«الهيئة العليا التفاوضية» للمعارضة السورية تنتخب رياض حجاب منسقًا عامًا

ثلث الوفد المفاوض للنظام سيتكون من الفصائل المسلحة

رياض حجاب رئيس الوزراء السوري السابق المنسق العام للمعارضة
رياض حجاب رئيس الوزراء السوري السابق المنسق العام للمعارضة
TT

«الهيئة العليا التفاوضية» للمعارضة السورية تنتخب رياض حجاب منسقًا عامًا

رياض حجاب رئيس الوزراء السوري السابق المنسق العام للمعارضة
رياض حجاب رئيس الوزراء السوري السابق المنسق العام للمعارضة

انتخبت الهيئة العليا التفاوضية التي انبثقت عن مؤتمر قوى المعارضة السورية، الذي انعقد في الرياض الأسبوع الماضي، رياض حجاب، رئيس الحكومة السورية السابق المنشق عن النظام، منسقا عاما لها بعد حصوله على 24 صوتا من مجمل 34 هو عدد أعضاء هذه الهيئة التي تضم ممثلين عن الائتلاف السوري المعارض وهيئة التنسيق ومستقلين كما عن الفصائل المقاتلة.
ورياض حجاب في الخمسينات من العمر، وقد انتخب بأكثرية 24 صوتا مقابل ثمانية أصوات ذهبت للرئيس السابق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد الجربا، حسبما أفاد مشاركون في الاجتماع.
وقال أحد المشاركين في الاجتماع، طالبا عدم الكشف عن اسمه، إن الهيئة العليا تنتظر الآن أن يقوم موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بـ«تحديد عدد المفاوضين» الذين يتوجب على المعارضة أن تقدم أسماءهم للمشاركة في مفاوضات مع النظام السوري مطلع السنة المقبلة.
وكان حجاب انشق في أغسطس (آب) 2012 بعد شهرين من تسلمه رئاسة الحكومة، وانتقل للعيش في الأردن. وهو يتحدر من دير الزور شرق سوريا.
وعقدت الهيئة اجتماعا مطولا استمر حتى ساعة متأخرة من مساء يوم أمس (الخميس). وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن البحث تناول النظام الداخلي للهيئة كما التعديلات المقترح إدخالها على بيان مؤتمر الرياض.
ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن مصدر سياسي في الهيئة العليا أن المناقشات يوم أمس طالت «تعديل بعض البنود في الوثيقة الأساسية التي نتجت عن مؤتمر الرياض، إضافة إلى تعيين شخصيات في وظائف داخل الهيئة وتعيين استشاريين». وأكد المصدر أن «الهيئة هي من ستقرر اللجنة التي ستقابل وفد النظام في المفاوضات المرتقبة».
وأشارت المعلومات إلى أن ممثلي الفصائل المقاتلة قرروا حضور الاجتماع، «بعد أن تسلموا نسخة منقحة للبيان الختامي لمؤتمر الرياض، تضمنت تعديلات جوهرية ولغوية».
وبالتزامن مع اجتماع الهيئة العليا، عقد الائتلاف السوري المعارض، وبالتحديد هيئته السياسية، اجتماعا لمناقشة أسماء أعضاء الائتلاف الذين سينضمون إلى وفد المعارضة التفاوضي الذي سيفاوض في مرحلة لاحقة وفدا للنظام السوري. وقال محمد يحيى مكتبي، الأمين العام للائتلاف، إنه «بعد تحديد وفد الائتلاف من قبل الهيئة السياسية، سيتم إبلاغ ممثلينا في الهيئة التفاوضية بالأسماء المقترحة لعرضها على المجتمعين في الرياض»، لافتا إلى أن «لا معلومة نهائية حتى الساعة حول الوفد الأساسي للمعارضة، علما بأن ما رشح يؤشر إلى أنه سيضم 15 عضوا: 5 منهم من الائتلاف، و5 للفصائل المسلحة، و3 لهيئة التنسيق و2 من المستقلين».
