قمة بروكسل: هجمات باريس أظهرت ضرورة تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي

تعاون وعمل مشترك مع واشنطن.. وتعزيز الانخراط مع الشرق الأوسط لمواجهة التهديدات

جنود بلجيكيون يحرسون سوقا لبيع زينة أعياد الميلاد في العاصمة بروكسل (رويترز)
جنود بلجيكيون يحرسون سوقا لبيع زينة أعياد الميلاد في العاصمة بروكسل (رويترز)
TT

قمة بروكسل: هجمات باريس أظهرت ضرورة تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي

جنود بلجيكيون يحرسون سوقا لبيع زينة أعياد الميلاد في العاصمة بروكسل (رويترز)
جنود بلجيكيون يحرسون سوقا لبيع زينة أعياد الميلاد في العاصمة بروكسل (رويترز)

اتفق قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل على تعزيز التعاون والعمل المشترك في مجال مكافحة الإرهاب، سواء التعاون بين الدول الأعضاء أو مع الشركاء الرئيسيين مثل الولايات المتحدة الأميركية، وأيضا تعزيز الانخراط في مجال مكافحة الإرهاب مع الشركاء في شمال أفريقيا، ومنطقة الشرق الأوسط، وتركيا، وغرب البلقان.
وضمن الإجراءات الجديدة أيضا زيادة تدابير مواجهة تمويل الإرهاب، وإعطاء الأولوية في هذا الصدد لمنع تمويل «داعش»، واتخاذ إجراءات جديدة إذا اقتضى الأمر، إلى جانب مطالبة فيديريكا موغيريني، منسقة السياسة الأمنية والخارجية بالاتحاد، وجيل ديكروشوف، منسق مكافحة الإرهاب، بمراقبة الوضع عن كثب، وتقديم تقرير إلى مجلس قادة دول الاتحاد.
وقال بيان ختامي لقمة انعقدت في بروكسل، واختتمت أول من أمس، إن هجمات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عززت العزم لدى دول الاتحاد الأوروبي على مواصلة الحرب وبلا هوادة ضد الإرهاب، والاستفادة الكاملة من جميع الأدوات المتوافرة. وشدد القادة على ضرورة تسريع الخطوات على طريق تنفيذ التدابير المنصوص عليها في بيان رؤساء دول وحكومات الاتحاد في 12 فبراير (شباط) من العام الحالي، ونتائج قمة 20 نوفمبر الماضي.
وقال البيان: «سيبقى الوضع قيد الاستعراض بشكل مستمر». وأوضح البيان أن الهجمات الإرهابية الأخيرة أظهرت أن هناك ضرورة لتعزيز تبادل المعلومات، من أجل ضمان البيانات المنتظمة حول دخول المقاتلين القادمين من مناطق الصراعات إلى منطقة شنغن، وكذلك لضمان تبادل منتظم للبيانات والسجلات الجنائية للأشخاص المشتبه في علاقتهم بالإرهاب، والجرائم الخطيرة الأخرى.
وكذلك ضمان التشغيل البيني لقواعد البيانات، ذات الصلة بالتفتيش الأمني، وتحسين تبادل المعلومات بين الدول الأعضاء في مجال مكافحة الإرهاب، وزيادة المساهمات من جانب الدول الأعضاء في قاعدة بيانات وكالة الشرطة الأوروبية «يوروبول»، وضمان حصول الشرطة الأوروبية، ووكالة مراقبة الحدود «فرونتكس»، على هذه البيانات. وأشار البيان إلى أن التوصل إلى اتفاق مع المؤسسات التشريعية بشأن استخدام بيانات الركاب، وبيانات التحقيق والملاحقة القضائية للمشتبه في علاقتهم بالإرهاب، يعتبر خطوة حاسمة في الحرب على الإرهاب. وأوصى قادة أوروبا بسرعة دراسة مقترحات المفوضية الأوروبية، بشأن ملف تجارة وحيازة الأسلحة النارية، وأيضا مطالبة الدول الأعضاء والمفوضية باتخاذ مزيد من التدابير وبسرعة ضد تمويل الإرهاب في جميع المجالات التي وردت في قمة 20 نوفمبر الماضي. وفي ما يتعلق بتجميد الأصول والتدابير التقييدية الأخرى، فإنه ينبغي إعطاء الأولوية لتعزيز التدابير الحالية لمواجهة أنشطة «داعش»، واتخاذ تدابير جديدة إذا اقتضى الأمر.
