مشروع قرار أميركي اليوم في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في سوريا

ممثل الائتلاف السوري بواشنطن: المعارضة ليست على علم بتفاصيله

طفل وقريب له من حلب يسيران فوق ركام المبنى المنهار بفعل غارات الطيران الروسي على حي السكري الأسبوع الماضي (غيتي)
طفل وقريب له من حلب يسيران فوق ركام المبنى المنهار بفعل غارات الطيران الروسي على حي السكري الأسبوع الماضي (غيتي)
TT

مشروع قرار أميركي اليوم في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في سوريا

طفل وقريب له من حلب يسيران فوق ركام المبنى المنهار بفعل غارات الطيران الروسي على حي السكري الأسبوع الماضي (غيتي)
طفل وقريب له من حلب يسيران فوق ركام المبنى المنهار بفعل غارات الطيران الروسي على حي السكري الأسبوع الماضي (غيتي)

يعقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري صباح اليوم الجمعة اجتماعا بمقر الأمم المتحدة بنيويورك مع وزراء خارجية 18 دولة لمناقشة الأزمة السورية وخطوات عملية الانتقال السياسي، بينما من المتوقع أن ينظر مجلس الأمن الدولي في وقت لاحق في إصدار قرار يؤكد على نتائج المحادثات وما ستفر عنه من خطوات لبدء مفاوضات بين ممثلي المعارضة السورية وممثلي الحكومة السورية، وتشكيل حكومة انتقالية وخريطة طريق لوضع دستور جديد وإجراء انتخابات، إضافة إلى مكافحة التنظيمات الإرهابية وأبرزها تنظيم داعش.
وقال جون كيربي المتحدث باسم الخارجية الأميركية إن وزير الخارجية جون كيري يهدف من إصدار قرار بشأن سوريا في مجلس الأمن إلى «تعزيز الجهود الرامية إلى الإسراع بوضع حد للنزاع ودفع المفاوضات الرسمية بين ممثلي الحكومة السورية والمعارضة». وأشار كيربي إلى أن أهداف الاجتماعات هي تحديد أفضل السبل لتحقيق الانتقال السياسي ووقف إطلاق النار وإعطاء المشاركين فرصة لمعرفة مزيد حول ما حدث في اجتماع جماعات المعارضة السورية في العاصمة السعودية الرياض الأسبوع الماضي.
ورسميا لم تتم دعوة الائتلاف السوري المعارض إلى تلك الاجتماعات ولا يوجد تمثيل لسوريا بشقيها الحكومي والمعارض، لكن يعقد بعض ممثلي الائتلاف السوري المعارض لقاءات على هامش الاجتماعات في نيويورك مع وزراء خارجية السعودية وقطر وتركيا، بينما تعقد الهيئة التفاوضية العليا للمعارضة السورية اجتماعا في الرياض لتشكيل وفد المعارضة في المفاوضات التي يجري التحضير لها مع ممثلي النظام.
وشكك نجيب غضبان، ممثل الائتلاف السوري المعارض في الولايات المتحدة، في التقارب بين موقف روسيا والولايات المتحدة حول مصير الأسد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على الرغم من حديث موسكو وواشنطن عن تقارب وتوافق بشأن العملية السياسية في سوريا، فإن تصريحات الأميركيين تؤكد أنه لا مستقبل للأسد بينما الروس مصرّون على استمرار الأسد في لعب دور في المرحلة الانتقالية».
وأكد الغضبان أن هناك سعيا أميركيا كبيرا لإظهار توافق ودفع عملية التسوية السياسية في سوريا. وقال: «هناك زخم كبير بوجود عدد كبير من الدول، لكن الطرف الأميركي أصبح أقرب إلى القيام بردود فعل منه إلى القيام بأفعال، بما يعطي الروس فرصة أكبر للمبادرة، وأصبح الروس هم الطرف الأقوى الآن، وهذه مشكلة في حد ذاتها».
وقال الغضبان - الموجود الآن في نيويورك - إن الولايات المتحدة تسعى لاستصدار قرار من مجلس الأمن ينص على وقف إطلاق النار وإجراء مفاوضات لتشكيل حكومة انتقالية. وتستغل وجود وزراء خارجية مجموعة أصدقاء سوريا والدول الأعضاء في مجلس الأمن لاستصدار هذا القرار وإعطاء زخم كبير للعملية السياسية. وأوضح أن المعارضة السورية لم تطلع على نص مشروع القرار وليست على علم بتفاصيله. وقال ممثل الائتلاف السوري: «الروس يفرضون مطالب في تشكيلة وفد المعارضة السورية تتعلق بمشاركة الأكراد في المفاوضات، وهم بالنسبة إلى الائتلاف السوري أقرب إلى النظام السوري، وليسوا معارضين للنظام. كذلك يطالب الروس بوجود شخصيات مثل قدري جميل الذي كان نائبا لرئيس الوزراء في حكومة الأسد، الذي لم ينشق عنه. إضافة إلى الإشكالية الأكبر في إصرار الروس على دور للأسد خلال المرحلة الانتقالية، وهو ما ترفضه المعارضة». وشدد الغضبان على «أننا أبدينا مرونة ولم نصرّ على رحيل الأسد كشرط مسبق للمفاوضات، لكننا نرفض بقاءه خلال المرحلة الانتقالية، وهذا ما ينص عليه اتفاق جنيف من تشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة».
