ليبيا: دعوات لتشكيل المجلس الأعلى للدولة.. وترحيب سعودي باتفاق السلام

حكومة طرابلس ترفض «حكومة الوصاية».. واستمرار الجدل حول طرد بعثة عسكرية أميركية

صالح المخزوم نائب رئيس المؤتمر الوطني العام ورئيس الوزراء فايز السراج ورئيس مجلس النواب بطبرق محمد الشهيب في صورة جماعية بعد توقيع الاتفاق بين الأطراف  الليبية  في الصخيرات المغربية (أ.ف.ب)
صالح المخزوم نائب رئيس المؤتمر الوطني العام ورئيس الوزراء فايز السراج ورئيس مجلس النواب بطبرق محمد الشهيب في صورة جماعية بعد توقيع الاتفاق بين الأطراف الليبية في الصخيرات المغربية (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: دعوات لتشكيل المجلس الأعلى للدولة.. وترحيب سعودي باتفاق السلام

صالح المخزوم نائب رئيس المؤتمر الوطني العام ورئيس الوزراء فايز السراج ورئيس مجلس النواب بطبرق محمد الشهيب في صورة جماعية بعد توقيع الاتفاق بين الأطراف  الليبية  في الصخيرات المغربية (أ.ف.ب)
صالح المخزوم نائب رئيس المؤتمر الوطني العام ورئيس الوزراء فايز السراج ورئيس مجلس النواب بطبرق محمد الشهيب في صورة جماعية بعد توقيع الاتفاق بين الأطراف الليبية في الصخيرات المغربية (أ.ف.ب)