وفي نهاية نوفمبر الماضي، أصبحت الخطط الأوروبية لإنشاء قاعدة بيانات للمسافرين جوا من وإلى الاتحاد الأوروبي أقرب إلى التحقيق أكثر من أي وقت مضى، بعد أن وافقت لجنة الحريات والحقوق الأساسية في البرلمان الأوروبي على نص لمقترح حول هذا الصدد، عقب فترة معارضة ونقاش استمرت خمس سنوات، وفي ظل عراقيل ناجمة عن مخاوف بشأن خصوصية البيانات، حتى وقعت هجمات باريس الإرهابية في يناير (كانون الثاني) ونوفمبر الماضيين، وأعطت الأمر زخما جديدا، إذ إن العديد من المؤسسات والحكومات رأت فيه ضرورة ملحة من أجل تأمين معالجة شاملة وفعالة لمشكلة تعقب تحركات الإرهابيين.
وكان وزراء داخلية دول الاتحاد قد أحالوا إلى البرلمان نص اتفاق لإنشاء هذا السجل، بوصفه أداة من أدوات محاربة الإرهاب وحفظ الأمن في الاتحاد. وينص الاتفاق على الاحتفاظ بمعطيات كل المسافرين جوا في أوروبا لمدة ستة أشهر ووضعها في قواعد بيانات يمكن للسلطات المختصة الاطلاع عليها في إطار تحقيقات تتعلق بالإرهاب والجرائم العابرة للحدود. وفي هذا المجال، أكد عضو لجنة الحقوق والحريات فيليب لامبرت، من مجموعة الخضر - بلجيكا، أن قبول غالبية المجموعات البرلمانية لهذا الاقتراح مؤشر جيد، رغم بقاء المخاوف المتعلقة بما يشكله مثل هذا السجل من انتهاك للحريات الفردية وإمكانيات إجراء عمليات مراقبة جماعية للمواطنين.
واتفق وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي على تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود الخارجية للدول الأعضاء، خلال مناقشات لوزراء الداخلية والعدل الأوروبيين ببروكسل. وخلال اجتماع استثنائي عقب تفجيرات باريس الأخيرة، قررت دول الاتحاد الأوروبي فرض تدابير مراقبة معززة «فورا» على حدود الاتحاد الخارجية لجميع المسافرين بما يشمل الرعايا الأوروبيين. وقرر وزراء داخلية وعدل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تشديد عمليات التدقيق والتفتيش على حدودها الخارجية، لمعرفة هوية الأشخاص الذين يدخلون إلى أراضيها، بما في ذلك هؤلاء الذين يحملون جوازات سفر أوروبية. وكانت عمليات التدقيق والتفتيش على الحدود الخارجية للاتحاد تطال، حتى الآن، الأشخاص القادمين من دول غير أعضاء في الاتحاد. وتم تكليف المفوضية الأوروبية بـ«تعديل جزء من نظام شنعن، ليسمح بإجراء مثل هذا التفتيش بحق الأوروبيين بشكل مستمر»، حسب نص البيان الختامي.
وعلى الرغم من أن نص البيان الختامي للاجتماع أكد على ضرورة الإسراع في تنفيذ كل القرارات قبل حلول العام المقبل، فإن المفوضية نفت أن يكون الأمر ينسحب على الجزء الذي كُلفت به. ولا تبدي المفوضية الأوروبية حماسا لأي تعديل، ولو بسيط، لنظام شنغن، إلا أن فرنسا والعديد من الدول تدفع باتجاه إقرار تشريعات تنص على عمليات تدقيق وتفتيش دائمة وإلزامية لكل من يدخل دولا أوروبية، بما في ذلك مواطنو الاتحاد أنفسهم.
وفي الإطار نفسه، اتفق وزراء الداخلية والعدل في الاتحاد الأوروبي على تعزيز استجابة العدالة الجنائية للتطرف العنيف، الذي يؤدي للإرهاب. وقال الوزراء في بيان ختامي لمناقشات حول هذا الملف، جرت في بروكسل الجمعة الماضي، إن التطرف يؤدي إلى الإرهاب مما يثير تحديات كبيرة ومتطورة، ويجب أن تعالج المسألة على المستوى القضائي ومن خلال تنسيق مشترك ووفقا للمعاهدات.
واتفق الوزراء على ضرورة اتباع نهج متعدد القطاعات والتخصصات للتصدي بفعالية للتطرف العنيف والإرهاب، مع الأخذ بعين الاعتبار جميع الجوانب المختلفة، الوقاية، والتحقيق، والمحاكمة، والإدانة، وإعادة التأهيل، وإعادة الإدماج. وأكد الوزراء على أهمية التنسيق والتآزر المناسب بين جميع أصحاب المصلحة العامة والخاصة ذات الصلة. ونوه البيان في هذا المجال على المدعين العامين والقضاة باستخدام الأدوات والسياسات القانونية القائمة مع الامتثال الكامل لسيادة القانون وميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي.



ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
TT

ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)

دعا الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إلى توحيد قوى اليمين العالمية في منظمة جامعة لـ«محاربة اليسار والاشتراكية، تكون مثل الكتائب الرومانية قادرة على دحر جيوش أكبر منها».

جاء ذلك في الخطاب الناري الذي ألقاه، مساء السبت، في روما، حيث لبّى دعوة رئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني، ليكون ضيف الشرف في حفل اختتام أعمال المهرجان السياسي السنوي لشبيبة حزب «إخوان إيطاليا»، الذي تأسس على ركام الحزب الفاشي. وقدّمت ميلوني ضيفها الذي يفاخر بصداقته لإسرائيل والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بوصفه «قائد ثورة ثقافية في دولة صديقة، يعرف أن العمل هو الدواء الوحيد ضد الفقر».

«مسؤولية تاريخية»

ميلوني لدى استقبالها ميلي في قصر شيغي بروما الجمعة (إ.ب.أ)

قال ميلي إن القوى والأحزاب اليمينية في العالم يجب أن تكون في مستوى «المسؤولية التاريخية» الملقاة على عاتقها، وإن السبيل الأفضل لذلك هي الوحدة وفتح قنوات التعاون على أوسع نطاق، «لأن الأشرار المنظمين لا يمكن دحرهم إلا بوحدة الأخيار التي يعجز الاشتراكيون عن اختراقها». وحذّر ميلي من أن القوى اليمينية والليبرالية دفعت ثمناً باهظاً بسبب تشتتها وعجزها أو رفضها مواجهة اليسار متّحداً، وأن ذلك كلّف بلاده عقوداً طويلة من المهانة، «لأن اليسار يُفضّل أن يحكم في الجحيم على أن يخدم في الجنة».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الأرجنتين خافيير ميلي في مارالاغو 14 نوفمبر (أ.ف.ب)

ليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها ميلي مثل هذه الفكرة، التي سبق وكررها أكثر من مرة في حملته الانتخابية، وفي خطاب القَسَم عندما تسلّم مهامه في مثل هذه الأيام من العام الماضي. لكنها تحمل رمزية خاصة في المدينة التي شهدت ولادة الحركة الفاشية العالمية على يد بنيتو موسوليني في عشرينات القرن الماضي، وفي ضيافة أول رئيسة يمينية متطرفة لدولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي تحاول منذ وصولها إلى السلطة عام 2022 الظهور بحلة من الاعتدال أمام شركائها الأوروبيين.

جدل الجنسية الإيطالية

قال ميلي: «أكثر من شعوري بأني بين أصدقاء، أشعر أني بين أهلي» عندما أعلنت ميلوني منحه الجنسية الإيطالية، لأن أجداده هاجروا من الجنوب الإيطالي مطلع القرن الفائت، على غرار مئات الألوف من الإيطاليين. وأثار قرار منح الجنسية للرئيس الأرجنتيني انتقادات شديدة من المعارضة الإيطالية التي تطالب منذ سنوات بتسهيل منح الجنسية للأطفال الذين يولدون في إيطاليا من أبوين مهاجرين، الأمر الذي تُصرّ ميلوني وحلفاؤها في الحكومة على رفضه بذريعة محاربة ما وصفه أحد الوزراء في حكومتها بأنه «تلوّث عرقي».

ميلوني قدّمت الجنسية الإيطالية لميلي (رويترز)

وكان ميلي قد أجرى محادثات مع ميلوني تناولت تعزيز التعاون التجاري والقضائي بين البلدين لمكافحة الجريمة المنظمة، وتنسيق الجهود لمواجهة «العدو اليساري المشترك»، حسب قول الرئيس الأرجنتيني الذي دعا إلى «عدم إفساح أي مجال أمام هذا العدو، لأننا أفضل منهم في كل شيء، وهم الخاسرون ضدنا دائماً».

وانتقدت المعارضة الإيطالية بشدة قرار التلفزيون الرسمي الإيطالي بثّ خطاب ميلي مباشرةً عبر قناته الإخبارية، ثم إعادة بث مقتطفات منه كان قد دعا فيها إلى «عدم اللجوء إلى الأفكار لاستقطاب أصوات الناخبين» أو إلى عدم إقامة تحالفات سياسية مع أحزاب لا تؤمن بنفس العقيدة، «لأن الماء والزيت لا يمتزجان»، وشنّ هجوماً قاسياً على القوى السياسية التقليدية التي قال إنها «لم تأتِ إلا بالخراب». وأنهى ميلي كلمته، إلى جانب ميلوني وسط هتافات مدوية، مستحضراً شعار الدفاع عن «حرية وحضارة الغرب» الذي أقام عليه موسوليني مشروعه الفاشي لاستعادة عظمة الإمبراطورية الرومانية.