وأشار مكتبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك «نوعا من التريث بالخوض في الأسماء وبموضوع الوفد التفاوضي، خصوصا في ظل ارتفاع وتيرة تصعيد الإجرام الروسي، خاصة في دوما وجبل الأكراد وجبل التركمان». وأضاف: «الأجواء الحالية لا توحي بقرب إطلاق عجلة العملية السياسية، خاصة وأن حرب الإبادة مستمرة».
وشدد مكتبي على أن إمكانية طرح مؤتمر نيويورك المرتقب اليوم لوقف لإطلاق النار في سوريا، «يجب أن تترافق مع إطلاق العملية السياسية ككل، خاصة وأنه وفي حال إصرار موسكو على مواصلة غاراتها وهي التي تقصف بما نسبته 95 في المائة مواقع الجيش الحر، فإن أي قرار في هذا المجال لن يكون ذا جدوى». وهو ما وافقه عليه عضو الائتلاف أحمد رمضان الذي اعتبر أن أي قرار بوقف إطلاق النار في سوريا سيكون من دون معنى في حال لم يترافق بقرار يقضي بوقف القصف.
وقال رمضان لـ«الشرق الأوسط» إن «أكثر من جهة تدخلت مطالبة بإتمام تعديلات على مؤتمر الرياض، خصوصا بما يتعلق بهيئة الحكم الانتقالي، بحيث كان النص الذي تطرق إليها ضعيفا، مثل ما يتعلق بالنظام الجديد وطبيعته». وأضاف: «أما ما يطالب به الروس، فسحب موضوع بشار الأسد من التفاوض كما فرض شخصيات محسوبة عليهم وشاركت في موسكو 1 و2 وفي مؤتمر الآستانة، جزء من الوفد التفاوضي».
وكان مؤتمر الرياض انتهى إلى تأكيد المشاركين فيه استعدادهم للمشاركة في المحادثات استنادا إلى بيان «جنيف1» كمرجعية للتفاوض مع النظام، وأعربوا عن رغبتهم في وقف إطلاق النار بناء على الشروط التي يتم الاتفاق عليها بعد تأسيس مؤسسات الحكم الانتقالي، «على أن يغادر الأسد ورموزه سدة الحكم مع بداية المرحلة الانتقالية».
وأكد سالم المسلط، عضو مكتب المعارضة السورية بالعاصمة السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، أن برنامج اجتماع الأمس ناقش إيجاد آلية لعمل الهيئة العليا للمفاوضات.
ووفق المصدر، فإن اجتماع اليوم يبحث بجانب ذلك المستجدات الكثيرة المتعلقة بالشأن السوري، مبينا أن العدد المرشح للجنة التفاوض سيكون في حدود 15 «منها أمين سر الهيئة»، و«ستكون عبارة عن لجنة تنسيقية ولجنة قانونية وأخرى إعلامية». وتابع أن أهم ما في مباحثات اجتماع الأمس، هو تشكيل إدارة بمسمى «لجنة تنسيقية»، تتكون من عدة أعضاء يتراوح عددهم بين 4 أو 5، يتداولون فيما بينهم، برئاسة المنسق العام، اختيار الوفد المفاوض، وستمثل اللجنة في الوقت نفسه مرجعية للوفد المفاوض عند بدء المفاوضات.
يذكر أنه رشح حتى كتابة هذا التقرير، ليلة أمس، انتخاب يحيى قضماني نائبا، وصفوان عكاش أمين سر.
إلى ذلك قال عبد الباسط سيدا، عضو الائتلاف السوري وعضو الجمعية العامة للهيئة، لـ«الشرق الأوسط» إن «رياض حجاب منسق عام للهيئة، يطلق رسالة قوية للعالم، كونه رئيس وزراء سابقا وهو الآن منشق عن النظام، وارتضى أن ينضم لصفوف المعارضة عن قناعة».
يذكر أن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية الذي تشكل الأسبوع الماضي، كان قد اتفق على تشكيل فريق للتفاوض مع ممثلي النظام، على أن يسقط حق كل عضو في هذا الفريق بالمشاركة في هيئة الحكم الانتقالي.
كما اجتمعوا على تشكيل هيئة عليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة مقرها الرياض لتتولى مهام اختيار الوفد التفاوضي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».