وشكك الغضبان في آلية تنفيذ الدعوة لوقف إطلاق النار في سوريا. وقال: «لم أرَ التفاصيل الخاصة بكيفية تنفيذ وقف إطلاق النار، وعما إذا كانت ستشمل الضربات العسكرية الروسية، أو الميليشيات المتحالفة مع النظام السوري، مثل حزب الله». وأوضح أن «الائتلاف السوري المعارض على استعداد للالتزام بوقف إطلاق النار، إذا التزم به النظام السوري ومن يدعمه».
وحول الجدول الزمني المقرر لبدء المفاوضات بين المعارضة السورية وممثلي النظام السوري، قال الغضبان: «أعتقد أن الأول من يناير (كانون الثاني) هو وقف مبكر للغاية لبدء المفاوضات، ومن الصعب البدء في حال استمرار الخلافات حول تشكيل وفد المعارضة ومصير الأسد».
من جانب آخر، أكد مصدر دبلوماسي في الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط» أن الولايات المتحدة قدمت للدول الأعضاء بمجلس الأمن مشروع قرار حول التسوية السياسية في سوريا. وقال: «بشكل عام، مشروع القرار ينص على الحفاظ على سيادة ووحدة الأراضي السورية ومؤسسات الدولة، والعمل على ضرورة المضي قدما في تسوية سياسية وصياغة دستور جديد في سوريا، وإجراء انتخابات حرة وشفافة يقرر فيها السوريون مستقبلهم وتقرير آليات لمراقبة هذه الانتخابات». وأوضح المصدر الدبلوماسي أن مشروع القرار لا يشير بشكل واضح إلى مصير الأسد في الفترة الانتقالية.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون باجتماعات مجموعة أصدقاء سوريا في مقر المنظمة الدولية، مشيرا إلى أنه سيكون فرصة لإحلال السلام في سوريا.
وانتقد الأمين العام خلال مؤتمر صحافي بمقر الأمم المتحدة مساء الأربعاء محاولات بعض الدول فرض بقاء الأسد في السلطة خلال الفترة الانتقالية. وقال مون: «إنه من غير المقبول أن يتوقف إنهاء الحرب الأهلية في سوريا على مصير رجل واحد»، وتابع: «بعض البلدان تتحدث عن بقاء الأسد في السلطة لأشهر محدودة خلال الفترة الانتقالية، وهذا الأمر يتعين أن اتخاذ قرار بشأنه في وقت لاحق. وبصفة عامة ومن حيث المبدأ، الأمر متروك للشعب السوري الذي يجب أن يتخذ قرارا حول مستقبل بلاده وحول الأسد». وأكد مون أن الأمم المتحدة تدفع إلى دعم وقف إطلاق النار وبدء مفاوضات حول التسوية السياسية وإجراء المفاوضات بين أطراف الصراع السوري مع شهر يناير المقبل، بهدف إنهاء الصراع المستمر منذ نحو خمس سنوات. وشدد الأمين العام للأمم المتحدة قائلا: «علينا ألا نتوانى في تحقيق هذا الهدف».
من جانبها، أكدت سامانثا باور سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، للصحافيين مساء الأربعاء، على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت للصحافيين إن موقف الولايات المتحدة من رحيل الأسد لم يتغير، وستكون لدينا عملية انتقال سياسي، وسوف يكون على الأسد الرحيل». وأشارت باور إلى ما سمته «بعض الثغرات» بين الموقف الأميركي والروسي والإيراني حول مصير الأسد. وأكدت السفيرة الأميركية اتجاه مجلس الأمن إلى إظهار الوحدة والإجماع لمساندة العملية السياسية في سوريا، وقالت: «قرار مجلس الأمن المتوقع إصداره مساء الجمعة سيكون أول بادرة رفيعة المستوى من قبل المجلس الذي شهد انقسامات في بعض الأحيان، ليظهر المجلس وحدته حول أهمية تحقيق تسوية سياسية وعملية انتقال سياسي في سوريا». وقدمت عدة منظمات لحقوق الإنسان خطابا طالبت فيه الدول المجتمعة في نيويورك لمناقشة الأزمة السورية بالتركيز على المطالبة بالإفراج عن الآلاف الأشخاص الذين تحتجزهم الحكومة السورية في أولوية أجندة المناقشات حول إطلاق مفاوضات السلام.
من جهتها، قالت منظمة «هيومان رايتس وتش»: «يتوجب على جميع المشاركين في الجهود الدولية للمساعدة في تسوية الأزمة، الإصرار على مطالبة الحكومة السورية بإعطاء المراقبين الدوليين إمكانية الوصول الفوري إلى جميع مراكز الاحتجاز، وأن تشدد على ضرورة إطلاق سراح جميع السجناء المحتجزين تعسفا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».