ربطت مصادر فرنسية رسمية بين التزام إيران الحرفي بتنفيذ بنود الاتفاق النووي المبرم بينها وبين مجموعة «5+1» في فيينا في 14 يوليو (تموز) الماضي بالاستحقاقات الانتخابية في شهر فبراير (شباط) المقبل وبحرص الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف على إظهار أن العقوبات الدولية التي كانت تخنق الاقتصاد الإيراني قد رُفعت، وأن إيران تحررت من كل القيود التي كانت تكبلها. وستجري في إيران الانتخابات التشريعية وتلك الخاصة بمجلس الخبراء في 26 فبراير المقبل.
وأشارت المصادر الدبلوماسية الفرنسية في لقاء مع مجموعة صحافية ضيقة إلى أن التدابير والإجراءات المنتظرة من الجانبين الأميركي والأوروبي لرفع العقوبات الاقتصادية والمالية ضد إيران «أصبحت جاهزة»، وأن الطرفين لا ينتظران سوى التقرير المفترض أن ترفعه الوكالة الدولية للطاقة النووية في الأيام المقبلة، وفيه تأكيدات على أن طهران «نفذت تمامًا التزامات المرحلة الأولى من الاتفاق النووي»، بحيث تزول آخر العقبات. وسيكون تقرير الوكالة الثاني من نوعه الذي ترفعه بعد تقريرها الصادر في شهر ديسمبر (كانون الأول)، حول البعد العسكري للبرنامج النووي الإيراني. واعتبرت الوكالة أن هذا الجانب من الملف قد أغلق نهائيًا، وهو الذي كان يشكل إحدى أعصى الصعوبات التفاوضية.
بيد أن التقرير المنتظر للوكالة لن يصدر إلا بعد أن تعمد طهران إلى تنفيذ ما تبقى من التزامات خاصة ببرنامجها النووي، وهي تتناول خفض عدد الطاردات المركزية في موقعي «ناتانز» و«فوردو» وتحويل موقع «أراك» الذي يعمل بمادة البلوتونيوم «وهي الطريق الآخر للحصول على القنبلة النووية» إلى مركز أبحاث سلمي. وأفادت المصادر الفرنسية بأن هذه العملية ستتم تحت إشراف الخبراء الصينيين. أما النقطة الأخيرة فتتعلق بإخراج المخزون النووي ضعيف التخصيب من إيران إلى روسيا، وهو الأمر الذي تم مع نقل نحو عشرة أطنان أخيرًا إلى روسيا.
تتوقع المصادر الفرنسية ألا يخلق الجانب الإيراني صعوبات «اللحظة الأخيرة» بسبب الحاجة إلى رفع سريع للعقوبات. لكنه في الوقت عينه تعتبر أن «المفاجآت» يمكن أن تأتي في أي لحظة، وليس بالضرورة بسبب الملف النووي. بموازاة رفع هذه العقوبات، ثمة نوع آخر من القيود المفروضة على إيران ستبقى قائمة، وتتناول كل التقنيات والمواد ذات العلاقة بانتشار السلاح النووي. وهذه العقوبات قائمة بموجب قرار اتخذ في مجلس الأمن. وبموجب اتفاق 14 يوليو، تحولت هذه العقوبات إلى «قيود»، بمعنى أن كل عملية استيراد تتناول التكنولوجيات «الحساسة» يخضع لتقويم لجنة مختصة يعود إليها حق اتخاذ القرارات الملائمة بالسماح أو المنع.
يبدو أن مجموعة الست راغبة هي الأخرى بتسهيل البدء بتنفيذ الاتفاق والدليل على ذلك ردة الفعل الضعيفة على قيام إيران بتجربتين للصواريخ البالستية «أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين». وتعتبر باريس ومعها الغربيون أن ما تقوم به إيران انتهاك للقرار الدولي رقم 1929 الذي يحظر عليها هذا النوع من التجارب، لأنه يتناول صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية. لكن إيران ترفض الحجج الغربية، وتؤكد أن برنامجها الصاروخي لا علاقة له بالنووي، وأن لها الحق الكامل بالقيام بالتجارب التي تحتاج إليها. وتشكو باريس من غياب «الإرادة الجماعية» للتعاطي بشدة مع إيران بشأن هذا الجانب، حيث لا يريد الغربيون جعله «أولوية» في موضوع التعاطي مع طهران.
لا تعني هذه المعطيات أن تيار التجارة والعقود سيتدفق على إيران منذ لحظة رفع العقوبات، بل ثمة صعوبات يمكن أن تأتي من طرف آخر هو الولايات المتحدة الأميركية وتحديدًا من وزارة الخزانة ومن الهيئة التابعة لها والمسماة OFAC، وبحسب باريس، فإن الشركات التي يمكن أن تكون مستعدة للتعامل مع إيران تتخوف من هذه الهيئة التي فرضت غرامات خيالية على بنوك أوروبية بسبب تعاملات سابقة تمت بالدولار مع إيران. وسعى الأوروبيون خلال المفاوضات النووية للحصول على ضمانات أميركية لعدم تعرض شركاتهم مستقبلا لهذا النوع من الغرامات خصوصا أن الاتفاق النووي ينص على بند يتيح إعادة فرض العقوبات على طهران في حال راوغت في تطبيق الاتفاق. ونقلت مصادر شركات فرنسية أن عددا من رجال الأعمال تلقى «نصائح» أميركية تدعو لعدم الاستعجال في توقيع اتفاقيات تعاون مع إيران. والخوف الأوروبي في حال بروز صعوبات في قطاعي التجارة والأعمال أن تعتبر إيران أنه غرر بها وأن «الطرف الآخر» لا يقوم بتنفيذ ما وقع عليه، مما سينعكس لاحقًا على عملية تنفيذ الاتفاق.
في هذا السياق، يمكن النظر إلى القانون الذي صوت عليه الكونغرس الأميركي في 18 من الشهر الحالي، الذي يفرض على مواطني 38 دولة بينهم 30 دولة أوروبية الحصول المسبق على تأشيرة للدخول إلى للولايات المتحدة الأميركية في حال قاموا سابقًا بزيارات إلى 4 دول هي سوريا والسودان والعراق وإيران. وبحسب نائب وزير الخارجية الإيراني عباس أرقشي، فإن القانون الأميركي يشكل «انتهاكًا واضحًا للاتفاق النووي» ويؤسس لـ«ممارسات تمييزية». ومن جانبه، رأى ظريف أن القانون المذكور «ينتهك استقلال البلدان الأوروبية» التي تجد نفسها مكبلة اليدين في حال رغبت بإبرام اتفاقيات أو عقود مع إيران. ولم يتردد رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي الذي زار طهران هذا الأسبوع من اعتبار أن القانون الأميركي «يرسل إشارة سيئة»، يمكن أن تؤثر على التقارب بين طهران والغرب.
مصادر فرنسية رسمية: استعجال إيران لرفع العقوبات مرتبط بالاستحقاق الانتخابي المقبل
قالت إن إيران ستبقى خاضعة لقيود دولية في استيراد التكنولوجيات الحساسة
مصادر فرنسية رسمية: استعجال إيران لرفع العقوبات مرتبط بالاستحقاق الانتخابي المقبل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة