من المنتظر أن تُعلن السعودية اليوم عن موازنتها العامة للعام المالي الجديد 2016، وميزانيتها للعام المالي الحالي 2015، وسط ملامح جديدة تنبئ عن توجه السعودية نحو رفع كفاءة الإنفاق، بالإضافة إلى توجيه بوصلة هذا الإنفاق إلى المشروعات الأكثر أهمية، والمضي قدمًا في خطواتها الحالية نحو إعادة هيكلة اقتصاد البلاد.
وتعد السعودية خلال المرحلة الراهنة، من أكثر دول العالم التي تشهد تطويرًا كبيرًا لقاعدتها الاقتصادية، حيث من المحتمل أن تنخفض نسبة اعتمادها على النفط خلال السنوات الخمس المقبلة، إلى ما دون مستوى 70 في المائة، مقارنةً بنسبة اعتماد حالية تقترب من حاجز الـ90 في المائة، مما يجعل لتقلبات أسعار النفط دورًا بارزًا في ميزانية البلاد.
ولا يعتبر إجماع التحليلات الاقتصادية على وجود عجز في الميزانية السعودية في عامها المالي 2015، أمرًا جديدًا، حيث كان هنالك توضيح رسمي بوجود هذا العجز المتوقع، وجاء ذلك حينما أوضح الدكتور فهد المبارك محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» في فبراير (شباط) الماضي، أن حجم العجز المتوقع سيتجاوز ما كان مقدرًا في الميزانية العامة للدولة، مبينًا أن الحكومة سحبت من احتياطاتها، وأنها تعتزم إصدار سندات دَين، وهي السندات التي جرى إصدارها باسم سندات التنمية الحكومية.
وعلى الرغم من أن أسعار النفط تعيش أوضاعا صعبة خلال العام الحالي 2015، فإن السعودية نجحت خلال شهر يوليو (تموز) الماضي في وقف عملية السحب النقدي من احتياطات الدولة، وتسجيل ارتفاع تبلغ نسبته 0.3 في المائة عن الاحتياطات النقدية المسجلة في الشهر الذي يسبقه.
وتأتي قدرة السعودية على وقف عملية السحب النقدي من احتياطاتها المالية، إلى توجُّه البلاد نحو إصدار سندات تنمية حكومية، أساهمت بشكل كبير جدًا في قدرتها على مواجهة انخفاض أسعار النفط، والاستمرار في مشروعات التنمية، وسط ملاءة مالية كبيرة تتميز بها البلاد. فيما أفصحت وزارة المالية السعودية أخيرا، عن تخصيص سندات وصفتها بـ«سندات تنمية حكومية» لعدد من المؤسسات العامة والبنوك التجارية المحلية، حيث تراوحت آجال السندات بين 5 و17 سنة، حيث بلغ معدل عائد خمس سنوات 1.92 في المائة، وعائد سند السبع سنوات 2.34 في المائة، وعائد المدة لعشر سنوات 2.65 في المائة.
وبحسب بيانات مؤسسة النقد السعودية خلال الأشهر الماضية، بلغ حجم المبالغ المالية التي سحبتها السعودية من احتياطاتها النقدية منذ بداية العام نحو 245 مليار ريال (65.3 مليار دولار)، إلا أنها توقفت بعد ذلك عن السحب من الاحتياطي العام للدولة، جاء ذلك عقب إصدار سندات التنمية الحكومية.
وتعليقًا على هذه التطورات، أكد الدكتور إحسان بوحليقة رئيس مركز «جواثا» الاستشاري لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن السعودية ستعمل بشكل ملحوظ خلال الفترة المقبلة على رفع كفاءة الإنفاق، مبينًا أن تحقيق هذه الخطوة الإيجابية سيحد من عمليات الهدر المالي.
وبيّن بوحليقة خلال حديثه أن السعودية ترتكز على قوة اقتصادية ومالية كبيرة، تجعلها أكثر مرونة في تجاوز الأزمات، وقال: «أمامنا فرصة بأن يكون إنفاق العام الجديد 2016 في حدود مستويات الـ760 مليار ريال (202.6 مليار دولار)، على أن يكون هنالك إيرادات نفطية وغير نفطية بقيمة 500 مليار ريال تقريبًا (133.3 مليار دولار)، والاستفادة من مبالغ مالية مرصودة لمشروعات لم تنفّذ في السنوات الماضية بقيمة 160 مليار ريال (42.6 مليار دولار)، بحيث يجري تدوير هذه المشروعات، كما أنه من الممكن إصدار سندات تنمية حكومية أيضًا بقيمة مائة مليار ريال (26.6 مليار دولار)».
وتوقع رئيس مركز «جواثا» الاستشاري خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن متوسط سعر النفط في موازنة 2016، سيقدرّ عند مستويات الـ30 دولارًا، وقال: «يجب أن نكون أكثر تحوطًا، وهو ما اعتدنا عليه في موازنات السعودية، كما أن بناء الموازنة وفقًا للتحوط، أفضل بكثير من بنائها وفقًا لأسعار قد تكون أعلى من سعر السوق اليوم».
وتأتي هذه التطورات، في وقت ثبتت فيه وكالة «موديز» تصنيف السعودية عند درجة مرتفعة رغم انخفاض أسعار النفط، فيما أكد فيه الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي حينها، أن نجاح السعودية في الحفاظ على تصنيفها المرتفع من وكالة «موديز» على الرغم من الضغوط الاقتصادية التي صاحبت انخفاض أسعار النفط والقلق المرتبط بالأسواق العالمية، يعكس الأسس المتينة للاقتصاد.
وأضاف العساف خلال حديثه حينها، أن تثبيت التصنيف يظهر قدرة السعودية على مواجهة التقلبات الدورية، ونجاح السياسات الاقتصادية التي تتبناها وتنفذها حكومة خادم الحرمين.
من جانبه، أكد الدكتور فهد المبارك، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، أن تثبيت وكالة موديز لتصنيف السعودية السيادي، يؤكد نجاح سياسة السعودية الحصيفة التي تشدد على تعزيز الاحتياطيات لتقوية الملاءة المالية للدولة.
وأضاف المبارك أن «السعودية ماضية قدما في سياستها التي تعمل على تنويع مصادر الدخل التي تجلت في الارتفاعات الكبيرة في مستويات الإنفاق الحكومي على مشروعات البنى التحتية والتنموية مع الحفاظ على مستويات الدين العام التي لا تزال منخفضة مقارنة بالمعدلات العالمية».
يشار إلى أن قرار السعودية بإنشاء هيئة مختصة بقطاع المقاولات، وأخرى تعنى بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وثالثة تهتم بالجانب الإحصائي، يأتي في خطوات اقتصادية مهمة تدل على أن السعودية تسعى بشكل جاد إلى تنويع قاعدة الاقتصاد من جهة، والاستفادة من الإنفاق العام من جهة أخرى، من خلال مشروعات ذات جدوى، تساهم في رفع معدلات التنمية للبلاد.
السعودية على عتبة إعلان موازنة 2016 اليوم.. والبند الأهم «رفع كفاءة الإنفاق»
تقدير سعر النفط عند 30 دولارًا خلال العام الجديد أبرز التوقعات
السعودية على عتبة إعلان موازنة 2016 اليوم.. والبند الأهم «رفع كفاءة الإنفاق»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة