«الثروة العقارية» خففت من أثر التراجع الاقتصادي في 2015

العقارات والأراضي تحمي ثروات العالم في وقت الكساد

أسعار المنازل في هونغ كونغ ارتفعت بنحو 13.5 في المائة عن عام 2014 (رويترز)
أسعار المنازل في هونغ كونغ ارتفعت بنحو 13.5 في المائة عن عام 2014 (رويترز)
TT

«الثروة العقارية» خففت من أثر التراجع الاقتصادي في 2015

أسعار المنازل في هونغ كونغ ارتفعت بنحو 13.5 في المائة عن عام 2014 (رويترز)
أسعار المنازل في هونغ كونغ ارتفعت بنحو 13.5 في المائة عن عام 2014 (رويترز)

قال بنك «كريدي سويس» إن «استقرار أسعار المنازل أسهم في خفض التأثير السلبي على ثروات العالم في العام الماضي»، حيث ارتفعت أسعار المنازل في 75 في المائة من دول العالم.
وقد انخفضت ثروات شعوب العالم لتصل إلى 250 تريليون دولار في منتصف 2015، منخفضة بنحو 12 تريليون دولار مقارنة بمنتصف 2014، وانخفض متوسط ثروة الفرد من 55.9 ألف دولار في منتصف 2014 إلى 52.4 ألف دولار في منتصف 2015. ووفقا لتقرير معهد الأبحاث ببنك «كريدي سويس»، في تقريره الذي تم بمشاركة خبراء عالميين، كان السبب الرئيسي في هذا الانخفاض هو ارتفاع سعر الدولار أمام معظم العملات باستثناء اليوان الصيني، حيث انخفضت قيمة الأصول غير المقومة بالدولار بشكل كبير، وإذا تم تجاوز تغير أسعار العملات، فسيكون متوسط ثروة الفرد للبالغ قد زاد بـ1920 دولارا، لكن ارتفاع أسعار العقارات أسهم في ارتفاع ثروات بعض الشعوب أو حد من خسائرها.
وكانت أكثر الشعوب استفادة في العالم مواطنو هونغ كونغ والصين والولايات المتحدة والسعودية، وهي دول ارتفعت فيها أسعار المنازل بشكل معقول، بالإضافة إلى أن عملاتها مرتبطة بالدولار.
وارتفع متوسط ثروة الفرد في هونغ كونغ بـ6.7 في المائة، والولايات المتحدة بـ4.5 في المائة، والسعودية بـ0.9 في المائة، حيث ارتفعت ثروات السعوديين بـ25 مليار دولار خلال هذه الفترة نتيجة ارتفاع قيمة العقارات بالأساس، وارتباط سعر الريال بالدولار. وارتفعت أسعار المنازل بـ13.5 في المائة في هونغ كونغ، بينما عانت بولندا من انخفاض بنسبة 5.5 في المائة في أسعار منازلها.
ويقوم التقرير بقياس الثروة عن طريق جمع الأرصدة المالية في البنوك وأسواق المال مع الأصول غير المالية، مثل الأراضي والعقارات والمزارع والأصول الملموسة للمشاريع مخصوما منها الديون. ولاحظ صانعو التقرير أن الأصول المالية يزداد وزنها من إجمالي الثروة في أوقات الانتعاش، بينما يزداد وزن الأصول غير المالية في أوقات الانكماش.
وسيطرت الأصول المالية على 55 في المائة من ثروات شعوب العالم في عام 2000، ثم انخفضت لأقل من 50 في المائة وقت الأزمة المالية العالمية، والآن تعود مجددا للنسبة نفسها التي كانت عليها عند مطلع الألفية بعد تباطؤ النمو في الاقتصاد العالمي.
وفي ما يخص السعوديين، فقد مثلت الأصول غير المالية 56 في المائة من ثروة السعوديين في 2000، وانخفضت حاليا حصتها بشكل طفيف إلى 54 في المائة.
أما على المستوى العالمي فتزيد حصة الأصول غير المالية عن حصة الأصول المالية في معظم مناطق العالم، في أفريقيا وأوروبا وأميركا اللاتينية والهند، التي تعتبر نموذجا عالميا للثروات غير المالية، حيث تبلغ ثروة البالغ غير المالية 6 أضعاف ثروته المالية في المتوسط، مما يعكس أهمية هذه الأصول من عقارات وأراض وأصول زراعية، ويعكس أيضا ضعف التنمية في مجال الأدوات المالية.
على النقيض، تتجاوز ثروات الأفراد المالية قيمة أصولهم غير المالية في أميركا الشمالية وشرق آسيا والمحيط، بسبب الصين، التي تحظر الملكية الخاصة للأراضي في المدن.
ويبلغ متوسط نصيب المواطن البالغ حول العالم من الأصول غير المالية 27.4 ألف دولار مقارنة بـ33.7 ألف دولار من الأصول المالية، مخصوما منهما 8.7 ألف دولار للديون.
واهتم تقرير هذا العام بشكل موسع بالطبقة المتوسطة، وعرفها بأنها ليست ضمن الأفقر أو الأغنى، وأنها الطبقة التي تمتلك الأصول مما يجعلها صامدة أمام التغيرات الاقتصادية، ومُعرضة بشكل أقل لخطر الفقر، مما يجعلها أكثر حرية لعرض القضايا التي تهم المجتمع في المدى الطويل، وهذا دليل آخر على أهمية الأصول غير المالية، فهي الركيزة الأساسية لدخول الفقراء نادي الطبقة المتوسطة.
وقال التقرير إن حجم وموارد وصحة الطبقة المتوسطة هي مفتاح تحديد مدى سرعة واستمرارية التنمية الاقتصادية في أي دولة، كما أن الطبقة المتوسطة تكون دائما في قلب الحراك السياسي والتوجهات الاستهلاكية الجديدة، وهي أيضا الممولة لمشاريع رجال ورواد الأعمال. ووفقا لهذا التصنيف، فإن الطبقة المتوسطة تمثل 14 في المائة من السكان البالغين حول العالم، وتسيطر هذه الفئة على 32 في المائة من ثروات العالم.
وإذا نظرنا للعالم العربي فسنرى أن السعودية تضم أكبر طبقة متوسطة في المنطقة، حيث يوجد 5.8 مليون سعودي يمكن تصنيفهم على أنهم ضمن الطبقة المتوسطة، بالإضافة إلى 3 ملايين جزائري، و2.7 مليون مصري، و2.5 مليون عراقي. كما يشير التقرير إلى أن هناك 2.2 مليون إماراتي يمكن تصنيفهم كأبناء للطبقة المتوسطة، و1.7 مليون تونسي، و1.3 مليون كويتي، و738 ألف قطري.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».