولار ارتفاعا قدره 9.9 في المائة، كما ارتفع الين الياباني بنسبة 3.54 في المائة، بينما انخفض الجنيه الإسترليني بنسبة 0.61 في المائة.
ودخلت منطقة اليورو الانكماش مع انخفاض بالأسعار بنسبة 0.6 أول العام، في الوقت الذي لعبت فيه هبوط أسعار النفط دورا كبيرا على خفض الأسعار في 19 دولة في منطقة اليورو. وأطلق المركزي الأوروبي أول خطة تحفيز للعام بقيمة 1.1 مليار يورو في الوقت الذي حذر فيه بينوا سوير عضو المجلس التنفيذي للمركزي الأوروبي من أن النمو المنخفض وارتفاع معدلات البطالة تضعف من أسس الاتحاد الأوروبي، مشددا على أنه ينبغي على الحكومات تسريع الإصلاحات الاقتصادية.
وفي مارس (آذار) الماضي رفع البنك المركزي الأوروبي توقعاته للنمو في منطقة اليورو لعام 2015 من واحد في المائة إلى 1.5 في المائة. لتشهد المنطقة أكبر مشكلاتها وهي مشكلة الديون اليونانية، والتي تفرض أعباء اقتصادية كبيرة على المنطقة. ففي الوقت التي يساند فيه اليونان أكبر الاقتصادات في المنطقة مثل ألمانيا وفرنسا، يرفض باقي المقرضين الأوروبيين التنازل عن الديون، إلا أن الوعود التي فاز على أثرها أليكسس تسيبراس اليساري لم تدم طويلا تحت وطأة حزم المساعدات والانهيار الاقتصادي اليوناني، والتي دامت المناقشات فيها منذ بداية العام، مرورا بقمة طارئة للاتحاد الأوروبي في يونيو (حزيران) الماضي، حتى اجتماع الترويكا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، انتهاء بإقرار حزمة مساعدات جديدة رأسمالية تهزم الحزب اليساري.
وينتهي العام بانخفاض في سعر الفائدة الأوروبي (0.3 -)، بينما يستمر ماريو دراغي رئيس المركزي الأوروبي في الدفاع بكل قوة عن برنامج التيسير الكمي الذي سعى لتنفيذه منذ بداية العام.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.