أعربت السعودية أمس، عن ترحيبها بتوقيع اتفاق السلام الذي تم - أخيرا - في مدينة الصخيرات المغربية بين مختلف الأطراف الليبية برعاية الأمم المتحدة. وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية إن الرياض تأمل أن يؤدي الاتفاق إلى عودة الأمن والاستقرار في ليبيا في ظل وحدتها الوطنية وسلامتها الإقليمية.
تلقى أعضاء في البرلمانين السابق والحالي أمس دعوات لتشكيل المجلس الأعلى للدولة المعلن ضمن الاتفاق السياسي، والذي سيحل بديلاً عن البرلمانين المتصارعين على السلطة منذ نحو عامين، كمجلس استشاري لحكومة الوفاق الوطني المقترحة برئاسة فائز السراج. لكن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، اعتبر مجددًا أن توقيع بعض أعضاء المجلس على اتفاق سلام في منتجع الصخيرات بالمغرب غير دستوري لأنه اتخذ خارج قبة البرلمان.
وطالب عقيلة أعضاء المجلس بالحضور إلى مقره المؤقت بمدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، لعقد الجلسات واتخاذ القرارات. وأكد عقيلة في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس، أنه لا يقبل بفرض الحلول المعدة سلفًا، التي قال إنها لن تنجح، وإن تم توريدها من قبل بعض الليبيين، مضيفا: «الشعب الليبي لن يقبل ويرضى بهذه الصيغة، التي وصفها بأنها تتعارض مع كرامة الوطن، وشاب تكوينها طائفة من المآخذ القانونية ولم يكتب لها أن تكون نتيجة حوار ليبي». وطالب المجتمع الدولي بدعم الحوار الليبي المباشر الذي استهل بلقاء بينه وبين رئيس برلمان طرابلس، مشيرًا إلى أنه من المفترض أن يؤدي هذا الحوار إلى اتخاذ قرارات تنفيذية في وقت قصير. وأكد عقيلة أن المؤسسة العسكرية التي يقودها الفريق خليفة حفتر، هي مؤسسة وطنية شرعية لها احترام وتقدير شعبي، وهي بعيدة عن أي تجاذب سياسي أو فكري.
من جهة أخرى، كشف خليفة الغويل رئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني التي تدير الأمور في العاصمة طرابلس عن قيامه بزيارة على رأس وفد من حكومته غير المعترف بها إلى موسكو بدعوة رسمية من الخارجية الروسية. ونقل بيان بثته حكومة الغويل على موقعها الإلكتروني الرسمي عنه قوله خلال اجتماعه مع مسؤولين روس إن «محاولات مارتن كوبلر مبعوث الأمم المتحدة الأخيرة بمدينة الصخيرات المغربية وبعض الدول الأخرى لفرض حكومة وصاية على الشعب الليبي لم ولن يكون لها أي قبول لا من الشعب الليبي ولا من طرفي الحوار الرئيسيين المخولين قانونًا بالتفاوض (برلمان طرابلس ومجلس النواب)».
وطالب الغويل في المقابل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وروسيا بضرورة دعم الحوار الليبي / الليبي والذي توج منذ يومين باجتماع رئيسي البرلمان الحالي والسابق في مالطة، مشيرًا إلى أنه تم بموجب هذا الاجتماع تشكيل لجان مشتركة ستعمل خلال الأسبوعين القادمين بتقديم مقترحات لحلحلة كل المشكلات الأمنية والسياسية العالقة بين الطرفين والخروج بحكومة توافق حقيقية.
وبحسب البيان، فقد أكد الجانب أن فرض الحلول والحكومات من أي جهة أو دولة لن يحل المشكل الليبي، بل سيعقده وسيكون سببًا في تعميق الخلافات والنزاعات بين الليبيين. وأعلن الغويل إطلاق سراح خمسة من البحارة الروس الذين كانوا محتجزين في ليبيا بعد استكمال التحقيق معهم وبرأتهم المحكمة الليبية من كل التهم التي كانت موجهة إليهم، لافتًا إلى أن هذه الخطوة لاقت استحسانًا كبيرًا لدى الحكومة والشعب الروسي. وقال إن اجتماعًا سيعقد يوم الاثنين القادم بالعاصمة الروسية موسكو لاستكمال النقاش حول عدد من المواضيع الأخرى التي تهم البلدين بحضور وزير الخارجية الروسي سيرجى لافروف.
عسكريًا، لقي 15 شخصًا مصرعهم وأصيب 27 بينهم عسكريون ومدنيون في الاشتباكات التي تدور بين قوات الجيش وميليشيات متطرفة تحمل اسم مجلس شورى ثوار إجدابيا منذ الثلاثاء الماضي. وقال مصدر طبي إن أحد أعضاء المجلس البلدي لمدينة إجدابيا توفي متأثرًا برصاصة أصيب بها في خلال هذه الاشتباكات. ويتطلع المجتمع الدولي إلى توحيد السلطة في ليبيا لمواجهة خطر تمدد تنظيم داعش الذي يسيطر منذ منتصف العام الحالي على مدينة سرت (450 كيلومترًا شرق طرابلس)، واعدًا بأن يقدم لحكومة الوحدة الوطنية دعما سياسيا، مع احتمال مساندتها عسكريًا إذا طلبت ذلك.
ويوم الخميس وقع أعضاء في البرلمانين المتنازعين في ليبيا وشخصيات سياسية أخرى وممثلون للمجتمع المدني، اتفاقًا برعاية الأمم المتحدة في المغرب يهدف إلى توحيد سلطتين تتقاتلان على الحكم منذ عام ونصف عام.
من جهة ثانية، استمر أمس الجدل حول قصة طرد بعثة عسكرية أميركية من ليبيا، حيث كشفت الكتيبة «22» التابعة لقوات الصاعقة التابعة لرئاسة الأركان العامة للجيش الليبي النقاب عن أن قدوم فريق تدريب من القوات الخاصة الأميركية إلى قاعدة الوطية في غرب البلاد، كان في إطار إعادة تنظيم الجيش الليبي وتطويره.
وقالت الكتيبة في بيان لها نشرته عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إنه تم التعاقد معهم في بداية عام 2012 عن طريق وزارة الدفاع ورئاسة الأركان والقوات الخاصة الليبية، لتدريب سرية من الكتيبة 22 صاعقة، مشيرة إلى توقف التدريب بعد عام ونصف بسبب ما حدث في العاصمة طرابلس من أعمال قتالية.
وأوضحت أنه «بعد وقف إطلاق النار تم الطلب من القيادة العامة للقوات المسلحة استكمال البرنامج التدريبي، وتمت الموافقة والتنسيق للبداية الجديدة»، لافتة إلى أنه تم «اختيار قاعدة الوطية الجوية لأنها قاعدة عسكرية يفترض فيها أنها تحت سيطرة الجيش الليبي والقيادة العامة، ولعدم إمكانية التدريب داخل طرابلس في الوقت الحالي، بجانب وجود قرار من رئاسة الأركان العامة ومن غرفة عمليات طرابلس بتمركز الكتيبة 22 صاعقة في قاعدة الوطية الجوية».
وأكدت الكتيبة أنه تم إبلاغ القيادة العامة والمنطقة العسكرية الغربية وغرفة عمليات طرابلس وآمر قاعدة الوطية الجوية بموعد زيارة فريق التدريب يوم الاثنين الماضي، مشيرة إلى أنه بعد ساعتين من وصول الفريق جاء أفراد تابعون إلى كتيبة أبو بكر الصديق، وبتعليمات من آمر كتيبتهم (العجمي العترى) أرادوا مرافقة المدربين إلى مدينة الزنتان لاحتجازهم بحجة أنه ليس لديهم علم بنزول الطائرة ورفضوا تفهم أي توضيح، فرفض المدربون الخروج معهم وأصروا على الرجوع من حيث أتوا، وتم إرسال طائرة لإخلائهم.
وقالت الكتيبة إنها ستلتزم بمهمتها ولن تقوم بنشر مقاطع الفيديو والصور الثابتة والتسجيلات الصوتية الخاصة بطريق التعامل مع فريق التدريب الأميركي، لكنها تحتفظ بحق استخدامها في الوقت المناسب كدليل إدانة لما وصفته بالتصرفات غير المسؤولة. وسبق أن أعلن مسؤولون أميركيون أن فريقا من القوات الخاصة الأميركية وصل إلى قاعدة جوية ليبية لكنهم ما لبثوا أن عادوا أدراجهم من دون أي مشكلات بعدما طلبت منهم جماعة مسلحة محلية الرحيل.
وأكد مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن هؤلاء الرجال «هم فعلا جنود أميركيون»، وأضاف أن هؤلاء الجنود أرسلوا إلى ليبيا «بموافقة مسؤولين ليبيين، مشيرًا إلى أنه حرصًا منهم على «عدم حصول نزاع» لبى العسكريون الأميركيون الطلب و«غادروا دون حوادث». وأكد المسؤول العسكري الأميركي أنها «ليست المرة الأولى» التي يقوم فيها جنود أميركيون بمثل هذه الزيارة لليبيا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».