مثل ملف مكافحة الإرهاب في كل من ليبيا وتونس أحد أهم الملفات التي تناولها الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، صباح أمس الثلاثاء، لدى استقباله فايز السراج، رئيس مجلس الوزراء الليبي المكلف بقصر الحكومة في العاصمة التونسية.
وأكد فايز السراج في تصريح إعلامي عقب المقابلة أن اللقاء كان «إيجابيا، وتم خلاله تبادل الآراء ووجهات النظر بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، على غرار تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، ودعم التعاون الاقتصادي بين البلدين»، مذكرًا بمتانة وعمق العلاقات التي تربط تونس مع ليبيا. وأضاف السراج أن المحادثة كانت مناسبة للتطرق إلى وضع الجالية الليبية في تونس، والتي تصل إلى نحو مليوني ليبي، ومحاولة تذليل الصعوبات التي تعترضها، وكذلك إيجاد حل لمعالجة الجرحى الليبيين الذين تدفقوا على المصحات التونسية. كما أشار إلى سعي الطرفين على إعادة فتح الخط الجوي بين البلدين خاصة من مدينة صفاقس (350 كلم جنوب شرقي العاصمة التونسية) باتجاه طرابلس بهدف تسهيل تنقل الليبيين إلى تونس.
ولجأ منذ بداية الأزمة الليبية نحو مليوني ليبي إلى التراب التونسي، وازداد تدفقهم إثر اشتداد الأزمة الليبية وعدم التوصل إلى حل سياسي توافقي. وتتوقع معظم الأطراف الدولية التي تدعم المصالحة الليبية - الليبية وجود صعوبات كثيرة على مستوى تطبيق التسوية السياسية الموقعة بين الأطراف الليبية في مدينة الصخيرات المغربية، وتسعى تونس من جانبها إلى التعجيل بتسوية سياسية في ليبيا المجاورة خشية تأثير الأوضاع الأمنية في ليبيا على تونس وإمكانية تدفق عناصر إرهابية على تونس في حال اللجوء إلى تدخل عسكري غربي لفرض التسوية، ومحاربة الأطراف الليبية التي لم تقبل بتلك التسوية.
وكان إبراهيم الدباشي، المندوب العام لليبيا في منظمة الأمم المتحدة، قد توقع تدخلا عسكريا غربيا في بلاده، وقال: «أتوقع ضربات جوية قريبا». ورجح أن تشارك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا في تلك الغارات، إلا أنه لم يحدد تاريخًا معينًا لانطلاقها. ويبدي مراقبون غربيون تخوفات جدية من إمكانية تمدد تنظيم داعش وسيطرته على الحقول النفطية الليبية، ويؤكد هؤلاء أن التنظيم ستكون له موارد مالية لا تقل عن مائة مليار دولار أميركي. كما حذّروا من صعوبة مواجهة التنظيم إن تحالف مع بقية التنظيمات الإرهابية المنتشرة في الصحراء الكبرى، على غرار «بوكو حرام».
ونتيجة لعدم الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا، اتخذت تونس منذ فترة عدة إجراءات احتياطية لصد تدفق الإرهابيين والأسلحة عن أراضيها، من بينها بناء جدار عازل على الحدود مع ليبيا، وإحداث منطقة عسكرية عازلة لا يمكن دخولها إلا بتصريح من المؤسسة العسكرية، بالإضافة لنشر نحو خمسة آلاف جندي إضافي على الحدود التونسية - الليبية.
وعلى الرغم من هذه الإجراءات الاحتياطية، فإن مراقبين للوضع الأمني الهش في ليبيا يتوقعون أن يؤثر تدهور الأوضاع في ليبيا على تونس، خاصة وأن تقارير استخباراتية تؤكد وجود آلاف التونسيين ممن تبنوا أفكارا متشددة على الأراضي الليبية، وأن معظم العمليات الإرهابية التي عرفتها تونس تلقى منفذوها تدريبات على حمل السلاح واستعماله في ليبيا.
من ناحية أخرى، أفرجت عائلة ليبية من منطقة الزاوية الليبية عن خمسة تونسيين احتجزتهم منذ ثلاثة أسابيع لديها، مطالبة بإطلاق سراح ابنها المحتجز في السجون التونسية في قضية حق عام. وقال مصطفى عبد الكبير، ممثل الرابطة التونسية لحقوق الإنسان في الجنوب الشرقي المحاذي للحدود الليبية في تصريح إعلامي، إن المحتجزين الخمسة وصلوا سالمين إلى الحدود التونسية الليبية، وأشار في المقابل إلى وجود أكثر من 25 تونسيًا مفقودًا وقد اختطفوا من جهات مجهولة. وأضاف أن نحو مائة سجين تونسي محتجزون في السجون الليبية في قضايا حق عام، ولفت إلى أن الكثير منهم تعرضوا إلى مظالم قضائية، على حد تعبيره.
من جهة اخرى أعلنت تونس أمس تمديد حالة الطوارئ في كامل البلاد لمدة شهرين، في ظل استمرار التهديدات التي تواجهها من جماعات إرهابية متشددة.
وقالت رئاسة الجمهورية التونسية في بيان: «قرر رئيس الجمهورية تمديد حالة الطوارئ في كامل تراب الجمهورية لمدة شهرين بداية من 24 ديسمبر (كانون الأول) إلى 21 فبراير (شباط) المقبل». وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قد أعلن حالة الطوارئ عقب هجوم نفذه انتحاري على حافلة للحرس الرئاسي وسط العاصمة، أدى لمقتل 12 شخصا في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ويأتي تمديد حالة الطوارئ في ظل تحذيرات أطلقتها بلدان غربية من احتمال وقوع هجوم في تونس خلال احتفالات رأس السنة الميلادية والمولد النبوي.
أزمة ليبيا تجبر مليوني ليبي على اللجوء إلى تونس
تونس تمدد العمل بحالة الطوارئ لشهرين إضافيين
أزمة ليبيا تجبر مليوني ليبي على اللجوء إلى تونس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة